«إنفيديا» تتجاوز التوقعات بأرباح متسارعة

رئيسها التنفيذي: لا أرى «فقاعة ذكاء اصطناعي»

زوار يوجهون أوامر للروبوتات في جناح «إنفيديا» بمعرض سلسلة التوريد الدولي في بكين (أ.ب)
زوار يوجهون أوامر للروبوتات في جناح «إنفيديا» بمعرض سلسلة التوريد الدولي في بكين (أ.ب)
TT

«إنفيديا» تتجاوز التوقعات بأرباح متسارعة

زوار يوجهون أوامر للروبوتات في جناح «إنفيديا» بمعرض سلسلة التوريد الدولي في بكين (أ.ب)
زوار يوجهون أوامر للروبوتات في جناح «إنفيديا» بمعرض سلسلة التوريد الدولي في بكين (أ.ب)

قال الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، جنسن هوانغ، الأربعاء، إنه لا يرى أي مؤشرات على وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بعدما فاجأت الشركة «وول ستريت» بنمو متسارع عقب أرباع عدة من تباطؤ المبيعات.

وأسهمت أرباح الرُّبع الثالث القوية وتوقعات الرُّبع الرابع المتفائلة في تهدئة مخاوف المستثمرين - ولو بشكل مؤقت - من أن يكون ازدهار الذكاء الاصطناعي قد تجاوز الأساسيات. وتعوّل الأسواق العالمية على أداء «إنفيديا» لاختبار ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد خلقت بالفعل فقاعة، وفق «رويترز».

وقال هوانغ، خلال مكالمة مع المحللين: «هناك كثير من الحديث حول وجود فقاعة في الذكاء الاصطناعي. ومن موقعنا، نرى واقعاً مختلفاً تماماً»، مشيراً إلى الطلب القوي من شركات الحوسبة السحابية على رقائق «إنفيديا». وأضاف: «نحن موجودون في كل منصة سحابية. يحبّنا المطوّرون لأننا حرفياً في كل مكان... من السحابة إلى الأنظمة المحلية والروبوتات والأجهزة الطرفية والحواسيب الشخصية. هندسة واحدة... وكل شيء يعمل بسلاسة. إنه أمر مذهل».

كما أعاد التأكيد على توقع سابق بأن لدى الشركة حجوزات بقيمة 500 مليار دولار لرقائقها المتقدمة حتى عام 2026.

وقفز سهم «إنفيديا» - المرجع الأكبر لأسهم الذكاء الاصطناعي - بنسبة 5 في المائة في التداولات الممتدة، ما قد يضيف نحو 220 مليار دولار إلى القيمة السوقية للشركة. وكانت الشكوك قبل الإعلان قد دفعت السهم إلى تراجع بنحو 8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، رغم صعوده بأكثر من 1200 في المائة خلال السنوات الـ3 الماضية، وفي الفترة نفسها تراجع السوق الأوسع بنحو 3 في المائة.

وعقب صدور النتائج، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1 في المائة، ما يشير إلى افتتاح قوي للأسهم الأميركية، يوم الخميس.

وقالت الشركة، الأعلى قيمة في العالم، إنها تتوقع تحقيق مبيعات بقيمة 65 مليار دولار في الرُّبع المالي الرابع، زائد أو ناقص 2 في المائة، مقارنة بتقديرات المحللين البالغة 61.66 مليار دولار وفق بيانات «إل إس إي جي». كما توقعت أن يبلغ هامش الربح الإجمالي المعدل 75 في المائة، زائد أو ناقص 50 نقطة أساس، في حين قالت المديرة المالية، كوليت كريس، إن الشركة تعتزم الحفاظ على الهامش في منتصف نطاق 70 في المائة خلال السنة المالية 2027.

وارتفعت مبيعات الرُّبع الثالث بنسبة 62 في المائة، مسجلة أول تسارع في النمو منذ 7 أرباع. وقفزت مبيعات قطاع مراكز البيانات - أكبر مصدر لإيرادات الشركة - إلى 51.2 مليار دولار في الرُّبع المنتهي في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، متجاوزة تقديرات المحللين البالغة 48.62 مليار دولار.

ودفعت نتائج «إنفيديا» أسهم منافستها «إيه إم دي»، إضافة إلى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «ألفابت» و«مايكروسوفت»، إلى الارتفاع.

النتائج قد لا تبدّد مخاوف الفقاعة

قال بعض المحللين إن الأرقام القوية، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية لتهدئة المخاوف المتعلقة بفقاعة الذكاء الاصطناعي.

وقال روبن روي من «ستيفل»: «القلق بشأن عدم استدامة نمو الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي لن يختفي على الأرجح».

وفي الرُّبع الثالث، زادت «إنفيديا» بشكل كبير نفقاتها لاستئجار رقائقها الخاصة لدى شركات الحوسبة السحابية التي لا تستطيع تأجيرها لعملائها، وبلغت قيمة هذه العقود 26 مليار دولار، أي أكثر من ضعف الرُّبع السابق.

وتستثمر شركات كبرى مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» مليارات الدولارات في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، ويشير بعض المستثمرين إلى أن هذه الشركات تعزز أرباحها بشكل مصطنع عبر تمديد العمر المحاسبي لمعدات الحوسبة، مثل رقائق «إنفيديا».

وازداد تركّز إيرادات الشركة، إذ شكّل 4 عملاء 61 في المائة من إيرادات الرُّبع الثالث، مقارنة بـ56 في المائة في الرُّبع الثاني.

كما ضاعفت «إنفيديا» استثماراتها في شركات الذكاء الاصطناعي التي تعدّ من أكبر عملائها، ما أثار مخاوف من نشوء «اقتصاد دائري» داخل القطاع. ففي سبتمبر (أيلول)، أعلنت الشركة نيتها استثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في «أوبن إيه آي» وتزويدها برقائق لمراكز البيانات.

وقال كينغاي تشان من «سامت إنسايتس»: «على الرغم من أن النتائج والتوقعات جاءت فوق التوقعات، فإننا نعتقد أن المستثمرين سيظلون قلقين بشأن استدامة ارتفاع الإنفاق الرأسمالي لدى العملاء، إضافة إلى قضية التمويل الدائري في قطاع الذكاء الاصطناعي».

عوائق محتملة أمام التوسّع

ومع استبعادها بشكل كبير من السوق الصينية بفعل قيود التصدير الأميركية، تتجه «إنفيديا» نحو أسواق جديدة في الشرق الأوسط؛ بحثاً عن مسارات نمو بديلة.

وقالت وزارة التجارة الأميركية، الأربعاء، إنها سمحت بتصدير ما يعادل 35 ألف رقاقة «بلاكويل» من «إنفيديا» إلى شركتين في السعودية والإمارات، في صفقة تتجاوز قيمتها مليار دولار وفق تقديرات السوق.

لكن عوامل خارجية قد تحدّ من قدرة الشركة على مواصلة التوسُع.

وقال المحلل جاكوب بورن من «إيماركيتر»: «مع بقاء الطلب على وحدات المعالجة الرسومية مرتفعاً جداً، يزداد تركيز المستثمرين على قدرة شركات الحوسبة السحابية على استيعاب هذه القدرات بالسرعة المطلوبة. السؤال هو: هل ستحدّ الاختناقات المادية المرتبطة بالطاقة والأراضي والبنية التحتية الكهربائية من تحويل هذا الطلب إلى إيرادات خلال 2026 وما بعدها؟».

وعندما سئل هوانغ عن أبرز العوائق أمام النمو، تحدّث بإسهاب عن حجم وتعقيد صناعة الذكاء الاصطناعي، من دون تحديد عائق واحد، مشيراً إلى أن هذا التحول يتطلب تخطيطاً دقيقاً في سلاسل التوريد والبنية التحتية والتمويل.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص الهندي يسجل أبطأ نمو خلال 10 أشهر في ديسمبر

الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة مومباي (رويترز)

القطاع الخاص الهندي يسجل أبطأ نمو خلال 10 أشهر في ديسمبر

أظهر مسح أُجري على الشركات الخاصة يوم الثلاثاء أن نشاط القطاع الخاص في الهند نما بأبطأ وتيرة له خلال عشرة أشهر في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد صورة لخط الإنتاج في مصنع ألعاب «ساينس فور يو» في لشبونة بالبرتغال (أرشيفية - رويترز)

النشاط التجاري في منطقة اليورو يواجه تباطؤاً مفاجئاً قبل نهاية 2025

تباطأ نمو النشاط التجاري في منطقة اليورو بوتيرة أكبر من المتوقع مع اقتراب نهاية عام 2025، حيث تفاقم الانكماش في قطاع التصنيع.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد شخص ينظر من حديقة على سطح مبنى في منطقة الأعمال بمدينة لندن (رويترز)

الشركات البريطانية تشهد ارتياحاً بعد إعلان موازنة ريفز

أظهرت مؤشرات مديري المشتريات أن الشركات البريطانية شهدت بعض الارتياح بعد موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شاشة تعرض شعار عملة «البتكوين» (أ.ف.ب)

قوانين جديدة تضبط سوق العملات المشفرة في بريطانيا ابتداءً من 2027

تعتزم حكومة المملكة المتحدة وضع العملات الرقمية المشفرة، مثل «البتكوين»، تحت إطار تنظيمي يخضع لنفس القواعد التي تحكم الخدمات المالية التقليدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

ارتفاع الأسهم الأوروبية بدعم من قطاع البنوك

افتتحت الأسهم الأوروبية تداولات الجمعة على ارتفاع، متأثرةً بمكاسب «وول ستريت»، التي سُجِّلت خلال الليل، بعد أن أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند مستوى قياسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اقتصاد اليابان على مفترق طرق

علم اليابان مرفوع على مقر البنك المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
علم اليابان مرفوع على مقر البنك المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد اليابان على مفترق طرق

علم اليابان مرفوع على مقر البنك المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
علم اليابان مرفوع على مقر البنك المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)

يقترب الاقتصاد الياباني من نهاية عام 2025 وهو يقف عند مفترق طرق دقيق، تتقاطع فيه مؤشرات متباينة بين تباطؤ قطاع التصنيع، وتراجع نسبي في زخم الخدمات، مقابل تصميم واضح من بنك اليابان على المضي قدماً في تشديد سياسته النقدية، إلى جانب خطوات حكومية لضبط سوق العقارات في مواجهة تصاعد الاستثمارات الأجنبية ذات الطابع المضاربي. وتعكس أحدث البيانات الصادرة عن القطاع الخاص، والحكومة، والبنك المركزي صورة اقتصاد يحاول تحقيق توازن صعب بين احتواء التضخم، ودعم النمو، وحماية الاستقرار الاجتماعي في بلد يواجه تحديات هيكلية عميقة، أبرزها شيخوخة السكان، وارتفاع تكاليف المعيشة.

• التصنيع يتقلص بوتيرة أبطأ. وأظهرت مسوح مديري المشتريات أن نشاط القطاع الصناعي في اليابان واصل الانكماش في ديسمبر (كانون الأول)، لكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالشهر السابق. فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي الصادر عن «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى 49.7 نقطة من 48.7 في نوفمبر (تشرين الثاني)، مسجلاً الشهر السادس على التوالي دون مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. ويشير هذا التحسن النسبي إلى بوادر استقرار محتملة، إذ تراجع الطلب على السلع بأبطأ وتيرة له خلال عام ونصف، رغم استمرار ضعف الإنتاج، والمبيعات. وقالت أنابيل فيدس، المديرة المساعدة للاقتصاد في «إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس» إن «النمو لا يزال يتركز في قطاع الخدمات، في وقت يواصل فيه قطاع التصنيع المعاناة، وإن كانت حدة التراجع قد بدأت تخف». غير أن التفاؤل يبقى حذراً، إذ أظهر المسح أن ثقة الشركات حيال آفاق 2026 ما زالت قوية نسبياً، لكنها تراجعت مقارنة بالشهر السابق، لا سيما لدى المصنّعين الذين أرجعوا ذلك إلى ضبابية الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومخاطر الرسوم الجمركية الأميركية، وضعف الاستهلاك المحلي.

• الخدمات تفقد بعض الزخم. في المقابل، سجّل قطاع الخدمات، الذي شكّل خلال العامين الماضيين محرك النمو الرئيس للاقتصاد الياباني، تباطؤاً طفيفاً. فقد تراجع مؤشر مديري المشتريات للخدمات إلى 52.5 نقطة في ديسمبر من 53.2 في نوفمبر، في إشارة إلى فقدان بعض الزخم مع اقتراب نهاية العام. وعند جمع بيانات التصنيع، والخدمات، انخفض المؤشر المركّب إلى 51.5 نقطة من 52.0 نقطة، ما يعكس نمواً اقتصادياً معتدلاً، لكنه أقل قوة مقارنة بالأشهر السابقة. ورغم ذلك، أظهر المسح ارتفاع التوظيف بأسرع وتيرة منذ مايو (أيار) 2024، وزيادة الأعمال المتراكمة بأسرع وتيرة في عامين ونصف، في مؤشر على استمرار الطلب الكامن. لكن في المقابل، تسارعت وتيرة التضخم إلى أعلى مستوى لها في ثمانية أشهر، مع قيام الشركات في قطاعي السلع والخدمات برفع أسعار البيع، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والعمالة.

• رفع تاريخي للفائدة على الأبواب. وسط هذه المعطيات، يستعد بنك اليابان لاتخاذ خطوة مفصلية برفع سعر الفائدة إلى أعلى مستوى له في 30 عاماً. وتشير التوقعات على نطاق واسع إلى أن البنك سيرفع سعر الفائدة الأساسي من 0.5 في المائة إلى 0.75 في المائة في اجتماعه المقرر اختتامه في 19 ديسمبر، في ثاني رفع للفائدة هذا العام. وتمثل هذه الخطوة محطة جديدة في مسار تطبيع السياسة النقدية، بعد عقود من أسعار الفائدة القريبة من الصفر، وبرامج التيسير غير التقليدية. ويعكس القرار قناعة متزايدة لدى محافظ البنك كازو أويدا بأن اليابان أحرزت تقدماً في ترسيخ دورة مستدامة من التضخم المصحوب بنمو الأجور، وهو الشرط الذي وضعه البنك للمضي في تشديد السياسة النقدية. وأظهرت نتائج استطلاع نادر أجراه البنك هذا الأسبوع أن معظم فروعه الإقليمية تتوقع استمرار زيادات الأجور القوية العام المقبل، مدفوعة بنقص اليد العاملة، وهو ما يدعم رؤية البنك بشأن متانة الطلب المحلي على المدى المتوسط. ومع ذلك، شدد صانعو السياسات على أنهم سيتحركون بحذر، مع ربط أي زيادات إضافية في أسعار الفائدة بتفاعل الاقتصاد مع كل خطوة، في ظل تقديرات البنك بأن مستوى الفائدة «المحايد» (الذي لا يسفر عن انكماش أو نمو) يتراوح بين 1 و2.5 في المائة.

• مخاوف الين والتضخم. ويواجه بنك اليابان تحدياً مزدوجاً يتمثل في تجنب إثارة موجة جديدة من ضعف الين، وفي الوقت نفسه عدم التراخي في مواجهة الضغوط التضخمية. فرغم أن ضعف العملة يدعم أرباح المصدّرين، فإنه يرفع تكلفة الواردات، خصوصاً الغذاء، والطاقة، ويزيد العبء على الأسر التي تعاني أصلاً من تآكل الأجور الحقيقية. وقد تجاوز عدد السلع الغذائية والمشروبات التي شهدت زيادات سعرية هذا العام 20 ألف صنف، بزيادة حادة مقارنة بعام 2024، ما يعكس حجم الضغوط التضخمية التي تواجه المستهلكين. وتحذّر تحليلات اقتصادية من أن أي تراجع حاد في الين قد يعقّد مسار رفع الفائدة في 2026. وفي موازاة التطورات النقدية، أعلنت الحكومة اليابانية عن نيتها تشديد قواعد شراء الأجانب للعقارات، في خطوة تعكس القلق المتزايد من المضاربات في سوق الإسكان. وقالت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما إن القواعد الجديدة ستُلزم الأجانب الذين يشترون عقارات سكنية بتقديم تقارير للحكومة، بعد أن كان هذا الإجراء يقتصر على العقارات المخصصة للاستثمار. ومن المقرر أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ اعتباراً من أبريل (نيسان) المقبل، وتهدف إلى تمكين السلطات من «فهم الصورة الكاملة» لحجم تملك الأجانب للعقارات، في ظل تزايد حالات شراء مساكن لأغراض مضاربية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه سوق العقارات في المدن الكبرى، مثل طوكيو وأوساكا، ضغوطاً متزايدة على الأسعار، ما يثير مخاوف اجتماعية تتعلق بإمكانية تراجع القدرة على السكن لدى المواطنين.

• توازن دقيق في عام مفصلي. ومع اقتراب عام 2025 من نهايته، تبدو اليابان أمام مرحلة دقيقة تتطلب إدارة متوازنة للسياسات الاقتصادية. فتباطؤ التصنيع، وتشديد السياسة النقدية، وضبط سوق العقارات، كلها عوامل مترابطة ستحدد مسار الاقتصاد في 2026. وبينما تراهن السلطات على أن رفع الفائدة التدريجي سيعزز استقرار الأسعار من دون خنق النمو، يبقى نجاح هذا الرهان مرهوناً بتطورات الاقتصاد العالمي، ومسار الين، وقدرة الشركات والأسر على التكيف مع بيئة مالية أكثر تشدداً بعد سنوات طويلة من التيسير.


«وول ستريت» تستعد لتداول الأسهم على مدار الساعة… والبنوك حذرة

لافتة «وول ستريت» تظهر خارج بورصة نيويورك (رويترز)
لافتة «وول ستريت» تظهر خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تستعد لتداول الأسهم على مدار الساعة… والبنوك حذرة

لافتة «وول ستريت» تظهر خارج بورصة نيويورك (رويترز)
لافتة «وول ستريت» تظهر خارج بورصة نيويورك (رويترز)

يقترب التداول المستمر على مدار الساعة في أسواق الأسهم الأميركية من أن يصبح واقعاً، لكن هذه الخطوة لا تحظى بإجماع المتحمسين في «وول ستريت». ففي الوقت الذي تستعد فيه الأسواق لتطبيق نمط التداول شبه المستمر على نطاق واسع العام المقبل، وتتخذ البورصات خطواتها التنفيذية اللازمة، تتردّد الكثير من البنوك الأميركية الكبرى في الدفع بقوة نحو تمكين هذا التداول الممتد للأسهم. وفي هذا السياق، قدمت بورصة «ناسداك»، الاثنين، أوراقاً رسمية للهيئات التنظيمية لغرض تمديد فترة التداول اليومية إلى 23 ساعة في أيام الأسبوع.

يأتي هذا التوجه في وقت طالبت فيه الأسواق العالمية منذ سنوات بالحصول على وصول أكبر إلى أسواق رأس المال الأميركية؛ ما دفع المنظمين إلى تقديم قواعد جديدة والموافقة على مقترحات البورصات الكبرى لتمديد ساعات التداول.

من داخل قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

تساؤلات حول المخاطر

بينما تعمل البورصات الأميركية ومؤسسات المقاصة وشركات البنية التحتية السوقية على إعداد الطريق التقني، أثار بعض كبار المتعاملين الأميركيين مخاوف بشأن المخاطر المرتبطة بهذه الخطوة، التي ستتطلب استثمارات بمليارات الدولارات مع عدم ضمان تحقيق أرباح كبيرة.

وقال باتريك مولي، محلل أبحاث أول في «بايبر ساندلر»: «يُنظر إليها أكثر على أنها مصدر إزعاج من كونها فرصة لزيادة الإيرادات. تحتاج البنوك والوسطاء إلى توسيع القدرات التقنية والدعم، ومن الصعب الآن معرفة سرعة استرجاع هذا الاستثمار».

وتقوم البنوك بتقييم التكاليف والفوائد والمخاطر المرتبطة بتمكين التداول المستمر، بينما أشار بعض التنفيذيين مؤخراً إلى مخاوف بشأن إدارة المخاطر خلال الأحداث التي تؤثر بشكل كبير على السوق. وقالت سونالي ثايسن من «بنك أوف أميركا: «نحتاج إلى ضمان وجود الحماية المناسبة لإدارة المخاطر قبل إطلاق هذا النظام في السوق».

فوائد للمستثمرين خارج الولايات المتحدة

يجادل مؤيدو التداول على مدار الساعة بأنه سيسمح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات، خصوصاً خارج الولايات المتحدة، بالاستجابة السريعة للأخبار خارج ساعات السوق الأميركية. ومع ذلك، يحذّر خبراء السوق وكبار التنفيذيين من أن جودة التداول قد تتأثر بسيولة منخفضة أثناء الليل؛ ما قد يؤدي إلى أسعار أقل دقة، كما يشككون في وجود طلب فعلي كبير.

قال براين ساث من «إيفركور آي إس آي»: «لن نغير كل أنظمتنا وعملياتنا اليومية ونوظف أشخاصاً للعمل ليلاً إلا إذا كان هناك طلب مؤسسي واضح». وأوضح مسؤولون في «بلاك روك» أن الجلسات الليلية أقل سيولة؛ ما يزيد من فروق الأسعار والتقلبات وتكاليف التداول.

البورصات تستعد

بدأت كبرى البورصات في «وول ستريت» فعلياً في وضع الأسس والبنية التحتية اللازمة لتمكين التداول الموسع. ويأتي تحرك «ناسداك» الأخير في أعقاب إعلان بورصة نيويورك العام الماضي عن عزمها تقديم تداول يمتد لـ22 ساعة يومياً ضمن منصة «آركا» للأسهم، وهو الاقتراح الذي حظي بموافقة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) هذا العام.

ويتوقف النجاح الكامل للتداول المستمر في أواخر 2026 على تحديث رئيسي لمعالج معلومات الأوراق المالية لضمان عرض أدق الأسعار في الوقت الفعلي. كما تخطط مؤسسة الإيداع والمقاصة الأميركية (DTCC) لطرح نظام مقاصة الأسهم المستمر بحلول نهاية 2026، مع توقع أن تتراوح حصة التداول خلال الساعات الموسعة بين 1 و10 في المائة من إجمالي حجم التداول بحلول 2028.

متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

توقعات طويلة المدى

تسارعت وتيرة التداول المستمر هذا العام، مع سعي لجنة الأوراق المالية تحت قيادة بول أتكينز لتخفيف ما تعدّه قيوداً تنظيمية تعيق توسع الأسواق الأميركية.

وقال ستيف كويرك من «روبينهود»: «في غضون عامين، سنكون نتداول على مدار الساعة، وكل المشاركين في السوق بدأوا بالتحرك». وأضاف ستيفن بيرغر من «سيتادل» للأوراق المالية «إذا كان هناك طلب من المستثمرين للتداول خارج ساعات السوق، فإن دورنا هو توفير أفضل جودة تنفيذ وأفضل تجربة للمستثمرين».

يشير بعض التنفيذيين إلى أن التداول الليلي قد يتحول مستقبلاً نشاطاً بمليارات الدولارات، حتى لو لم يحدث ذلك على المدى القريب. قال مايكل ماسون من «سيتي»: هل سينطلق في 2026؟ ربما لا. هل يمكن أن ينطلق في 2027؟ نعم. هل سيكون سوقاً كبيراً بحلول 2028؟ أعتقد ذلك».


القطاع الخاص الهندي يسجل أبطأ نمو خلال 10 أشهر في ديسمبر

منظر عام لأفق مدينة مومباي (رويترز)
منظر عام لأفق مدينة مومباي (رويترز)
TT

القطاع الخاص الهندي يسجل أبطأ نمو خلال 10 أشهر في ديسمبر

منظر عام لأفق مدينة مومباي (رويترز)
منظر عام لأفق مدينة مومباي (رويترز)

أظهر مسح أُجري على الشركات الخاصة يوم الثلاثاء أن نشاط القطاع الخاص في الهند نما بأبطأ وتيرة له خلال عشرة أشهر في ديسمبر (كانون الأول)، نتيجة تباطؤ الطلبات الجديدة، وتوقف التوظيف تقريباً. وتشير البيانات إلى أن النمو في ثالث أكبر اقتصاد آسيوي لا يزال قوياً، لكنه يتباطأ مقارنةً بنسبة 8.2 في المائة المسجلة في الربع الأخير، مما يعزز الرأي القائل بأن ضغوط التضخم لا تزال محدودة.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي للهند الصادر عن بنك إتش إس بي سي، والذي تعدّه وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 58.9 نقطة هذا الشهر مقابل 59.7 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مسجلاً أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط). ويعتبر مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، وفق «رويترز».

وأرجع التقرير التباطؤ إلى ضعف نمو الطلبات الجديدة –وهو مؤشر رئيس للطلب– رغم تسارع نمو أعمال التصدير الجديدة إلى أعلى مستوى لها خلال ثلاثة أشهر.

وكان التباطؤ أكثر وضوحاً في قطاع إنتاج السلع، حيث انخفض معدل النمو إلى أضعف وتيرة له خلال عامين. وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأولي بنحو نقطة واحدة إلى 55.7 مقابل 56.6 في الشهر السابق، فيما انخفض مؤشر مديري المشتريات الخدمي بشكل أقل حدة إلى 59.1 مقابل 59.8.

ورغم نمو الإنتاج، سجل مؤشر التوظيف أدنى مستوى له منذ أوائل عام 2024، مع بقائه بالكاد فوق مستوى 50. وأوضحت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» في بيانها: «تشير الأدلة غير الرسمية من الشركات في قطاعي التصنيع والخدمات إلى أن أعداد القوى العاملة الحالية كافية بشكل عام لمواكبة تدفق الطلبات الجديدة».

وبناءً على ذلك، ظلت مستويات التوظيف ثابتة إلى حد كبير في ديسمبر، مع تسجيل الزيادة الطفيفة في أعداد القوى العاملة أقل وضوحاً منذ فبراير 2024. وارتفعت مستويات التوظيف في قطاع التصنيع بشكل طفيف، بينما ظل التوظيف في قطاع الخدمات مستقراً بشكل عام. ويعكس توقف التوظيف تراجعاً في التفاؤل، حيث انخفضت معنويات قطاع الأعمال للشهر الثالث على التوالي إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو (تموز) 2022، مع تركيز هذا التراجع بشكل رئيس في قطاع الخدمات.

وشهدت تكاليف المدخلات وأسعار البيع ارتفاعاً طفيفاً، مع انخفاض زيادات تكاليف الإنتاج في المصانع إلى أدنى مستوى لها منذ مارس (آذار).

وقال أندرو هاركر، مدير الشؤون الاقتصادية في «إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس»: «ساعدت الضغوط التضخمية المحدودة الشركات مع اقتراب نهاية العام».

ارتفاع أسعار السندات الهندية

وفي الأسواق، أغلقت السندات الحكومية الهندية على ارتفاع يوم الثلاثاء، مع استعداد المشاركين في السوق لعملية شراء مرتقبة من قبل بنك الاحتياطي الهندي في وقت لاحق من الأسبوع، تشمل سندات سيولة، وسندات قياسية سابقة.

واستقر عائد السندات القياسية لأجل 10 سنوات عند 6.5745 في المائة بعد أن أغلق عند 6.5931 في المائة يوم الاثنين. وينخفض العائد عادة مع ارتفاع أسعار السندات.

ومن المقرر أن يشتري البنك المركزي الهندي سندات بقيمة 500 مليار روبية (5.50 مليار دولار) يوم الخميس، بما في ذلك السندات القياسية السابقة بعائد 6.33 في المائة المستحقة في عام 2035.

وبعد خفض بنك الاحتياطي الهندي سعر الفائدة في 5 ديسمبر، واجهت عوائد السندات ضغوطاً تصاعدية بسبب توقعات انتهاء دورة التيسير النقدي، مع تحول التركيز نحو عدم التوازن بين العرض والطلب.

وفي الأسبوع الماضي، اشترى البنك المركزي كمية مماثلة من السندات بأسعار أعلى من التقديرات، مما رفع مشتريات البنك من السندات إلى مستوى قياسي خلال هذا العام المالي.

وقالت شركة «آي سي آي سي آي» للأوراق المالية: «بينما بدأت إجراءات تيسير السيولة التي أعلن عنها بنك الاحتياطي الهندي في اجتماع السياسة النقدية تؤتي ثمارها، نتوقع الإعلان عن إجراءات مماثلة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير». وأضافت: «تُرجّح هذه التقديرات أن تكون إيجابية نظراً لاستمرار تدخل البنك في أسواق الصرف الأجنبي، وإن كان بشكل أقل حدة».

كما قام المستثمرون الأجانب بتصفية جزء من استثماراتهم هذا الشهر، حيث باعوا سندات صافية بقيمة تزيد عن مليار دولار أميركي، متوقعين فترة توقف مطولة، وأيضاً قبيل نهاية العام.

وقال راهول بهوسكوت، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بهارتي أكسا» للتأمين على الحياة: «الارتفاع الأخير في عوائد السندات طويلة الأجل جعلها جذابة لإعادة بناء المراكز الاستثمارية».