ارتفعت الأسهم اليابانية إلى مستوى قياسي يوم الاثنين، بينما انخفض الين والسندات طويلة الأجل، مع تأكيد تولِّي ساناي تاكايتشي منصب رئيسة الوزراء القادمة للبلاد، مما عزز التوقعات بانتعاش الإنفاق الكبير والسياسة النقدية المتساهلة.
وارتفع مؤشر «نيكي 225» بنسبة 5 في المائة، ليصل إلى 48051.32، متجاوزاً 3 حواجز نفسية رئيسية عند ألف نقطة لأول مرة على الإطلاق. وارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 3.3 في المائة. وانخفضت قيمة سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً، مما دفع العائد إلى حافة مستوى قياسي مرتفع. وفي الوقت نفسه، انخفض العائد على سندات السنتين، مما يعكس توقعات برفع أسعار الفائدة لاحقاً من قِبل بنك اليابان.
وانخفض الين بنحو 2 في المائة مقابل الدولار، وبلغ أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل اليورو. وكانت تاكايتشي تعتبر صاحبة أكثر الأجندات المالية والنقدية توسعاً بين المرشحين الخمسة، في سباق الحزب «الليبرالي الديمقراطي» لخلافة رئيس الوزراء المتشدد شيغيرو إيشيبا.
وقال هيتوشي أساوكا، كبير الاستراتيجيين في شركة «أسيت مانجمنت ون»: «كان مؤشر (نيكي) في طريقه للوصول إلى 48000 نقطة بنهاية العام، ولكن بسبب اختيار تاكايتشي زعيمة للحزب (الديمقراطي الليبرالي)، فقد ارتفع المؤشر نحو هذا المستوى بالفعل».
وأضاف: «يرحب السوق بسياستها الإنفاقية، ولكن من غير المؤكد ما إذا كانت ستحقق هذا الهدف؛ لأن الحزب (الليبرالي الديمقراطي) لا يزال حزب أقلية. وقد يتراجع مؤشر (نيكي) مرة واحدة قبل نهاية العام».

ترقب وتحركات
وبدأت تاكايتشي يوم الاثنين استهداف المناصب الوزارية؛ حيث أفادت وسائل الإعلام بأنها تخطط لتعيين وزير الدفاع السابق مينورو كيهارا أميناً عاماً لمجلس الوزراء، وإعادة وزير الخارجية السابق توشيميتسو موتيجي إلى منصب كبير الدبلوماسيين في البلاد. ولم يتضح بعد اختيارها لمنصب وزير المالية، الذي سيتابعه المستثمرون من كثب.
وفي الفترة التي سبقت انتخابات الحزب «الليبرالي الديمقراطي»، برزت ما تعرف باسم «صفقة تاكايتشي» -حيث ركزوا على الأسهم وتوقعوا هبوطاً في سندات الحكومة اليابانية، وخصوصاً ذات الآجال الأطول- مما مهَّد الطريق لفوز تاكايتشي المؤيدة بشدة لسياسات التحفيز الاقتصادي التي تبناها رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، والتي تُعرف باسم «آبينوميكس».
ووصلت عوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل سنتين و5 سنوات و10 سنوات إلى مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية عام 2008، في الفترة التي سبقت انتخابات الحزب «الليبرالي الديمقراطي»، وذلك في ظل توقعات بأن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة في اجتماعه هذا الشهر. وانخفضت عوائد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل، مما أدى إلى تسطيح ما يُسمى «منحنى العائد».
وفي جولة الإعادة التي جرت يوم السبت، تغلبت تاكايتشي على وزير الزراعة شينجيرو كويزومي الذي كان يُنظر إليه على أنه أكثر مرونة في السياسة النقدية. وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة اليابانية في شركة «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «راهن السوق على فوز كويزومي، وكانوا على استعداد لتسطيح المنحنى... ولكن نظراً لقوة الرهان على كويزومي، سيستغرق الأمر بعض الوقت للتخلص من هذا التسطيح».
الين يتهاوى
وانخفض الين بنسبة 1.9 في المائة ليصل إلى 150.29 ين مقابل الدولار، وانخفض إلى 176.22 مقابل اليورو، وهو أدنى مستوى له على الإطلاق. وأشارت سوق مقايضة الين يوم الاثنين إلى احتمال بنسبة 41 في المائة لرفع أسعار الفائدة بحلول ديسمبر (كانون الأول)، بانخفاض عن 68 في المائة يوم الجمعة.
وبوصفها مرشحة لرئاسة الحزب، اقترحت تاكايتشي تعزيز الاستثمار في قطاعات الأعمال الاستراتيجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والاندماج النووي، والدفاع. وكانت أسهم هذه القطاعات من بين أكبر الرابحين في تداولات طوكيو.
وقفز سهم شركة «ميتسوبيشي» للصناعات الثقيلة، وهي شركة مقاولات عسكرية كبرى، بنسبة 12 في المائة، وارتفع سهم شركة «جابان ستيل ووركس»، وهي مورد لمعدات الطاقة النووية، بأكثر من 14 في المائة.
وتواجه عوائد الديون طويلة الأجل ضغوطاً تصاعدية، وسط توقعات بأن تاكايتشي ستدفع نحو مزيد من الإنفاق بالعجز، مما يزيد من المخاوف بشأن الجدارة الائتمانية لليابان.
وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 40 عاماً، وهي الأطول أجلاً، بمقدار 16 نقطة أساس ليصل إلى 3.54 في المائة. وارتفع عائد سندات الثلاثين عاماً بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 3.28 في المائة، وهو مستوى قريب جداً من أعلى مستوى قياسي بلغ 3.285 في المائة، الذي بلغه الشهر الماضي في أعقاب استقالة إيشيبا.
وسيُراقَب من كثب مزاد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً، المقرر يوم الثلاثاء، بحثاً عن أي مؤشرات على مخاوف بشأن المالية العامة لليابان وإدارة ديونها في عهد تاكايتشي. وعلى الرغم من تواضع حجم الإصدار: «من المتوقع أن يكون بيع الديون ضعيفاً لأن المستثمرين -المتخوفين من ارتفاع علاوة الأجل بعد صعود السيدة تاكايتشي واحتمال التحفيز المالي- يترددون في إضافة مخاطر طويلة الأجل»، وفقاً لشوكي أوموري، كبير استراتيجيي المكتب في «ميزوهو» للأوراق المالية.
وبعد فوزها في الانتخابات التمهيدية للحزب «الليبرالي الديمقراطي»، صرَّحت تاكايتشي في مؤتمر صحافي بأنه يجب على الحكومة والبنك المركزي العمل بشكل وثيق لضمان تحقيق الاقتصاد الياباني معدل تضخم قائماً على الطلب، مدعوماً بارتفاع الأجور وأرباح الشركات.
تساهل مشروط
وفي غضون ذلك، صرَّح تاكوجي أيدا الذي يُعتبر على نطاق واسع من أقرب مستشاري تاكايتشي في السياسة الاقتصادية، بأنها ستتسامح على الأرجح مع رفع آخر لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بحلول يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، إذا كان الاقتصاد في وضع جيد.
ولكن أيدا الذي يشغل حالياً منصب كبير الاقتصاديين اليابانيين في بنك «كريدي أغريكول»، كتب في مذكرة بحثية يوم السبت، أن مثل هذه الخطوة ستكون مشروطة بأن يُبقي بنك اليابان على سياسة نقدية متساهلة نسبياً، مع عدم احتمال إجراء أي زيادات أخرى في أسعار الفائدة حتى عام 2027.
وقال أيدا: «من المرجح أن تتحرك الإدارة الجديدة بثبات نحو سياسة مالية حازمة، لحماية سبل عيش الناس»، وأضاف أنه للتوافق مع تركيز الحكومة على إنعاش النمو، سيُطلب من بنك اليابان الحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية.
