بعد تعادل آرسنال المفاجئ أمام سندرلاند في الجولة قبل الماضية، الذي منح منافسيه على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز أملاً جديداً، عاد آرسنال إلى المسار الصحيح سريعاً ووسع فارق النقاط بينه وبين أقرب ملاحقيه على الصدارة بفوزه الساحق على توتنهام بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في الجولة الماضية.
كان إيبيريتشي إيزي، الذي كان يسعى توتنهام لضمه الصيف الماضي، هو نجم اللقاء، حيث سجل أول ثلاثية (هاتريك) له في الدوري، وأول ثلاثية في ديربي شمال لندن منذ عام 1978.وبعد يوم واحد من خسارة ليفربول، حامل اللقب، للمرة السادسة في سبع مباريات، وخسارة مانشستر سيتي أمام نيوكاسل، لم يجد «المدفعجية» بقيادة المدير الفني الإسباني ميكيل أرتيتا أي صعوبة في التقدم بفارق ست نقاط عن تشيلسي، صاحب المركز الثاني.
وبدا هذا الفوز الساحق - حسب كريس كولينسون على موقع بي بي سي - بمثابة إنذار شديد اللهجة لبقية المنافسين على اللقب، خاصة أنه جاء أمام توتنهام الذي دخل المباراة دون أي هزيمة خارج ملعبه طوال الموسم، فضلاً عن أن آرسنال افتقد لخدمات كل من غابرييل ومارتن أوديغارد وكاي هافرتز وفيكتور غيوكوريس بداعي الإصابة. وباستثناء تسديدة ريتشارليسون المذهلة التي جاء منها الهدف الوحيد لتوتنهام، لم يصنع السبيرز فرصاً خطيرة على المرمى، وكان اللقاء من طرف واحد. سدد آرسنال 17 تسديدة مقابل ثلاث تسديدات لتوتنهام، وأنهى السبيرز المباراة بمتوسط أهداف متوقع بلغ 0.07 فقط.
وقال إيزي لبرنامج «مباراة اليوم» على شاشة «بي بي سي»: «يا له من أمر جنوني! إنه يوم مميز حقاً بالنسبة لي ولعائلتي. لم أحلم قط بيوم مثل هذا. إنه شيء استثنائي، ولا يسعني إلا أن أشكر الله». وأضاف: «كنا مستعدين لأي خطة سيلعبون بها، بفضل اجتهاد طاقمنا الفني، الذي يجب الإشادة به وبجميع لاعبينا بفضل قدراتهم وموهبتهم الكبيرة. نحن قادرون على تسجيل الأهداف من أي زاوية. ربما كان من الممكن أن أسجل أربعة أهداف. إنني أحاول دائماً التسجيل، وأحاول دائماً استغلال الفرص التي تتاح لي، ومن المهم أن أتحلى بالصبر والاجتهاد».
إيزي يكتب التاريخ في ديربي شمال لندن
يا له من يومٍ رائع بالنسبة لإيزي، الذي يشجع آرسنال منذ نعومة أظافره. لقد استغنى عنه المدفعجية وهو في الثالثة عشرة من عمره، قبل أن يتم رفضه من قبل فولهام وريدينغ وميلوول، ثم حصل أخيراً على فرصته مع كوينز بارك رينجرز. وعادت تغريدة نشرها إيزي في أبريل (نيسان) 2015 إلى مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيها: «أقسم أنني سأحقق ذلك، وعندما أحققه، سيعرضون هذه التغريدة». وقد حقق اللاعب الإنجليزي الدولي ذلك بالفعل.
تُعد هذه أول ثلاثية (هاتريك) في مسيرة إيزي الكروية على مستوى الفريق الأول، ناهيك من كونها الأولى في ديربي شمال لندن في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز باسمه الجديد. انضم إيزي إلى آرسنال في صفقة بلغت قيمتها 67 مليون جنيه إسترليني، وبدأ يثبت نفسه بوصفه أحد أبرز الأسماء في تشكيلة المدير الفني ميكيل أرتيتا.
وعندما انضم إيزي إلى المدفعجية، أثيرت تساؤلات حول مركزه في الفريق، لكن بعد إصابة القائد أوديغارد، استغل إيزي فرصته تماماً وأصبح أحد أفضل لاعبي الفريق. استغرق الأمر بعض الوقت لكي يتأقلم اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً مع فريقه الجديد، حيث يلعب في مركز مختلف عن المركز الذي كان يلعب به مع كريستال بالاس، لكنه بدأ يتأقلم ويقدم مستويات مميزة حقاً.

لقد قدّم تمريرة ممتازة لغابرييل مارتينيلي الذي سجل هدف التعادل في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع في مرمى مانشستر سيتي، وسجل هدف الفوز ضد كريستال بالاس، وسجل الآن أول ثلاثية له مع الفريق الأول ضد الغريم التقليدي للمدفعجية. وعلاوة على ذلك، فإن قدرته على القيام بأشياء غير متوقعة تضيف بُعداً جديداً إلى خط هجوم آرسنال، الذي سيخوض مباراتين مهمتين خلال الأيام المقبلة، ضد بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا (الأربعاء) وتشيلسي (الأحد)، لكن إيزي سيستمتع بهذا التحدي الكبير بالنظر إلى مستواه الحالي.
وقال أرتيتا: «هذا هو إيزي. لقد حصل على يومين راحة بعد عودته من معسكر المنتخب الإنجليزي، لكنه كان يريد التدريب بعد اليوم الأول. لقد أراد أن يعود ويتحسن ويطرح الأسئلة. عندما تمتلك مثل هذه الموهبة والذكاء الكبيرين، ثم تضيف إلى ذلك الرغبة في التحسن والتدريب، تحدث هذه الأمور». وأضاف المدير الفني الإسباني: «عندما تحدثت مع توماس توخيل عن إيزي، سألته عن مدى جودته، فأخبرني بأنه واحد من أفضل اللاعبين الذين رآهم. أنا أيضاً أرى أنه واحد من أفضل اللاعبين من حيث الموهبة. وإذا أضفنا إلى ذلك معدل عمله الرائع، واستعداده للعب لهذا الفريق، والسعادة التي أشعر بها عندما يكون في الفريق، فستكون النتيجة هي رؤيتنا لهذا اللاعب المميز».
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن إيزي هو اللاعب الإنجليزي الأكثر مساهمة في الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2025. وتشير الإحصائيات أيضاً إلى أن إيرلينغ هالاند (25 هدفاً)، ومحمد صلاح (23 هدفاً)، وبريان مبيومو (21 هدفاً)، وأنطوان سيمينيو (18 هدفاً) هم الوحيدون الذين ساهموا في أهداف أكثر من إيزي (18 مسامة تهديفية، بواقع عشرة أهداف وثماني تمريرات حاسمة) في الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2025. وقال مهاجم كريستال بالاس السابق، كلينتون موريسون، لبي بي سي: «أعرف مدى أهمية هذا الانتقال من كريستال بالاس بالنسبة له، وأعرف ما يمكن أن يقدمه. إنه أفضل لاعب في الملعب. ومن هنا ستنطلق مسيرته مع آرسنال».
ما أهمية تقدم آرسنال؟
لا يزال يتبقى 26 مباراة لكل فريق هذا الموسم، فهل التقدم بفارق ست نقاط في هذه المرحلة لا يمكن تعويضه؟ من المؤكد أنه يمكن تعويض هذا الفارق من النقاط، لكن الإحصائيات تشير إلى أن تقدم آرسنال كبير جداً. فهذه هي المرة الخامسة التي يتصدر فيها آرسنال جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مرور 12 جولة، لكن آرسنال فشل في مواصلة التقدم والفوز باللقب في المرات الثلاث الأخيرة التي تصدر فيها الدوري في هذه المرحلة. ومع ذلك، يُعد هذا أكبر فارق من النقاط لآرسنال في هذه المرحلة من الموسم بالدوري الإنجليزي الممتاز. وما يزيد من تفاؤل جمهور آرسنال أن الإحصائيات تشير إلى أن جميع الفرق التي تقدمت بفارق ست نقاط أو أكثر بعد مرور 12 مباراة من الموسم فازت باللقب في نهاية المطاف.

ومع ذلك، قد تكون هذه الإحصائية مضللة بعض الشيء، حيث عادت بعض الفرق بعد التأخر بعدد أكبر من النقاط لتفوز باللقب في النهاية. إذ، كم مرة تأخرت الفرق بفارق ست نقاط أو أكثر عن المتصدر بعد مرور 12 جولة ثم تمكنت من الفوز باللقب؟ لا يزال الوضع يبدو جيداً بالنسبة لآرسنال، فالإجابة هي خمس مرات فقط، كان آخرها في موسم 2013 - 2014 عندما كان مانشستر سيتي متأخراً بفارق ست نقاط عن المتصدر آرسنال.
يجب عدّ تشيلسي منافساً على اللقب الآن بعد احتلاله المركز الثاني. لقد فاز تشيلسي بخمس من مبارياته الست الماضية في الدوري، محققاً ثلاثة انتصارات متتالية دون أن تهتز شباكه لأول مرة منذ عام 2022. كما أن أستون فيلا وكريستال بالاس، المتخلفين بفارق نقطتين وثلاث نقاط على التوالي عن تشيلسي، يعتدان نفسيهما منافسين قويين أيضاً.
ومع تأخر ليفربول بفارق 11 نقطة عن آرسنال، سيتعين على الريدز القيام بشيء لم يفعله أي فريق آخر في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز للعودة والفوز باللقب. كما تشير الإحصائيات إلى أن فريقين فقط نجحا بعد التأخر بفارق سبع نقاط، مثل مانشستر سيتي حالياً، في الفوز بلقب الدوري.
لا مشكلة من دون غابرييل
كان مشجعو آرسنال يشعرون بالقلق قبل مباراة ديربي شمال لندن بسبب غياب غابرييل، الذي يعد أفضل مدافع بالفريق. كان النجم البرازيلي يقدم مستويات استثنائية في خطط آرسنال الدفاعية القوية بشكل لا يصدق هذا الموسم، حيث تألق في الكرات الهوائية وإفساد الهجمات، كما حقق ثاني أعلى عدد من قطع الكرات في الدوري. وفي الموسم الماضي، فاز آرسنال بأربع مباريات فقط من أصل 12 مباراة في الدوري لم يبدأ فيها غابرييل وويليام صليبا معاً في التشكيلة الأساسية. لكن يبدو أن آرسنال أصبح فريقاً مختلفاً تماماً هذا الموسم بعدما أنفق 250 مليون جنيه إسترليني خلال الصيف الماضي للتعاقد مع ثمانية لاعبين لتدعيم صفوفه.

تعاقد آرسنال مع المدافع الإكوادوري بيرو هينكابي على سبيل الإعارة من باير ليفركوزن، مع خيار الشراء الدائم مقابل 52 مليون جنيه إسترليني، وسرعان ما أصبح من اللاعبين المفضلين لدى أرتيتا الذي وصفه بـ«المحارب». ويستطيع هينكابي، الفائز بلقب الدوري الألماني الممتاز، اللعب أيضاً في مركز الظهير الأيسر، وهو ما يمنح أرتيتا خياراتٍ إضافية مع ضمان عدم حدوث تراجع في مستوى خط الدفاع في حال غياب صليبا أو غابرييل.
من المؤكد أن أرتيتا يشعر بسعادة كبيرة لرؤية فريقه يقدم هذه المستويات المميزة، ليس فقط من حيث قدراتهم الفنية، بل أيضاً من حيث لياقتهم البدنية ومعدل العمل الذي يقوم به اللاعبون. يبذل جميع اللاعبين قصارى جهدهم لأنهم يعلمون أنه إن لم يفعلوا ذلك، فلن يلعبوا، ويستحق أرتيتا كل التقدير والثناء على ذلك، لأنه هو من غرس فيهم عقلية تجعل العمل الجاد بأهمية أدائهم الهجومي نفسه، إن لم يكن أكثر.
إنهم يضغطون بشكل متواصل على المنافسين، وحتى في خط الهجوم يجسد فيكتور غيوكيريس، الذي غاب عن مباراة توتنهام بسبب الإصابة، أسلوب الفريق في الضغط. لم يعد يهم من يلعب، فكل اللاعبين سيبذلون قصارى جهدهم ويقومون بواجباتهم الدفاعية على النحو الأمثل. من الواضح أن هذا يتطلب انضباطاً ذهنياً كبيراً، لكن جميع اللاعبين يبدون مستعدين تماماً من الناحية البدنية أيضاً.

