قالت وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما، يوم الجمعة، إن الحكومة تراقب تحركات أسعار الصرف الأجنبي «بإحساس كبير بالاستعجال»، في أقوى تعليق لها بشأن العملة منذ توليها المنصب الأسبوع الماضي، في وقتٍ يواصل فيه الين تراجعه إلى أدنى مستوى له منذ تسعة أشهر.
وقالت كاتاياما خلال مؤتمرها الصحافي الدوري: «شهدنا مؤخراً تحركات سريعة وأحادية الجانب في سوق الصرف. تتابع الحكومة، بإحساس كبير بالاستعجال، التقلبات المفرطة والتحركات غير المنتظمة، بما في ذلك تلك التي يقودها المضاربون»، وفق «رويترز».
وكان الين قد لامس يوم الخميس مستوى 154.45 مقابل الدولار الأميركي - وهو الأضعف منذ منتصف فبراير (شباط) - بعدما خرج بنك اليابان من اجتماعه للسياسة النقدية بنبرة أقل تشدداً مما توقعه المتعاملون. في المقابل، تلقى الدولار دعماً بعدما صرح رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي جيروم باول بأن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر «ليس مضموناً بعد».
ومنذ تعيينها، التزمت كاتاياما بتصريحات حذرة بشأن أسعار الصرف، مؤكدة أهمية استقرار الأسواق المالية وضرورة أن تعكس تحركات العملات الأساسيات الاقتصادية. ورداً على قرار بنك اليابان يوم الخميس بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، قالت إن الخطوة «منطقية للغاية في ظل الظروف الراهنة».
أما بشأن تصريح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت عبر منصة «إكس»، الذي دعا الحكومة اليابانية إلى منح البنك المركزي مساحة أكبر لرفع أسعار الفائدة، فأكدت كاتاياما أن بيسنت «لم يقل شيئاً يتجاوز قدراتنا»، مشيرة إلى أنه «شخص ملمّ تماماً بالأنظمة اليابانية»، ومؤكدة أن البنك المركزي يتمتع بالاستقلالية الكاملة في تحديد توجهاته النقدية.
وأضافت أن بيسنت كان قد تبادل وجهات النظر قبل أسبوعين مع محافظ بنك اليابان كازو أويدا، ما يعني - بحسب قولها - أنه تفهّم موقف طوكيو وربما توقّع أن يبقي البنك على سياسته دون تغيير في هذا الاجتماع.
في الأثناء، ارتفع مؤشر «نيكي» الياباني إلى أعلى مستوى له على الإطلاق يوم الجمعة، مدعوماً بمكاسب قوية لأسهم التكنولوجيا بعد توقعات إيجابية للمبيعات من شركتَي «أمازون» و«أبل». كما شكل ضعف الين رياحاً مواتية لشركات التصدير الكبرى، بعد أن تراجع إلى أدنى مستوياته القياسية مقابل اليورو وأدنى مستوى له أمام الدولار منذ فبراير (شباط).
وقفز مؤشر «نيكي» بنسبة 2.1 في المائة إلى مستوى غير مسبوق بلغ 52391.45 نقطة في التعاملات المبكرة، قبل أن يستقر على زيادة قدرها 1.2 في المائة عند الساعة 02:00 بتوقيت غرينتش، محققاً مكاسب شهرية بنحو 15.5 في المائة. كما صعد مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 1.4 في المائة إلى مستوى قياسي جديد بلغ 3348.06 نقطة، قبل أن يغلق مرتفعاً بنسبة 0.6 في المائة.
وجاءت المكاسب مدفوعة بتقارير قوية من شركات التكنولوجيا الأميركية، إذ أعلنت «أمازون» عن أسرع نمو في إيرادات خدماتها السحابية منذ نحو ثلاث سنوات، فيما توقعت «أبل» مبيعات فصلية تتجاوز توقعات «وول ستريت»، خصوصاً في موسم عطلات نهاية العام.
وكانت أسهم شركات الرقائق اليابانية بين أبرز الرابحين، إذ قفز سهم «سوسيونكست» بنحو 14 في المائة، وارتفع سهم «أدفانتست» بنسبة 2.1 في المائة، فيما صعد سهم «هيتاشي» بنحو 7.7 في المائة مدعوماً بالطلب المتزايد على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
ويرى محللون أن صعود مؤشر «نيكي» مدفوع جزئياً بالزخم العالمي في قطاع الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن التفاؤل بشأن حزم تحفيزية محتملة في عهد رئيسة الوزراء الجديدة سناء تاكايتشي، التي يُتوقع أن تركز على الابتكار التكنولوجي ودعم النمو الصناعي.
وقال ناويا أوشيكوبو، كبير اقتصاديي السوق في شركة «إم يو إف جي» لإدارة الأصول: «تجاوز (نيكي) حاجز 52 ألف نقطة ليس سوى خطوة أولى على طريق الصعود. لدينا مجال لمزيد من الارتفاع، ربما بنحو 10 في المائة إضافية حتى أبريل المقبل. هذه ليست فقاعة، بل مسار نمو مدعوم بأساسيات قوية».
وفي أسواق السندات، عوضت سندات الحكومة اليابانية خسائرها يوم الجمعة بعد طلب قوي في مزاد لأجل عامين، منهية سلسلة من المبيعات الضعيفة لهذا الأجل. وعاد المستثمرون إلى سوق الدين عقب تبني محافظ بنك اليابان كازو أويدا نبرة متساهلة نسبياً، بعد أن قرر البنك تأجيل أي رفع جديد لأسعار الفائدة.
وقال شوكي أوموري، كبير استراتيجيي المكاتب في «ميزوهو» للأوراق المالية: «الطلب على السندات لأجل عامين تجدد بعد استبعاد مفاجأة متشددة، وانخفاض توقعات رفع الفائدة على المديين القصير والمتوسط».
وانخفض عائد السندات لأجل عامين بمقدار 1.5 نقطة أساس إلى 0.91 في المائة بعد نتائج المزاد، في حين تراجع العائد على سندات الثلاثين عاماً إلى 3.025 في المائة، وهو أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، واستقر العائد على سندات الخمس سنوات عند 1.21 في المائة.
وأظهر مؤشر الطلب - نسبة العرض إلى التغطية - تحسناً لافتاً إلى 4.35، ما يعكس انتعاش الثقة في أدوات الدين اليابانية بعد شهرين من الأداء الضعيف.
