كيف خلد رودري اسمه بين نجوم مانشستر سيتي؟

النجم الإسباني يعيد تعريف دور محور الارتكاز ليصبح اللاعب الأهم في الفريق

مستويات رودري ترتفع عاماً بعد عام منذ قدومه إلى ملعب الاتحاد (رويترز)
مستويات رودري ترتفع عاماً بعد عام منذ قدومه إلى ملعب الاتحاد (رويترز)
TT

كيف خلد رودري اسمه بين نجوم مانشستر سيتي؟

مستويات رودري ترتفع عاماً بعد عام منذ قدومه إلى ملعب الاتحاد (رويترز)
مستويات رودري ترتفع عاماً بعد عام منذ قدومه إلى ملعب الاتحاد (رويترز)

كان رودري صغيراً جداً في السن عندما أدرك أنه يرى كرة القدم بطريقة مختلفة تماماً عن الآخرين. لم يكن الأمر يتعلق فقط بقدرته على لعب التمريرات المتقنة داخل الملعب، ولكن أيضاً بالطريقة التي كان يرى بها المباراة من الخارج. فعندما كان يشاهد المباراة، كان يرى وبشكل غريزي المساحات الخالية وتحركات اللاعبين، ليدرك لاحقاً أن الجميع كانوا ببساطة يتابعون الكرة. وبالتالي، لم تعد كرة القدم بالنسبة له مجرد هواية، بل تحولت إلى لغز يسعى إلى فهمه، وفك شفرته.

وعندما كان يشق طريقه عبر فرق الشباب المختلفة في أتلتيكو مدريد، كان والده يحثه على التقدم للأمام بشكل أكبر، وتسجيل الأهداف، وتقديم التمريرات الحاسمة، ويطالبه بأن يكون أكثر أنانية، لكن رودري كان يعترض دائماً. لم يكن هذا يعني أنه كان غير أناني تماماً، لكنه كان يفهم معاني الحرية والمرح والمسؤولية والمعاملة بالمثل، بطريقة مختلفة عن معظم اللاعبين الآخرين.

وبعدما فاز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الرابعة على التوالي، يشيد الجميع بمحور الارتكاز الإسباني، وبالدور الهائل الذي يقوم به في العمل الجماعي للفريق، اللاعب الذي يلعب دائماً من أجل مصلحة الفريق، ويساعده على الاستحواذ على الكرة، ويعطي زملاءه حرية كبيرة في التقدم للأمام من أجل القيام بالمهام والأدوار الهجومية.

وهناك طريقة أخرى للنظر إلى ما يقدمه رودري لمانشستر سيتي، وهي: أنه رغم غيابه عن 4 مباريات بسبب الإيقاف، فإنه يمتلك أكبر عدد من التمريرات واللمسات مقارنة بأي لاعب آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2023 - 2024. وفي المتوسط هذا الموسم، يلمس رودري الكرة 122 مرة في المباراة الواحدة. وفي كل لمسة من هذه اللمسات، يمتعنا نجم خط الوسط الإسباني بقراراته الصائبة، ومهاراته الفنية الكبيرة كأنه يرسم لوحة فنية جميلة. وعلى عكس زملائه في الجزء الأمامي من الملعب، فإنه يتحكم بالكامل في وسط الملعب من جميع الزوايا، ويستخدم جميع الخيارات المتاحة.

وفي كثير من الأحيان عندما نتحدث عن الفردية في كرة القدم، فإننا نتحدث عن اللاعبين الذين يجيدون المراوغة، ويمتلكون مهارات كبيرة ويمتلكون قدراً كبيراً من الغرور والأنانية. لكن هل نعتقد حقاً أن المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، يخبر رودري بالمكان الذي يجب أن يلعب فيه هذه التمريرات الـ122؟ فمن حيث هذا العدد الهائل من التمريرات والفرص، هناك وجهة نظر مفادها أن رودري يتمتع بحرية فردية أكبر من أي لاعب آخر في كرة القدم الإنجليزية.

لقد قال رودري ذات مرة: «منذ سنوات مضت، كنت شخصاً يلعب بشكل جيد فقط»، وكان النجم الإسباني يعني بعبارة «اللعب بشكل جيد» التحكم في الكرة، لكن عندما عاد إلى أتلتيكو مدريد من فياريال في 2018، عمل رودري على تطوير طرق أخرى للعب بشكل جيد، وقال عن ذلك: «يتعين عليك أن تكون قوياً، ويجب أن تدافع بشكل جيد. يجب عليك أن تفعل الأمرين معاً». وبالتالي، وتحت قيادة المدير الفني الأرجنتيني دييغو سيميوني، تحول رودري في غضون عام واحد من أفضل ممرر في الدوري الإسباني الممتاز إلى أكثر لاعبي المسابقة قطعاً للكرات عن طريق «التاكلينغ».

وفي الصيف التالي، انتقل رودري إلى مانشستر سيتي، وفي أول موسمين تحت قيادة غوارديولا، كان التركيز - غالباً بالتنسيق مع مساعده خوانما ليلو – ينصب على الانضباط في التمركز داخل المستطيل الأخضر. وقال له غوارديولا: «أنت تتحرك كثيراً، لكن محور الارتكاز يجب أن يثبت بعض الشيء في مكانه، فلا تتحرك كثيراً». وعندما وصل مانشستر سيتي إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في عام 2021، استُبعد رودري من التشكيلة الأساسية.

كان هذا الجزء من رحلة رودري ــ وهي عملية صعبة ومنهكة في كثير من الأحيان عندما تعلم تدريجياً كيف يقلل تحركاته الفردية من أجل مصلحة الفريق كله ــ شرطاً أساسياً للجزء التالي الذي نجح فيه في تسخير قدراته وإمكاناته الفردية من أجل اللعب الجماعي. لقد حدث تحول هائل في مستوى رودري خلال الفترة من غيابه عن المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في بورتو عام 2021 إلى المباراة النهائية للبطولة في إسطنبول في عام 2023، وهو النهائي الذي تألق فيه اللاعب بشكل واضح، وأحرز فيه هدف الفوز من تسديدة بعيدة المدى.

فما الذي حدث في تلك الفترة؟ لقد بدأ رودري تدريجياً في إعادة تعريف دور ومهام لاعب محور الارتكاز بمزيد من الحرية والاستقلالية، ومن خلال الثقة بقدرته على قراءة المواقف المختلفة، والتحكم في رتم وإيقاع المباريات حسب الحاجة، واختيار اللحظات المناسبة للتقدم للأمام لتقديم الدعم اللازم لخط الهجوم. لا يزال غوارديولا يصف رودري بأنه لاعب خط وسط مدافع، لكن الحقيقة هي أن اللاعب الإسباني قد تحول إلى شيء مختلف تماماً.

رودري لعب دوراً بارزاً في فوز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي (رويترز)

وخلال الموسم الحالي، أسهم رودري في 17 هدفاً – 8 أهداف و9 تمريرات حاسمة – ليكون ضمن قائمة أفضل 20 لاعباً في الدوري الإنجليزي الممتاز في هذا الصدد، متقدماً على كيفن دي بروين، وبرناردو سيلفا، ومتأخراً بفارق بسيط عن برونو فرنانديز. ومن الملاحظ للجميع أن أرقامه الهجومية – التسديدات، واللمسات داخل منطقة الجزاء، والتمريرات في الثلث الأخير من الملعب، وخلق الفرص – ترتفع عاماً بعد عام منذ قدومه إلى ملعب الاتحاد.

لقد أصبح رودري - من خلال تسخير مهاراته الفردية من أجل مصلحة الفريق، واستخدام ثقته الكبيرة بنفسه لاتخاذ القرارات بشكل مناسب على أرض الملعب - لاعباً جماعياً وأكثر فاعلية بكثير مما كان عليه في السابق عندما كان يكتفي بالقيام بواجباته الدفاعية. يقول غوارديولا عن اللاعب الإسباني الدولي: «إنه قادر على فعل كل شيء، فلديه القدرة على التحكم في رتم وإيقاع المباراة، ويمتلك شخصية قوية تمكنه من قلب الأمور رأساً على عقب عندما تسوء الأوضاع، كما يمتلك الإمكانات التي تساعده على التقدم للأمام، والعودة إلى الخلف، والقدرة على تمرير الكرات القصيرة والطويلة بدقة متناهية».

لقد تحدث رودري عن كرة القدم بوصفها «لعبة فردية ولعبة جماعية»، وهو يعبر الآن عن هذه الازدواجية مثل أي لاعب آخر في كرة القدم العالمية: دور يهدف إلى خدمة الفريق في نهاية المطاف، رغم التمتع بدرجة عالية من الحرية الفردية. ربما يكون هذا اتجاهاً ناشئاً إلى حد ما بين لاعبي خط الوسط على مستوى النخبة، وهو اعتراف كبير بأن أفضل اللاعبين قادرون على التحكم في وتيرة المباريات من خلال الغريزة والحدس، وكذلك من خلال الأدوار والأنماط المحددة مسبقاً. وربما تشمل هذه الفئة من اللاعبين كلاً من ديكلان رايس، وأنطوان غريزمان، وفيدي فالفيردي، وغرانيت تشاكا، ووارن زائير إيمري. في النهاية، قد تشعر بالدهشة عندما تعلم أن رودري ليس لديه اهتمام كبير بأن يصبح مديراً فنياً بعد اعتزاله، وأنه يريد أن يصبح مديراً رياضياً، رغم أنه يمتلك كل الصفات التي تمكنه من أن يكون مديراً فنياً بارعاً!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

يوفنتوس يقوي وسطه بدوغلاس لويز لـ5 أعوام

رياضة عالمية دوغلاس لويز (أ.ف.ب)

يوفنتوس يقوي وسطه بدوغلاس لويز لـ5 أعوام

أعلن يوفنتوس المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الأحد ضم لاعب خط الوسط دوغلاس لويز من أستون فيلا الإنجليزي بعقد نهائي لمدة خمسة أعوام.

«الشرق الأوسط» (تورينو)
رياضة عالمية أوماري كيليمان (نادي تشيلسي الإنجليزي)

تشيلسي يعزّز هجومه بالشاب كيليمان بـ24 مليون دولار

أعلن تشيلسي، المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت، التعاقد مع المهاجم أوماري كيليمان لمدة 6 سنوات، قادماً من أستون فيلا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الصفقات الزائفة باتت مثار قلق لمسؤولي الدوري الإنجليزي الممتاز (أ.ف.ب)

البريميرليغ يحذر أنديته من «الصفقات الزائفة»: ستعاقَبون!

بعثت رابطة البريميرليغ خطاباً إلى أنديتها العشرين، وذلك لتذكيرها بأنها ستتعرض للعقوبات بسبب انتقالات اللاعبين الاحتيالية.

نواف العقيّل (الرياض )
رياضة عالمية كاتي زيليم (رويترز)

مانشستر يونايتد يعلن رحيل القائدة زيليم عن فريق السيدات

قال مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات لكرة القدم الخميس إن قائدة الفريق كاتي زيليم سترحل عن النادي في نهاية عقدها.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية لوسيا غارسيا خلال مباراة لمانشستر يونايتد (رويترز)

الإسبانية غارسيا ترحل عن مانشستر يونايتد نهاية الشهر

أكد مانشستر يونايتد رحيل اللاعبة لوسيا غارسيا عن النادي بعد انتهاء عقدها في نهاية الشهر الجاري وفقاً لـشبكة The Athletic.

ذا أتلتيك الرياضي (مانشستر)

«دورة ويمبلدون»: ألكاراس وسينر وغوف يتصدرون اليوم الافتتاحي

كارلوس ألكاراس خلال إستعدادته لبطولة ويمبلدون للتنس (إ.ب.أ)
كارلوس ألكاراس خلال إستعدادته لبطولة ويمبلدون للتنس (إ.ب.أ)
TT

«دورة ويمبلدون»: ألكاراس وسينر وغوف يتصدرون اليوم الافتتاحي

كارلوس ألكاراس خلال إستعدادته لبطولة ويمبلدون للتنس (إ.ب.أ)
كارلوس ألكاراس خلال إستعدادته لبطولة ويمبلدون للتنس (إ.ب.أ)

سيكون كارلوس ألكاراس أحد أبرز الأسماء التي تظهر في اليوم الافتتاحي لبطولة ويمبلدون للتنس، حيث يستهل اللاعب الإسباني رحلة دفاعه عن اللقب، بينما يأمل المصنف الأول عالميا، يانيك سينر أن يوجه رسالة لمنافسيه.

ووفقاً لوكالة رويترز, تغلب ألكاراس (21 عاما) على نوفاك ديوكوفيتش في نهائي البطولة العالم الماضي ليحقق ثاني ألقابه في البطولات الكبرى بعد أميركا المفتوحة 2022.

وحقق لقب بطولة فرنسا المفتوحة هذا الشهر.

وسيستهل منافسات الملعب الرئيسي أمام مارك لايال القادم من استونيا على أمل أن يقطع خطوة نحو الفوز باللقب ليصبح رابع لاعب في عصر الاحتراف يفوز بأربعة ألقاب في البطولات الأربع الكبرى في سن 21 أو أقل.

ويسعى لايال، المصنف 269 عالميا، الذي يصغر ألكاراس بأسبوع واحد، أن يصبح ثالث لاعب في التاريخ يهزم حامل اللقب في الدور الأول في ويمبلدون.

من جهته, قال ألكاراس للصحفيين "بالطبع أريد أن أضع اسمي على تلك القائمة القصيرة للاعبين الذين فازوا برولان غاروس وويمبلدون في نفس العام".

وسبق لرافائيل نادال وروجر فيدرر وديوكوفيتش الفوز بالبطولتين في عام واحد.

وأضاف "أعرف أنه سيكون أمرا صعبا جدا وتحديا كبيرا بالنسبة لي، لكنني أعتقد أنني مستعد لذلك".

في الجهة المقابلة, يواجه سينر، الفائز ببطولة أستراليا المفتوحة هذا العام والذي أطاح بديوكوفيتش من صدارة التصنيف، الألماني يانيك هانفمان الذي يتمتع بخبرة كبيرة.

وستعود البريطانية إيما رادوكانو للمشاركة في البطولة بعد غيابها عن النسخة الماضية بسبب الإصابة.

وتشارك رادوكانو، بطلة أميركا المفتوحة 2021، ببطاقة دعوة إذ لا تزال تشق طريق العودة في التصنيف.

وتلعب في مباراتها الافتتاحية على الملعب الرئيسي أمام الروسية إيكاترينا ألكسندروفا المصنفة 22 في البطولة.

وتختتم الأميركية كوكو غوف، التي تقدم موسما قويا، منافسات الملعب الرئيسي في اليوم الافتتاحي عندما تواجه المصنفة الثانية في البطولة مواطنتها كارولين دولهايد، بينما تلعب أرينا سبالينكا المصنفة الثالثة في البطولة والتي يراها كثيرون المرشحة للفوز باللقب، على الملعب رقم 1 أمام الأميركية إمينا بيكتاس.من جانبها, قالت غوف "أعتقد أن الفرص متساوية ويتعلق الأمر بمن يتمكن بتقدم أداء أفضل ذلك الأسبوع".

كما يلعب الروسي دانييل ميدفيديف أولا على الملعب رقم 1، بينما يختتم سينر منافسات اليوم الأول على ثاني أكبر ملاعب البطولة.