الخيوط التي ربطت بوستيكوغلو ببوشكاش تجعله المدير الفني المثالي لتوتنهام

مدرب الفريق الحالي لعب تحت قيادة النجم المجري الكبير في نادي «ساوث ملبورن» الأسترالي

بوستيكوغلو وبوشكاش معا في ساوث ملبورن (نادي ساوث ملبورن)
بوستيكوغلو وبوشكاش معا في ساوث ملبورن (نادي ساوث ملبورن)
TT

الخيوط التي ربطت بوستيكوغلو ببوشكاش تجعله المدير الفني المثالي لتوتنهام

بوستيكوغلو وبوشكاش معا في ساوث ملبورن (نادي ساوث ملبورن)
بوستيكوغلو وبوشكاش معا في ساوث ملبورن (نادي ساوث ملبورن)

التفت أنغي بوستيكوغلو إلى والده وقال له: «اخرج من الملعب، سيتم القبض عليك». كان ذلك في عام 1991 وكان نادي ساوث ملبورن قد فاز للتو على ملبورن كرواتيا ليفوز بالمباراة النهائية للدوري الأسترالي الممتاز، وهي المباراة التي كانت قوية ومرهقة.

كان ملبورن كرواتيا قد تصدر جدول ترتيب الدوري خلال الموسم، وكان الفريق الأفضل في ذلك اليوم، وتقدم في النتيجة، وبدا أنه في طريقه للفوز باللقب، قبل أن تهتز شباكه في الدقيقة 88. أهدر لاعبو ساوث ملبورن ثلاث ركلات من ركلات الترجيح بعد نهاية المباراة بالتعادل.

وكانت الفرصة سانحة مرتين أمام ملبورن كرواتيا للفوز باللقاء في حال نجاحه في تسديد ركلة الترجيح الحاسمة، لكنه لم ينجح في ذلك. وكان يتعين على بوستيكوغلو أن ينفذ ركلة الجزاء الخامسة، وكان نجاحه في تحويلها إلى هدف يعني فوز فريقه باللقب، وهو ما حدث بالفعل ليفوز «ساوث ملبورن» بالبطولة. وقال بوستيكوغلو إن ساوث ملبورن «لم يكن مجرد نادٍ لكرة القدم، بل كان ملاذاً». وبالنسبة لأشخاص مثل والده، الذي فر من اليونان إلى أستراليا في الستينات من القرن الماضي، كان هذا النادي بمثابة البيت الثاني لهم. ولهذا السبب انضم والده إلى الجماهير التي اقتحمت ملعب المباراة، لكي يحتضن نجله بعد تحقيق هذا الفوز.

كانت هذه هي ذروة مسيرة بوستيكوغلو كلاعب، وأكبر لحظة يفتخر بها في مسيرته الكروية. لكن هذا الموسم شهد حدثاً مهماً للغاية أيضاً، فعندما رفع بوستيكوغلو الكأس لم يكن يفعل ذلك بمفرده، لكنه فعل ذلك مع النجم المجري الشهير فيرينك بوشكاش. يتم سرد هذه القصة في فيلم وثائقي لم يُنشر بعد للصحافي الأسترالي توني ويلسون. ويحتوي هذا الفيلم على بعض اللقطات الرائعة لبوشكاش وهو يلعب في مباريات ودية في أستراليا في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، فكان النجم المجري يتمايل بصعوبة بسبب بطنه الكبيرة التي تضغط على قميصه ويرسل فجأة تمريرات مثالية من مسافة 50 ياردة للاعبين الذين يفشلون في السيطرة على الكرة! وفي لحظة أخرى، ترتد الكرة لتصل إلى بوشكاش الذي يسددها بقدمه اليسرى، بشكل عبقري، في الزاوية اليمنى العليا للمرمى.

كان بوشكاش، الذي كان يلعب مع فريقه هونفيد المجري مباراة بكأس أوروبا بالخارج، قد قرر عدم العودة إلى المجر بعد الغزو السوفياتي عام 1956، وعندما أجبرته الاضطرابات السياسية على الرحيل عن اليونان، حيث كان يدرب نادي باناثينايكوس، أصبح بلا مأوى. لقد عمل في إسبانيا وتشيلي ومصر والمملكة العربية السعودية وباراغواي، لكنه شعر براحة أكبر في أستراليا. لقد عمل لبعض الوقت في تدريب فريق الشباب في ضاحية كيسبورو في ملبورن، لكن الاستقبال الحافل الذي تلقاه من المشجعين اليونانيين أثناء ذهابه لمشاهدة إحدى مباريات «ساوث ملبورن» دفع رئيس النادي، جورج فاسيلوبولوس، إلى تعيينه مديراً فنياً للفريق.

وعلى الرغم من أن بوشكاش كان يجيد التحدث بخمس لغات، بما في ذلك اليونانية، فإن اللغة الإنجليزية لم تكن إحداها، لذلك اعتمد على مساعده جيم بيرغوليوس وقائد فريقه، بوستيكوغلو، في الترجمة. وقال بوشكاش في أول حديث له مع الفريق، بينما كان اللاعبون يستمعون بشغف لما يقوله هذا الأسطورة: «في كرة القدم، هناك ثلاثة احتمالات: الفوز أو الخسارة أو التعادل»، لقد شعر اللاعبون بالحيرة والدهشة، فهل هذا حقاً هو ما كانوا ينتظرون سماعه من أسطورة مثل بوشكاش! وقال بوستيكوغلو عن ذلك: «كل ما كان يحاول القيام به هو أن يجعلنا نشعر بالاسترخاء».

سيكون من الخطأ القول إن بوشكاش لم يكن يهتم كثيراً بما يحدث، فقد بكى بشدة بعد المباراة النهائية التي فاز فيها فريقه. لم يكن يهتم بالتدريب تحت المطر، واضطر بيرغوليوس إلى قيادة تدريبات اللياقة البدنية بنفسه، وخلال ركلات الترجيح المثيرة في عام 1991، وبينما كان المحيطون به متوترين للغاية ويمسكون رؤوسهم ويضربون بأيديهم في الهواء، كان بوشكاش يجلس بمفرده على مقاعد البدلاء وهو يبتسم بلطف ويمضغ العلكة. لا يعني هذا أنه لم يكن يهتم بما يحدث من حوله، لكنه كان يعمل بهدوء وصمت.

كان الفريق تحت قيادته يلعب كرة هجومية مثيرة وممتعة، وكانت طريقته في التدريب مريحة وتعتمد على النواحي الخططية والتكتيكية. وكان يبدأ كل جلسة تدريبية بأن يطلب من كل اثنين من اللاعبين بأن يركلا الكرة لبعضهما البعض ذهاباً وإياباً بطول الملعب لعدة دقائق. لم يكن يتدخل كثيراً، وكان يقول بلغته الإنجليزية الركيكة: «الكرة لا تدخل المرمى وحدها، بل يتعين عليك أن تسددها».

ونظراً لأن بوشكاش لم يكن يقود السيارات، فلم يعمل بوستيكوغلو مترجماً له فحسب، ولكن سائقاً أيضاً، وهو ما أتاح له الفرصة لإجراء محادثات طويلة معه حول كرة القدم. وقال بوستيكوغلو إن الشيء الأساسي الذي تعلمه من بوشكاش هو أنه «يمكنك تحقيق شيء مميز إذا كانت لديك غرفة خلع ملابس متحدة وتهتم بما هو أكثر من تحقيق نتيجة جيدة في المباريات».

قد تبدو هذه نقطة أساسية، لكن في عالم مهووس بالبيانات والإحصائيات وزوايا التمرير والمساحات الضيقة، ومليء بالتكنوقراط والمحللين، فإن هذه النقطة تستحق التكرار والتذكير بها: جزء كبير من وظيفة المدير الفني يتمثل في التواصل مع اللاعبين بشكل جيد، وهو الأمر الذي يجيده بوستيكوغلو تماماً، الذي مكنه خلال أزمة الإصابات الأخيرة من الاعتماد على اللاعبين الذين كانوا منبوذين من قبل المديرين الفنيين السابقين.

لقد جاء بوشكاش من عصر لم تكن فيه الفرق تعتمد على الضغط العالي على حامل الكرة، بل كان يوبخ المهاجمين الذين يعودون للخلف. ربما يكون مقدار ما تعلمه بوستيكوغلو من بوشكاش من الناحية التكتيكية أمر مثير للنقاش، لكن من الواضح أنهما يشتركان في اللعب بطريقة هجومية، وهو الأمر الذي قد يكون أكثر أهمية بالنسبة لتوتنهام، بالإضافة إلى شيء أكثر غموضاً لكن ربما أكثر أهمية بالنسبة لتوتنهام حالياً.

بوستيكوغلو يفضل اللعب بطريقة هجومية مثل بوشكاش (إ.ب.أ)

بالنسبة لإنجلترا، فإن الطريق نحو الفوز بكأس العالم 1966 بدأ عام 1953 بالهزيمة بستة أهداف مقابل ثلاثة أمام المجر بقيادة بوشكاش على ملعب ويمبلي. لقد أجبر ذلك كرة القدم الإنجليزية على إعادة تقييم خططها التكتيكية، وهو ما أدى إلى أن يلعب بيل شانكلي ودون ريفي وألف رامزي بشكل مختلف تماماً بعد ذلك. كان رامزي قد لعب في مركز الظهير في المباراة التي خسرتها إنجلترا أمام المجر بستة أهداف مقابل ثلاثة، وكان يرفض دائماً وجهة النظر التي تقول إن كرة القدم الإنجليزية قد هُزمت بسبب التطور الكبير الذي طرأ على باقي أنحاء القارة، وكان يصر على أن المجر لعبت ببساطة بشكل مختلف عن طريقة «ركل الكرة والجري وراءها» التي كان يعتمد عليها فريق توتنهام الذي كان يلعب له.

لم يكن رامزي يقول أبداً إن أي شيء جيد يأتي من الخارج، لكن كان لديه وجهة نظر في هذا الأمر: آرثر رو، الذي قاد توتنهام للفوز بلقب الدوري في موسم 1950-1951، كان سيتولى قيادة المجر لولا اندلاع الحرب العالمية الثانية. يزخر تاريخ كرة القدم بعدد كبير من هذه الخيوط المتداخلة. وغالباً ما تكون فكرة أن الأندية تلعب بأسلوب فريد وخاص بها، فكرة خادعة. لكن هناك رابط في هذا الشأن، حيث يمكن القول إن الاعتماد على مدير فني قادم من الجانب الآخر من العالم، قد يصل بتوتنهام إلى ما كان عليه عندما كان نادياً عظيماً قبل 70 عاماً. وإذا كان هناك شيء اسمه الحمض النووي للنادي، فمن المحتمل أن يكون بوستيكوغلو هو المدير الفني المثالي بالنسبة لتوتنهام!

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة


لماذا تعاقد توتنهام مع «فان دايك الياباني» كوتا تاكاي؟

كان صعود كوتا تاكاي إلى النجومية والشهرة متوقعاً منذ فترة طويلة (توتنهام)
كان صعود كوتا تاكاي إلى النجومية والشهرة متوقعاً منذ فترة طويلة (توتنهام)
TT

لماذا تعاقد توتنهام مع «فان دايك الياباني» كوتا تاكاي؟

كان صعود كوتا تاكاي إلى النجومية والشهرة متوقعاً منذ فترة طويلة (توتنهام)
كان صعود كوتا تاكاي إلى النجومية والشهرة متوقعاً منذ فترة طويلة (توتنهام)

ربما كان صعود كوتا تاكاي إلى النجومية والشهرة متوقعاً منذ فترة طويلة، لكن الأشهر القليلة الماضية كانت حاسمة للغاية في مسيرة اللاعب الياباني الشاب البالغ من العمر 20 عاماً.

ففي سبتمبر (أيلول) 2024 ظهر المدافع الأنيق لأول مرة مع منتخب اليابان، وفي ديسمبر (كانون الأول) اختير كأفضل لاعب شاب في الموسم بالدوري الياباني الممتاز، وفي يوليو (تموز) انتقل إلى توتنهام.

وانتشرت تقارير حول اهتمام الأندية الأوروبية، وخاصة الإيطالية، بالتعاقد معه منذ عام تقريباً، لكن النادي اللندني دفع خمسة ملايين جنيه إسترليني لضم اللاعب من نادي كاواساكي فرونتال.

إنه حسب - جون دوردن على موقع الدوري الإنجليزي الممتاز - رقم قياسي في تاريخ الدوري الياباني الممتاز لأي لاعب ياباني، لكنه يبدو صفقة رابحة بفضل القدرات والإمكانات الجيدة التي يمتلكها اللاعب.

نجم صاعد في اليابان

وُلد تاكاي في يوكوهاما بعد عامين فقط من استضافة المدينة لنهائي كأس العالم لكرة القدم 2002، وانضم إلى أكاديمية كاواساكي القريبة قبل عيد ميلاده العاشر.

وقال المدير الفني لمنتخب اليابان، هاجيمي مورياسو: «إنه يتمتع بقدرات بدنية وفنية رائعة، وقد ساعدته قدرته على اللعب بشكل جيد تحت الضغط، على التحسن والتطور. من غير الشائع أن ينتقل لاعب من الدوري الياباني إلى الدوري الإنجليزي الممتاز مباشرة، ومن الرائع أن نرى لاعباً يابانياً يحظى بهذا التقدير».

يُعتبر فيرجيل فان دايك، لاعب ليفربول، هو المثل الأعلى لتاكاي، ويقول مورياسو عن ذلك: «آمل أن يصبح فان دايك الياباني! وآمل أن يلعب بشكل جيد مع توتنهام ويساعده في المنافسة على الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا».

ومنذ انضمامه للفريق الأول في عام 2023، ثم تحوله إلى لاعب أساسي بشكل منتظم، لم يغب تاكاي إلا عن مباراة واحدة في الدوري الياباني الممتاز هذا الموسم.

لقد أصبح من المألوف أن ترى المدافع الياباني الشاب، الذي يصل طوله إلى 1.92 متر، وهو يستخدم سرعته لملاحقة المهاجمين والقيام بتدخلات رائعة في اللحظات الأخيرة، كما يتميز بالقوة في الكرات الثابتة، والقدرة على استخلاص الكرة في الوقت المناسب تماماً، وغالباً ما يتبع ذلك تمرير الكرة بشكل دقيق وسريع، ويجيد اللعب بكلتا القدمين، وبناء الهجمات من الخلف للأمام.

وعلاوة على ذلك، يشبّهه كثيرون بدين هويسن، الذي قدم أداء لافتاً مع بورنموث الموسم الماضي أهّله للانتقال إلى ريال مدريد مقابل 50 مليون جنيه إسترليني، في مايو (أيار) الماضي.

وقال توم باير، أخصائي تطوير الشباب المقيم في اليابان، والذي يعمل مع الاتحاد الياباني لكرة القدم: «من غير المعتاد أن يتم اختيار مدافع صغير في السن للعب مع منتخب اليابان الأول، لكنه لاعب مميز. وأعتقد أنه سيقدم مستويات جيدة مع توتنهام. إنه بارع في ألعاب الهواء وخطير للغاية في الكرات الثابتة. وفي المواقف الدفاعية، يُفسد العديد من الهجمات بفضل شراسته. ما يميزه حقاً هو قدراته الفنية الرائعة، خاصةً أنه لاعب ضخم البنية».

بالإضافة إلى ذلك، يتميز تاكي بالوعي الخططي والتكتيكي. لن يكون تاكاي هو اللاعب الوحيد القادم من نادي كاواساكي الياباني للدوري الإنجليزي الممتاز؛ نظراً لأن جناح برايتون، كاورو ميتوما، ولاعب ليدز يونايتد، آو تاناكا، جاءا أيضاً إلى أوروبا من نفس النادي الياباني.

وهناك لاعبون قدامى آخرون لعبوا لنفس النادي أيضاً، مثل اللاعبَين الدوليين اليابانيين المخضرمَين تاكيفوسا كوبو لاعب ريال سوسيداد، وكو إيتاكورا لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ.

وفي ظل وجود واتارو إندو في ليفربول، ودايتشي كامادا في كريستال بالاس، أصبح هناك الآن خمسة لاعبين يابانيين مميزين في الدوري الإنجليزي الممتاز.

وبمجرد أن يخوض تاكاي مباراته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز، سيرتفع إجمالي عدد اللاعبين اليابانيين الذين لعبوا في المسابقة إلى 16 لاعباً، بعد أن كان جونيتشي إيناموتو أول لاعب ياباني يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، عندما انضم إلى آرسنال عام 2000.

وتشهد اليابان نهضة كروية شاملة؛ لذا يرى البعض أن منافسة اليابان على الفوز بكأس العالم ليست مستحيلة، خاصة في ظل تألق العديد من اللاعبين اليابانيين الشباب وانتقالهم إلى الأندية الأوروبية.

وقد يسير لاعبون آخرون على نفس طريق تاكاي. على سبيل المثال، أصبح الظهير ريونوسوكي ساتو، الذي يبلغ من العمر 18 عاماً فقط، أصغر لاعب يمثل اليابان على الإطلاق في يونيو (حزيران)، محطماً رقم كاغاوا القياسي.

وانضم ماو هوسويا، أفضل لاعب شاب في الدوري الياباني لعام 2022، إلى المنتخب الوطني أيضاً، وقد جذب هذا المهاجم الذكي، البالغ من العمر 23 عاماً، أنظار العديد من الأندية الأوروبية، وينطبق الأمر أيضاً على المدافع جونوسوكي سوزوكي. والآن، سيراقب الجميع ما سيقدمه زميلهم في المنتخب الياباني تاكاي، مع توتنهام.

وكما أعير الجناح الكوري الجنوبي الشاب يانغ مين هيوك إلى كوينز بارك رينجرز بعد انضمامه إلى توتنهام في يناير (كانون الثاني)، قد يضطر تاكاي للانتقال إلى مكان آخر على سبيل الإعارة من أجل المشاركة في المباريات واكتساب الخبرات اللازمة.

من المؤكد أن الوقت لا يزال في صالحه بسبب صغر سنه، لكن حتى لو تم الدفع به في المباريات على الفور، فقد أثبت بالفعل قدرته على التعامل مع معظم التحديات التي يواجهها في طريقه.