تتعدَّد المشكلات التي يعاني منها توتنهام هوتسبير تحت قيادة المدرب توماس فرانك إلى حد يمكن معه قضاء يومٍ كامل في تحليل ما يحدث داخل الفريق، سواء الأخطاء التي ظهرت أمام فولهام يوم السبت، أو تلك التي تكرَّرت طوال الموسم، غير أنّ جوهر الأزمة يتمثل في حقيقة واضحة وبسيطة: توتنهام بات ضعيفاً بشكل لا يمكن احتماله على ملعبه، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
فلا يمكن لفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز أن يستمر وهو يحقِّق أقل من نقطة واحدة في المباراة على أرضه، وهي حصيلة لا يتفوَّق فيها هذا الموسم إلا على وولفرهامبتون. صحيح أن فرانك لم يكن سبب تدهور الأداء على أرض الفريق في النصف الثاني من الموسم الماضي، إلا أنه أيضاً لم ينجح في معالجته، ومن البديهي أن خسارة غالبية المباريات على ملعبك تضع أي فريق في دائرة الخطر.
ولا يمكن أن يستمر الفريق في تقديم هذا القدر الضئيل من الفرص لجماهيره، وإفقادهم تدريجياً الثقة بـ«العصر الجديد»، فالهزيمتان أمام بورنموث وتشيلسي على أرض الفريق كانتا الأسوأ، بينما جاءت خسارة فولهام أقل سوءاً، لكنها تبقى سيئة جداً.
أما الخسارة أمام أستون فيلا أو التعادل مع وولفرهامبتون، فهما نموذجان أخريان لسلسلة من العروض الباهتة التي تُظهر حجم الأزمة، كما أن عدم اتساق الفريق في ملعبه أدى إلى أن ثلاثة أرباع نقاطه (13 من أصل 18) جاءت خارج الديار، أما المشجعون الذين لا يتابعون الفريق خارج لندن فقد شاهدوا فقط فوزاً واحداً في الدوري تحت قيادة فرانك، وكان ذلك أمام بيرنلي في الجولة الافتتاحية، قبل أكثر من 3 أشهر.
وتجلّى الإحباط بوضوح في مدرجات ملعب توتنهام، السبت الماضي، عندما أطلقت الجماهير صفارات الاستهجان تجاه الحارس غولييلمو فيكاريو بعد خطأ أسفر عن الهدف الثاني لفولهام. إنها المرة الأولى التي تنقلب فيها جماهير الفريق على لاعب منذ نحو 3 أعوام عند هجومهم على دافينسون سانشيز. وأعرب فرانك بعد المباراة عن رفضه القاطع لمثل هذه التصرفات، واصفاً إياها بـ«غير المقبولة»، ومؤكداً أنّ مَن يقوم بذلك «لا يمثل جماهير توتنهام الحقيقية».
مشهد خروج بيدرو بورو من الملعب غاضباً كان مؤشراً آخر على حجم الألم الذي يشعر به اللاعبون، ومع ذلك، يُفترض بفرانك أن يكون الرجل الذي يعيد بناء ثقافة النادي ووحدة الفريق، لكن ليالي مثل هذه تمثل تهديداً مباشراً لهذا الهدف، غير أن هذه الحادثة ليست معزولة؛ فهي نتيجة تراكم غضب الجماهير من سوء الأداء على أرض الفريق. فمنذ بداية الموسم الماضي وحتى الآن، خاض توتنهام 22 مباراة على ملعبه في الدوري، ولم يحصد سوى 17 نقطة من أصل 66 ممكنة.
ومنذ فوزه على أستون فيلا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كانت الانتصارات على هذا الملعب أمام مانشستر يونايتد وساوثمبتون وبيرنلي فقط. يدفع الجمهور مبالغ كبيرة لمشاهدة فريقه، لكنه يحصل على أداء متواضع. وتتكرَّر النقاشات حول تحسين الأجواء داخل الملعب في أيام المباريات، لكن الحقيقة واضحة: أفضل طريقة لخلق أجواء جيدة هي اللعب بشكل جيد.
وانتصار الفريق 4 - 0 أمام كوبنهاغن في الرابع من نوفمبر كان مثالاً صارخاً على ذلك. والحل إذن يجب أن يأتي من الفريق نفسه، ومن فرانك تحديداً، فالأقوال لن تغيّر شيئاً قبل مباراة برينتفورد السبت المقبل، حتى وإن حقق الفريق نتيجة إيجابية أمام نيوكاسل، يوم الثلاثاء، فالجماهير تحتاج إلى ما يبعث على الأمل داخل الملعب ذاته، وتكمن المشكلة في أن كثيراً من المشجعين يشعرون بأن الفريق يتراجع بدلاً من التقدم. الجميع يعرف صعوبة المهمة التي تولّاها فرانك، وأن الفريق يعاني من غيابات وإصابات مؤثرة.
لكنهم يريدون رؤية مؤشرات واضحة على التطور أو على الأقل ملامح وجهة مستقبلية. وهذا بالضبط ما جعل الجماهير تمنح ماوريسيو بوكيتينو وقتاً طويلاً عند بداياته قبل 11 عاماً، إذ كانت ملامح مشروعه واضحة منذ اليوم الأول.
ورغم ذلك، فإن أسوأ مباراتين لتوتنهام تحت قيادة فرانك أمام تشيلسي وآرسنال جاءتا في نوفمبر، وليس في الأسابيع الأولى من الموسم، وهاتان المباراتان سجّل فيهما الفريق أدنى نسب متوقعة للأهداف في الدوري هذا الموسم (0.1 و0.07) وعلى الرغم من أنّ فرانك يتحدث عن «إضافة طبقات جديدة»، فإن تلك الطبقات تبدو غير ثابتة.
وحتى التحسُّن الذي ظهر في مباراة باريس سان جيرمان، منتصف الأسبوع، كان أشبه باستثناء، بينما شكّلت مواجهة فولهام انتكاسةً أخرى، وحتى عناصر الفريق التي يُفترض أن تكون ثابتة، مثل الصلابة الدفاعية، أصبحت مهزوزة. وكان يمكن لفولهام أن يسجِّل أكثر مما سجَّل بالفعل.
ومع كل ذلك، لا يعني هذا أن فرانك فقد مستقبله في النادي، أو أنه غير قادر على قلب الصورة. فهو محبوب داخل أروقة النادي، ويحظى بقدر من الصبر، لكن لا يمكنه الاستمرار في تلقي صفارات الاستهجان على أرضه، فالرصيد الذي بدأ به لدى الجماهير نفد بالكامل، وسيتعيَّن عليه استعادته بجهده وحده.

