بعد عقدين من تتويجه المفاجئ في كأس أوروبا 2004، يبدو منتخب اليونان لكرة القدم في حالة ضياع متأثراً بسياسة رياضية مأزومة وصراع على السلطة، قبل مواجهة فرنسا وصيفة بطلة العالم، الاثنين، في سان دوني ضمن تصفيات كأس أوروبا 2024.
وبعد تحقيق فوزين على جبل طارق (3 - 0) وآيرلندا (2 - 1)، هل بدأ المنتخب الأزرق والأبيض يخرج من نفقه المظلم؟
لا تزال الطريق طويلة للمصنّف 52 عالمياً وصاحب تعديلات مستمرة على منصب المدرّب... أصبح الأوروغوياني غوستافو بوييت المدرب السابع في أقل من 10 سنوات.
يعكس الانحدار البطيء للمنتخب المكنى «إثنيكي» (الوطني) صورة كرة القدم اليونانية المتأثرة بالأزمات السياسية الرياضية.
يؤكّد بطل أوروبا السابق كوستاس كاتسورانيس: «على صعيد المواهب، لا نحسد الإيطاليين كثيراً، الصرب أو الكروات. لكن لا يوجد تعاون بين مختلف صناع اللعبة».
وتابع لاعب الوسط الدفاعي السابق الذي حمل ألوان بنفيكا البرتغالي: «إذا حصلنا على الإمكانات، بمقدورنا الوصول إلى مستوى أرفع. هذا ما أثبتناه بالفوز في كأس أوروبا 2004، لكن لم يستخدم أحدهم هذا النجاح».
«التدمير أسهل»
بعد 2004، نجح جيل ذهبي بقيادة يوريوس كاراغونيس في بلوغ ربع نهائي كأس أوروبا 2012، ثم ثمن نهائي مونديال 2014، لكن لم يحمل أحد الشعلة بعد انتهاء مسيرة أبطال 2004، فغابت اليونان عن البطولات الكبرى منذ 2014.
يبدو كوستاس تسيميكاس، الظهير الأيسر البديل مع ليفربول الإنجليزي، وأوذيسياس فلاخوذيموس حارس بنفيكا، نقطتي الارتكاز في التشكيلة.
غياب سياسة رياضية وطنية، وفقدان الثقة باللاعبين الشبان المحليين في الدوري، والأزمة الاقتصادية والمصالح الشخصية، كل هذه الأسباب تبدو عوائق حقيقية أمام نهضة الكرة اليونانية.
يضيف كاراغونيس غاضباً: «من الصعب البناء، التدمير أسهل».
يُعدّد لاعب الوسط السابق صاحب الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية (139): «نقص الاستثمار والبنى التحتية، وجيل أقل قدرة على تقديم التضحيات وتصرّفات مسؤولي الأندية»، لشرح أسباب تدهور الكرة اليونانية.
تتجذّر الخلافات حول المنتخب بواقع يوناني غارق في العنف والفساد، حيث تتقدّم الصراعات على السلطة فوق كل اعتبار أخلاقي ورياضي.
على جميع الأصعدة، تغرق كرة القدم في البلاد بالأعمال التجارية والنزاعات، ولا يتردّد رؤساء الأندية في استخدام كل نفوذهم للتأثير على المباريات.
في مارس (آذار) 2018، دخل الرجل القوي في باوك إيفان سافيديس أرض الملعب وسلاحه على جنبه لتهديد حكم. في أبريل (نيسان) 2023، جاء الدور على رئيس أولمبياكوس إيفانغيلوس ماريناكيس لاقتحام الملعب من أجل مهاجمة الحكام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن رئيس الرابطة دخل في صراع مفتوح مع الاتحاد المحلي، «حيث تسود الدولة العميقة والجريمة المنظّمة»، على حد تعبيره.
بيئة سامة
يشرح يوريوس أنتونوبولوس أستاذ علم الجريمة بجامعة نورثومبريا في نيوكاسل وعضو المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظّمة العابرة للحدود: «الرهانات المالية المرتبطة بلقب البطل مرتفعة، ولا يمكن تركها فقط للعب (في أرض الملعب)».
لم تحقق تسمية حكام أجانب لمباريات الديربي أو منع جماهير الفرق الزائرة النتائج المرجوة.
تُرجمت هذه البيئة السامة بسقوط حرّ للمستوى الفني، وتراجع للاهتمام باللعبة. وفيما كانت 3 أندية يونانية قادرة على خوض دوري أبطال أوروبا مطلع الألفية الثالثة، يتعيّن راهناً على البطل خوض 3 أدوار تمهيدية لبلوغ دور المجموعات.
ونتيجة الوضع السيئ، استقال قائد منتخب 2004 ثيودورس زاغوراكيس في سبتمبر (أيلول) 2021، من منصبه كرئيس للاتحاد المحلي، بعد أقل من 6 أشهر على تعيينه.
مهدّدة دوماً بالإقصاء من المسابقات الأوروبية من قِبل الاتحاد القاري للعبة، تتمسّك كرة القدم اليونانية بخيط رفيع. يبحث «إثنيكي» عن ضوء لإخراج كرة البلاد من النفق المظلم.