اليابان توسّع اعتمادها على الديون قصيرة الأجل لتمويل خطة التحفيز

«فيتش» تُحذر من مخاطر بشأن التصنيف الائتماني

جانب من نقاش الموازنة بين رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي وقادة المعارضة في البرلمان الياباني (أ.ف.ب)
جانب من نقاش الموازنة بين رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي وقادة المعارضة في البرلمان الياباني (أ.ف.ب)
TT

اليابان توسّع اعتمادها على الديون قصيرة الأجل لتمويل خطة التحفيز

جانب من نقاش الموازنة بين رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي وقادة المعارضة في البرلمان الياباني (أ.ف.ب)
جانب من نقاش الموازنة بين رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي وقادة المعارضة في البرلمان الياباني (أ.ف.ب)

تشهد الأسواق المالية اليابانية إحدى أعلى المراحل حساسية منذ سنوات، مع تسارع حكومي غير مسبوق لتمويل حزمة تحفيز جديدة عبر زيادة إصدار الديون قصيرة ومتوسطة الأجل، بالتزامن مع تحذيرات من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني بشأن مخاطر إضافية قد تهدد تصنيف اليابان السيادي.

فبعد أسبوع واحد فقط من إقرار حكومة رئيسة الوزراء، ساناي تاكايتشي، حزمة تحفيز بقيمة 21.3 تريليون ين (137 مليار دولار)، وهي الكبرى منذ جائحة «كوفيد19»، تستعد وزارة المالية لإجراء تعديل جديد على خطة إصدار السندات، وسط موجة بيع للسندات طويلة الأجل، وانخفاض في قيمة الين، أثارا مخاوف من فائض في المعروض من الديون.

* ديون قصيرة الأجل

ووفق مصادر مطلعة تحدثت إلى «رويترز»، فستتجه الحكومة بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل إلى زيادة مبيعات السندات لأجلَيْ عامين و5 أعوام بمقدار 100 مليار ين شهرياً لكل منهما، ورفع مبيعات أذون الخزانة المخفضة بنحو 6 تريليونات ين خلال العام المالي الحالي، مع الإبقاء على مبيعات السندات طويلة الأجل (10 أعوام و20 و30 و40 عاماً) دون تغيير.

ويعكس هذا التحوّل قلقاً حكومياً من ارتفاع عوائد السندات الطويلة، التي سجّلت مستويات قياسية بلغت 1.835 في المائة الأسبوع الماضي، قبل أن تتراجع إلى 1.795 في المائة يوم الخميس بعد تسريب تفاصيل الخطة، وهو ما رحّب به المستثمرون.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في «إس إم بي سي نيكو»: «المستثمرون ارتاحوا لعدم زيادة إصدار السندات طويلة الأجل... وهو ما خفّف الضغط على الجزء الطويل من منحنى العائد».

وفي سابقةٍ، قالت وزارة المالية إنها تدرس مراجعة نصف سنوية لخطة إصدار السندات، بناءً على طلبات قوية من المشاركين في سوق السندات.

وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز القدرة على التنبؤ، خصوصاً بعد أن اضطرت الوزارة هذا العام إلى تعديل خططها مرتين، نتيجة اضطرابات السوق وارتفاع العوائد.

* «فيتش» تحذر من «الخط الأحمر»

في المقابل، أبدت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني قلقاً واضحاً من مسار السياسة المالية الحالية، قائلةً إن الحزمة الجديدة «قد تزيد من المخاطر على التصنيف الائتماني الياباني إذا أدت إلى تخفيف مالي كبير وارتفاع مستدام في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي».

ورغم أن اليابان تعتمد بشكل كبير على قاعدة واسعة من المستثمرين المحليين، فإن الوكالة حذرت بأن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة سيزيد تكاليف خدمة الدين مع الوقت؛ مما يشكل خطراً على المدى المتوسط.

وتأتي هذه التطورات في لحظة دقيقة، حيث إن «بنك اليابان» لم يُحدد بعد توقيت استئناف رفع أسعار الفائدة، بينما تواجه الحكومة ضغوطاً لاحتواء التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة... في الوقت الذي تُعرف فيه تاكايتشي بتوجّهها نحو سياسات توسعية، مع تلميحاتها إلى إمكانية خفض الهدف المالي لليابان؛ مما يثير قلق المستثمرين من تراخٍ أكبر في الانضباط المالي.

كما تُظهر مسودة الخطة المالية أنّ الميزانية الإضافية ستبلغ نحو 18.3 تريليون ين، على أن يُموَّل ما يزيد على 60 في المائة منها عبر ديون جديدة.

* لحظة حاسمة

وبعد سنوات من أسعار الفائدة السلبية وسياسات نقدية بالغة التساهل، تجد اليابان نفسها أمام معادلة شديدة التعقيد، حيث إن التحفيز ضروري لدعم النمو في ظل تراجع الاستهلاك وضعف الطلب... لكن زيادة الديون تعيد فتح ملف «الاستدامة المالية» الذي يُعدّ الأعلى حساسية لدى الأسواق العالمية.

وتبدو الحكومة مصمّمة على المضي في خطتها، لكن السوق لا تزال قلقة من أن تؤدي السياسات الحالية إلى موجة جديدة من الضغوط على الين والسندات، خصوصاً إذا رفع «بنك اليابان» الفائدة في وقت غير متوقع.

وبهذا السيناريو، تدخل اليابان مرحلة قد تعيد رسم توازناتها المالية والنقدية، وسط مراقبة حذرة من الأسواق العالمية، وسؤال أكبر بشأن المدى الزمني الذي يمكن أن يسمح لطوكيو بدفع تكلفة التوسع المالي دون أن تدفع ثمناً أثقل على جبهتَي التصنيف الائتماني والدين العام.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.