وسط مؤشرات تُحذّر المستثمرين… هل يواصل الدولار ضعفه في 2026؟

يتجه نحو أسوأ أداء سنوي منذ 2017 تحت ضغوط هزّت مكانته العالمية

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
TT

وسط مؤشرات تُحذّر المستثمرين… هل يواصل الدولار ضعفه في 2026؟

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

رغم الارتفاع الطفيف الذي سجّله الدولار الأميركي في تداولات الأربعاء فإن العملة الخضراء لا تزال حبيسة مسارٍ نزولي يضعها على أعتاب أكبر خسارة سنوية منذ عام 2017. وقد تضافرت عدة عوامل لرسم هذا المشهد القاتم خلال عام 2025؛ تصدّرتها دورة التيسير النقدي العنيفة، وتصاعد الهواجس المتعلقة بالاستدامة المالية، فضلاً عن حالة عدم اليقين التي فرضتها تقلبات السياسة التجارية الأميركية.

ويتوقع أن تستمر هذه العوامل في عام 2026، ما يُشير إلى أن أداء الدولار الضعيف قد يمتد، في حين تستفيد بعض العملات الأخرى، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني، من مكاسب قوية هذا العام، وفق «رويترز».

وزادت الضغوط على الدولار من استمرار المخاوف بشأن استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في ظل إدارة ترمب، الذي أعلن عن نيته الكشف عن مرشحه لرئاسة المجلس في يناير (كانون الثاني)، خلفاً لجيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو (أيار)، وقد تعرض لانتقادات متكررة من الرئيس.

أداء العملات مقابل الدولار

في نهاية العام، انخفض اليورو بنسبة 0.1 في المائة إلى 1.1736 دولار، في حين بلغ سعر صرف الجنيه الإسترليني 1.3434 دولار، متجهين لتحقيق أكبر مكاسب سنوية لهما منذ 8 سنوات مقابل الدولار الأميركي.

وبلغ مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء الدولار مقابل 6 عملات رئيسية أخرى، 98.35، معززاً المكاسب التي حققها يوم الثلاثاء. وانخفض المؤشر بنسبة 9.4 في المائة خلال عام 2025، في حين ارتفع اليورو بنسبة 13.4 في المائة والجنيه الإسترليني بنسبة 7.5 في المائة.

وشهدت عملات أوروبية أخرى مكاسب كبيرة هذا العام؛ حيث ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 14 في المائة والكرونة السويدية بنسبة 20 في المائة.

توقعات انخفاض الدولار في 2026

قال براشانت نيوناها، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «تي دي سيكيوريتيز»، إن توقعات انخفاض الدولار في 2026 تحظى بتأييد واسع، مع استمرار تفاؤل مراكز البيع على المكشوف مقابل اليورو والدولار الأسترالي.

وشهد الدولار ارتفاعاً طفيفاً في الجلسة السابقة، بعد أن أظهرت محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول) وجود انقسامات واضحة بين صناع السياسة النقدية أثناء خفضهم أسعار الفائدة في وقت سابق من الشهر. وأشار خبراء بنك «باركليز» إلى أن بعض صناع السياسة اقترحوا الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير «لفترة من الوقت»، وهو ما قد يحد من خفض الفائدة مستقبلاً إذا لم تتدهور أوضاع سوق العمل أكثر.

ويتوقع المتداولون خفضين لأسعار الفائدة في 2026، رغم أن البنك المركزي نفسه يتوقع خفضاً واحداً فقط خلال العام المقبل.

أداء العملات الآسيوية

وأسهم ضعف الدولار خلال 2025 في دفع العملات الرئيسية وأسواق العملات الناشئة لتحقيق مكاسب قوية. فقد تجاوز اليوان الصيني مستوى 7 يوانات للدولار لأول مرة منذ عامين ونصف العام، متجاوزاً توجيهات البنك المركزي التي هدفت لتخفيف حدة الأزمة. وارتفعت العملة بنسبة 4.4 في المائة خلال العام، مسجلة أكبر مكاسبها منذ 2020.

الين الياباني: الاستثناء

وظل الين الياباني من العملات القليلة التي لم تستفد من ضعف الدولار خلال 2025؛ حيث بقي مستقراً نسبياً حتى مع رفع بنك اليابان أسعار الفائدة مرتين، في يناير (كانون الثاني) وأوائل ديسمبر. وانخفض الين يوم الأربعاء بشكل طفيف إلى 156.61 ين للدولار، بالقرب من مستويات أثارت مخاوف التدخل وتصريحات حادة من المسؤولين في طوكيو.

وأُصيب المستثمرون بخيبة أمل نتيجة بطء وتيرة التشديد النقدي وحذرها؛ حيث انقلبت مراكز الشراء الكبيرة للين التي كانت سائدة في أبريل (نيسان) بحلول نهاية العام.

وتوقع محللو استراتيجيات بنك «إم يو إف جي» أن تتهيأ الظروف لانخفاض الدولار مقابل الين في 2026، مؤكدين أن انخفاض عوائد السندات الأميركية يزيد احتمالات عودة الين لمكانته بوصفه ملاذاً آمناً.

العملات المرتبطة بالمخاطر

وبلغ سعر صرف الدولار الأسترالي، الحساس للمخاطر، 0.66965 دولار أميركي، متجهاً لتحقيق ارتفاع يزيد على 8 في المائة خلال العام، وهو أفضل أداء سنوي له منذ 2020. وانخفض الدولار النيوزيلندي إلى 0.57875 دولار أميركي، لكنه مهيأ لتحقيق مكاسب بنسبة 3.4 في المائة خلال العام، منهياً سلسلة خسائر استمرت 4 سنوات.

العملات الرقمية

في سوق العملات الرقمية، من المتوقع أن تختتم «البيتكوين» العام بانخفاض قدره 5.5 في المائة، وهو أول انخفاض سنوي لها منذ 2022، بعد أن بلغ سعرها الأخير 88583 دولاراً أميركياً، بانخفاض نحو 30 في المائة عن أعلى مستوى قياسي لها عند 126223 دولاراً أميركياً المسجل في أكتوبر (تشرين الأول).


مقالات ذات صلة

الانخفاض الأسوأ في 3 سنوات... الروبية الهندية تدخل 2026 على حافة الانهيار

الاقتصاد عقد من العملات الهندية معروض عند كاونتر صرف الأموال في الأحياء القديمة بدلهي (رويترز)

الانخفاض الأسوأ في 3 سنوات... الروبية الهندية تدخل 2026 على حافة الانهيار

سجَّلت الروبية مستويات قياسية منخفضة مراراً وتكراراً في عام 2025، متأثرة بتدفقات رأس المال الخارجة القياسية، وعدم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد عملة معدنية من اليورو والجنيه الإسترليني على صورة للملكة إليزابيث (رويترز)

الجنيه الإسترليني يلامس أعلى مستوى في شهرين أمام اليورو

لامس الجنيه الإسترليني أعلى مستوى له منذ شهرين مقابل اليورو واستقر مقابل الدولار في تداولات هادئة يوم الثلاثاء، رغم قلة الأخبار المؤثرة على العملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يستقر قبيل صدور محضر «الفيدرالي»

استقر الدولار الأميركي خلال تعاملات يوم الثلاثاء، في وقت يترقّب فيه المستثمرون صدور محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» لشهر ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد رجل يلتقط صورة لمؤشرات بورصة البرازيل في ساو باولو (أرشيفية - رويترز)

الأسواق الناشئة تستعد لإنهاء 2025 بأفضل أداء منذ 2017

ارتفعت أسهم الأسواق الناشئة في الأسبوع الأخير من عام 2025، مدفوعة بقوة الأسواق الآسيوية، رغم أن عطلات نهاية العام أدت إلى تراجع السيولة وإبطاء حركة التجارة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد يمسك أحد العملاء بأوراق نقدية هندية من فئة مائة روبية بالقرب من كشك صرافة على جانب الطريق في نيودلهي (رويترز)

شح السيولة وضغوط العملة يسيطران على المشهد المالي الهندي نهاية العام

تراجعت قيمة الروبية الهندية خلال تعاملات يوم الاثنين، في ظل تدفقات متفرقة لطلبات شراء الدولار من جانب الشركات عبر البنوك الخاصة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

قررت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 55 في المائة على واردات لحوم الأبقار التي تتجاوز مستويات الحصص من الدول المورِّدة الرئيسية، بما في ذلك البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة، في خطوة لحماية صناعة الماشية المحلية التي بدأت تتعافى تدريجياً من فائض العرض. وأعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الأربعاء، أن إجمالي حصة الاستيراد لعام 2026 للدول المشمولة بإجراءاتها الوقائية الجديدة يبلغ 2.7 مليون طن متري، وهو ما يتماشى تقريباً مع الرقم القياسي البالغ 2.87 مليون طن الذي استوردته الصين إجمالاً في عام 2024. وقالت الوزارة، في بيانها الذي جاء عقب تحقيقٍ أُعلن عنه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إن «زيادة كمية لحوم الأبقار المستوردة ألحقت ضرراً بالغاً بالصناعة المحلية في الصين». ويسري هذا الإجراء ابتداءً من 1 يناير (كانون الثاني)، ولمدة ثلاث سنوات، مع زيادة إجمالي الحصة سنوياً. وقد انخفضت واردات لحوم الأبقار إلى الصين بنسبة 0.3 في المائة، خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، لتصل إلى 2.59 مليون طن. وقال هونغ تشي شو، كبير المحللين بشركة بكين أورينت للاستشارات الزراعية: «إن انخفاض واردات الصين من لحوم الأبقار في عام 2026 أمر لا مفر منه. تربية الأبقار في الصين ليست قادرة على المنافسة، مقارنة بدول مثل البرازيل والأرجنتين. ولا يمكن تغيير هذا الوضع على المدى القصير، من خلال التقدم التكنولوجي أو الإصلاحات المؤسسية، لذلك من الضروري فرض مثل هذه الإجراءات التقييدية على المنتجات المستوردة». وفي عام 2024، استوردت الصين 1.34 مليون طن من لحوم البقر من البرازيل، و594567 طناً من الأرجنتين، و216050 طناً من أستراليا، و243662 طناً من أوروغواي، و150514 طناً من نيوزيلندا، و138112 طناً من الولايات المتحدة. إلا أن الشحنات الأسترالية إلى الصين شهدت، في عام 2025، ارتفاعاً ملحوظاً، مستحوذةً على حصة سوقية على حساب لحوم الأبقار الأميركية، وذلك بعد أن سمحت بكين، في مارس (آذار) الماضي، بانتهاء صلاحية تصاريح مئات من منشآت اللحوم الأميركية، وفي ظلّ شنّ الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية متبادلة. وبلغت صادرات لحوم الأبقار الأسترالية إلى الصين 294957 طناً في الأشهر الأحد عشر الأولى من 2025، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، وهو رقم يتجاوز بكثير مستويات الحصص المحددة للسنوات الثلاث المقبلة. وفيما يتعلق بالحماية المحلية، أعلنت الصين، يوم الأربعاء، هذه الإجراءات بعد تمديدين لتحقيقها في واردات لحوم الأبقار الذي بدأ في ديسمبر 2024، والذي يقول المسؤولون إنه لا يستهدف أي دولة بعينها. وقال زينغيونغ تشو، الباحث بمعهد علوم الحيوان، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إن الرسوم الجمركية ستساعد في الحد من انخفاض مخزون الأبقار الحلوب بالصين، وستمنح شركات لحوم الأبقار المحلية وقتاً لإجراء تعديلات وتحسينات.


السعودية تعزِّز حضورها في سوق الذهب العالمية بدفع استثماري وتشريعي

داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)
داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)
TT

السعودية تعزِّز حضورها في سوق الذهب العالمية بدفع استثماري وتشريعي

داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)
داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)

تُرسِّخ السعودية موقعها بوصفها لاعباً صاعداً في سوق الذهب العالمية، مستندة إلى ثروات معدنية تُقدَّر بأكثر من 9.4 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار)، يشكِّل الذهب نحو 15 في المائة منها، بما يعكس الإمكانات الضخمة التي تمتلكها المملكة في قطاع التعدين، ويعزِّز دورها كمركز عالمي للمعادن الاستراتيجية.

وفي ظل الارتفاع القياسي لأسعار الذهب عالمياً التي تجاوزت 4530 دولاراً للأونصة خلال عام 2025، نتيجة زيادة الطلب من المستثمرين والبنوك المركزية، تمضي المملكة في تطوير قطاع الذهب بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030» الرامية إلى تنويع القاعدة الاقتصادية.

قدمت وزارة الصناعة والثروة المعدنية هذه المعلومات لصحيفة «الشرق الأوسط»، موضحة السياسات والحوافز التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير سلسلة القيمة، وضمان استدامة النشاط التعديني بيئياً واقتصادياً.

أعمال بأحد مناجم الذهب في السعودية (واس)

بيئة استثمارية جاذبة

عملت الوزارة على تطوير بيئة الاستثمار في قطاع التعدين، من خلال منظومة متكاملة من المبادرات التشريعية والتنظيمية والحوافز، استهدفت تعزيز الشفافية ورفع مستوى التنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولا سيما في قطاع الذهب.

ومن أبرز هذه الخطوات إصدار نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية في عام 2021، بما يضمن وضوح الإجراءات وشفافيتها، مع السماح للمستثمرين الأجانب بالتملك بنسبة مائة في المائة، والتأكيد على التزام الشركات بالاشتراطات البيئية، والمساهمة في تنمية المجتمعات المحلية المحيطة بالمشروعات التعدينية.

ويمنح النظام المستثمرين الحق الحصري في تحويل رخصة الاستكشاف إلى رخصة استغلال لاحقاً؛ حيث تُمنح رخصة الكشف لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد لفترتين، ليصل مجموعها إلى 15 سنة كحد أقصى، ما يوفر استقراراً تشريعياً، ويحد من المخاطر الاستثمارية في المراحل المبكرة.

وعلى صعيد تمكين المستثمرين معرفياً، أولت الوزارة أهمية كبيرة لإتاحة البيانات الجيولوجية والمسوحات الجيوفيزيائية التي أُجريت منذ سبعينات القرن الماضي وحتى اليوم، من خلال البرنامج العام للمسح الجيولوجي الذي غطَّى مساحة «الدرع العربي» كاملة، البالغة نحو 700 ألف كيلومتر مربع، والغنية بالمعادن، وفي مقدمتها الذهب.

وتتاح هذه البيانات عبر المنصة الوطنية الجيولوجية، بما يمكِّن المستثمرين من الاطلاع على تراكيز المعادن وتوزيعاتها، واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على معلومات دقيقة.

قفزة في الإنفاق

وشهد قطاع الاستكشاف في المملكة نمواً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الماضية؛ إذ ارتفع الإنفاق على الاستكشاف 5 أضعاف ليصل إلى أكثر من مليار ريال (266.6 مليون دولار)، بالتوازي مع زيادة عدد رخص الكشف بنسبة 40 في المائة.

وفي إطار تقليل المخاطر الأولية لشركات الاستكشاف، أطلقت الوزارة في عام 2024، بالتعاون مع وزارة الاستثمار: «برنامج تمكين الاستكشاف التعديني» الذي يقدِّم دعماً يصل إلى 7.5 مليون ريال (1.9 مليون دولار) لكل رخصة، مع إتاحة التقديم على ما يصل إلى 15 رخصة لكل شركة.

وبلغ إجمالي الدعم في النسخة الأولى من البرنامج 70.5 مليون ريال (18.8 مليون دولار) استفادت منه 6 شركات، على أن يشترط للحصول على هذه الحوافز وجود رخصة كشف نشطة من فئة المعادن (أ)، والالتزام بتعزيز المحتوى المحلي من خلال القيمة الفعلية للاتفاقات الاستثمارية داخل المملكة.

ولا تتوقف رحلة التمكين عند مرحلة الاستكشاف؛ إذ تمنح الوزارة إعفاءات من المقابل المالي للاستخراج لمدة 5 سنوات، وفقاً لما نصَّت عليه اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار التعديني.

كما يتم تخفيض المقابل المالي لاستغلال الموارد بنسبة تصل إلى 90 في المائة، في حال توطين الصناعات التعدينية وسلاسل القيمة داخل المملكة.

وأسهمت هذه المبادرات مجتمعة في تحسين موقع المملكة على خريطة التعدين العالمية؛ حيث قفز ترتيب السعودية في مؤشر جاذبية الاستثمار في التعدين الصادر عن معهد «فريزر» الكندي من المرتبة 104 في عام 2013 إلى المرتبة 23 حالياً.

أعمال حفر بأحد مناجم الذهب في السعودية (واس)

مناجم تاريخية

وتنتج المملكة حالياً نحو 500 ألف أوقية من الذهب سنوياً، وتضم 7 مناجم قائمة، في مقدمتها منجم مهد الذهب الذي يُعد من أقدم المناجم في العالم؛ إذ بدأ استخراج الذهب منه قبل أكثر من 3 آلاف عام، وأُعيد تشغيله تجارياً في عام 1988 على يد «شركة التعدين العربية السعودية (معادن)»، وينتج حالياً نحو 30 ألف أوقية سنوياً.

كما يُعد منجم منصورة ومسرة من أحدث المناجم؛ إذ بدأ الإنتاج في الربع الأخير من عام 2022، ومن المخطط أن يصل إنتاجه إلى نحو 250 ألف أوقية سنوياً، إلى جانب مناجم الدويحي، والصخيبرات، وبلغة، والأمار، وجبل قيان.

استدامة بيئية

وفي جانب الاستدامة وتقليل الآثار البيئية، أنشأت الوزارة «الشركة السعودية لخدمات التعدين (إسناد)»، لتسهيل وتنظيم إجراءات إصدار التراخيص التعدينية، والقيام بدور رقابي شامل على المواقع التعدينية، بما يضمن التزام المستثمرين بأحكام النظام ولائحته التنفيذية، وحماية المجتمعات المحلية، وتقليل الأثر البيئي.

وتعمل المملكة وفق معايير دولية، تشمل إلزام المستثمرين بإجراء دراسات تقييم الأثر البيئي، والحصول على الموافقات اللازمة قبل إصدار رخص الاستكشاف، وربط شروط الترخيص بالامتثال البيئي والفني والاجتماعي.

كما تشترط تقديم خطط واضحة لإغلاق المناجم بعد انتهاء النشاط، تتضمن إعادة التأهيل التدريجي، وإعادة تشكيل التضاريس، ومعالجة التربة، مع متابعة تنفيذ هذه الخطط.

إضافة إلى ذلك، توجد متطلبات دقيقة لإدارة المخلفات والنفايات الخطرة، وتقديم تقارير دورية عن الأداء البيئي وجودة المياه والهواء.

صهر الذهب بأحد المناجم في السعودية (واس)

توطين القيمة المضافة

وفي إطار تعزيز القيمة المضافة محلياً، تسعى الوزارة إلى جذب كبرى المصافي العالمية للاستثمار في المملكة، بهدف استكمال سلسلة القيمة لقطاع الذهب. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصدير معظم الإنتاج المحلي من الذهب الخام إلى الخارج للتصفية، ثم إعادة استيراده.

ومن شأن توطين عمليات التصفية أن يعزِّز العائد الاقتصادي، ويدعم قيام صناعات تحويلية مرتبطة بالذهب، ويوفر فرصاً استثمارية ووظيفية جديدة، تسهم في نمو الاقتصاد الوطني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


«إكسبو 2030 الرياض» ترسّي العقد الرئيسي للبنية التحتية على «نسما وشركاهم»

رسم تخيلي لمخطط «إكسبو 2030 الرياض» (الشرق الأوسط)
رسم تخيلي لمخطط «إكسبو 2030 الرياض» (الشرق الأوسط)
TT

«إكسبو 2030 الرياض» ترسّي العقد الرئيسي للبنية التحتية على «نسما وشركاهم»

رسم تخيلي لمخطط «إكسبو 2030 الرياض» (الشرق الأوسط)
رسم تخيلي لمخطط «إكسبو 2030 الرياض» (الشرق الأوسط)

أعلنت شركة «إكسبو 2030 الرياض» ترسية العقد الرئيسي لأعمال البنية التحتية والمرافق الأساسية في موقع المشروع على مجموعة «نسما وشركاهم»، في خطوة تستهدف تسريع وتيرة التنفيذ والانتقال بالمشروع من مرحلة التخطيط والأعمال التمهيدية إلى مرحلة التنفيذ واسع النطاق على أرض الموقع.

وقالت الشركة إن حزمة الأعمال الجديدة تمثل محطة محورية في مسار تطوير «إكسبو 2030 الرياض»، بوصفه إحدى أكثر الوجهات طموحاً ضمن روزنامة المعارض الدولية، مشيرة إلى أن أعمال البنية التحتية والمرافق الرئيسة تُعدّ الأساس الذي ستُبنى عليه المراحل اللاحقة من الإنشاءات والتطوير، بما يضمن جاهزية الموقع لدعم المتطلبات التشغيلية للمعرض.

نطاق العقد

ويشمل نطاق العقد إنشاء الطرق داخل موقع «إكسبو»، وتنفيذ وتركيب شبكات المرافق والخدمات الأساسية التي ستشكل الهيكل الرئيس للبنية التحتية للمشروع، بما يصل إلى 50 كيلومتراً من شبكات المياه والصرف الصحي والأنظمة الكهربائية، إلى جانب شبكة محطات شحن السيارات الكهربائية وشبكات الاتصالات. وتُعدّ هذه الأعمال ركيزة ضرورية لتمكين المراحل التالية من تطوير المخطط العام، والبدء في تشييد أول الأعمال الإنشائية التي سترسم ملامح التجارب المخصصة لزوار «إكسبو 2030 الرياض».

مرحلة محورية

وأكد المهندس طلال المرّي، الرئيس التنفيذي لشركة «إكسبو 2030 الرياض»، أن ترسية العقد تمثل «مرحلة محورية» لتسريع الأعمال في الموقع، موضحاً أن بدء تنفيذ البنية التحتية الشاملة يهيئ الأسس اللازمة لضمان تنفيذ آمن ومتكامل وعالي الجودة وفق أفضل الممارسات العالمية عبر جميع مراحل التطوير، إلى جانب بناء «إرث مستدام» يمتد أثره إلى ما بعد 2030.

وأضاف المرّي أن ترسية العقد تمت قبل الموعد المحدد في الجدول الزمني المخطط له، ضمن نهج مرحلي يستهدف دفع التنفيذ، لافتاً إلى أن عام 2026 وبدايات 2027 سيشهدان تقدماً في أعمال إنشاءات البنية التحتية والمباني والمساحات العامة بالموقع.

تأسيس لقاعدة مراحل التطوير

من جهته، قال المهندس سامر عبد الصمد، الرئيس التنفيذي لمجموعة «نسما وشركاهم»، إن المجموعة تفخر بثقة «إكسبو 2030 الرياض» بإسناد الحزمة الرئيسة من أعمال البنية التحتية إليها، مؤكداً أن المشروع «لا يقاس بحجمه فحسب، بل بما يتطلبه من دقة وتكامل ومسؤولية» في التنفيذ وفق أعلى المعايير، وأن المجموعة ستعمل على تطوير بنية تحتية عالية الجودة تدعم رؤية «إكسبو 2030 الرياض» وتؤسس لقاعدة متينة لمراحل التطوير اللاحقة.

وأكدت شركة «إكسبو 2030 الرياض» في الوقت ذاته التزامها تضمين أعلى معايير الجودة والابتكار، إلى جانب تطبيق أفضل ممارسات الاستدامة ورعاية العاملين وضمان صحتهم وسلامتهم في مختلف مراحل التطوير، ضمن نهج البناء المسؤول، وتوفير بيئة عمل آمنة وشاملة للفرق المشاركة كافة في تنفيذ المشروع.