لماذا علّم غوارديولا إيرلينغ هالاند درساً في لغة الجسد؟

المدير الفني لمانشستر سيتي كشف عن فهمه لطبيعة البشر وأدائهم من خلال تطوير سلوكيات المهاجم النرويجي الشاب

غوارديولا ونصائح لهالاند بالتحكم في لغة جسده (أ.ب)
غوارديولا ونصائح لهالاند بالتحكم في لغة جسده (أ.ب)
TT

لماذا علّم غوارديولا إيرلينغ هالاند درساً في لغة الجسد؟

غوارديولا ونصائح لهالاند بالتحكم في لغة جسده (أ.ب)
غوارديولا ونصائح لهالاند بالتحكم في لغة جسده (أ.ب)

«لغة الجسد هي كل شيء في الحياة... فإذا لم تكن إيجابياً في تفكيرك ولا يمكنك قبول إمكانية ارتكاب الأخطاء، وكيف تتفاعل مع ذلك، وكيف يمكنك المساعدة عندما يرتكب زميلك في الفريق خطأ، فيجب أن تدرك أن مثل هذه الأمور بعيدة كل البعد عن الخطط الفنية والتكتيكية. هذا هو كل شيء في الحياة»... كانت هذه هي التصريحات التي أدلى بها الإسباني جوسيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي، بشأن مهاجم فريقه الشاب إيرلينغ هالاند، التي تكشف عن مدى تعقيد المهارات القيادية للمدرب وفهمه للطبيعة البشرية. هذه هي الطريقة التي يعمل من خلالها المدير الفني الإسباني على بناء فلسفته، والاستثمار على المدى الطويل طوال الوقت، حتى أثناء محاولته تحقيق الفوز في المباريات على المدى القصير. وهذه هي أيضاً الصفات التي تجعله لا يزال مختلفاً عن معظم القادة الفنيين الآخرين، سواء في عالم الرياضة أو خارجه، فالأشياء التي قد يراها الآخرون «صغيرة» هي في الحقيقة «أشياء كبيرة» بالنسبة لغوارديولا، الذي يعمل بمهارة فائقة مع أدوات الأداء البشري الأكثر أهمية في حياتنا الشخصية والمهنية، وأعني بذلك طريقة التفكير والسلوكيات.

في حياتنا، سواء في مرحلة الطفولة أو البلوغ، نادراً ما نخصص وقتاً لتطوير طريقة تفكيرنا وسلوكياتنا. لكن هذه الأمور بالنسبة لغوارديولا تأتي في مقدمة أولوياته. إننا في كثير من الأحيان لا نلاحظ حتى كيف نفكر ونتصرف، لكن المدرب الإسباني يركز على مثل هذه الأمور باستمرار. وغالباً ما نشعر بعدم الارتياح عند مناقشة الطريقة التي نفكر ونتصرف بها، لكن بالنسبة لغوارديولا فإنه من الطبيعي تماماً أن تتحدث عن ذلك. ويعود السبب في ذلك إلى أن المدير الفني الإسباني يرى أن عدم التركيز على مثل هذه الأشياء سيكون مضراً جداً بالأداء. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الأمر يتجاوز مجرد التأثير على الأداء داخل الملعب، لأنه يعد المفتاح الرئيسي للتطور والازدهار داخل الملعب وخارجه.

لا يريد غوارديولا أن يُظهر هالاند إحباطه على أرض الملعب من خلال تعبيرات وجهه وحركاته، لكنه يقول عن ذلك: «يتعين عليه أن يتحلى بالإيجابية ويدرك أن إحراز الأهداف سيأتي لا محالة». في البداية، يبدو أن هناك تناقضاً بين غوارديولا المفعم بالحيوية، الذي نراه يقود فريقه وهو يقف بجوار خط التماس، وبين هذه الفلسفة التي تؤمن بألا يلوم الشخص نفسه وبأن «الأهداف ستتحقق لا محالة». لكن سيكون من الخطأ تفسير هذه الكلمات على أنها سلبية - فهي في الحقيقة تشير إلى أنه يمكن لعقولنا أن تعمل بشكل أفضل، وبالتالي فهي تصريحات تتحلى بالذكاء وتركز على الأداء. ويسلط غوارديولا الضوء على ضرورة ملاحظة وفهم الطريقة التي تعمل بها عقولنا وأجسادنا البشرية من أجل تحسين طريقة تفكيرنا وسلوكياتنا في اللحظة التالية.

فعندما يهاجم اللاعبون أنفسهم بعد استقبال فريقهم لهدف، فإنهم يضرون بشكل مباشر بقدرتهم على اللعب بشكل جيد مع استئناف مجريات اللقاء مرة أخرى. وهذا هو ما يمكن أن يراه غوارديولا عندما يشعر هالاند بالإحباط. إنه يتحدى النظرية التي ترى أن النقد الذاتي يعد جزءاً مهماً من الوصول إلى معايير أعلى. لكن كما تُظهر لنا الآن مختلف فروع علم الأعصاب، فمن المفيد للغاية أن يتقبل المرء ارتكابه للأخطاء وأن يعترف بعيوبه، ويركز على ما يمكنه القيام به بعد ذلك.

عندما كنت أراقب أو أعمل في بيئات كرة القدم، أذهلني التركيز الشديد على طرق اللعب والخطط الفنية والتكتيكية. لقد كانت هناك مبالغة شديدة في تحليل الخطط التكتيكية والتقنية، لكن نادراً ما كان هناك تركيز على التفكير فيما يدور في عقول وأذهان اللاعبين عند عرض أي مقطع فيديو من المباريات. وكانت خطط اللعب تركز على الأمور الخططية والفنية، لكنها لم تتطرق إلى المناقشات حول ما يريد اللاعبون القيام به على أرض الملعب، وكيف يريدون أن يتفاعلوا مع ما يحدث، وكيف يريدون أن يكون رد فعلهم على فترات التألق وفترات التراجع التي لا مفر منها خلال المباراة المقبلة.

ويركز تحليل كرة القدم عبر القنوات التلفزيونية المختلفة على اللحظات التي يتم فيها إحراز الأهداف، والتي يُنظر إليها على أنها حاسمة لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنتيجة النهائية للمباراة. لكن هذا فخ في حقيقة الأمر! أما غوارديولا فيبحث في مكان آخر عن اللحظات الحاسمة والمحورية - الحالة المزاجية للاعبين على مقاعد البدلاء، أو كيف تكون ردة فعل اللاعبين بعد استقبال هدف، وكيف يحافظ اللاعبون على هدوئهم وتوازنهم على أرض الملعب أو على مقاعد البدلاء، وكيف يدعمون بعضهم بعضاً. هذه هي اللحظات الأساسية التي تؤثر على اللاعبين خلال المباراة، حتى لو لم تكن هذه هي الأشياء التي تلتقطها الكاميرات.

إن جاذبية كرة القدم تكمن في عدم القدرة على التنبؤ بالنتيجة، فمن الممكن أن يتم تسجيل هدف ضد مجريات اللعب تماماً، ومن الممكن أن يصادف الفريق الأفضل سوء حظ غريب وترتطم أكثر من تسديدة له بالقائمين والعارضة ويفشل في التسجيل. إننا جميعاً نعلم هذا، ونعلم أيضاً أن مثل هذه الأمور تحدث كذلك بعيداً عن كرة القدم. ومع ذلك، قد يكون من الصعب أن نُبعد تفكيرنا عن التركيز على الأهداف التي يسجلها أو يستقبلها الفريق. لكن غوارديولا لا ينجر إلى مثل هذه الطريقة في التفكير، بل ويعطي الأولوية لمساعدة لاعبيه على تجنب التفكير بهذه الطريقة أيضاً.

هالاند لا يستطيع إخفاء مشاعره عند إهدار الفرص (أ.ف.ب)

وهناك مجموعة متزايدة من الأبحاث حول كيفية التواصل بين الدماغ والجسم. واكتشف الفلاسفة هذا الأمر لأول مرة منذ قرون مضت. والآن، ومع التقدم الكبير في علم الأعصاب الحديث، أصبحنا نفهم أكثر عن كيفية تأثير الطريقة التي نتحرك بها على الطريقة التي نفكر ونشعر بها. وتبدد النظرية الجسدية الاعتقاد الخاطئ بأن دماغنا يفكر بطريقة منفصلة عن أجسادنا، وتشرح كيف يمكن لتغيير وضعية جسدنا أن تغير ما نشعر به وكيف نتصرف بعد ذلك.

ويشرح لاعب التنس الشهير نوفاك ديوكوفيتش كيف أن قوته الذهنية ليست فطرية، لكنها شيء يعمل على تطويره باستمرار، وكيف أن ثباته الذهني لا يعني أن انتباهه لا يُشتت أبداً، لكنه يلاحظ عوامل التشتيت عندما تأتي، ويتقبلها كبشر، ثم يعيد انتباهه بسرعة إلى اللحظة التالية في المباراة.

في كثير من الأحيان، أسمع المديرين الفنيين يطلبون من لاعبيهم أن يحافظوا على تركيزهم، وهو الأمر الذي يجعل هؤلاء اللاعبين يشعرون بأنهم في حالة سيئة عندما يفقدون التركيز، بدلاً من قبول حقيقة أن هذه هي الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا، ويعملون على استعادة تركيزهم بسرعة.

هذا هو ما يقدم لنا وسيلة للتعرف على كيفية تغيير مسار الأمور أمامنا، سواء كان ذلك داخل ملعب لكرة القدم أو في مكتب. لكنني لا أعرف لماذا لم يعد هذا جزء من كيفية تعلمنا عن الرياضة في المدرسة، ولا جزء من معظم الدورات التدريبية. في الحقيقة، نادراً ما تركز دورات وبرامج تدريب الرياضيين على تطوير ممارسة اليقظة الذهنية التي تساعدنا على ملاحظة أفكارنا ومشاعرنا وكيفية ارتباطها بسلوكياتنا. لكن من الواضح أن هذا المجال يؤثر تأثيراً كبيراً على الأداء داخل الملعب. وآمل أن يشهد الإصدار القادم للعبة «فانتازي فوتبول» منح نقاط للطريقة التي يتصرف بها اللاعبون في الفريق على أرض الملعب عندما يرتكبون خطأ أو يستقبلون هدفاً.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

رياضة عالمية جانب من مواجهة أستون فيلا ومانشستر يونايتد ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز (أ.ف.ب)

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

حقق مانشستر يونايتد نتيجة جيدة إذا قورنت بمشواره خلال الأسابيع الماضية، بعودته من ملعب أستون فيلا بنقطة التعادل السلبي، الأحد، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (أ.ب)

قائد ليفربول: نريد المنافسة حتى اليوم الأخير للفوز بالبريمرليغ

يرغب فيرجيل فان دايك، قائد فريق ليفربول، في أن يواصل فريقه المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هذا الموسم، حتى المرحلة الأخيرة من عمر البطولة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية جيريمي دوكو (د.ب.أ)

دوكو: السيتي لا يحتاج إلى تسجيل المزيد من الأهداف في غياب رودري

أكد جيريمي دوكو، نجم فريق مانشستر سيتي، عدم وجود ضغوط على مهاجمي فريقه لتسجيل مزيد من الأهداف لتعويض غياب لاعب خط الوسط الإسباني رودري.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: مواجهة فولهام كانت صعبة

أثنى الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي على لاعب وسطه الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش الذي لعب دوراً محورياً في الفوز على فولهام 3 - 2، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ماتيو كوفاسيتش يحتفل بعد التسجيل في فولهام (د.ب.أ)

كوفاسيتش: الهدفان لطفلي الصغير... وأي فريق سيفتقد رودري

أشاد الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش، نجم وسط مانشستر سيتي، بتحسن شخصية فريقه خلال الفوز الصعب على فولهام 3-2، السبت، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ليفربول يمدد عقد مدافعه الشاب كوانساه

جاريل كوانساه مدافع ليفربول (رويترز)
جاريل كوانساه مدافع ليفربول (رويترز)
TT

ليفربول يمدد عقد مدافعه الشاب كوانساه

جاريل كوانساه مدافع ليفربول (رويترز)
جاريل كوانساه مدافع ليفربول (رويترز)

أعلن نادي ليفربول الإنجليزي، يوم الاثنين، تمديد عقد مدافعه جاريل كوانساه لمدة طويلة.

وسجّل كوانساه (21 عاماً) ظهوره الأول مع الفريق الأول لليفربول الموسم الماضي، ومنذ ذلك الحين خاض 33 مباراة على مستوى كافة المسابقات وشارك مرتين هذا الموسم تحت قيادة المدرب أرني سلوت.

وقال كوانساه للموقع الرسمي لليفربول، الاثنين، «لا يمكنني أن أكون أكثر سعادة في هذه اللحظة، أعتقد أن الطريقة التي يسلكها المدرب الجديد، وطريقته في التدريب كانت جزءا أساسياً من ذلك».

وأضاف: «أعتقد أنه هذا هو أفضل نادٍ في العالم بالنسبة لي فيما يتعلق بالتطور وأن أصبح لاعباً أفضل».

وأوضح المدافع الشاب: «أعتقد أن اللاعبين من حولي، الذين أتطلع للعمل معهم بشكل قوي والاستماع إليهم، أعتقد أنهم الأفضل في مراكزهم في الوقت الحالي، لذا مثلما قلت على الأرجح لا يوجد مكان أفضل للتواجد به بالنسبة لي».

وانضم كوانساه إلى القائمة الأولية التي أعلنها المدرب السابق لمنتخب إنجلترا غاريث ساوثغيت في يورو 2024 بألمانيا.

وانضم كوانساه إلى أكاديمية الناشئين لليفربول في سن الخامسة وتدرّج في صفوف النادي حتى وصل للفريق الأول.

وسجّل كوانساه ظهوره الأول مع الفريق الأول لليفربول، خلال المواجهة أمام نيوكاسل يونايتد في أغسطس (آب) 2023 حينما شارك من على مقاعد البدلاء كما شارك في فوز ليفربول على تشيلسي في نهائي كأس رابطة المحترفين الموسم الماضي.