يمثل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة عصب الاقتصاد الوطني في السعودية، ومحركاً أساسياً لتحقيق أهداف «رؤية 2030» الطموحة. ولكي يؤدي هذا القطاع دوره بفاعلية، كان لا بد من إزالة أبرز المعوقات التي تواجهه، وعلى رأسها التحديات المرتبطة بتمويل هذه المنشآت. من هنا، برز برنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) بوصفه أداة استراتيجية تم إنشاؤها خصيصاً لملء هذه الفجوة.
فـ«كفالة» هو برنامج حكومي تنموي يهدف إلى الاستدامة في تقديم خدماته دون السعي للربح، ويساهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030» برفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي من 20 إلى 35 في المائة، من خلال القيمة المضافة المقدمة للمستفيدين.
ويقوم دور «كفالة» المحوري على توفير الضمانات المالية لجهات التمويل، مثل البنوك، لتشجيعها على إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي قد تفتقر إلى الضمانات التقليدية. هذا الدعم لا يسهل فقط وصول هذه الشركات إلى السيولة اللازمة للنمو والتوسع، بل يخفف أيضاً من عبء المخاطر على المقرضين، مما يخلق بيئة مالية أكثر استقراراً وشمولية.
وقد أثبت البرنامج نجاحه في تحقيق أرقام قياسية، حيث بلغت قيمة محفظته الإجمالية منذ تأسيسه عام 2006 نحو 123 مليار ريال (23.8 مليار دولار)، فيما تجاوزت الضمانات المصدرة 80 مليار ريال (21.33 مليار دولار) لصالح جهات التمويل، مما يؤكد دوره الحيوي في تمكين آلاف المنشآت من المساهمة بفاعلية في الاقتصاد الوطني.
هذه الأرقام كشفها الرئيس التنفيذي لـ«كفالة» هُمام هاشم في حديث إلى «الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الضمانات سهّلت تمويل أكثر من 6 آلاف منشأة، مع تقديم نحو 7 آلاف طلب تمويل.

تحفيز القطاعات الحيوية
وأوضح هاشم أن البرنامج يسعى إلى رفع قدرة المنشآت على النمو، وخلق الوظائف، مشيراً إلى أن توفير الضمانات للمنشآت متناهية الصغر يؤدي إلى زيادة الوظائف بنسبة 27 في المائة خلال عامين، بينما ترتفع النسبة إلى 15 في المائة للمنشآت الصغيرة، وإلى نحو 8–10 في المائة للمنشآت المتوسطة.
كما لفت إلى أن البرنامج يرفع نسب الضمانات في القطاعات المستهدفة ضمن «رؤية 2030»، مثل السياحة والترفيه، حيث تصل إلى 90 في المائة، بينما القطاعات التجارية التقليدية تتلقى ضمانات نسبتها تتراوح عند 80 في المائة، أو أقل، ما يعكس توجّه البرنامج نحو تحفيز القطاعات الحيوية.
يدعم برنامج #كفالة #المنشآت_الصغيرة_والمتوسطة في رحلتها نحو النمو والاستدامة، من خلال تقديم ضمانات تسهل الوصول إلى التمويل وتمكنها من تحقيق التوسع والنمو.تعرّف أكثر: https://t.co/xndVytC2Uz#100مليار_ومكملين pic.twitter.com/qmT3Xg3nve
— Kafalah | كفالة (@Kafalah) September 7, 2025
وأشار الرئيس التنفيذي إلى أن التحول الرقمي ساهم في تقليص مدة إصدار الضمانات من 49 يوم عمل سابقاً إلى يومين ونصف، وأحياناً يوم واحد، ما عزز ثقة جهات التمويل، وزاد جاذبية البرنامج في فترات الأزمات، مثل جائحة كورونا.
وأضاف أن البرنامج توسع في شراكاته لتشمل القطاعات الجديدة، مثل التقنية، والفنتك، والاستشارات المالية، وطب الأسنان، والسياحة، بالتعاون مع الهيئات والوزارات المشرفة، لتسهيل التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل مدروس، وفعال.
دعم مالي ولوجستي
وأبان هاشم أن برنامج «كفالة» يعمل على ضمان التمويل أمام جهات التمويل المرخصة من البنك السعودي المركزي، ما يخفف عبء توفير الضمانات عن المنشآت أمام البنوك التجارية، ويزيد قدرتها على المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.
وتطرّق إلى أن بعض القطاعات التي تستهدف توظيف سيدات الأعمال حققت زيادة في عدد وقيمة الوظائف المخصصة لهذه الفئة، كما أن البرنامج عمل على تعزيز نسب التعرضات في القطاعات المستهدفة لتسهيل آلية الحصول على التمويل.
وشدّد هاشم على أن وجود بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمن الداعمين الرئيسين لبرنامج «كفالة» وفر دعماً مالياً، ولوجستياً، ما ساهم في التوسع المدروس بالسوق، مؤكداً أن البرنامج يسجل نمواً سنوياً يتجاوز 20 إلى 25 في المائة، وأن الفترة المقبلة ستشهد تمكيناً أكبر للمنشآت من خلال توفير حلول مالية، وضمانات أوسع تغطي قطاعات جديدة.
واختتم تصريحه قائلاً: «أدعو جهات التمويل إلى زيادة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالشراكة مع برنامج (كفالة)، كما أدعوهم إلى التوجه نحو القطاعات الجديدة، مثل الفنتك، والتكنولوجيا المالية، حيث تتوفر فرص واسعة، وخيارات تمويلية متنوعة».
