مع ترقب إعلان استضافة السعودية «كأس العالم 2034»، رسمياً اليوم الأربعاء عبر اجتماع «كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم»، تبرز فرصة استثنائية لتسليط الضوء على الهوية الثقافية الغنية التي تتميز بها السعودية، وإبرازها أمام ملايين المشجعين من مختلف أنحاء العالم. فهذا الحدث العالمي والتاريخي لن يكون مجرد بطولة كروية فقط، بل منصة لإظهار التراث العربي والإسلامي، وفتح آفاق جديدة للتفاعل الثقافي والتبادل الحضاري.
السعودية تُعرف بثقافتها العميقة التي تمتد جذورها عبر قرون من التاريخ، وتشمل تقاليدها الأصيلة في الضيافة، والفنون، والموسيقى، وكذلك مواقعها التراثية العريقة مثل مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة البلد، التي أُدرجت ضمن «قائمة التراث العالمي» لـ«اليونيسكو». خلال استضافة كأس العالم، تسعى السعودية إلى تقديم هذه العناصر بوصفها جزءاً أساسياً من تجربة البطولة، لتجعلها حدثاً فريداً يمزج بين الرياضة والثقافة العربية الأصيلة.
من ناحية أخرى، سيكون التصميم العمراني للمنشآت الرياضية المخصصة للبطولة هو الآخر انعكاساً للهوية الثقافية السعودية؛ فالملاعب الجديدة المزمع إنشاؤها ستجمع بين الطراز المعماري المستقبلي واللمسات التراثية، بما يبرز جانباً من الأصالة والتطور الذي تسعى السعودية لتعزيزه.
كما سيشهد المشجعون في هذه المنشآت أجواءً مستوحاة من روح الكرم العربي، مع تقديم خدمات راقية وتجارب ضيافة تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والعادات العريقة كما هي الحال في السعودية.
ويرى مراقبون أن المهرجانات الثقافية المرافقة للبطولة ستكون وسيلة رئيسية لتعريف العالم بجوانب متعددة من الثقافة السعودية.
ومن المنتظر أن تشمل هذه المهرجانات عروضاً فنية تقليدية، مثل العرضة السعودية، ورقصات الفلكلور المحلي، إلى جانب ورشات عمل لتعليم الحرف اليدوية الأصيلة مثل السدو والنقش.
وسيكون الطعام السعودي التقليدي جزءاً لا يتجزأ من التجربة، حيث سيتمكن الزوار من تذوق أطباق مثل الكبسة، والجريش، والمندي، في أجواء تعكس أصالة المطبخ المحلي.
إضافة إلى ذلك، ستتبوأ اللغة العربية مكانة خاصة خلال البطولة، سواء في الإعلانات، والإرشادات داخل الملاعب، وفي الفعاليات المصاحبة. كما ستتاح الفرصة للمشجعين لتعلم بعض الكلمات والعبارات العربية في برامج تفاعلية تهدف لتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب.
مشروع «نيوم»، الذي يُعد من رموز «رؤية 2030»، سيكون عنصراً بارزاً في استضافة البطولة، حيث سيقام بعض المباريات في مدينة تمثل وجهاً مستقبلياً للتنمية السعودية، فهي ليست مجرد مدينة، بل «رؤية» تسعى لدمج التكنولوجيا المتقدمة مع الاستدامة، مما يبرز التزام السعودية بتقديم تجربة مونديالية متميزة ومبتكرة، خصوصاً أن «نيوم» ستكون ضمن المدن المقترحة لاستضافة قرعة النهائيات، ومؤتمر الـ«فيفا»، وورشات عمل الفرق خلال المونديال، إلى جانب الرياض ومدينة العلا.
ولن تقتصر الجوانب الثقافية على الأنشطة داخل الملاعب أو في المدن المستضيفة، بل ستشمل أيضاً مبادرات تواصل عالمي. وتخطط السعودية لإطلاق برامج ثقافية مع الدول المشاركة في البطولة، تُبرز القواسم المشتركة وتحتفي بالاختلافات الثقافية، مما يعزز من قيم الوحدة والاحترام المتبادل التي تمثلها «كأس العالم».
استضافة السعودية «كأس العالم 2034» فرصة فريدة لتقديم صورة حديثة ومشرقة للعالم العربي، ولن تكون مجرد بطولة رياضية، بل ستكون جسراً للتواصل بين الشعوب، ومنصة لاستعراض تراث غني ومتنوع يحمل رسالة السلام والتعاون إلى العالم، وهو ما أكده ملف الاستضافة.