جدل حول «اللاعب الأجنبي» في صفوف منتخب الجزائر

أثاره رئيس الاتحاد بمناسبة كأس أفريقيا لأقل من 17 سنة

زفيزف رئيس الاتحاد الجزائري في إحدى المناسبات (تويتر)
زفيزف رئيس الاتحاد الجزائري في إحدى المناسبات (تويتر)
TT

جدل حول «اللاعب الأجنبي» في صفوف منتخب الجزائر

زفيزف رئيس الاتحاد الجزائري في إحدى المناسبات (تويتر)
زفيزف رئيس الاتحاد الجزائري في إحدى المناسبات (تويتر)

يحتدم بالوسط الرياضي الجزائري، حالياً، جدل حاد أثاره رئيس اتحاد كرة القدم جهيد زفيزف بإطلاقه صفة «أجانب» على لاعبين مزدوجي الجنسية، ولد أغلبهم بفرنسا. ويتعرض الدوري المحلي، منذ سنوات طويلة، لانتقادات شديدة لعدم قدرته على إمداد المنتخب الأول، ومنتخبات الشباب، بعناصر قادرين على المنافسة، على الأقل، في التظاهرات الكروية الأفريقية.

واستعمل زفيزف عبارة «لاعبون أجانب»، الجمعة، في تصريحات للصحافة، بمناسبة تأهل منتخب الجزائر، بصعوبة، للدور الثاني من بطولة أفريقيا لأقل من 17 سنة الجارية حالياً بالجزائر، للدلالة على دور الشباب من أصول جزائرية، المولودين بأوروبا، خصوصاً فرنسا، في دعم صفوف المنتخب وحاجته إليهم في المنافسات المهمة، لكون الأندية الجزائرية عاجزة عن ذلك. غير أنه قال: «عمري لم أكن راضياً عن مشروع البحث وانتقاء»، اللاعبين من أصول جزائرية المنتسبين لدوريات أوروبية، ما أثار ردود فعل غاضبة، بدت في منصات الإعلام الاجتماعي، خاصة.

وأكد زفيزف أن المشروع الذي يشتغل عليه، هو تكوين أفضل اللاعبين في الدوري المحلي، مبرزاً أن «مشروعي يقوم على إطلاق أكاديميات لتكوين وتأهيل اللاعبين الشباب... ينبغي أن نؤمن بما نحرثه نحن هنا». وأضاف أن منتخب السنغال لأقل من 17 سنة، الذي خسر أمامه منتخب الجزائر بثلاثية دون رد، «هو باكورة عمل هيئات مستقرة، استثمرت في عمل قاعدي محلي، والقائمون عليها آمنوا بقدرات ما زرعوه، وها هي النتائج تأتي وحدها». وأضاف: «في كل الأحوال لا يمكن، حالياً، إجراء تقييم للعمل الذي نقوم به في فئة الشباب؛ لأننا في خضم كأس أفريقيا».

وتعليقاً على تصريحات زفيزف، نشرت صحيفة «الخبر» مقالاً بعنوان «رئيس الاتحاد يُلغي جزائرية اللاعبين». وقال كاتبه الصحافي الرياضي المعروف رفيق وحيد: «وجدت الجزائر نفسها، من خلال اتحاد كرة القدم فيها، تُلغي جزائرية لاعبيها المنتشرين عبر مختلف الدوريات الأجنبية، بل وتجرّدهم من هويتهم ووطنيتهم، بعدما كانت، في العهد السابق، تفتح ذراعيها لأبنائها من اللاعبين لتحتضنهم دون تمييز».

ويشار إلى أن البطولة القارية من 29 أبريل (نيسان) إلى 19 مايو (أيار) 2023 على ملاعب الجزائر العاصمة وعنابة وقسنطينة (شرق). وتعرف مشاركة 12 منتخباً: البلد المضيف الجزائر والسنغال والكونغو، والصومال ونيجيريا وزامبيا، والمغرب وجنوب أفريقيا وكاميرون، ومالي والسودان الجنوبي وبوركينا فاسو. ووفق قانون المنافسة، تتأهل المنتخبات الأربعة التي بلغت نصف النهائي، إلى كأس العالم تحت 17 سنة، المقرر تنظيمها في البيرو في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2023.

والجدل حول «اللاعب مزدوج الجنسية»، مطروح بالجزائر منذ سنوات طويلة، بسبب صعوبات واجهها غالبية المدربين للبحث عن أفضل تشكيلة لخوض المنافسات الكبيرة. ويعود الفضل في بلوغ الدور الثاني، لأول مرة، في كأس العالم 2014، للاعبين ولدوا بفرنسا وتعلموا كرة القدم في مدارسها الرياضية، وبفضلها التحقوا بأهم الدوريات في أوروبا. وبرزت هذه الحقيقة في كأس أفريقيا للأمم التي أقيمت بمصر عام 2019، لما فاز بها رفاق رياض محرز نجم مانشستر سيتي، والموهوب إسماعيل بن ناصر لاعب ميلان، وغيرهما.


مقالات ذات صلة

«كاف» يعتمد فوز نهضة بركان على اتحاد الجزائر

رياضة عربية نهضة بركان تمسك باللعب بقمصانه التي أتى بها من المغرب وهو ما رفضته السلطات الجزائرية (غيتي)

«كاف» يعتمد فوز نهضة بركان على اتحاد الجزائر

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) اعتبار فريق نهضة بركان المغربي فائزا بثلاثة أهداف نظيفة على نظيره اتحاد العاصمة الجزائري في المباراة التي لم تلعب الأحد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية تعذر إجراء المباراة بسبب رفض نادي نهضة بركان النزول إلى الملعب (منصة فيسبوك)

«كأس الكونفدرالية»: اتحاد الجزائر يطالب باعتباره فائزاً أمام نهضة بركان

طالب نادي اتحاد الجزائر حامل اللقب الاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف» باعتباره فائزاً في المباراة التي كان من المقرر أن تجمعه بضيفه نهضة بركان المغربي

«الشرق الأوسط» (الجزائر )
رياضة عربية يوسف بلايلي (نادي مولودية الجزائر)

بلايلي للحكمة الجزائرية غادة: أعتذر عن سلوكي معك… نادم!

اعتذر لاعب مولودية الجزائر يوسف بلايلي للحكمة غادة ماحات بعد التصرف الذي قام به تجاهها في مباراة فريقه أمام وداد تلمسان في دور الثمانية في كأس الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية جمهور مولودية الجزائر ممنوع من تشجيع فريقه (منصة إكس)

منع الجماهير من حضور نصف نهائي كأس الجزائر لأسباب أمنية

قرر الاتحاد الجزائري لكرة القدم إقامة مباراة الدور قبل النهائي من كأس الجزائر بين مولودية الجزائر وشباب قسنطينة من دون جمهور الثلاثاء المقبل لأسباب أمنية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية مواجهة اتحاد سوف ومولودية البيض أثارت الجدل (نادي مولودية البيض)

«الانضباط الجزائرية» تحقق في نزاهة مباراة اتحاد سوف ومولودية البيض

قررت لجنة الانضباط التابعة للرابطة الجزائرية المحترفة لكرة القدم فتح تحقيق بشأن مباراة مثيرة جمعت بين اتحاد سوف وضيفه مولودية البيض.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.