الشاهين: «العمومية» هي الفيصل بين الفهد والمسلّم... والإيقاف المجحف أعادنا خطوات إلى الوراء

رئيس الاتحاد الكويتي أكد سعيهم الجاد لإعادة أمجاد «الأزرق»

عبد الله الشاهين رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم (الشرق الأوسط)
عبد الله الشاهين رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم (الشرق الأوسط)
TT

الشاهين: «العمومية» هي الفيصل بين الفهد والمسلّم... والإيقاف المجحف أعادنا خطوات إلى الوراء

عبد الله الشاهين رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم (الشرق الأوسط)
عبد الله الشاهين رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم (الشرق الأوسط)

أكد عبد الله الشاهين، رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم، أن المنافسة على رئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي حق مشروع لأي مرشح يرى في نفسه القدرة على إدارة المنظمة القارية، مشيراً إلى أنهم في الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الكويتية اعتمدوا ترشيح حسين المسلم لرئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي، وأن «الكلمة الأخيرة» ستكون في عمومية 8 يوليو (تموز) المقبل.

وقال الشاهين، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن المنتخب الكويتي يسعى بجدية للمنافسة في جميع مشاركاته المقبلة، وعلى الأخص «خليجي 26» في الكويت مطلع العام المقبل، وكشف، خلال الحوار، عن أسباب غياب «الأزرق» عن نهائيات آسيا وعن عضويته في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى جانب ملفات أخرى تتناول الانقسامات في الرياضة الكويتية، وعن غياب أندية الكويت أيضاً عن بطولة دوري أبطال آسيا.

الشيخ طلال الفهد دخل في منافسة مع المسلّم على رئاسة الأولمبي الآسيوي (الشرق الأوسط)

*بالنسبة لك، ماذا يعني ترشح المسلم والشيخ طلال الفهد لرئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي؟

- المنافسة على رئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي حق مشروع لأي مرشح يرى في نفسه القدرة على إدارة المنظمة القارية. ونحن في الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الكويتية اعتمدنا ترشيح حسين المسلم لرئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي. وفي النهاية الكلمة الأخيرة ستكون في عمومية 8 يوليو المقبل.

*كيف ترى وضع الكرة الكويتية الحالي؟

- الكرة الكويتية لا تزال في مرحلة استعادة التوازن والتعافي بعد فترة إيقاف مجحفة تسببت في عودتنا خطوات كبيرة للوراء، حيث هبط ترتيب الكويت من 150 قبل الإيقاف في أواخر 2015 إلى 189 بعد رفع الإيقاف، ما وضعنا جميعاً أمام تحديات كبيرة لتعويض ما فاتنا عبر إطلاق استراتيجية 2030، التي ترتكز على نقاط عدة بعيدة المدى تتعلق بالمراحل السنية وتأهيل أجيال قادرة على رفع لواء المنتخبات في السنوات المقبلة، وكذلك قريبة المدى مثل إعادة بناء المنتخبات الوطنية والظهور بالصور اللائقة في جميع المشاركات، وتحسين تصنيف المنتخب الأول، إلى جانب تطوير المسابقات المحلية وتوفير احتكاك أفضل وأقوى وأكبر للاعبين.

الشاهين أكد أن المسلّم هو المرشح المعتمد من الأولمبية الكويتية آسيوياً (الشرق الأوسط)

*يقول البعض إنك تقف أمام تركة ثقيلة في الاتحاد الكويتي... هل تجد ذلك صحيحاً؟

- منذ اليوم الأول لنا في مجلس الإدارة ونحن مدركون لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ولقد عقدنا العزم منذ انتخابنا في 20 مايو (أيار) 2022 على أن ننظر للمستقبل، ووضعنا استراتيجية و«رؤية 2030» لإيماننا بأن التخطيط الجيد هو السبيل الوحيد للنجاح وبالتأكيد، نحن أمام مهمة ليست بالسهلة وتحديات كبيرة، لأنها نتاج سنوات عدة من التراكمات، لذلك تحتاج إلى عمل كبير وتضافر كل الجهود، لأن الكرة الكويتية تستحق الأفضل دائماً والوجود في المكانة التي تليق بها وبتاريخها العريق.

*وضعت خطة واستراتيجية لتطوير الكرة الكويتية هل تثق بنجاحها؟

- المؤشرات الإيجابية والنتائج الملموسة لعمل مجلس الإدارة بعد مرور عام واحد تدعو للتفاؤل وهو ليس كلامي وحدي وإنما شهادة عدد كبير من المتابعين والنقاد ومنتسبي الحركة الرياضية، فعلى مستوى المنتخبات لاحظنا جميعاً عودة الروح ووجود بصمة حقيقية لأداء منتخبنا بخلاف التقدم في التصنيف العالمي 5 مراكز، وما زلنا نطمح للأفضل، وعلى مستوى المسابقات، الكثيرون أشادوا بقوة دوري «زين» الممتاز وعودة التنافس الحقيقي على اللقب، فضلاً عن تحويل الدوري للنظام الاحترافي وارتباط جميع اللاعبين بعقود مع أنديتهم للمرة الأولى في تاريخ الكرة الكويتية، ما يحافظ على حقوق النادي واللاعب ويساعدنا على تطوير المسابقة وظهورها بالشكل المطلوب.

الجماهير الكويتية ما زالت تتطلع لنهضة كروية شاملة دولياً ومحلياً (أ.ف.ب)

*هل تعتقد أن الاتحاد الكويتي قادر على استعادة أمجاده الكروية دون اعتماد خطة مالية واضحة؟

- من المؤكد أن الجانب المالي أصبح جزءاً لا يتجزأ من تطوير كرة القدم في جميع أنحاء العالم، ومجلس الإدارة وضع الأمور المالية والتسويقية نصب عينيه، ونعمل حالياً على إنجاز ملف الاستثمار الذي سيساعد الاتحاد على تنمية موارده الحالية واستحداث مصادر دخل جديدة، كما نعمل بشكل مركز على زيادة موارد الاتحاد من حقوق النقل التلفزيوني والكثير من الجوانب الأخرى المتعلقة بالرعايات والتسويق.

*هل حصلتم على وعود بخصوص توفير الدعم المالي الكافي للنهوض بالكرة الكويتية؟

- بكل تأكيد، هناك تنسيق دائم بين الاتحاد والهيئة العامة للرياضة فيما يخص دعم جميع برامجنا، ونحن على ثقة كبيرة بأن الحكومة ممثلة بهيئة الرياضة ووزارة الإعلام لديها توجه قوي لدعم كل الأنشطة الرياضية في دولة الكويت. وتمثل هذا الأمر في استمرار الهيئة في التكفل بجزء كبير من الميزانية التشغيلية للاتحاد والخاصة بالكوادر الفنية من مدربين ومختصين، سواء كانوا أجانب أو محليين. ونحن نعمل الآن على زيادة الميزانية الاستثمارية الخاصة ببناء منشآت التدريب والملاعب المطلوبة لمشروع أكاديمية الأزرق التي ننوي إطلاقها في القريب العاجل وعلى صعيد آخر، نحن مستمرون في العمل مع الاتحاد الدولي (فيفا) لتقديم الدعم لمشاريع تطوير كرة القدم في الكويت.

*هل تعتقد أن الدوري الكويتي يسجل تراجعاً كبيراً مقارنة بدوريات أخرى في المنطقة والجوار؟

- بالعكس، الدوري الكويتي الممتاز يشهد طفرة مع التحول لنظام الأقسام الثلاثة، مع تحويل الفرق لمجموعتين، اللقب والبقاء في القسم الثالث (بلاي أوف)، ما ساعد على زيادة حدة التنافس بين أكثر من 3 فرق، إلى جانب توفير احتكاك أكبر للاعبين بإقامة 132 مباراة بدلاً من 90 سابقاً بإجمالي 800 مباراة في الموسم بكل المسابقات بدلاً من 507 في السابق، وأيضاً تطوير منظومة التحكيم وقلة الأخطاء مع بروز عدد كبير من الأسماء الواعدة محلياً، ما ساعد على استقرار مسابقة الدوري.

*دوري أبطال آسيا لا يزال بعيداً عن أندية الكويت إلا عبر ملحق قد يغادره الفريق المشارك مبكراً... برأيك، متى تشارك الكويت في دوري الأبطال بمقاعد مباشرة مثل أندية السعودية والإمارات وقطر؟

- مع الأسف الشديد، الإيقاف الرياضي والحرمان من المشاركة في المسابقات القارية تسببا في تراجع تصنيف الدوري الكويتي وكذلك الأندية آسيوياً، ما قلّل حظوظنا في العودة إلى دوري الأبطال. ومع تطور الدوري الكويتي وتحسنه سينعكس ذلك إيجاباً على أنديتنا التي ستواصل ظهورها في المسابقات القارية عبر كأس الاتحاد الآسيوي، ومع تحقيق نتائج أفضل وتحسن التصنيف، سنعود قريباً للمكانة التي نستحقها آسيوياً.

*منتخب الكويت كان بطل آسيا عام 1980... هل يمكن أن يتكرر ذلك مستقبلاً؟

- الكرة الكويتية كانت لها الريادة آسيوياً على المستويين العربي والخليجي، وجميعاً نفتخر بجيل الثمانينات وما حققه من إنجازات كبيرة، لكن مع التطور الكبير الذي شهدته كرة القدم والتحولات الكبيرة، فإن تأهيل البطل يحتاج إلى توافر الكثير من عناصر ومقومات النجاح التي نأمل جميعاً توافرها في أنديتنا لكي تستعيد مكانتها الحقيقية في القارة الآسيوية، خصوصاً أن أنديتنا وصلت لمرحلة دور الثمانية في دوري أبطال آسيا فضلاً عن الفوز بـ4 ألقاب في كأس الاتحاد الآسيوي.

*اللاعب الكويتي لا يزال بعيداً عن أقرانه في الخليج احترافاً وحضوراً... ما خطتكم لدعمه؟

- اللاعب أحد أركان المنظومة الرياضية، وهو محور أي تقدم أو تطور للمنظومة الكروية، وحرصنا منذ تولينا المسؤولية على تحويل اللاعبين من هواة إلى محترفين بارتباطهم مع أنديتهم بعقود احترافية، وهو شرط إلزامي لجميع اللاعبين في الدوري الممتاز، وأصبح اللاعب حراً الآن في قراراته وبات باستطاعته تحديد مصيره ومعرفة حقوقه وواجباته. إضافة لذلك، بدأنا في عملية بناء لقاعدة بيانات شاملة لكل ممارسي كرة القدم في الأندية والمنتخبات، تشمل الكثير من البيانات الخاصة باللاعب التي تعكس أداءه في الملعب، وذلك عن طريق تحليل دقيق لجميع المباريات التي يخوضها اللاعبون. قاعدة البيانات سوف تساعد اللاعب والمدربين والكشافة على تحديد قدرات كل لاعب بناء على أدائه الفعلي بشكل علمي وليس تقديرياً. ونحن في مجلس إدارة الاتحاد لن نتأخر عن دعم اللاعب الكويتي لأن ذلك سيعود بالنفع على منتخباتنا الوطنية.

*غياب الاستقرار عن الاتحاد الكويتي كان له أثر واضح في التراجع... هل تثقون باستمراركم في مجلس الإدارة مستقبلاً؟

- مجلس الإدارة حظي بدعم وثقة الجمعية العمومية للدورة 2026 – 2022، وسنبذل ما بوسعنا لتحقيق ما نطمح إليه من نجاحات خلال السنوات الأربع المقبلة، وقد بدأنا في نهج جديد في تاريخ الاتحاد وهو تقديم التقارير الدورية عما تم إنجازه من برامج الاتحاد وخطته ورؤيته لـ2030، التي تم الإعلان عنها في بداية المشوار. ونحن مستمرون في أداء مهمتنا بكل عزيمة وإصرار في ظل دعم ومساندة الجمعية العمومية، وكذلك التعاون المثمر مع وزارة الشباب متمثلة في الهيئة العامة للرياضة.

*ستحتضن الكويت «خليجي 26» العام المقبل... هل تعدون جماهيركم بالفوز باللقب؟

- قبل «خليجي 25» وعدت الجماهير من خلال حديثي مع اللاعبين بأنكم ستشاهدون منتخباً يقاتل حتى الدقيقة الأخيرة ولن يستسلم أبداً، وهو ما شاهدناه جميعاً من عودة روح قتالية وثقافة الفوز، ومن دون شك الأزرق يطمح دائماً للمنافسة في جميع مشاركاته وبطولاته، والمنافسة والروح القتالية جينات كويتية حتى في أسوأ الظروف.

*نجاح «خليجي 26» سيكون من خلال مشاركة المنتخبات الخليجية بالصف الأول... كيف تضمنون ذلك؟

- بالتأكيد مشاركة المنتخبات بالصف الأول ستكون مفيدة للبطولة، وأعتقد أن هناك رغبة من جميع الاتحادات في المشاركة بالصف الأول، خصوصاً مع تأجيل موعد البطولة لتقام بعد فترة طويلة من كأس آسيا 2023 في قطر.

*كثيرون يرون أنه لم يعد هناك داعٍ لاستمرار بطولة كأس الخليج... كيف ترد على ذلك؟

كأس الخليج أصبحت إرثاً نفتخر به في الخليج، وحدثاً رياضياً مهماً ينتظره أهل الخليج بشغف، فهي أكثر من مجرد بطولة، واستمرارها دليل نجاحها، وأعتقد أن البطولة قادرة على الاستمرار في ظل الاهتمام الكبير من قبل الاتحاد الخليجي، وحرص جميع الدول المشاركة على الوجود، فضلاً عن المكاسب الفنية للبطولة للمنتخبات وكذلك اكتشاف أسماء جديدة واعدة.

*برأيك... ما السبب الذي غيّب منتخب الكويت عن كأس آسيا 2023 المقررة في قطر؟

- مجلس إدارة اتحاد الكرة الحالي بدأ مهمته قبل أيام قليلة من التصفيات النهائية لكأس آسيا 2023، والمنتخب لم يكن على أتمّ جاهزية للظهور بمستواه المعهود لأسباب عدة؛ منها قصر فترة الإعداد وعدم تجهيز اللاعبين بالشكل المطلوب، إلى جانب غياب الاستقرار الفني بسبب كثرة تغيير المدربين خلال التصفيات.

الشاهين أكد سعيهم لإعادة أمجاد الأزرق الكويتي (أ.ف.ب)

*حضور الشاهين في المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم... ماذا يعني لكم؟

- استراتيجية الاتحاد الكويتي من بين بنودها الرئيسية الوجود بشكل كبير وفعال في المناصب الخارجية، وبالأخص في الاتحاد الآسيوي، خصوصاً أننا ابتعدنا كثيراً في هذا الملف، وهو ما كانت له تأثيرات سلبية، وشاهدنا ذلك في الكثير من القضايا والمواقف التي كنا نحتاج فيها إلى الدعم والمساندة، والحمد لله وُفقت في الفوز بالعضوية من خلال نيلي ثقة الجمعية العمومية في الانتخابات. ولدي ملفات كثيرة سأسعى للعمل عليها من خلال عضويتي.

*الحديث عن انقسامات في الرياضة الكويتية هل ينذر بمتغيرات جديدة قد تؤثر سلباً على الحركة الرياضية؟

- لا أرى ذلك في الوقت الراهن. ولا يخفى على أحد أن الحركة الرياضية في الكويت مرت بأوقات صعبة وحرجة في السابق نتيجة الصراعات والانقسامات، وأعتقد أن الوسط الرياضي - بداية من هيئة الرياضة واللجنة الأولمبية مروراً بالاتحادات والأندية – يدرك تماماً أهمية الاستقرار والهدوء. وأعتقد أن هيئة الرياضة مطالبة في الوقت الراهن بالإعلان عن برامجها ورؤيتها الإصلاحية، وتمكين مجالس إدارات الاتحادات من تنفيذ خططها وبرامجها للنهوض بالحركة الرياضية.


مقالات ذات صلة

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

رياضة عربية منتخب الأردن اكتفى بالتعادل مع الكويت (الاتحاد الأردني)

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

فرّط منتخب الأردن في تقدمه بهدف رائع ليزن النعيمات، بعدما سجل محمد دحام في الشوط الثاني ليتعادل 1 - 1 مع مضيفه الكويت.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عربية عبد الرحمن المطيري وزير الرياضة والشباب الكويتي (كونا)

وزير الشباب الكويتي لـ«الشرق الأوسط»: جاهزون لاستضافة كأس الخليج

أكد عبد الرحمن المطيري، وزير الرياضة والشباب الكويتي، استفادة بلاده بشكل كبير من التجارب السابقة في تنظيم المباريات، وذلك خلال مواجهة الكويت وكوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح

مبارك حمود الصباح رئيساً للحرس الوطني في الكويت

وافق مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الثلاثاء)، على مشروع مرسوم بتعيين الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح، رئيساً للحرس الوطني.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

محمد بن زايد يبدأ زيارة دولة إلى الكويت غداً

أعلنت دولة الإمارات أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس البلاد، يبدأ غداً الأحد زيارة دولة إلى الكويت.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية بسحب الجنسية الكويتية من 930 حالة هو أكبر إجراء من نوعه منذ بدء عملها مارس الماضي (كونا)

رقم قياسي لسحب الجنسية الكويتية... 930 حالة في يوم واحد

في أكبر إجراء من نوعه، قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية سحب وفقد الجنسية من 930 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.