كيف وجد أنشيلوتي طريق الفوز على مانشستر سيتي في «معقله»؟

فرحة بيلينغهام وزملائه بالفوز جلية (رويترز)
فرحة بيلينغهام وزملائه بالفوز جلية (رويترز)
TT

كيف وجد أنشيلوتي طريق الفوز على مانشستر سيتي في «معقله»؟

فرحة بيلينغهام وزملائه بالفوز جلية (رويترز)
فرحة بيلينغهام وزملائه بالفوز جلية (رويترز)

بدا مدرب ريال مدريد في معظم فترات هذا الموسم متمسكاً بـ«أسطوانة التضحية»، التي ربما باتت «مشروخة»، فطالب لاعبيه ببذل مزيد من الجهد والتضحية بأنفسهم في سبيل تحقيق المجد... خلال ليلة شديدة البرودة في مانشستر بإنجلترا؛ ووجدوا الطريق في النهاية.

ليس هناك الكثير مما يحدث في هذه البطولة يفاجئ أنشيلوتي؛ بطل أوروبا مرتين لاعباً و5 مرات مدرباً، لكن طريقة فوزهم على مانشستر سيتي بنتيجة 3 - 2 بدت كأنها إلهام للمدرب المدريدي.

النشوة بهدف الفوز الذي سجله جود بيلينغهام في الوقت بدل الضائع (جعلت كيليان مبابي، الذي كان قد استبدل للتو، يقفز من على مقاعد البدلاء لينطلق إلى أرض الملعب وينضم إلى الاحتفالات) كانت على مستوى قد يستدعي (عادةً) الحذر من أنشيلوتي، لكنه في هذه المناسبة انضم إلى لاعبيه في الإشادة بالأداء والنتيجة التي استحقها.

وقال في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة: «لم أكن أعتقد أن هذا الفريق قادر على تقديم مثل هذه التضحية كما فعلوا الليلة... لقد ظهر أنه يمكنك تحقيق التوازن مع هذا الفريق. يمكنك ذلك بالتضحية. اليوم ضحى الجميع».

أنشيلوتي كان حاضراً بتوجيهاته وخبراته (أ.ف.ب)

هناك خطر من المبالغة عندما يكون هناك هدفان متأخران، سجل الثاني منهما البديل جود بيلينغهام في الوقت بدل الضائع، ليحول الريال تأخره 2 - 1 إلى فوز 3 - 2. هناك بالتأكيد خطر في قراءة كثير من الأمور في الفوز على السيتي، عندما يكون بطل الدوري الإنجليزي الممتاز، كما يعترف مدربه بيب غوارديولا، غير واثق بنفسه بعد أشهر مؤلمة.

لكن أنشيلوتي شعر أن فريقه قد وضع علامة فارقة بعد فترة عصيبة مر بها. في الأسبوع الماضي، بعد الهزيمة 1 - 0 على ملعب إسبانيول، قال للاعبيه في ملعب التدريبات، إن عليهم العمل بجدية أكبر خارج ملعبهم. وقبل التعادل 1 - 1 مع أتلتيكو مدريد يوم السبت الماضي، قال للصحافيين إن نجاح الفريق هذا الموسم سيعتمد على «الجهد الجماعي»، مضيفاً: «وهذا يشمل رباعي الهجوم».

كان ذلك هو السؤال الكبير بشأن هذا الفريق المدريدي منذ اللحظة التي أضاف فيها مبابي إلى مجموعة تضم بالفعل بيلينغهام ورودريغو وفينيسيوس جونيور. لقد نجح هذا الأمر بشكل جيد بما فيه الكفاية ليقودهم إلى صدارة الدوري الإسباني، ولكن في كثير من الأحيان أمام خصوم من المستوى العالي (على الأخص في الهزائم القاتلة أمام برشلونة في الدوري الإسباني 4 - 0 والسوبر الإسباني 5 - 2، وأمام ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2 - 0) كان الافتقار إلى التنظيم والصرامة في الاستحواذ على الكرة مصدر قلق.

قد يكون من السخاء وصف السيتي بأنه منافس من الدرجة الأولى في الوقت الحالي، لكن كانت لديه الجودة التي جعلت الأوقات صعبة على ريال مدريد الليلة الماضية. على الرغم من أنه كان في المركز الثاني لفترات طويلة، وعلى الرغم من الخاتمة الدراماتيكية، فإنه لم يبدُ فريقاً سهل المنال، فقد دفع غوارديولا بتشكيلة ذات خبرة كبيرة.

غوارديولا لم يستطع التصرف خلال المباراة (إ.ب.أ)

مما أثار إعجاب أنشيلوتي الطريقة التي التزم بها لاعبوه بمهامهم؛ فردياً وجماعياً.

هذه الأمور نسبية... نحن لا نتحدث عن فريق يلعب مثل أتليتكو مدريد بقيادة دييغو سيميوني أو ليفربول بقيادة يورغن كلوب في ذروة قوته. كانت هناك لحظة في أواخر الشوط الأول، عندما كان فريقه متأخراً بهدف إيرلينغ هالاند في الدقيقة الـ19، أعرب فيها مدرب ريال مدريد عن استيائه من مبابي لفشله في الضغط على الخصم، وفي لحظة أخرى بدا محبطاً من فينيسيوس... لكنه في معظم الأحيان كان سعيداً بأداء لاعبيه.

عندما يتعلق الأمر بكلمة «التضحية»، فإن رودريغو يستحق الذكر، حيث قدم أداءً رائعاً في مركز الجناح الأيمن الذي تطلب منه عملاً دفاعياً أكثر مما كان يتمنى. وبالمثل بيلينغهام، الذي اضطر إلى كبح جماح بعض غرائزه الهجومية هذا الموسم من أجل استيعاب مبابي في الأمام.

وسلط أنشيلوتي الضوء على إسهامات رباعي خط الدفاع، الذي ضم (في غياب داني كارفاخال المصاب وأنطونيو روديغر وإيدر ميليتاو ودافيد ألابا) لاعبين اثنين من خط الوسط: فيديريكو فالفيردي في مركز الظهير الأيمن، وأوريليان تشواميني في قلب الدفاع، وشاباً يبلغ من العمر 21 عاماً هو راوول أسينسيو الذي لم يبدأ سوى مباراتين فقط في دوري الأبطال سابقاً. وقد كان محقاً في إبراز الأداء «المذهل» الذي قدمه تشواميني الذي تعرض لانتقادات كثيرة في مركز غير مألوف.

ومع ذلك، فقد بدت المباراة كأن فيها دفاعين مؤقتين ضعيفين. كانت المباريات ذات الأهداف العالية سمة مميزة عندما التقى الفريقان في مرحلة خروج المغلوب بدوري أبطال أوروبا؛ 4 - 3 و4 - 0 كلتاهما للسيتي، و3 - 3 من بين المواجهات الست السابقة، ومع استنزاف دفاعَي الفريقين، كان الهجوم دائماً يهدد باحتلال الصدارة.

هالاند سجل هدف التقدم لكن الخسارة كانت نصيب فريقه (أ.ف.ب)

قال غوارديولا بعد ذلك إن هذه المباراة كانت أفضل مباراة لعبها ريال مدريد أمام فريقه السيتي. ومرة أخرى، فإن تحفظ السيتي الموجود الآن يجعل من الصعب قياس الأداء، لكن ريال مدريد كانت لديه 20 محاولة على المرمى، أكثر من أي فريق زائر في «ملعب الاتحاد» منذ وصول غوارديولا في عام 2016. لقد صنعوا وأضاعوا عدداً من الفرص المحققة قبل وقت طويل من تسجيل مبابي هدف التعادل، حيث تابع تمريرة داني سيبايوس ثم سدد بساقه.

لعب سيبايوس، الذي بدأ المباراة في دوري الأبطال للمرة السابعة فقط، بشكل جيد في وسط الملعب، لكنه أفسد سجله باعتراضه فيل فودن الذي حصل على ركلة جزاء للسيتي قبل 10 دقائق من نهاية المباراة. هدد هالاند مرمى تيبو كورتوا للمرة الثانية في المباراة، وبدا أن بطل أوروبا سيضطر إلى العودة من الخلف في مباراة الإياب على ملعب الـ«برنابيو» يوم الأربعاء المقبل.

لكن توالت موجات الهجمات المدريدية، واستُنزف السيتي في وسط الملعب، وازداد الضغط على دفاعات السيتي. شارك كل من بيلينغهام وفينيسيوس بشكل بارز في هدف التعادل الثاني الذي سجله إبراهيم دياز بعد دقيقتين من نزوله من على مقاعد البدلاء أمام النادي الذي قضى فيه أواخر مراهقته.

اشتم بيلينغهام وفينيسيوس وآخرون رائحة الذعر. مرة أخرى كان السيتي في حالة من الفوضى، لكن تمريرة ساذجة من ماتيو كوفاسيتش كانت ستصبح غير ذات أهمية لولا أن فينيسيوس كان يقظاً وحاسماً في التفوق على ريكو لويس في الكرة. من هناك، أظهر اللاعب البرازيلي وعياً كبيراً ليمرر الكرة إلى بيلينغهام، الذي انطلق بها وسددها من مسافة قريبة من خط المرمى.

الاحتفالات التي أعقبت ذلك كانت لحظة كبيرة لفريق ريال مدريد الشاب. لقد فاز معظمهم بدوري أبطال أوروبا (باستثناء مبابي حتى الآن) لكن منذ فوز الموسم الماضي في «ويمبلي»، فقدوا خبرة توني كروس (المعتزل) وناتشو (يلعب الآن في السعودية) بينما أصيب كل من كارفاخال وروديغر وإيدر ميليتاو وألابا، واقتصر دور لوكا مودريتش، البالغ من العمر 39 عاماً، على المشاركة في وقت متأخر هنا.

لاعبو السيتي محبطون بعد الهزيمة في ملعبهم (رويترز)

إنه فريق من نوع مختلف عن الفريق الذي كان يتمتع بخبرة كبيرة والذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات، ولكن، بالإضافة إلى الوجود الدائم لمودريتش و(على الرغم من أنه سيغيب عن بقية الموسم بسبب الإصابة) كارفاخال، فهناك تشابه في الحاجة إلى خط هجومي من كل النجوم للعمل بجد داخل وخارج الملعب.

في ذلك الحين، كما هي الحال الآن، بدا الأمر كما لو أن ريال مدريد قد يتراجع إذا ما واجه فريقاً أكثر نشاطاً وحيوية وتنظيماً في المراحل الأخيرة من البطولة. لكن حتى لو كان التوازن بين الجهد والإلهام في بعض الأحيان مفقوداً، فقد وجدوا دائماً الطريق؛ كما فعلوا مرة أخرى في هذه المناسبة، مما جعلهم مرشحين بقوة للتأهل إلى دور الـ16.

وقال أنشيلوتي: «لقد أثبتنا أن الأمور ممكنة إذا قدمنا التضحيات... عندما يُظهر الجميع مستوى جيداً من التضحية، فإن مستوى الفريق يظهر للجميع. هذه هي الطريق الصحيحة».


مقالات ذات صلة

مدربة أرسنال تدعو لتحسين ملاعب السيدات بعد الخسارة من الريال

رياضة عالمية أثارت الأمطار تساؤلات حول اختيار الملعب (رويترز)

مدربة أرسنال تدعو لتحسين ملاعب السيدات بعد الخسارة من الريال

قالت رينيه سليجرز، مدربة أرسنال، إن تحسين الملاعب يجب أن يكون «الخطوة التالية لكرة القدم النسائية»، بعد هزيمة فريقها 2-0 أمام ريال مدريد، في ذهاب دور الثمانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية ديفيد ألابا مدافع ريال مدريد الإسباني يستعد للعودة لصفوف منتخب النمسا (رويترز)

ألابا يستعد للمشاركة مع منتخب النمسا بعد غياب 16 شهراً

يستعد ديفيد ألابا مدافع ريال مدريد الإسباني للعودة لصفوف منتخب النمسا بعد غياب 16 شهراً.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
رياضة عالمية حارس مرمى بلجيكا وريال مدريد تيبو كورتوا (أ.ف.ب)

كورتوا ينضم إلى منتخب بلجيكا وسط انتقادات لعودته

انضم حارس مرمى بلجيكا تيبو كورتوا إلى منتخب بلاده لأول مرة منذ 22 شهراً الاثنين، منهياً فترة ابتعاد اختياري.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
رياضة عالمية البديل فيران توريس يحتفل بالفوز الكبير لبرشلونة على اتليتكو مدريد (رويترز)

«لا ليغا»: ريمونتادا مثيرة تقود برشلونة لقهر أتلتيكو برباعية

حقق برشلونة فوزا دراميا على مضيفه أتلتيكو مدريد بنتيجة 4 / 2 في قمة منافسات الجولة 28 بالدوري الإسباني.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد (رويترز)

أنشيلوتي: ريال مدريد سيرفض اللعب دون 72 ساعة راحة على الأقل

صرح كارلو أنشيلوتي بأن ريال مدريد سيرفض اللعب إذا كانت لديه مباراة أخرى في الدوري الإسباني، مع فترة راحة أقل من 72 ساعة قبلها.

The Athletic (مدريد)

«دوري الأمم الأوروبية»: إسبانيا تفرض تعادلاً قاتلاً على هولندا «2 - 2»

إسبانيا خطفت التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع (إ.ب.أ)
إسبانيا خطفت التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع (إ.ب.أ)
TT

«دوري الأمم الأوروبية»: إسبانيا تفرض تعادلاً قاتلاً على هولندا «2 - 2»

إسبانيا خطفت التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع (إ.ب.أ)
إسبانيا خطفت التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع (إ.ب.أ)

فرض المنتخب الإسباني حامل اللقب تعادلاً قاتلاً على مضيفه الهولندي (2 - 2)، الخميس، في ذهاب الدور ربع النهائي من مسابقة دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم.

افتتحت إسبانيا بطلة دوري الأمم وكأس أوروبا التسجيل عبر نيكو ويليامز (9)، وردَّت هولندا وصيفة 2019 عبر كودي خاكبو (28) وتيغاني رايندرس (46)، قبل أن يخطف «لا روخا» التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع بفضل البديل ميكيل ميرينو، مستفيداً من النقص العددي في صفوف المضيف، إثر طرد مدافعه جوريل هاتو بالبطاقة الحمراء (81).

ويتواجه المنتخبان إياباً، الأحد، في فالنسيا، ويلعب الفائز من هذه المواجهة في نصف النهائي مع الفائز بين فرنسا حاملة لقب 2021، وكرواتيا وصيفة النسخة الأخيرة، علماً بأن الأخيرة وضعت قدماً في المربع الذهبي بفوزها (2 - 0) ذهاباً.

ولم يتعرض منتخب إسبانيا سوى لهزيمة يتيمة في سلسلة من 26 مباراة، فحقق الفوز في 22 مباراة وتعادل 3 مرات، وتُوّج خلالها بلقبه الأول في دوري الأمم الأوروبية عام 2023 وبلقبه الرابع في كأس أوروبا في صيف 2024.

وقرر المدرب لويس دي لا فوينتي إشراك الثلاثي الناري لامين جمال وألفارو موراتا ونيكو ويليامز في خط الهجوم.

في المقابل، زجّ رونالد كومان مدرب هولندا بالمهاجم ممفيس ديباي وحيداً في خط الهجوم يسانده خاكبو وييريمي فريمبونغ على الجناحين. وحمل مدافع ليفربول الإنجليزي فيرجيل فان دايك شارة القيادة.

في روتردام، بكّر «لا روخا» بافتتاح التسجيل بعد لعبة جماعية استهلّها جمال إلى بيدري الذي أوصل الكرة إلى ويليامز فروَّضها ببراعة وظهره للمرمى واستدار وسدد في الشباك (9).

ولم يتأخر ردّ هولندا بعد تسديدة مفاجئة من خاكبو بقدمه اليمنى من داخل المنطقة (28).

وهو الهدف الـ16 لمهاجم ليفربول الإنجليزي بقميص منتخب بلاده.

وتصدى الحارس الإسباني أوناي سيمون لتسديدة قوية من ديباي (36)، في حين تعرض «لا روخا» لضرب معنوية بإصابة مدافعه باو كوبارسي الذي غادر الملعب وحلّ بدلاً منه الشاب دين هوسن (19 عاماً) في أول تجربة دولية له بعدما سبق له المشاركة 7 مرات مع منتخب الشباب.

وكادت هولندا تنهي الشوط الأول متقدمة بعد عرضية من فريمبونغ قابلها تيجاني رايندرس بتسديدة «على الطاير» مرت فوق المرمى (42).

وصعق منتخب «الطواحين» ضيفه بهدف بعد دقيقة من انطلاق الشوط الثاني إثر توغل من فريمبونغ على الجهة اليمنى، ليمرر كرة خلفية إلى رايندرس سددها زاحفة خدعت الحارس سيمون.

وتألق سيمون مرة أخرى بتصديه لتسديدة زاحفة خطيرة من خاكبو (60).

وأجرى دي لا فوينتي ثلاثة تغييرات لتنشيط «لا روخا»؛ فأخرج بيدري وموراتا وجمال وأشرك داني أولمو وأيوسي بيريز وميكيل أويارسابال (66).

ردّ كومان بإخراج فرنكي دي يونغ وجاستين كلويفرت والزج بكل من تون كومباينرز وتشافي سيمونز تباعاً (74)، قبل أن يرفع الحكم البطاقة الحمراء بوجه المدافع غوريل هاتو إثر خطأ على روبان لو نورمان (81).

وسريعاً استفادت إسبانيا من النقص العددي في صفوف المنتخب البرتقالي لإدراك التعادل عبر البديل ميرينو بعدما استفاد لاعب وسط آرسنال الإنجليزي من خطأ في تصدي الحارس بارت فيربروخن للكرة بعد تسديدة من نيكو ويليامس، لترتد إليه ويضعها في المرمى الخالي (90+3).