قال الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، جنسن هوانغ، الأربعاء، إنه لا يرى أي مؤشرات على وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بعدما فاجأت الشركة «وول ستريت» بنمو متسارع عقب أرباع عدة من تباطؤ المبيعات.
وأسهمت أرباح الرُّبع الثالث القوية وتوقعات الرُّبع الرابع المتفائلة في تهدئة مخاوف المستثمرين - ولو بشكل مؤقت - من أن يكون ازدهار الذكاء الاصطناعي قد تجاوز الأساسيات. وتعوّل الأسواق العالمية على أداء «إنفيديا» لاختبار ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد خلقت بالفعل فقاعة، وفق «رويترز».

وقال هوانغ، خلال مكالمة مع المحللين: «هناك كثير من الحديث حول وجود فقاعة في الذكاء الاصطناعي. ومن موقعنا، نرى واقعاً مختلفاً تماماً»، مشيراً إلى الطلب القوي من شركات الحوسبة السحابية على رقائق «إنفيديا». وأضاف: «نحن موجودون في كل منصة سحابية. يحبّنا المطوّرون لأننا حرفياً في كل مكان... من السحابة إلى الأنظمة المحلية والروبوتات والأجهزة الطرفية والحواسيب الشخصية. هندسة واحدة... وكل شيء يعمل بسلاسة. إنه أمر مذهل».
كما أعاد التأكيد على توقع سابق بأن لدى الشركة حجوزات بقيمة 500 مليار دولار لرقائقها المتقدمة حتى عام 2026.
وقفز سهم «إنفيديا» - المرجع الأكبر لأسهم الذكاء الاصطناعي - بنسبة 5 في المائة في التداولات الممتدة، ما قد يضيف نحو 220 مليار دولار إلى القيمة السوقية للشركة. وكانت الشكوك قبل الإعلان قد دفعت السهم إلى تراجع بنحو 8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، رغم صعوده بأكثر من 1200 في المائة خلال السنوات الـ3 الماضية، وفي الفترة نفسها تراجع السوق الأوسع بنحو 3 في المائة.
وعقب صدور النتائج، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1 في المائة، ما يشير إلى افتتاح قوي للأسهم الأميركية، يوم الخميس.
وقالت الشركة، الأعلى قيمة في العالم، إنها تتوقع تحقيق مبيعات بقيمة 65 مليار دولار في الرُّبع المالي الرابع، زائد أو ناقص 2 في المائة، مقارنة بتقديرات المحللين البالغة 61.66 مليار دولار وفق بيانات «إل إس إي جي». كما توقعت أن يبلغ هامش الربح الإجمالي المعدل 75 في المائة، زائد أو ناقص 50 نقطة أساس، في حين قالت المديرة المالية، كوليت كريس، إن الشركة تعتزم الحفاظ على الهامش في منتصف نطاق 70 في المائة خلال السنة المالية 2027.
وارتفعت مبيعات الرُّبع الثالث بنسبة 62 في المائة، مسجلة أول تسارع في النمو منذ 7 أرباع. وقفزت مبيعات قطاع مراكز البيانات - أكبر مصدر لإيرادات الشركة - إلى 51.2 مليار دولار في الرُّبع المنتهي في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، متجاوزة تقديرات المحللين البالغة 48.62 مليار دولار.
ودفعت نتائج «إنفيديا» أسهم منافستها «إيه إم دي»، إضافة إلى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «ألفابت» و«مايكروسوفت»، إلى الارتفاع.
النتائج قد لا تبدّد مخاوف الفقاعة
قال بعض المحللين إن الأرقام القوية، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية لتهدئة المخاوف المتعلقة بفقاعة الذكاء الاصطناعي.
وقال روبن روي من «ستيفل»: «القلق بشأن عدم استدامة نمو الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي لن يختفي على الأرجح».
وفي الرُّبع الثالث، زادت «إنفيديا» بشكل كبير نفقاتها لاستئجار رقائقها الخاصة لدى شركات الحوسبة السحابية التي لا تستطيع تأجيرها لعملائها، وبلغت قيمة هذه العقود 26 مليار دولار، أي أكثر من ضعف الرُّبع السابق.
وتستثمر شركات كبرى مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» مليارات الدولارات في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، ويشير بعض المستثمرين إلى أن هذه الشركات تعزز أرباحها بشكل مصطنع عبر تمديد العمر المحاسبي لمعدات الحوسبة، مثل رقائق «إنفيديا».
وازداد تركّز إيرادات الشركة، إذ شكّل 4 عملاء 61 في المائة من إيرادات الرُّبع الثالث، مقارنة بـ56 في المائة في الرُّبع الثاني.
كما ضاعفت «إنفيديا» استثماراتها في شركات الذكاء الاصطناعي التي تعدّ من أكبر عملائها، ما أثار مخاوف من نشوء «اقتصاد دائري» داخل القطاع. ففي سبتمبر (أيلول)، أعلنت الشركة نيتها استثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في «أوبن إيه آي» وتزويدها برقائق لمراكز البيانات.
وقال كينغاي تشان من «سامت إنسايتس»: «على الرغم من أن النتائج والتوقعات جاءت فوق التوقعات، فإننا نعتقد أن المستثمرين سيظلون قلقين بشأن استدامة ارتفاع الإنفاق الرأسمالي لدى العملاء، إضافة إلى قضية التمويل الدائري في قطاع الذكاء الاصطناعي».
عوائق محتملة أمام التوسّع
ومع استبعادها بشكل كبير من السوق الصينية بفعل قيود التصدير الأميركية، تتجه «إنفيديا» نحو أسواق جديدة في الشرق الأوسط؛ بحثاً عن مسارات نمو بديلة.
وقالت وزارة التجارة الأميركية، الأربعاء، إنها سمحت بتصدير ما يعادل 35 ألف رقاقة «بلاكويل» من «إنفيديا» إلى شركتين في السعودية والإمارات، في صفقة تتجاوز قيمتها مليار دولار وفق تقديرات السوق.
لكن عوامل خارجية قد تحدّ من قدرة الشركة على مواصلة التوسُع.
وقال المحلل جاكوب بورن من «إيماركيتر»: «مع بقاء الطلب على وحدات المعالجة الرسومية مرتفعاً جداً، يزداد تركيز المستثمرين على قدرة شركات الحوسبة السحابية على استيعاب هذه القدرات بالسرعة المطلوبة. السؤال هو: هل ستحدّ الاختناقات المادية المرتبطة بالطاقة والأراضي والبنية التحتية الكهربائية من تحويل هذا الطلب إلى إيرادات خلال 2026 وما بعدها؟».
وعندما سئل هوانغ عن أبرز العوائق أمام النمو، تحدّث بإسهاب عن حجم وتعقيد صناعة الذكاء الاصطناعي، من دون تحديد عائق واحد، مشيراً إلى أن هذا التحول يتطلب تخطيطاً دقيقاً في سلاسل التوريد والبنية التحتية والتمويل.


