يتميز بمظهره المختلف عن البقية؛ شعر منسدل في مؤخرة الرأس، ونظارة بإطار أسود عريض، بعد أن هشم اللاعبون نظارته ذات الإطار البني في أثناء فرحتهم الغامرة بالتأهل لدور الـ16، وعده كثيرون «أيقونة» بطولة كأس آسيا التدريبية، إنه الكرواتي بيتر سيغارت، مدرب منتخب طاجيكستان.
يحاول سيغارت بناء علاقة مثالية مع الجميع، سواء على صعيد السلك التدريبي، أو حتى في المجالات الأخرى الضالعة في عالم صناعة كرة القدم وأحداثها المثيرة، يبتسم لكل شخص يعرفه أو لا يعرفه، يحتفل عند الفوز كطفل صغير.
قادنا واجبنا الإعلامي لحضور المؤتمر الصحافي الذي يسبق مواجهة الإمارات في دور الـ16، بعد مشاهدة فرحته الهيستيرية أمام لبنان.
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحاً، بدأ الصحافيون يأخذون أماكنهم في انتظار المدرب، كُسر الصمت وكانت لحظة دخول سيغارت أشبه بدخول فرقة ترفيهية تسعى لرسم البسمة على جميع الحاضرين، أخذ يصافح هذا ويسأل عن أحوال ذاك، ثم مد يده لي ولبقية الصحافيين الذين لا يعرفهم جيداً كما بدا من نظراته الترحيبية، انتقل إلى المصورين ثم العاملين في القاعة، واتجه إلى المترجمين في غرفة الترجمة الفورية.
بعد أن صافح الجميع، وبدأت القاعة في حالة مفعمة من الحيوية والروح التي أطلقها سيغارت، تحدث وقال سعيد برؤية المزيد من الأشخاص الجدد هُنا، أتمنى أن يتضاعف العدد كل مرة.
بعد مواجهة الإمارات، وجهت له «الشرق الأوسط» سؤالاً بعد أن قدمت التهنئة له بالخروج سليماً دون أن تتعرض نظارته للكسر أو التلف، عن سر هذه الروح التي يرسمها مع الجميع عن هذه الكاريزما التي يمتلكها، ولماذا يقوم بذلك. ابتسم وقال: «أنا ابن بيئة فقيرة، لم أنسَ طفولتي وكيف كانت صعبة، أمضيت 27 عاماً وأنا أقوم بهذا الأمر، أصافح الجميع، وأحترم الكل، ربما اليوم أنت لاحظت ذلك، ولكن في السابق لم يلحظ أحد الأمر، ربما لكوننا لم نشارك في بطولة بمثل هذا الحجم».
ومضى سيغارت بحديث غلب عليه الجانب الإنساني أكثر، وقال: «تعلمت أن أحترم الجميع، وكان ذلك أمراً يرافقني في كل تجاربي السابقة، أعتقد أن هذا نابع من أمانتي، وهذا الشيء الأهم بالنسبة لي.
وكان بمعيته اللاعب زيرو جيباروف الذي قال عنه: مدربنا مليء بالإيجابية، ولكنه شخص لطيف جداً، وهو يعرف متى يكون لطيفاً وودوداً، ومتى يكون صارماً.
لا يتجاهل سيغارت الجانب الإنساني في كثير من أحاديثه، يتعامل بلطف مع الجميع، يطلب من المنسقين الإعلاميين في المؤتمرات الصحافية عدم تجاهل أي طلب للأسئلة، ودائماً ما يضعهم في حرج «الالتزام بالوقت»، ولكنه يرى أن استقبال سؤال الصحافي هو احترام له ولعمله، كان آخرها في المؤتمر الصحافي الذي يسبق مواجهة الأردن عندما طلب من المنسق الإعلامي استقبال سؤال صحافية أسترالية، ثم أخذ يعتذر للمنسق عما فعله وسط ابتسامات متبادلة بين الطرفين.
سيغارت الذي يقترب من عامه الستين خاض تجارب تدريبية قد تكون مغمورة مثل منتخب جورجيا والمالديف وأفغانستان، يؤمن أن الأمر مختلف في التعامل مع كرة القدم في طاجيكستان، كثير من الأمور يبدو بحاجة للتطوير لكنه يحمل مشروعاً كبيراً، بحسب حديثه. حتماً سيكون ما فعله في كأس آسيا الحالية أمراً لا يمكن تجاوزه في تاريخ كرة القدم الطاجيكية، وإن بلغ دور نصف النهائي فسيكون الأمر بمثابة مُنجز كبير لمنتخب يشارك في البطولة القارية للمرة الأولى.