ضاعف سيرخيو ماركي، الرئيس الجديد لاتحاد لاعبي كرة القدم العالمي (فيفبرو)، من انتقاداته العلنية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ورئيسه جياني إنفانتينو.
وقال ماركي، في مقابلة نادرة وخاصة مع «The Athletic» من منزله في لابلاتا بالأرجنتين: «العقبة الأكبر أمام (فيفبرو) اليوم هي استبداد رئيس (فيفا). إنفانتينو يعيش في عالمه الخاص، وما يهمه فقط هذه العروض الضخمة. لكنه لا يستمع إلى اللاعبين، ولا يعترف باحتياجاتهم. لكنني لا أستطيع الجلوس بصمت بينما يعاني الناس. الكثيرون نصحوني بألا أتكلم، لكنني أتبع قناعاتي. أنا مثابر. ولستُ خائفاً من السلطة».
وماركي أول رئيس غير أوروبي لـ«فيفبرو» منذ تأسيسه عام 1965 لحماية حقوق أكثر من 66 ألف لاعب حول العالم، وقد تولى المنصب خلفاً لديفيد أفانزو بعد تحوّل كبير في الاتحاد مع تصاعد احتجاجات اللاعبين على ضغوط جدول المباريات العالمي.

على مدى 28 عاماً، شغل ماركي منصب الأمين العام لنقابة لاعبي الأرجنتين، ورئيس «فيفبرو - أميركا الجنوبية» منذ 2021، وما زال يتولى هذين المنصبين حتى اليوم، إلى جانب موقعه الجديد، محتفظاً بنهجه العملي الذي أوصله إلى هنا وأكسبه إحساساً عميقاً بالواجب.
ابن لعائلة أرجنتينية من الطبقة العاملة، يعرف «التوركو» ماركي جيداً ما يعنيه أن تكون لاعب كرة قدم محترفاً؛ فقد لعب كارتكاز دفاعي لنادي خيمناسيا دي لا بلاتا، ثم انتقل إلى بوينس آيرس حيث أصبح قائد سان لورينزو قبل أن يكمل مسيرته في المكسيك. لكن رؤيته للعالم لم تتشكل فقط من خلال كرة القدم، بل أيضاً من خلال النضال؛ إذ كان ناشطاً في فترة الديكتاتورية الأرجنتينية في السبعينات، يختبئ من مداهمات الشرطة ويشاهد أصدقاءه يختفون؛ ما دفعه للعمل أكثر بدل الاختباء.
يقول: «رسالتي بسيطة: ليست من أجل نفسي، بل من أجل العدالة».
ماركي لا يعارض بطولات «فيفا»، مثل كأس العالم للأندية، لكنه انضم إلى جوقة المنتقدين لنسخة إنفانتينو الموسعة واصفاً إياها بعبارة أرجنتينية شهيرة: «الخبز والسيرك»، مشيراً إلى «غياب الحماية» للاعبين. وقد تم استبعاد «فيفبرو» من اجتماع بشأن رفاهية اللاعبين دعا إليه إنفانتينو في نيويورك؛ ما دفع ماركي للعودة إلى بلاده بدلاً من حضور النهائي بين تشيلسي وباريس سان جيرمان.
وأوضح: «حين تنتهي العروض وتنطفئ الأضواء، يبدأ العالم الحقيقي»، محذراً من أن هذه البطولات تخفي حقائق أكثر قسوة.
وأضاف: «هذه الأحداث لم يخلقها إنفانتينو. إنها موجودة بفضل اللاعبين والجماهير. هو ليس مالك كرة القدم، هو مجرد مدير».
انتقد ماركي بشكل خاص قرار «فيفا» بإقامة مباريات كأس العالم للأندية في درجات حرارة تجاوزت الأربعين درجة مئوية في مدن أميركية مختلفة. قال: «من المنحرف جدولة مباريات عند الظهيرة في هذا الحر. ماذا ينتظرون؟ مأساة؟ انهياراً على أرضية الملعب؟ هذا ليس فقط سوء تخطيط، بل قلة احترام. إذا سألت لاعباً إن كان يريد اللعب عند الظهر في حرارة 45 درجة، فسيقول: (لا). لكن لا أحد يسألهم. يُطلب منهم أن يصمتوا ويلعبوا».
وتابع: «هذا الصمت يعززه الخوف. إنزو (فرنانديز) انتقد الظروف بعد المباراة، لكن في الغالب يخشى اللاعبون أن يضر حديثهم بمسيرتهم. لذا من واجبنا نحن (ممثليهم) أن نتحدث. وسنفعل».
رفض «فيفا» التعليق على تصريحات ماركي عند سؤاله من قبل «The Athletic».
وشكا لاعبو ريال مدريد وترينت ألكسندر - أرنولد وجود بيلينغهام أيضاً من الحرارة الشديدة وسوء أرضية الملاعب خلال البطولة.
لكن بالنسبة لماركي، هذه القضايا السطحية لا تغطي على مشكلات أعمق وأكثر منهجية يعانيها آلاف اللاعبين المحترفين، مؤكداً: «أكثر من نصف اللاعبين المحترفين لا يتقاضون رواتبهم، وآلاف عالقون في عقود تنتهك حقوقهم، ويواجهون إساءات جسدية ونفسية ومالية تمتد إلى عائلاتهم».
وأشار إلى أن «فيفا» تباهى ببيع 2.5 مليون تذكرة لكأس العالم للأندية وجني ملياري دولار تقريباً، لكن التوزيع ليس عادلاً: «نحن في القرن الحادي والعشرين وما زال آلاف اللاعبين بلا رواتب. دعوهم يحتفلوا، لكن من بنى اللعبة يجب أن يُكافأ».

ووصف كرة القدم بأنها «غير عادلة بعمق»، مضيفاً: «نحن في مهنة تنتهي عند سن 35، ويبقى أمام اللاعب حياة كاملة».
وذكر ماركي أنه طرح هذه القضايا مراراً على قيادة «فيفا»، لكنها لم تجد صدى. وأبدى استعداده لمناظرة إنفانتينو علناً: «يمكنني مناظرته في أي مكان، وأمام أي كاميرات. ما يقدمه (فيفا) واقع مُصفّى. يظهرون لك الأضواء، ويخفون الظلال».
وأوضح أنه التقى إنفانتينو ثلاث مرات، وأعطاه وثيقة مليئة بالمقترحات: «أخذها، ومزقها، وقدمها وكأنها أفكاره. صافحني، ووعدني، ولم يفعل شيئاً».
ودعا رئيس «فيفا» إلى زيارة أماكن مثل «غواتيمالا ونيكاراغوا والسلفادور»، لرؤية الفرق التي «لا تملك حتى غرف ملابس أو حمامات».
رغم الانتقادات، تكبر بطولات «فيفا»، بينما تبقى مشكلات اللاعبين دون حل. وبشأن كأس العالم 2026، التي ستقام في أميركا والمكسيك وكندا، نبه إلى المسافات الهائلة التي سيقطعها اللاعبون بين المدن والمناخات المتنوعة، قائلاً: «لقد أعلنوا أن التذاكر ستباع بالملايين، وأن البطولة ستجني أكثر من ثلاثة مليارات دولار. رائع. لكن سأكرر: هناك لاعبون لم يتقاضوا رواتبهم منذ سنوات».
وتطرق أيضاً لكرة القدم النسائية: «هو يحب الحديث عنها. فليذهب إلى بوليفيا وفنزويلا وأفريقيا، ليرى الحقيقة خارج الأضواء».
ورأى أن المشكلة الجوهرية أن اللاعبين ما زالوا غير مشاركين في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومسيرتهم، مضيفاً: «لقد نصت لوائح (فيفا) منذ 21 عاماً على أن الحد الأدنى للعقود عام واحد. لكنها لا تُطبق. هذه مسؤوليته».
وعن احتمال لقاء إنفانتينو مجدداً، قال: «بصراحة، هو مَن يجب أن يتصل بي. إذا كان رجلاً نزيهاً، يجب أن يعتذر أولاً على ما يمر به اللاعبون، ثم يقول: حسناً، كيف نصلح هذا؟ كيف نساعد لاعبينا؟».
واختتم قائلاً: «كرة القدم لا تعود لإنفانتينو ولا لـ(فيفا). كرة القدم للاعبين جميعاً. وإذا كان هناك آلهة لكرة القدم، فهم فرانكو باريزي، وتوتو سكيلاتشي، ودييغو أرماندو مارادونا، وليونيل ميسي، وسقراط، ورونالدينيو. ليس إنفانتينو».

