«كأس أفريقيا»: غياب الحلول يقلق منتخب مصر… وترقب لمواجهة غانا

منتخب مصر اكتفى بالتعادل مع موزمبيق في افتتاح كأس أفريقيا (غيتي)
منتخب مصر اكتفى بالتعادل مع موزمبيق في افتتاح كأس أفريقيا (غيتي)
TT

«كأس أفريقيا»: غياب الحلول يقلق منتخب مصر… وترقب لمواجهة غانا

منتخب مصر اكتفى بالتعادل مع موزمبيق في افتتاح كأس أفريقيا (غيتي)
منتخب مصر اكتفى بالتعادل مع موزمبيق في افتتاح كأس أفريقيا (غيتي)

أثارت البداية المتواضعة لمنتخب مصر في مشواره ببطولة كأس الأمم الأفريقية، كثيراً من التساؤلات في الشارع الرياضي المصري، ليس فقط بسبب انقياد منتخب «الفراعنة» للتعادل مع منتخب موزمبيق 2 - 2، ولكن أيضا للمستوى الذي ظهر به لاعبو منتخب مصر في معظم أوقات المباراة.

وقدّم منتخب مصر ربع ساعة مميزا في بداية المباراة أحرز فيه مهاجمه مصطفى محمد هدف التقدم وأضاع لاعبوه أكثر من فرصة لمضاعفة النتيجة، قبل أن يدخل لاعبو موزمبيق في المباراة تدريجيا وينتهي الشوط الأول بتقدم مصر بهذا الهدف، إلا أن تغييرات أجراها المدرب الموزمبيقي منحت الأفضلية للاعبيه مطلع الشوط الثاني واستطاعوا إحراز هدفين متتاليين قبل مرور عشر دقائق على بداية الشوط، وهي النتيجة التي ظلت صامدة حتى احتسب الحكم ركلة جزاء لمصلحة مصطفى محمد، ترجمها القائد محمد صلاح هدف التعادل في الوقت المحتسب بدلا من الضائع للمباراة.

وعقب اللقاء، أبدى البرتغالي روي فيتوريا، مدرب منتخب مصر، أسفه على النتيجة، موجها اللوم للاعبيه بسبب «غياب الجدية والتركيز أمام مرمى موزمبيق في بعض المحاولات»، كما أكد أن غياب التركيز عن لاعبيه خاصة مطلع الشوط الثاني هو ما أدى لهذه النتيجة.

وقال الناقد الرياضي محمود ضياء الدين لـ«الشرق الأوسط» إن مستوى منتخب مصر في مواجهة موزمبيق كان مخيبا ولم يتوقعه أشد المتشائمين، مؤكدا أن غياب الحلول عن لاعبي «الفراعنة» بدا ظاهرا طيلة الشوط الثاني، موضحا أن لاعبي الفريق لم يكونوا قادرين على مواجهة تضييق المساحات الذي قام به الخصم، ولم تكن هناك قدرة على أي «تصرف مفاجئ» يربك دفاعات موزمبيق خاصة عند حيازة الكرة.

وبدا الإحباط جليا على الجماهير المصرية التي تابعت المباراة، والتي ظهرت غاضبة للغاية حتى بعد إحراز محمد صلاح لهدف التعادل، رغم أن المنتخب المصري لم يبدأ بقوة في آخر بطولتين وصل فيهما للمباراة النهائية، حيث اكتفى بالتعادل مع مالي سلبيا في نسخة 2017، قبل أن يتلقى الهزيمة من نيجيريا في النسخة الأخيرة 2021 بالكاميرون.

وتترقب الجماهير المصرية انتفاضة للاعبي «الفراعنة» بداية من مواجهة الجولة الثانية، والتي ستكون صعبة للغاية ضد منتخب غانا الذي خسر مباراته الافتتاحية أمام منتخب الرأس الأخضر، ما يجعل من مواجهة مساء الخميس حاسمة ومصيرية للمنتخبين الكبيرين.

وألمح المدرب البرتغالي لمنتخب مصر روي فيتوريا إلى أنه سيجري بعض التغييرات على صفوف الفريق في المواجهة الثانية، حيث قال إنه سيدفع باللاعبين «الأكثر جاهزية بدنيا»، في مواجهة غانا «التي ستشهد قتالاً كبيراً لتحقيق الفوز» حسب تعبيره.

ووصف الناقد الرياضي محمود باهي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» المواجهة المرتقبة ضد غانا بأنها ستكون مصيرية للمنتخبين، وأنهما سيطمحان في تفادي الخسارة التي ستعقد الأمور كثيرا قبل الجولة الأخيرة، واصفا أداء منتخب غانا في مباراته الأولى ضد الرأس الأخضر بأنه كان أداء متوسطا، وشهد ظهور مشاكل دفاعية كثيرة بالمنتخب، يجب أن يستغلها منتخب مصر إذا ما أراد تحقيق الفوز والاقتراب من التأهل لدور الـ16.

وطالبت الجماهير المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المدرب فيتوريا بإجراء تعديلات على تشكيلة وطريقة لعب المنتخب، خاصة بما يتعلق بإشراك لاعب النادي الأهلي مروان عطية في خط الوسط أو لاعب نادي الزمالك أحمد فتوح في مركز الظهير الأيسر، وفي الانتظار ما سيفعله فيتوريا وجهازه للإبقاء على آمال الفراعنة في التقدم بالبطولة الأفريقية.


مقالات ذات صلة

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

رياضة عالمية لاعبو راسينغ كلوب خلال التتويج باللقب (أ.ف.ب)

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

توج فريق راسينغ كلوب الأرجنتيني بلقب كوبا سود أمريكانا لأول مرة في تاريخه بعد الفوز على كروزيرو البرازيلي بنتيجة 3 / 1 في المباراة النهائية مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (أسينسيون )
رياضة عالمية منتخب النجوم السوداء قدم مستويات سيئة للغاية في التصفيات الأفريقية (منتخب غانا)

المشاكل الإدارية تعصف بجيل رائع من المواهب الغانية

لم تحقق غانا الفوز الذي كانت تحتاج إليه أمام أنغولا، يوم الجمعة قبل الماضية، وبالتالي لن يشارك محمد قدوس وتوماس بارتي وأنطوان سيمينيو في كأس الأمم الأفريقية

جوناثان ويلسون (لندن)
رياضة عالمية لاعبو فالنسيا يحتفلون بأحد الأهداف الأربعة في مرمى بيتيس (إ.ب.أ)

«لا ليغا»: فالنسيا يغادر مؤخرة الترتيب بنقاط بيتيس

كلّل فريق فالنسيا عودته إلى المنافسة عقب الفيضانات المدمرة في شرق البلاد، بفوز كبير على ضيفه ريال بيتيس 4-2.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
رياضة عالمية ليفركوزن اكتسح ضيفه هايدنهايم بخماسية (أ.ف.ب)

«البوندسليغا»: ليفركوزن ودورتموند يستعيدان ذاكرة الانتصارات

استعاد فريقا باير ليفركوزن، حامل اللقب، وبوروسيا دورتموند نغمة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (البوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية الإنجليزي هاري كين مهاجم بايرن ميونيخ الألماني (د.ب.أ)

كين: سأواجه الانتقادات «في أرض الملعب»

ردّ الإنجليزي هاري كين، مهاجم بايرن ميونيخ الألماني، على الانتقادات الموجَّهة إليه، قائلاً إنه سيتحدَّث «في أرض الملعب».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.