وسط تصاعد نفوذ «الصقور» في «الفيدرالي»... الرهان يتجه نحو تثبيت الفائدة في ديسمبر

أعمال التجديد في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
أعمال التجديد في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

وسط تصاعد نفوذ «الصقور» في «الفيدرالي»... الرهان يتجه نحو تثبيت الفائدة في ديسمبر

أعمال التجديد في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
أعمال التجديد في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

بينما بدأت الوكالات الأميركية يوم الجمعة الإعلان عن خططها لاستئناف نشر البيانات الاقتصادية التي تأخرت بسبب الإغلاق الحكومي، أعادت مجموعة من صانعي السياسة النقدية في «الاحتياطي الفيدرالي» التأكيد على مخاوفها المستمرة بشأن التضخم. هذا التشدد دفع المتعاملين في الأسواق المالية إلى تحويل رهاناتهم بشكل سريع، لترتفع احتمالية تثبيت سعر الفائدة في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)، مما يشير إلى أن قرار «الفيدرالي» القادم سيكون محل جدل حاد.

وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، عكست عقود الفائدة قصيرة الأجل -التي تُعد المؤشر الأفضل لتوقعات المتعاملين في الوقت الفعلي- احتمالاً بنسبة 60 في المائة لقرار عدم قيام البنك المركزي بخفض سعر الفائدة، في اجتماعه المقرر في ديسمبر، منهياً بذلك سلسلة التخفيضات المتتالية التي شهدتها الأسواق في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول). هذا التحول كان دراماتيكياً؛ إذ كانت احتمالات النتيجة نفسها متساوية تقريباً قبل 24 ساعة فقط، وقبل ذلك كانت الأسواق تميل بشدة لصالح خفض آخر على مدى أسابيع عدة، منذ قرار «الفيدرالي» في 29 أكتوبر. هذه الآراء المتضاربة بين صانعي السياسة والتحول السريع في رهانات السوق يؤكدان أن القرار المتوقع في اجتماع «الفيدرالي» يومي 9 و10 ديسمبر سيكون محل خلاف حاد للغاية.

قد تنعكس وجهات نظر المتعاملين مجدداً بالسهولة نفسها في الأسبوع التالي؛ خصوصاً عندما تبدأ الوكالات الإحصائية الحكومية في نشر البيانات الاقتصادية لأول مرة بعد انقطاع دام شهراً ونصف، وعندما يعلن مزيد من صانعي السياسة -بمن فيهم محافظ «الفيدرالي» المؤثر كريستوفر وولر- عن وجهات نظرهم.

أصوات «الصقور»

يوم الجمعة، كرر كل من جيفري شميد، رئيس «الاحتياطي» في كانساس سيتي، ولوري لوغان، رئيسة «الاحتياطي» في دالاس، وبيث هامك، رئيسة «الاحتياطي» في كليفلاند، المواقف المتشددة التي عبَّر عنها كل منهم بعد وقت قصير من خفض «الفيدرالي» سعر الفائدة الشهر الماضي.

وأكدت بيث هامك -متحدثةً أمام النادي الاقتصادي في بيتسبرغ- أنه «ليس من الواضح أن السياسة النقدية يجب أن تفعل المزيد في الوقت الحالي».

رئيسة بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في كليفلاند بيث هاماك تتحدث أمام النادي الاقتصادي في نيويورك (رويترز)

وكانت لوري لوغان متحفظة بالمثل؛ حيث أوضحت في مؤتمر للطاقة أنها «بالنظر إلى اجتماع ديسمبر، أعتقد أنه سيكون من الصعب دعم خفض آخر لأسعار الفائدة، ما لم نحصل على دليل مقنع على أن التضخم يتراجع بالفعل أسرع من توقعاتي، أو أننا نشهد أكثر من التباطؤ التدريجي الذي نراه في سوق العمل».

من جانبه، أشار جيفري شميد -متحدثاً في المؤتمر نفسه- إلى أن الأساس المنطقي وراء معارضته خفض الفائدة في أكتوبر لا يزال يوجه قراره بشأن اجتماع ديسمبر. وحذَّر من أن التخفيضات «قد تترك تأثيرات طويلة الأمد على التضخم؛ حيث يتعرض التزامنا بهدف 2 في المائة للتساؤل بشكل متزايد»، مؤكداً أنه لا يعتقد أن «مزيداً من التخفيضات في أسعار الفائدة ستحل التصدعات في سوق العمل التي من المرجح أن تنشأ عن تغييرات هيكلية في التكنولوجيا وسياسة الهجرة».

رئيس بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في كانساس سيتي جيفري شميد يحضر ندوة السياسة الاقتصادية لعام 2025 (رويترز)

على النقيض تماماً، دافع عضو مجلس محافظي بنك «الاحتياطي الفيدرالي» ستيفن ميران الذي كان قد عارض قرار أكتوبر؛ لكنه طالب بخفض أكبر، عن ضرورة إجراء خفض آخر لسعر الفائدة خلال ظهورين تلفزيونيين متتاليين. يشار إلى أن ميران الذي سيعود إلى منصبه مستشاراً اقتصادياً للبيت الأبيض عند انتهاء ولايته في يناير (كانون الثاني)، يتبنى وجهة نظر الرئيس دونالد ترمب بأن أسعار الفائدة لا تزال مرتفعة للغاية.

عضو مجلس محافظي بنك «الاحتياطي الفيدرالي» ستيفن ميران يتحدث خلال مقابلة مع قناة «سي إن بي سي» (رويترز)

وفي أعقاب خفض أكتوبر، كان رئيس «الفيدرالي» جيروم باول قد صرح بأن تحركات البنك تهدف إلى أن تكون بمثابة تأمين ضد تدهور محتمل في ظروف سوق العمل. ولكنه أشار -بسبب تأخر نشر المقاييس الاقتصادية الرئيسية- إلى أن البنك المركزي قد يحتاج إلى التباطؤ حتى ينجلي «ضباب» البيانات. كما نبه إلى وجود آراء قوية ومختلفة ضمن لجنة تحديد سعر الفائدة، مؤكداً أن خفض سعر الفائدة في ديسمبر «لا ينبغي اعتباره أمراً مفروغاً منه؛ بل هو بعيد كل البعد عن ذلك».

يبدو أن المتعاملين وافقوا على رأي باول يوم الجمعة، في الوقت الحالي على الأقل. ومن الممكن أن تنعكس آراء المتعاملين بسهولة الأسبوع المقبل عندما تبدأ الوكالات الحكومية في نشر البيانات الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عوائد سندات منطقة اليورو ترتفع قبل بيانات الوظائف الأميركية

ارتفعت عوائد السندات الحكومية في منطقة اليورو يوم الخميس، متأثرة بحركة سندات الخزانة الأميركية، في ظل تركيز المستثمرين على توقعات سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

توقعات خفض الفائدة تدفع الدولار لأدنى مستوياته في أسابيع

انخفض الدولار الأميركي، يوم الخميس، بعدما عزَّزت البيانات الاقتصادية الضعيفة مبررات خفض الفائدة المتوقع من جانب «الاحتياطي الفيدرالي»، الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد إنتاج سبائك الذهب في مصنع معالجة في منجم فارفارينسكوي للذهب في كازاخستان (رويترز)

تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»

انخفض سعر الذهب يوم الخميس مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح، وتوخّيهم الحذر قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.