كلوب وغوارديولا يسدلان الستار على حقبة تاريخية لكرة القدم الإنجليزية

المديران الفنيان لليفربول ومانشستر سيتي ساعد كل منهما الآخر على تقديم أفضل ما لديه

رغم العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي فإن كلوب وغوارديولا لم يكرها بعضهما البعض(رويترز)
رغم العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي فإن كلوب وغوارديولا لم يكرها بعضهما البعض(رويترز)
TT

كلوب وغوارديولا يسدلان الستار على حقبة تاريخية لكرة القدم الإنجليزية

رغم العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي فإن كلوب وغوارديولا لم يكرها بعضهما البعض(رويترز)
رغم العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي فإن كلوب وغوارديولا لم يكرها بعضهما البعض(رويترز)

كانت مباراة ليفربول ومانشستر سيتي على ملعب آنفيلد، والتي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق، صراعاً بين التناقضات: يورغن كلوب بشخصيته المتفتحة وقبعة البيسبول التي يرتديها وطريقة 4 - 3 - 3 التي يعتمد عليها مع ليفربول المميز بزيه الأحمر التقليدي من جهة، وجوسيب غوارديولا بشخصيته العبقرية الانطوائية ولحيته المميزة وملابسه المصممة بعناية، وطريقة اللعب الفوضوية التي يعتمد عليها مع مانشستر سيتي المميز بزيه الأزرق السماوي من جهة أخرى. فعلى مدى السنوات الثماني الماضية، كانت هذه هي المواجهة التي رسمت ملامح كرة القدم الإنجليزية، وصعدت بها إلى آفاق جديدة وغير مألوفة.

والآن، جاءت النهاية. فعلى الرغم من العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي على مر السنين، فإن كلوب وغوارديولا لم يكره أحدهما الآخر، بل على العكس تماماً كان هناك دائماً احترام متبادل وإعجاب شديد من كل منهما بالآخر. وقال كلوب الأسبوع الماضي عن غوارديولا: «إنه المدير الفني المتميز في حياتي»، في حين قال غوارديولا عن كلوب: «إنه أفضل منافس واجهته في حياتي».

لم يكن من المفترض أن يكون الأمر بهذه الطريقة بالطبع. فعندما وصل غوارديولا إلى مانشستر سيتي في عام 2016، كان الجميع يتحدث آنذاك عن تجدد العداء بين غوارديولا والمدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي تولى قيادة مانشستر يونايتد في الصيف نفسه. وكان ليفربول قد أنهى الموسم السابق في المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يتولى كلوب المسؤولية خلفاً لبريندان رودجرز في أكتوبر (تشرين الأول).

وبالتالي، لم تكن هذه المنافسة الشرسة بين ليفربول ومانشستر سيتي موجودة من الأساس آنذاك. وبالنسبة لغوارديولا وكلوب ومورينيو وأنطونيو كونتي وغيرهم، كان بناء فريق قوي يتطلب بعض الوقت، وكانت المهمة الأولى هي التفوق على ليستر سيتي، الذي كان قد توّج للتو بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2015 - 2016.

ربما كان ينبغي لنا أن نتنبأ آنذاك بما سيحدث في المستقبل، بالنظر إلى الطريقة التي كانت عليها المنافسة الشرسة بين بايرن ميونيخ بقيادة غوارديولا وبوروسيا دورتموند بقيادة كلوب خلال المواسم الثلاثة التي قضياها معاً في الدوري الألماني الممتاز، وبالنظر إلى أن الفلسفة التدريبية لغوارديولا تقوم على الاستحواذ على الكرة، في حين يركز كلوب على استغلال المساحات داخل الملعب بأفضل طريقة ممكنة. لكن المنافسة بين مانشستر سيتي وليفربول لم تتشكل حقاً إلا خلال النصف الأول من عام 2018، عندما تعرض بطل الدوري مانشستر سيتي للخسارة بأربعة أهداف مقابل ثلاثة أمام ليفربول على ملعب آنفيلد في يناير (كانون الثاني)، قبل أن يخسر بثلاثية نظيفة في مباراة الذهاب للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.

رغم العداء الكبير بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي فإن كلوب وغوارديولا لم يكرها بعضهما البعض(رويترز)

بالنسبة لغوارديولا، فإن التصدي لهجمات ليفربول المرتدة السريعة، وإيقاف ذلك الثلاثي الهجومي الخطير، كان هو الهاجس الرئيسي الذي حدد الطريقة التي بنى بها فرقه اللاحقة. وقد قاده ذلك إلى إحياء الفكرة التي ابتكرها يوهان كرويف، وهي الدفع بالظهيرين إلى خط الوسط عندما يكون فريقه مستحوذاً على الكرة. لقد تطورت هذه الفكرة إلى ما هو أبعد من ذلك في وقت لاحق، وبلغت ذروتها بالدفع بجون ستونز ومانويل أكانجي في مركز يجمع بين اللعب كقلب دفاع ومحور ارتكاز خلال الموسم الماضي. وقال غوارديولا عن كلوب: «لقد ساعدتني الفرق التي يتولى تدريبها على أن أصبح مديراً فنياً أفضل. وهذا هو السبب وراء بقائي في هذا العمل حتى الآن. هناك بعض المديرين الفنيين الذين يتحدونك لكي تتقدم خطوة أخرى إلى الأمام».

أما بالنسبة لكلوب، فإن المعايير المذهلة التي وضعها مانشستر سيتي بقيادة غوارديولا أقنعته بأن ليفربول في حاجة إلى التطور بشكل أكبر وفي حاجة إلى إيجاد طرق مختلفة لاختراق دفاعات الفرق المنافسة إذا كان يريد حقاً المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. لذلك؛ كان هناك صراع شرس بين الفريقين، وكان هذا الصراع يصبح أكثر وضوحاً خلال المباريات التي تجمع الفريقين ضد بعضهما بعضاً. في بعض الأحيان، كان أحد الفريقين يقضي على خطورة الفريق الآخر تماماً؛ وفي أوقات أخرى كان خوفهما من بعضهما بعضاً يجعلهما يلعبان بطريقة تكتيكية غريبة، وخير مثال على ذلك ما فعله غوارديولا عندما دفع بجاك غريليش في مركز المهاجم الوهمي – وهو المركز الذي لم يلعب به أبدًا من قبل مع مانشستر سيتي – في المباراة التي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق على ملعب آنفيلد في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. ولا ننسَ أيضاً عندما اعتمد غوارديولا على جواو كانسيلو وفيل فودين في مركز الظهير المتقدم بعد عام، وهو القرار الذي جاء بنتيجة عكسية وأدى لخسارة مانشستر سيتي بهدف دون رد. وفي أبريل (نيسان) الماضي، شنّ كلوب هجوماً شاملاً على مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد مستغلاً افتقاد سيتي لخدمات مهاجمه النرويجي العملاق إرلينغ هالاند، لكن الأمر جاء بنتيجة عكسية أيضاً بالنسبة لكلوب وخسر ليفربول بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد بعد أن فقد السيطرة تماماً على خط الوسط.

وبغض النظر تماماً عن النجاح الكبير الذي حققه كل من غوارديولا وكلوب – تحقيق أعلى أربع عدد من النقاط في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، والظهور في خمس من آخر ست مباريات نهائية لدوري أبطال أوروبا، وتحويل المنافسة بين الستة الكبار إلى منافسة حصرية بينهما – فإن الأمر الأكثر بروزاً في هذا العصر هو الطريقة التي كرسا بها المبادئ التي لم تكن موجودة قبل وصولهما إلى إنجلترا – أو كانت في أفضل الأحوال محل نزاغ.

وبفضل غوارديولا وكلوب، أصبح الجميع الآن يمارسون الضغط العالي على المنافسين، وأصبح الجميع الآن يدركون أن أفضل وقت لاستعادة الكرة هو عندما تفقدها للتو، بل ووصل الأمر لدرجة أن فرق الهواة أصبحت تعتمد الآن على حارس المرمى لتمرير الكرة وبناء الهجمات من الخلف للأمام. وكانت النتيجة تجانساً كبيراً في اللعب، وتطويراً هائلاً لثقافة كرة القدم. لكن ليس خطأ كلوب وغوارديولا أنهما كانا جيدين للدرجة التي جعلت الجميع يشعر بالحاجة إلى تقليدهما.

لقد جعلا السنوات الثماني الماضية تبدو حقاً وكأنها عصر ذهبي لكرة القدم الإنجليزية. ومثلما هيمن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على الدوري الإسباني الممتاز خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فقد هيمن غوارديولا وكلوب على الدوري الإنجليزي الممتاز، وكانا مثل الضوء الساطع الذي يجعل كل شيء من حوله يبدو عديم الأهمية.

لقد أصبح الدوري الإنجليزي الممتاز هو المكان الذي يتعين على المديرين الفنيين العمل به لإثبات أنهم جيدون. ووافق مديرون فنيون عظماء على تولي مناصب أقل من مكانتهم في عالم التدريب في محاولة يائسة للتشبث بهذا العالم - كارلو أنشيلوتي مع إيفرتون، ومانويل بيليغريني مع وستهام، ومورينيو وكونتي مع توتنهام. فهل سيظل هذا هو الحال بعد خمس سنوات، وبعد رحيل غوارديولا، وبعد إعادة بناء ليفربول، وبعد الدعاوى القضائية وعمليات إعادة التنظيم؟

سيواصل غوارديولا عمله مع مانشستر سيتي في الوقت الراهن، لكنه أيضاً أقرب إلى النهاية منه إلى البداية. ربما سيلتقي هذان المديران الفنيان مرة أخرى، إما في كأس الاتحاد الإنجليزي أو في دوري آخر، أو ربما حتى في كرة القدم الدولية على مستوى المنتخبات ذات يوم. لكن بمجرد إطلاق صافرة النهاية لمباراة ليفربول ومانشستر سيتي في الجولة الثامنة والعشرين من المسابقة، أصبح كل هذا مجرد ذكرى، فقد أُسدل الستار، ليس فقط على مسيرة مدير فني أو منافسة بين فريقين، بل على ما يبدو وكأنه حقبة كاملة من كرة القدم الإنجليزية!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

رياضة عالمية أموريم عمل على توجيه لاعبي يونايتد أكثر من مرة خلال المباراة ضد إيبسويتش لكن الأخطاء تكررت (رويترز)

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

أصبح أموريم ثاني مدير فني بتاريخ الدوري الإنجليزي يسجل فريقه هدفاً خلال أول دقيقتين لكنه لم يفلح في الخروج فائزاً

رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية النتائج المالية شهدت انخفاض إجمالي إيرادات يونايتد إلى 143.1 مليون جنيه إسترليني (رويترز)

مانشستر يونايتد يحقق نحو 11 مليون دولار في «الربع الأول من 2025»

حقق مانشستر يونايتد أرباحاً خلال الربع الأول من «موسم 2024 - 2025»، رغم إنفاق 8.6 مليون جنيه إسترليني (10.8 مليون دولار) تكاليفَ استثنائية.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أندريه أونانا (رويترز)

أونانا حارس يونايتد يفوز بجائزة إنسانية لعمله الخيري في الكاميرون

فاز أندريه أونانا حارس مرمى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بجائزة الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) لإسهاماته الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية سجل صلاح 29 % من إجمالي أهداف ليفربول هذا الموسم (أ.ف.ب)

محمد صلاح... الأرقام تؤكد أنه يستحق عقداً جديداً مع ليفربول

لطالما كانت مجموعة فينواي الرياضية تتمحور حول الأرقام.

The Athletic (لندن)

«أبطال أوروبا»: ليفاندوفسكي على بعد هدف من النادي المئوي

روبرت ليفاندوفسكي يستعد لدخول نادي المائة في دوري الأبطال (إ.ب.أ)
روبرت ليفاندوفسكي يستعد لدخول نادي المائة في دوري الأبطال (إ.ب.أ)
TT

«أبطال أوروبا»: ليفاندوفسكي على بعد هدف من النادي المئوي

روبرت ليفاندوفسكي يستعد لدخول نادي المائة في دوري الأبطال (إ.ب.أ)
روبرت ليفاندوفسكي يستعد لدخول نادي المائة في دوري الأبطال (إ.ب.أ)

بات روبرت ليفاندوفسكي على بعد هدف من الدخول للنادي المئوي الذي يضم اللاعبين الذين سجّلوا 100 هدف في دوري أبطال أوروبا. اللاعب البولندي لديه حالياً 99 هدفاً في هذه البطولة بعد ثنائيته التي سجّلها ضد ريد ستار في الجولة السابقة. وفي هذه الحالة، وعلى عكس آخرين تسابقوا في الوصول إلى هذا الرقم، يمكن القول إن المهاجم الكاتالوني أصبح بالفعل يجلس على المائدة نفسها مع ميسي وكريستيانو رونالدو.

هذان اللاعبان هما الوحيدان اللذان تجاوزا مائة هدف في تاريخ دوري أبطال أوروبا. البرتغالي هو الأول برصيد 140 هدفاً، يليه الأرجنتيني برصيد 129 هدفاً. وهذان رقمان مذهلان حقاً.

وذكرت صحيفة «ماركا» الإسبانية أنه من الصعب جداً على ليفاندوفسكي أن يتفوق عليهما حتى وإن استمرّ في اللعب. للتفوق على البرتغالي، يجب عليه أن يواصل اللعب في هذه البطولة لمدة 3 سنوات على الأقل بمعدل تهديفي مرتفع جداً. حالياً، سجّل ليفاندوفسكي 5 أهداف في 4 مباريات، بمعدل ممتاز قدره 1.25 هدف في المباراة. ومع ذلك، يبدو من شبه المستحيل أن يصل إلى الرقمين القياسيَّين لهذين اللاعبين.

وأضافت أن ليفاندوفسكي في حالة فنية ممتازة حالياً، مع هذه الأهداف الخمسة، يعد واحداً من الأربعة الأوائل في قائمة الهدافين في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، إلى جانب هاري كين، ورافينيا، وفيكتور جيوكيريس.

وفي البطولة المحلية، يواصل ليفاندوفسكي أيضاً أداءه الممتاز برصيد 15 هدفاً، متفوقاً أيضاً على المعدل المعتاد لهدف في المباراة. في نهاية الأسبوع الماضي، سجّل أحد الهدفين لبرشلونة في زيارته إلى ملعب «بالايدوس».

هذه الليلة، أمامه فرصة لتسجيل رقم جديد مهم في مسيرته؛ وهو الوصول إلى 100 هدف في هذه البطولة التي دافع فيها سابقاً عن قميصَي بوروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ، وفي الوقت الحالي برشلونة.