الصين تدرب نماذج الذكاء الاصطناعي بالخارج لتجاوز قيود الرقائق

تحرك دبلوماسي وتنظيمي لحماية سلاسل التوريد وبكين تضغط لحل أزمة «نيكسبيريا»

شعار شركة «إنفيديا» للرقائق في معرض بفرنسا (رويترز)
شعار شركة «إنفيديا» للرقائق في معرض بفرنسا (رويترز)
TT

الصين تدرب نماذج الذكاء الاصطناعي بالخارج لتجاوز قيود الرقائق

شعار شركة «إنفيديا» للرقائق في معرض بفرنسا (رويترز)
شعار شركة «إنفيديا» للرقائق في معرض بفرنسا (رويترز)

في ظل تسارع المنافسة العالمية على تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، تتحرك الصين عبر مسارات متعددة لحماية مكانتها التكنولوجية ومصالحها الصناعية. فمن جهة، تنقل شركات التكنولوجيا العملاقة تدريب نماذجها إلى الخارج للالتفاف على القيود الأميركية؛ ومن جهة أخرى تضغط بكين لحل نزاعات تُهدد سلاسل التوريد العالمية، بالتوازي مع خطوات داخلية تهدف إلى طمأنة الشركات الأجنبية وتعزيز بيئة الأعمال.

ووفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز»، اتجهت شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى، وعلى رأسها «علي بابا» و«بايت دانس»، إلى تدريب أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في مراكز بيانات تقع في جنوب شرق آسيا. وتهدف هذه الخطوة إلى الاستفادة من شرائح «إنفيديا» المتقدمة التي أصبحت خاضعة لقيود أميركية مشددة تمنع تصديرها إلى الصين.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن التدريب الخارجي ازداد منذ قرار الولايات المتحدة في أبريل (نيسان) الماضي تقييد بيع شريحة «إتش 2 أو»؛ ما دفع الشركات إلى الاعتماد على مراكز بيانات مملوكة لجهات غير صينية لتجنّب الرقابة.

وبينما تتجه معظم الشركات إلى الخارج، تُعد شركة «ديب سيك» استثناءً؛ إذ استطاعت تدريب نماذجها داخل الصين بعد شراء مخزون كبير من رقائق «إنفيديا» قبل القيود، كما تتعاون حالياً مع شركات محلية، بينها «هواوي»، لتطوير جيل جديد من رقائق الذكاء الاصطناعي الصينية.

ورفضت «إنفيديا» التعليق على هذه التقارير، كما لم تستجب الشركات الصينية لطلبات التوضيح.

نزاع «نيكسبيريا»

وفي سياق موازٍ، دعت الصين هولندا إلى اتخاذ «إجراءات عملية» لإنهاء الأزمة المتعلقة بشركة«نيكسبيريا»، خلال اتصال جمع وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو بوزيرة الشؤون الاقتصادية والطاقة الألمانية كاثرينا رايشه، وفق بيان رسمي صدر الخميس.

وتعدّ بكين أن التدخل الإداري والقضائي الهولندي في الشركة ألحق ضرراً واضحاً بسلاسل توريد أشباه الموصلات العالمية، التي تصفها بأنها «هشة للغاية». ورغم قرار الحكومة الهولندية الأسبوع الماضي تعليق إجراءات الاستحواذ على الشركة، ترى الصين أن هذا الإجراء غير كافٍ وتطالب بسحب التدخل بالكامل.

ويأتي هذا النزاع في ظل دور هولندا المحوري في تصنيع معدات الرقاقات المتقدمة؛ ما يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى التوترات التكنولوجية بين الصين والغرب.

اجتماع تنظيمي في بكين

ووسط ضغوط خارجية متزايدة، تعمل الصين على تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب داخل البلاد. فقد أعلنت إدارة الدولة لتنظيم السوق أنها عقدت اجتماعاً موسعاً مع ممثلين عن شركات كبرى تمتد أنشطتها من التكنولوجيا إلى السلع الاستهلاكية، مثل «سامسونغ»، و«بي إم دبليو»، و«جونسون آند جونسون»، و«باير»، و«بروكتر آند غامبل»، و«إيكيا»؛ لمناقشة تعزيز المنافسة العادلة وتحسين بيئة العمل.

وقال نائب رئيس الهيئة منغ يانغ إن الصين ستشدد تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار، وستحسّن مراجعة الاندماجات وتطبيق قواعد المنافسة العادلة، في إطار توجه لبناء بيئة «قائمة على السوق والقانون ومعايير دولية».

وتكشف التطورات الثلاثة عن مشهد واحد تتقاطع فيه المصالح الاقتصادية والتكنولوجية والجيوسياسية، حيث توجد شركات صينية تضطر إلى تدريب نماذجها خارج الحدود لتجاوز القيود الأميركية على الرقائق المتقدمة، وضغوط دبلوماسية تمارسها بكين لحماية سلاسل التوريد الحيوية للرقاقات، وبالتزامن تحركات تنظيمية داخلية تهدف لطمأنة الشركات العالمية وجذب الاستثمارات.

وبينما يستمر الغرب في تشديد القيود على التكنولوجيا المتقدمة؛ تبدو الصين مستعدة للتحرك على أكثر من جبهة - عبر الشركات والدبلوماسية والأنظمة - لتأمين موقعها في قلب سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.