خلال المواسم الأخيرة من الدوري السعودي للمحترفين، أصبحت الجولات الأولى أشبه بالعنوان العريض لما يمكن أن تكون عليه الحال في نهاية الموسم على صعيد مراكز الهبوط.
لكن يبقى لكل موسم تفاصيله الصغيرة، وتقلباته الخاصة ونتائجه المفاجئة التي تعطي الدوري مذاقه المختلف، وتصنع الإثارة التي ينتظرها عشاق المستديرة.
وبالنظر إلى ترتيب الدوري بعد انقضاء التسع جولات للثلاثة مواسم الماضية، نجد رابطاً مشتركاً بين البدايات السيئة والنهايات الحزينة التي دفع ثمنها بعض الأندية لأسباب منها ضعف جودة اللاعبين المحليين والأجانب، وتغيير المدربين، والإعداد السيئ للموسم.
وبالعودة لترتيب أول تسع جولات في موسم 2022، تبدو الصورة واضحة فالأندية التي احتلت مراكز القاع وهي «الفيحاء بخمس نقاط، والعدالة والخليج بأربع نقاط، والباطن بنقطة وحيدة» كانت مرآة دقيقة لما انتهى إليه الموسم، حيث إن ثلاثة أندية من هذا الرباعي وجدت نفسها تهبط لاحقاً، فيما كان الباطن حالة مختلفة، وحتى الخليج الذي تحسن نسبياً وجمع 31 نقطة، ظل أسيراً لثقل البداية ولم يستطع النجاة من الهبوط.
وفي موسم 2023 شاهدنا نسخة طبق الأصل، تؤكد القاعدة بدلاً من أن تكسرها، حيث تحصل أبها والطائي على سبع نقاط، والرائد على خمس، بينما متذيل الترتيب الحزم جمع ثلاث نقاط فقط، ورغم تقارب المستويات، فإن النهاية جاءت مطابقة لماكنت عليه في الموسم الذي سبقه، فهبط أبها والطائي والحزم، في حين نجا الرائد بصعوبة.

لكن في موسم 2024 حدث شيء مختلف في مسألة الهبوط، فبعد الجولة التاسعة كان الخلود والفيحاء في مركزين متأخرين بسبع نقاط، والوحدة بست، والفتح أخيراً بخمس نقاط والجميع كان يرشح هذا الرباعي للمنافسة على الهبوط، لكن في نهاية الموسم حدث عكس ما صار في الموسمين السابقين، حيث إن الوحدة فقط كان من بين المتأخرين في البداية ثم سقط في النهاية، بينما جاءت المفاجأة بهبوط اثنين من خارج القائمة وهما الرائد صاحب المركز العاشر والعروبة صاحب المركز الثاني عشر، وكأن هذا الموسم أراد أن يذكّر بأن كرة القدم ليست معادلة ثابتة، وأن فرقا تستطيع قلب الطاولة حتى لو بدأت من مواقع متأخرة، بينما تسقط أندية أخرى حتى لو كانت في مأمن.
هذا المسار المتقلب عبر ثلاثة مواسم يأخذنا مباشرة إلى موسم 2025، حيث تبدو الأرقام بعد الجولة التاسعة مثيرة للقلق بالنسبة لجماهير الأخدود وضمك والفتح، حيث جمع كل فريق خمس نقاط فقط، بينما يبقى النجمة في وضع أشد خطورة بنقطة واحدة ولا يختلف ذلك كثيراً عن بدايات الباطن في موسم 2022.
وإذا تمت قراءة هذه المعطيات من منظور الأرقام التاريخية، فإن وجود فريق بنقطة واحدة بعد تسع جولات عادةً ما يعني أنه بات على حافة السقوط مبكراً، فيما تشير نتائج المواسم السابقة إلى أن الفرق التي تمتلك بين 5 و7 نقاط عادةً ما تظل محاصرة في دائرة الخطر حتى الجولات الأخيرة، وقد ينتهي المطاف بواحد أو اثنين منها ضمن الراحلين عن دوري الأضواء.
ومن خلال هذا السرد يتضح أن موسم 2024 هو الاستثناء الوحيد، بينما يعبر الموسمان 2022 و2023 عن قاعدة صلبة تقول إن ترتيب القاع في الجولة التاسعة غالباً ما يعكس جزءاً كبيراً من مصير الفرق، بنسبة تصل إلى 75 في المائة.
ومع ذلك تبقى مجرد أرقام وتحليلات لا تعني الجزم بحقيقتها وإنما تعطي مؤشرات أولية، ولا يزال الصراع هذا الموسم مفتوحاً على كل الاحتمالات.
فهل ستعود القاعدة في موسمي 2022 - 2023 ويهبط ثلاثة من المتأخرين مبكراً، أم يتكرر استثناء 2024 ويظهر فريق ينهار من منتصف الجدول؟


