هل استحواذ راتكليف على حصة في يونايتد سيؤدي إلى تحسين الأوضاع؟

تعهد ضخ أموال لتجديد ملعب «أولد ترافورد»... والجمهور ينتظر تأثيراً مباشراً على فريق كرة القدم

راتكليف تعهد بتحديث البنية الأساسية المتهالكة في أولد ترافورد (أ.ب)
راتكليف تعهد بتحديث البنية الأساسية المتهالكة في أولد ترافورد (أ.ب)
TT

هل استحواذ راتكليف على حصة في يونايتد سيؤدي إلى تحسين الأوضاع؟

راتكليف تعهد بتحديث البنية الأساسية المتهالكة في أولد ترافورد (أ.ب)
راتكليف تعهد بتحديث البنية الأساسية المتهالكة في أولد ترافورد (أ.ب)

هل هذه هي بداية النهاية لعائلة غليزر الأميركية أم تعزيز لقبضتها على مانشستر يونايتد؟ هذا هو السؤال المهم الذي يثار حالياً في أعقاب استحواذ السير جيم راتكليف على 25 في المائة من أسهم النادي مقابل 1.3 مليار جنيه إسترليني، وقد تستغرق الإجابة عليه سنوات طويلة! في الوقت الحالي، تتمثل القضية الرئيسية التي يتم تناولها في إغلاق طلب «البيع الكامل الآن»، الذي كان قد تقدم به نشطاء من الجماهير خلال الـ13 شهراً السابقة، وبالتحديد منذ أن بدأت العائلة الأميركية ما وصفته بـ«عملية استكشاف البدائل الاستراتيجية».

فهل كان بيع النادي بالكامل شيئاً واقعياً في أي وقت من الأوقات؟ ربما يعتمد ذلك على ثقتكم في قدرة الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني على القيام بذلك. فمع انسحاب الملياردير القطري من سباق الاستحواذ على النادي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تم الكشف عن المزيد من التفاصيل حول خططه لشراء النادي، وظهرت الشكاوى من «التقييم الخيالي والغريب» للنادي ضمن ما أصبح اعترافاً بأن راتكليف قد «فاز» بالعملية.

وفي أعقاب ذلك، أشارت مصادر إلى أن استحواذ راتكليف على 25 في المائة من الأسهم ما هو إلا خطوة أولى نحو السيطرة الشاملة على مانشستر يونايتد، على أن يتم تحديد السعر النهائي بناء على النجاح الذي ستحققه هذه الشراكة خلال السنوات المقبلة.

وصول الملياردير راتكليف إلى مانشستر يونايتد جاء بمثابة الأمل للجماهير في تحسن حال الفريق (أ.ب)

لن يغفر بعض مشجعي مانشستر يونايتد أبداً لراتكليف تحالفه مع عائلة غليزر، لكن مرة أخرى تنتصر الواقعية. وإذا لم تسر الأمور بهذه الطريقة، فكيف كان من المفترض أن يتم التوصل إلى اتفاق؟ من المعروف عن راتكليف في عالم الأعمال أنه شخص ينجز الأمور، وبأنه مفاوض حازم ومبتكر، ومن الممكن أن تتمتع حصة الأقلية التي حصل عليها بنفوذ كبير، بالشكل الذي قد يتذكره جمهور مانشستر يونايتد من أيام الشركة العامة للنادي قبل عقدين من الزمن. لقد جاءت الصفقة بعيدة كل البعد عن عملية الاستحواذ المتوقعة في البداية مقابل مليارات الدولارات، لكن المشجعين سيرحبون بمساهمة راتكليف وهم يتطلعون لاستعادة ناديهم لموقعه عند قمة كرة القدم الإنجليزية والأوروبية.

من المؤكد أن راتكليف لن يضخ الأموال بلا حدود مثل الشيخ منصور بن زايد في سيتي أو رومان أبراموفيتش أيام وجوده في تشيلسي، لكن مانشستر يونايتد كان دائماً يتفوق من الناحية التجارية حتى بدأت الأوضاع الاقتصادية الحالية والتضخم المرتفع وزيادة أسعار الفائدة في دفع مستويات ديونه إلى ما يقرب من مليار جنيه إسترليني. إن ما شبهه الرئيس التنفيذي السابق، إيد وودوارد، ذات مرة بـ«بيع الماس» لم يكن بحاجة مطلقاً إلى ملكية مرتبطة بدولة من النوع الذي ربما عفا عليه الزمن الآن، في ضوء القيود المالية المفروضة الآن على التحالف المالك لنيوكاسل يونايتد، بشكل أكثر صرامة بكثير مما كانت عليه الأمور عندما كان مانشستر سيتي يتفاخر بإنفاق الأموال ببذخ، وفي ضوء التقشف القطري الآن في باريس سان جيرمان.

إن نجاح راتكليف وفريقه في مؤسسة «إنيوس» في السيطرة على الأمور الرياضية داخل النادي يعني أنهم يتمتعون بشكل من أشكال السلطة التنفيذية. وإذا كانت عائلة غليزر مكروهة بين الجماهير لاستغلالها النادي لتحقيق أرباح مالية دون سداد الديون، التي تسبب فيها الراحل مالكولم في عام 2005، فإن الفشل الرياضي لمانشستر يونايتد كان يمثل الفشل الأبرز لفترة استحواذ تلك العائلة على النادي.

وسيستثمر راتكليف (71 عاماً) أيضاً 300 مليون دولار بهدف تحديث البنية الأساسية المتهالكة للنادي التي تدفع جماهير الفرق الزائرة، التي غالباً ما تغرقها المياه المتدفقة من خلال الثقوب الموجودة في السقف، للهتاف «أولد ترافورد يسقط».

ويعني استثمار راتكليف أنه تم تكليفه بمسؤولية إدارة الجانب الرياضي من العمل، وهو خبر سار للنادي الذي تعثر في أسوأ بداية له لموسم منذ عام 1962 ولم يفز بلقب الدوري منذ اعتزال المدرب أليكس فيرغسون عام 2013.

بالنسبة للنادي الذي لديه أكثر من 650 مليون مشجع على مستوى العالم ويمتلك رقماً قياسياً يتمثل في حصد 20 لقباً في الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن وصول راتكليف سيمنح المشجعين على الأقل بعض الأمل في أن عام 2024 قد يشهد بداية التحول الذي طال انتظاره.

إن موافقة عائلة غليزر على إنفاق 1.5 مليار جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد منذ رحيل السير أليكس فيرغسون، يتم استخدامها كوسيلة للتخفيف من حدة الأمور من قبل عدد متضائل من المدافعين عن العائلة الأميركية، لكن الحقيقة الواضحة للجميع هي أن النادي يعاني بشدة بسبب الافتقار إلى الرؤية والخبرة والتوجيه.

لقد كان من البديهي منذ فترة طويلة أن حتى أكثر العقول التجارية ذكاء يمكن أن تعاني من الارتباك عندما تجد نفسها في مجلس إدارة لكرة القدم. لقد كان مايك أشلي واللورد آلن شوغر رجلي أعمال ماهرين للغاية، ويحظيان بإعجاب شديد في مجال البيع بالتجزئة، لكنهما ارتكبا خطأً كبيراً عندما حاولا إدارة ناديين لكرة القدم، نيوكاسل وتوتنهام، بالطريقة نفسها، التي كانا يديران بها أعمالهما الأخرى. لقد ترك كل منهما عالم كرة القدم بعدما حققا أرباحاً، لكنهما لم يحققا نجاحاً كبيراً في هذا المجال، وهو ما يثبت أن جمع الأموال لا يمكن أن يكون أبداً طريقاً إلى الشعبية وحب الجماهير! لقد دخل كل منهما مجال كرة القدم دون خبرة، لكن راتكليف، الذي يعد أكثر ثراءً من آشلي وشوغر، لديه خبرات رياضية - حتى وإن لم يكن نجاحه على المستوى الرياضي بنفس نجاحه كرجل أعمال.

يقول النقاد إن فريق «إنيوس غريناديرس» المملوك لراتكليف لم يحقق النجاح نفسه، الذي حققه فريق «سكاي» الذي أعاد تسميته، وأن السير بن أينسلي لم يفز أبداً بكأس أميركا لسباقات القوارب تحت ملكية شركة «إنيوس»، لكن الشيء المؤكد هو أن راتكليف لديه خبرات في عالم كرة القدم مع إف سي لوزان في سويسرا، ونيس في فرنسا، بالإضافة إلى أن نيس الذي يحتل المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز، وهو ما يدعو للتفاؤل. هناك من لا يثقون في «المكاسب الهامشية» التي حققها المستشار الرئيسي السير ديف برايلسفورد، لكن قيام مجموعة «إنيوس» بإدارة الجانب الرياضي بينما تعتني عائلة غليزر بالجانب التجاري سيذكر الجماهير بالسنوات الأولى لعائلة غليزر عندما كان فيرغسون مدعوماً من قبل ديفيد جيل في فريق مانشستر يونايتد لكرة القدم، بينما كان وودوارد يدير الجانب التجاري. هناك محاولات لتكرار نجاحات تلك الحقبة، لكن هذا يبدو حلماً بعيد المنال.

وفي آخر مرة حاول فيها راتكليف الاستحواذ على أحد الأندية - كان ذلك مع نادي تشيلسي في عام 2022 - فإنه تحايل على عملية البيع لشركة «راين»، وهي المجموعة نفسها التي تعمل لصالح عائلة غليزر، لكنه انسحب بالسرعة نفسها تقريباً. والآن، ربما يتساءل عدد قليل من مشجعي تشيلسي عما كيف كان سيبدو عليه الحال لو استحوذ راتكليف على النادي بدلاً من الأميركي تود بوهلي؟

ومن داخل مانشستر يونايتد نفسه، وبينما كانت عملية تقديم العطاءات مستمرة، كان هناك موقف دفاعي تجاه الانتقادات التي يتعرض لها النادي، فقد تم الإعلان عن النجاحات التي حققها الفريق الموسم الماضي، رغم أنه يعاني بشدة خلال الموسم الحالي. إن الطريقة التي تعامل بها النادي مع ميسون غرينوود والاتهامات اللاحقة الموجهة - التي تم نفيها - ضد أنتوني، جعلت النادي في مرمى الانتقادات. وتعرض ريتشارد أرنولد، الرئيس التنفيذي الذي حاول اتباع سياسة الباب المفتوح أكثر من سلفه وودوارد، لانتقادات شديدة، ورحل حتى قبل وضع النظام الجديد رسمياً.

إن وصول راتكليف، المعروف بأنه ليس شخصاً سلبياً يكتفي بمشاهدة ما يحدث، بل ويقال إنه كان ينتقد العمليات التي يقوم بها النادي خلال الاجتماعات الاستكشافية الأولية - يجعل مستقبل المسؤولين التنفيذيين بالكامل في النادي محل شك. ويقال إنه يثق كثيراً في المدير الفني إريك تن هاغ، لكن ربما اهتزت هذه الثقة خلال الأسابيع الأخيرة بسبب النتائج السلبية التي حققها الفريق. ومن المرجح للغاية أن يكون جون مورتو، مدير كرة القدم غير البارز، الذي لا يقوم بعمل ملحوظ، ضمن قائمة الضحايا.

إن استحواذ راتكليف على حصة تبلغ 25 في المائة من أسهم النادي تثير العديد من هذه الأسئلة، بما في ذلك طبيعة الانقسامات بين الأشقاء في عائلة غليزر - من يريد أن يحصل على أمواله، ومن يرغب في البقاء؟ -، بالإضافة إلى الديون المرهقة الآن، وهيكل الأسهم المعقد، الذي ينقسم إلى «أسهم من الدرجة الأولى» و«أسهم من الدرجة الثانية»، والملعب القديم الذي يحتاج إلى التجديد بشكل عاجل! لا يمكن حتى لهذا الرجل العصامي (راتكليف) الذي تبلغ ثروته نحو 30 مليار جنيه إسترليني، علاج كل هذه المشكلات، لكن ربما يتمكن بأسلوبه الجديد من تحسين الأمور في مانشستر يونايتد. وتعلم جماهير يونايتد جيداً أن البديل الوحيد لذلك كان يتمثل في احتفاظ عائلة غليزر بالسيطرة الكاملة على النادي، وهو الشيء الذي لا تريده هذه الجماهير بالطبع!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

رياضة عالمية فلوريان فيرتز (أ.ب)

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

كانت هناك لحظة، قبل وقت قصير من تسجيل فلوريان فيرتز هدفه الأول بقميص ليفربول لخّصت حجم تطوره والثقة المتزايدة التي بات يتمتع بها في أجواء الدوري الإنجليزي.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم (رويترز)

انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

غالباً ما يُستشهد بعبارة روبن أموريم الشهيرة عن «البابا» ورفضه تغيير أسلوبه التكتيكي؛ لكن تلك العبارة تُنقل في كثير من الأحيان من دون الجزء الأهم.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية سلوت يوجه فيرتز نحو مزيد من الأهداف (رويترز)

سلوت: فيرتز سيسجل المزيد من الأهداف بعد هدفه في وولفرهامبتون

‭ ‬ قال أرنه سلوت مدرب ليفربول إن لاعبه فلوريان فيرتز بدأ في إثبات نفسه مع الفريق وسيواصل التحسن ​بعد أن سجل لاعب الوسط الألماني أول أهدافه مع حامل لقب الدوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية توماس فرانك (رويترز)

فرانك يثق في تغيير الأمور في توتنهام هوتسبير

يثق توماس فرانك مدرب توتنهام هوتسبير في أنه الرجل المناسب لقيادة الفريق للمضي قدماً، ​قائلاً إن تاريخه في تغيير البدايات السيئة يثبت أنه قادر على المساعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بالمر أثناء تبديله (رويترز)

بالمر «غاضب» من قرار مدرب تشيلسي باستبداله

بدا كول بالمر، نجم تشيلسي، محبطا بعد قرار المدرب إنزو ماريسكا باستبداله خلال مواجهة أستون فيلا، مساء السبت، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ميلان ينهي العام بانتصار كبير على فيرونا... ويتصدر مؤقتاً

أنهى ميلان عام 2025 بانتصار كبير على حساب ضيفه فيرونا 3-0 (أ.ب)
أنهى ميلان عام 2025 بانتصار كبير على حساب ضيفه فيرونا 3-0 (أ.ب)
TT

ميلان ينهي العام بانتصار كبير على فيرونا... ويتصدر مؤقتاً

أنهى ميلان عام 2025 بانتصار كبير على حساب ضيفه فيرونا 3-0 (أ.ب)
أنهى ميلان عام 2025 بانتصار كبير على حساب ضيفه فيرونا 3-0 (أ.ب)

أنهى ميلان عام 2025 بانتصار كبير على حساب ضيفه فيرونا 3 - 0 ضمن المرحلة الـ17 من الدوري الإيطالي لكرة القدم، قابضاً بذلك على صدارة الترتيب مؤقتاً بانتظار مباراة جاره وغريمه إنتر أمام مستضيفه أتالانتا في ختام مباريات الأحد.

ورفع فريق المدرب ماسيميليانو أليغري رصيده إلى 35 نقطة في المركز الأول بفارق نقطتين عن إنتر الثاني برصيد 33 نقطة، كما عاد إلى سكة الانتصارات بعد فترة من التذبذب تخللتها هزيمتان، وتعادل، وانتصار واحد فقط ضمن المسابقات كافة.

في المقابل، تلقّى فيرونا خسارة أولى بعد انتصارين توالياً في الدوري، فتجمّد بذلك رصيده عند 12 نقطة في المركز الـ18.

سجّل الأميركي كريستيان بوليسيك (45+1) والفرنسي كريستوفر نكونكو الذي افتتح باكورة أهدافه مع «روسونيري» (48 من ركلة جزاء و53).

في نهاية شوط أول للنسيان بين الفريقين، منح بوليسيك الأفضلية لأصحاب الأرض، بعدما تابع بيسراه من مسافة قريبة إلى داخل الشباك رأسية الفرنسي أدريان رابيو، إثر ركلة ركنية نفذها الكرواتي لوكا مودريتش من الجهة اليمنى (45+1).

الهدف هو العاشر للدولي الأميركي مع فريقه في 15 مباراة ضمن المسابقات كافة هذا الموسم.

وفي مطلع الشوط الثاني، ارتكب المدافع الدنماركي فيكتور نيلسون خطأ على نكونكو، فاحتسب الحكم مايكل فابري ركلة جزاء ترجمها المهاجم الفرنسي بنجاح، محرزاً بذلك هدفه الأول بقميص الفريق اللومباردي (48).

ولم يكد فيرونا يلتقط أنفاسه حتى سدّد مودريتش كرة بيسراه من على مشارف منطقة الجزاء، أنقذها الحارس لورنتسو مونتيبو بمساعدة القائم الأيسر، فتهيّأت أمام نكونكو الذي لم يجد صعوبة في إيداعها المرمى المشرّع أمامه (53).

وكرّس ميلان بهذا الانتصار عقدته لفيرونا، محققاً انتصاره الـ10 عليه في المواجهات الـ10 الأخيرة بينهما، والـ12 في آخر 14 مواجهة مقابل تعادلين ومن دون خسارة.

يُذكر أن آخر انتصار لفيرونا على ميلان يعود إلى المرحلة الـ17 من ذهاب دوري 2017 - 2018 بنتيجة 3 - 0 في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2018 في فيرونا.


لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)
TT

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)

كانت هناك لحظة، قبل وقت قصير من تسجيل فلوريان فيرتز هدفه الأول بقميص ليفربول، لخّصت بدقة حجم تطوره والثقة المتزايدة التي بات يتمتع بها في أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

فمع كرة طويلة أرسلها أليسون، وارتفعت في اتجاه الجهة اليسرى، كان الدولي الألماني تحت ضغط مباشر مع اندفاع مات دوهيرتي لإغلاق المساحة. لكن فيرتز تعامل مع الموقف بهدوء لافت؛ سيطر على الكرة من اللمسة الأولى، ثم استعرض مهارته بتحويلها بسلاسة من قدمه اليمنى إلى اليسرى، متجاوزاً قائد وولفرهامبتون قبل أن ينطلق بمحاذاة الخط الجانبي. مشهد أثار إعجاب مدرجات «أنفيلد» المكتظة التي عبّرت عن تقديرها بوضوح.

لم تكن عملية التأقلم سهلة بالنسبة لفيرتز منذ وصوله من باير ليفركوزن في صفقة بلغت قيمتها 116 مليون جنيه إسترليني في يونيو (حزيران). فقد احتاج اللاعب إلى وقت للتأقلم مع الإيقاع السريع والالتحامات البدنية القوية في كرة القدم الإنجليزية، ما دفع ليفربول إلى إخضاعه لبرنامج بدني خاص في صالة الألعاب الرياضية لمساعدته على زيادة قوته وتحمل شدة المنافسات.

سعر الصفقة الضخم، إلى جانب تفوق ليفربول على بايرن ميونيخ ومانشستر سيتي في سباق التعاقد معه، رفعا سقف التوقعات إلى مستويات عالية. وكان الصبر مطلوباً مع لاعب موهوب يبلغ 22 عاماً، يخوض تجربته الأولى خارج بلاده، ويحاول فرض نفسه في فريق ليفربول الذي لم يكن في أفضل حالاته تحت قيادة أرني سلوت.

ورغم تحسن إسهاماته الشاملة في المباريات ظل غياب الأهداف والتمريرات الحاسمة في الدوري الإنجليزي الممتاز مادة لانتقادات كثيرة. ولم يُخفِ مشجعو الفرق المنافسة شماتتهم، خصوصاً عندما قررت لجنة اعتماد الأهداف في الدوري هذا الشهر احتساب محاولته أمام سندرلاند هدفاً عكسياً على المدافع نوردي موكيلي.

لذلك لم يكن مفاجئاً حجم الفرح والارتياح الكبيرين، داخل الملعب وفي المدرجات، عندما سجل فيرتز الهدف الثاني لليفربول في الفوز 2-1، قبل نهاية الشوط الأول بقليل.

فبعد تحرك ذكي خلف الدفاع وتسلمه تمريرة هوغو إيكيتيكي، سدد فيرتز الكرة بنجاح في شباك جوزيه سا، قبل أن يرفع قبضته احتفالاً، ويضع يده على شعار النادي على قميصه، وسط تهنئة حارة من زملائه.

وقال فيرتز في تصريحات لـ«هيئة الإذاعة البريطانية»: «كان شعوراً رائعاً أن أسجل هدفي الأول منذ انضمامي إلى النادي. كنت آمل أن يراني هوغو، وأنا ممتن لأنه فعل ذلك ومنحني هذه الفرصة. أعلم أن هذا هو أصعب دوري في العالم، وكل ما عليَّ هو التأقلم مع القوة البدنية، ومع اللاعبين من حولي داخل الملعب. أشعر بأنني أتحسن في كل مباراة، ونبدأ إيجاد الإيقاع المناسب. المباريات الأخيرة كانت جيدة جداً، ونحن في تحسن واضح».

وكان فيرتز قد أنهى قبل ذلك بأسبوع انتظاره لأول تمريرة حاسمة في الدوري الإنجليزي، عندما هيأ الكرة لألكسندر إيساك ليسجل هدف التقدم أمام توتنهام هوتسبير.

وجاء هدفه أمام وولفرهامبتون، بعد 89 ثانية فقط من صناعة جيريمي فريمبونغ لهدف الافتتاح الذي سجله رايان غرافنبرخ، ليكون هدف الفوز في رابع انتصار متتالٍ لليفربول في جميع المسابقات، وهو ما رفع الفريق إلى المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأظهر هذا الهدف أن فيرتز بدأ يضيف الفاعلية الهجومية إلى أدائه، في مؤشر إيجابي للتحديات المقبلة.

وقال أرني سلوت بعد المباراة: «أنا متأكد تماماً أن الهدف كان بمثابة ارتياح كبير له. رأيت ذلك في طريقة احتفاله، وكذلك في رد فعل زملائه، الذين كانوا سعداء جداً من أجله. في كرة القدم، وربما عن حق، يتم الحكم علينا بالنتائج، وعلى اللاعبين بالأهداف والتمريرات الحاسمة، لكننا أحياناً ننسى بقية الأدوار داخل المباراة».

وصنع فيرتز 3 فرص محققة، وهو أعلى رقم في اللقاء، من بينها تمريرة بينية متقنة لإيكيتيكي في الدقائق الأولى انتهت بتسديدة ارتطمت بالقائم. ومن المتوقع أن يشكل هذا الثنائي عنصراً حاسماً في المرحلة المقبلة، في ظل غياب إيزاك حتى مارس (آذار) بسبب كسر في الساق.

كما نجح فيرتز في إتمام 7 مراوغات من أصل 9 محاولات، وفاز في 11 من أصل 15 التحاماً، إضافة إلى لمسه الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 9 مرات، وهو أعلى رقم في المباراة. وقد حظي بتصفيق حار من الجماهير عند استبداله ونزول تراي نيوني في الوقت بدل الضائع.

ويبدو أن اللعب في الجهة اليسرى ضمن خطة 4-2-3-1 التي يعتمدها سلوت يناسب فيرتز؛ حيث يمنحه حرية التحرك بين الخطوط والدخول إلى العمق. صحيح أن المنافس كان وولفرهامبتون الذي يعاني هذا الموسم، لكن هذا الأداء لم يكن استثناءً، بل امتداد لتصاعد تأثيره، مع تحسن دقته في التمرير، وتماسكه البدني، وتزايد ثقته بنفسه، مع تنامي الانسجام مع زملائه. وهو ما يفسر بوضوح سبب استعداد ليفربول لدفع هذا المبلغ الكبير من أجله.

وأضاف سلوت: «فلوريان قدم عدة مباريات جيدة معنا، لكنه يتحسن مع كل مباراة. لياقته في تصاعد مستمر، وكان يقترب أكثر فأكثر من هدفه الأول، لذلك لم يكن مفاجئاً أن يسجل. وهو أول مَن يدرك أن هدفاً واحداً لا يكفي، ونأمل أن يسجل الكثير من الأهداف مستقبلاً. أعجبني أداؤه في فترات طويلة من المباراة، وكان مميزاً في لحظات عديدة».

ورغم ذلك، لا تزال هناك مخاوف أوسع لدى سلوت، أبرزها ضعف إدارة المباريات، والقصور الواضح في الدفاع عن الكرات الثابتة. وكان سانتياغو بوينو آخر من استفاد من ذلك عندما قلّص الفارق من ركلة ركنية بعد بداية الشوط الثاني، فيما كاد وولفرهامبتون يخرج بنقطة في يوم عاطفي شهد تكريم ذكرى ديوغو جوتا.

لا يزال أمام سلوت الكثير من العمل مع دخول العام الجديد إذا ما أراد ليفربول مواصلة هذا التقدم في جدول الترتيب، لكن امتلاك لاعب مثل فيرتز، وهو يؤدي بهذا القدر من الثقة والحضور، يُمثل مكسباً بالغ الأهمية.


انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

روبن أموريم (رويترز)
روبن أموريم (رويترز)
TT

انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

روبن أموريم (رويترز)
روبن أموريم (رويترز)

غالباً ما يُستشهد بعبارة روبن أموريم الشهيرة عن «البابا» ورفضه تغيير أسلوبه التكتيكي، ولكن تلك العبارة تُنقل في كثير من الأحيان من دون الجزء الأهم الذي أعقبها، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

وقال مدرب مانشستر يونايتد في ذلك المؤتمر الصحافي خلال شهر سبتمبر (أيلول): «سيكون هناك تطور، ولكن علينا أن نخطو كل الخطوات الصحيحة». وأضاف: «عندما تفكر في تأثير أي قرار على الفريق، تدرك أن كل شيء مهم. أنا أعمل بطريقتي، وهناك من يعمل بطرق مختلفة، ولكن التغيير قادم. آمل أن أحصل على الوقت الكافي لإحداثه، ولكنه سيحدث».

جاءت كلمات أموريم منسجمة مع تصريحاته السابقة حول تكييف نظام اللعب بثلاثة مدافعين عندما يحين الوقت المناسب.

والواقع أن الخطط التكتيكية لا تبقى ثابتة طوال المباراة؛ بل تتغير حسب مراحل اللعب، سواء في البناء من الخلف، أو الضغط العالي، أو الدفاع المتأخر. فعلى سبيل المثال، اعتمد مانشستر يونايتد كثيراً على الضغط بطريقة 4-4-2 منذ وصول أموريم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومع ذلك، شهد شكل الفريق بعض التعديلات في المباراتين الأخيرتين. ففي مراحل البناء والتقدم بالكرة أمام بورنموث، تمركز أماد في موقع متقدم أكثر من ديوغو دالوت، ليبدو الشكل أقرب إلى 3-4-3 غير متوازن.

وفي الفوز 1-0 على نيوكاسل يونايتد، مساء الجمعة، ظهر يونايتد عند الاستحواذ على الكرة بأسلوب قريب من 4-2-3-1 غير المتكافئ، مع تحركات ماتيوس كونيا إلى العمق قادماً من الجهة اليسرى.

غير أن التغيير الأبرز كان في طريقة الدفاع بالكتلة المتوسطة قرب خط المنتصف. ففي التعادل 4-4 أمام بورنموث، دافع الفريق بأسلوب 4-4-2، ثم انتقل إلى 4-3-3 خارج أرضه أمام أستون فيلا الأسبوع الماضي، قبل أن يعتمد 4-2-3-1 أمام نيوكاسل في «أولد ترافورد»، في خروج واضح عن نظام الخط الخلفي الخماسي المعتاد. وقد قاد هذا التعديل مانشستر يونايتد إلى فوزه الأخير، رغم المعاناة التي واجهها في الشوط الثاني.

وبالنظر إلى طريقة عمل ثلاثي وسط نيوكاسل، بدا التحول إلى 4-2-3-1 عند الدفاع في الكتلة المتوسطة خياراً منطقياً. ففي الشوط الأول، تولى ماسون ماونت ومانويل أوغارتي وكاسيميرو رقابة لاعبي الوسط، مع تقدم ليساندرو مارتينيز أو آيدن هيفن، لمواجهة نيك فولتمايده عندما يتراجع رأس الحربة.

ونجح أوغارتي وكاسيميرو وماونت في الحد من تأثير برونو غيمارايش وجاكوب رامسي وساندرو تونالي، من خلال تتبع تحركاتهم ومعرفة التوقيت المناسب للضغط عليهم.

ففي إحدى اللقطات، كان نيوكاسل ينسق هجومه عبر الجهة اليمنى، مع اندفاع أوغارتي نحو غيمارايش، بينما تولى كاسيميرو مراقبة رامسي. وأجبر التفوق العددي لفابيان شار، لوك شو على التقدم، ما ترك مارتينيز لمواجهة جاكوب ميرفي.

ونتيجة لذلك، اضطر قلبا دفاع مانشستر يونايتد إلى التحرك أفقياً، ما خلق فراغاً في الخط الخلفي. حاول رامسي استغلال المساحة، ولكن كاسيميرو تبعه عن قرب وأجبره على توجيه كرة رأسية ضعيفة.

كذلك، كان كاسيميرو وأوغارتي يتراجعان باستمرار لدعم الخط الخلفي، عندما يصل نيوكاسل إلى مناطق العرضيات. ففي إحدى الحالات، لاحظ لاعب الوسط البرازيلي وجود فجوة في الخط الدفاعي ليونايتد عندما تحرك دالوت إلى الطرف، فتراجع لتغطية القائم القريب.

نظرياً، تكمن خطورة الرقابة الفردية لثلاثي وسط نيوكاسل في إمكانية سحب ماونت وأوغارتي وكاسيميرو من مواقعهم وخلق مساحات بين الخطوط. ولكن فريق أموريم أظهر وعياً جيداً بتبديل الرقابة والتقاط لاعبي نيوكاسل بين الخطوط باستمرار.

وفي مثال آخر، تقدم لاعبو وسط يونايتد لملاحقة غيمارايش ورامسي وتونالي، وبينما تحرك ميرفي إلى العمق لاستغلال الفراغ، فإن الجهة اليسرى لمانشستر يونايتد تعاملت مع الموقف بذكاء. تراجع لوك شو لمواجهة لويس مايلي، بينما أغلق مارتينيز وكونيا المساحة على ميرفي، مع محاولة شار تمرير الكرة إلى الجناح الأيمن.

واكتمل الحد من خطورة نيوكاسل الهجومية في الشوط الأول بفضل التزام الجناحين باتريك دورغو وكونيا بالواجبات الدفاعية؛ حيث كانا يتراجعان لدعم الظهيرين، وهو أمر ضروري نظراً للدور الكبير الذي يلعبه لاعبو خط ظهر نيوكاسل في الهجوم.

من الناحية الدفاعية، يُعد الشوط الأول أمام نيوكاسل من أفضل عروض مانشستر يونايتد تحت قيادة أموريم، غير أن الفريق احتاج إلى تكديس الأجساد أمام المرمى بعد الاستراحة لحسم النقاط الثلاث.

وقبيل مرور ساعة من اللعب، أجرى أموريم تبديلين بإشراك جوشوا زيركزي وليني يورو بدلاً من بنجامين شيشكو وكاسيميرو، مع الحفاظ على الخطة نفسها لكن بتغيير أدوار الأجنحة. تقدم دالوت إلى الجهة اليمنى، وانتقل دورغو إلى اليسار.

وكان الهدف من ذلك أن تسهم الخصائص الدفاعية لدالوت ودورغو في دعم يورو وشو أمام خطورة نيوكاسل المستمرة عبر الأطراف. وأوضح أموريم أنه استبدل كاسيميرو لأن كونيا قادر على توفير حلول في التحولات، ولأن جاك فليتشر وأوغارتي كانا أكثر جاهزية بدنية، إضافة إلى أن نيوكاسل «كان يقوم بكثير من الانطلاقات نحو منطقة الجزاء».

ولا يمكن تجاهل الإرهاق البدني والذهني عند الدفاع لفترات طويلة بكتلة منخفضة، وهو ما يفسر جزئياً تراجع الرقابة على لاعب ارتكاز نيوكاسل في الشوط الثاني. فلم يعد غيمارايش وقبله تونالي مراقبَين بالصرامة نفسها، ما سمح لتحركاتهما من دون كرة بتغذية الهجوم، ولا سيما في الدقائق العشر الأخيرة من الوقت الأصلي.

وفي إحدى اللقطات بمنتصف الشوط الثاني، جذب تمركز تونالي داخل منطقة الجزاء أوغارتي، ما أبعد لاعب الوسط الأوروغواياني عن أنتوني غوردون الذي شكَّل زيادة عددية في الجهة اليمنى. ومع انشغال فليتشر ودورغو وشو بالتفاهمات الجانبية لنيوكاسل، انطلق غوردون خلف الظهير الأيسر ليونايتد، من دون قدرة أوغارتي على إيقافه. ووجد ميرفي تمريرة لغوردون، ولكن تسديدته ذهبت خارج المرمى.

وفي لقطة أخرى، تسلل غيمارايش خلف كونيا وزيركزي ليستغل المساحة بين الخطوط. مجدداً، شغلت تحركات نيوكاسل الجانبية فليتشر ودورغو وشو، ما خلق فراغاً أكبر لغيمارايش. ومع تمريرة مايلي إلى اللاعب البرازيلي، اندفع هارفي بارنز خلف شو الذي تحرك في الاتجاه المعاكس لمواجهة غيمارايش، بينما كان أوغارتي مشغولاً بمراقبة جويلينتون، ما ترك زيادة عددية لغوردون في العمق. وتبادل غيمارايش وبارنز الكرة قبل أن تصل لغوردون الذي أهدر الفرصة بتسديدة خارج المرمى.

وقال أموريم بعد المباراة: «الشعور جيد، ولكن إذا قارنَّاها بمباريات أخرى، فقد عانينا اليوم كثيراً. في لحظات معينة وضعنا كل شيء على المحك، كنا نضع أجسادنا أمام المرمى وندافع عن كل عرضية. هذا إحساس جيد، ولكن إذا نظرت إلى المباراة، فستجد أننا في مباريات كثيرة كنا نسيطر على المنافس بشكل أفضل».

وتبقى الكلمة المفتاحية هنا هي «التحكم». فافتقاد مانشستر يونايتد للاستحواذ في الشوط الثاني أبقاه في حالة دفاعية استنزفت الجهدين البدني والذهني. صحيح أن الفريق يعاني من غيابات عديدة ومؤثرة، ولكن القدرة على إدارة المباريات عند التقدم في النتيجة لا تزال جانباً يعمل عليه أموريم.

وسواء لعب الفريق بثلاثة مدافعين، أو أربعة، أو خمسة، فإن الأهم يبقى كيفية أداء مانشستر يونايتد داخل هذه الأطر التكتيكية.