مشروع قانون ترمب الضريبي يجتاز أول عقبة بمجلس الشيوخ

لا يزال يواجه معوقات في الكونغرس رغم تقدمه الأولي

مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن (رويترز)
مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن (رويترز)
TT

مشروع قانون ترمب الضريبي يجتاز أول عقبة بمجلس الشيوخ

مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن (رويترز)
مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن (رويترز)

اتخذ الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي خطوة مهمة نحو إقرار «مشروع القانون الضخم والجميل» للرئيس دونالد ترمب، في وقت يسابق الكونغرس الزمن للوفاء بالموعد النهائي الذي تم تحديده في الرابع من يوليو (تموز) للإقرار. لكن لا تزال هناك عقبات رئيسية أمام تخفيضات المشروع الضريبية الهائلة وإجراءاته المتعلقة بالإنفاق.

فقد صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية 51 صوتاً مقابل 49 على بدء مناقشة مشروع القانون الضخم المكوّن من 940 صفحة. وانضم اثنان من رفاق ترمب الجمهوريين إلى الديمقراطيين، لمعارضة التشريع الذي يموّل أولويات الرئيس القصوى في الهجرة والحدود وخفض الضرائب والجيش.

وأشاد ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي بـ«النصر العظيم» لمشروع قانونه «الضخم والجميل».

على الرغم من تصويت يوم السبت، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان مجلس الشيوخ سيحصل في النهاية على الأصوات اللازمة لإقرار مشروع القانون.

الديمقراطيون يسعون لتأخير النقاش

وكان نائب الرئيس جي. دي. فانس قد سافر إلى مبنى الكابيتول مساء السبت لتقديم تصويت حاسم في مجلس الشيوخ، حيث يملك نائب الرئيس الصوت الحاسم في حالة عدم التوصل إلى اتفاق. وعمل فانس وقادة الجمهوريين خلف الأبواب المغلقة، لإقناع المترددين في اللحظات الأخيرة بدعم الإجراء.

وطالب الديمقراطيون بقراءة مشروع القانون الضخم بصوت عالٍ في القاعة. وبالتالي، لا يزال على الحزب الجمهوري اجتياز نقاش مشروع القانون وسلسلة ماراثونية من عمليات التصويت على تعديلات الديمقراطيين، وهو ما سيضع الجمهوريين في موقف حرج.

نائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس (رويترز)

كما أن الجدول الجدول الزمني ضيق للغاية، إذ طالب ترمب بتوقيع مشروع القانون في الرابع من يوليو، ولكن لا يزال يتعين إعادة مشروع القانون إلى مجلس النواب إذا تم إقراره في مجلس الشيوخ. ولا يمكن للجمهوريين تحمّل خسارة سوى عدد قليل من الأصوات هناك - لكن لدى البعض في مجلس النواب مخاوف بشأن تعديلات مجلس الشيوخ على مشروع القانون، والتي عُدّلت لتهدئة الجمهوريين الرافضين.

ويقول الديمقراطيون إن التخفيضات الضريبية في مشروع القانون، ستفيد الأثرياء بشكل غير متناسب على حساب البرامج الاجتماعية للأميركيين ذوي الدخل المنخفض.

وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، في قاعة مجلس الشيوخ: «يتدافع جمهوريو مجلس الشيوخ لتمرير مشروع قانون راديكالي، صدر للجمهور في جنح الليل، ويصلّون ألا يدرك الشعب الأميركي ما فيه». وأضاف: «سيجبر الديمقراطيون هذا المجلس على قراءته من البداية إلى النهاية».

انقسام جمهوري وتوبيخ من ترمب

وصوّت عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان توم تيليس وراند بول، ضد فتح النقاش، وهي خطوة بدت لبعض الوقت كأنها مهددة بالفشل.

وهاجم ترمب تيليس، الذي عارض تخفيضات مشروع القانون لبرنامج الرعاية الصحية «ميديكيد» للأميركيين ذوي الدخل المنخفض، والتي قال إنها ستكون مدمرة لولايته نورث كارولينا. ومن المقرر أن يخوض تيليس الانتخابات سعياً لإعادة انتخابه العام المقبل.

ونشر الرئيس: «لقد تقدم كثير من الأشخاص الراغبين في الترشح بالانتخابات التمهيدية ضد (السيناتور توم) تيليس. سأجتمع بهم خلال الأسابيع المقبلة».

وعارض بول التشريع لأنه سيرفع سقف الاقتراض الفيدرالي على الدين الأميركي البالغ 36.2 تريليون دولار بـ5 تريليونات دولار إضافية.

وقال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي: «هل صوّت راند بول (لا) مرة أخرى الليلة؟ ما خطب هذا الرجل؟؟؟».

مصير مجهول

كان تصويت السبت، معلقاً لساعات حيث سعى فانس وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون، وغيرهما من كبار الجمهوريين لإقناع المترددين في اللحظات الأخيرة بدعم التشريع.

وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون المتشددون، ريك سكوت ومايك لي وسينثيا لوميس، الذين يريدون تخفيضات أعمق في الإنفاق الفيدرالي، لدعم مشروع القانون في النهاية. وعارض متشدد آخر، السيناتور رون جونسون، في البداية، لكنه غيّر صوته ودعم التشريع.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ترمب كان يتابع التصويت من المكتب البيضاوي.

السيناتور الأميركي ريك سكوت (جمهوري من فلوريدا) يسير بالقرب من الصحافيين (رويترز)

تفاصيل المشروع وتداعياته

سيقوم مشروع القانون الضخم بتمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017، والتي كانت الإنجاز التشريعي الرئيسي لترمب خلال ولايته الأولى رئيساً، وخفض ضرائب أخرى وزيادة الإنفاق على الجيش وأمن الحدود.

وأصدرت اللجنة المشتركة للضرائب غير الحزبية تحليلاً يتوقع أن تقلّل أحكام الضرائب في مشروع قانون مجلس الشيوخ، إيرادات الحكومة بمقدار 4.5 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، مما يزيد الدين الحكومي البالغ 36.2 تريليون دولار.

وقال البيت الأبيض هذا الشهر، إن التشريع سيخفض العجز السنوي بمقدار 1.4 تريليون دولار.

إيلون ماسك ينتقد

كما انتقد أغنى شخص في العالم، إيلون ماسك، مشروع القانون، الذي سينهي الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية التي تصنعها شركة «تسلا» التابعة له. ووصف مشروع القانون بأنه «مجنون ومدمر تماماً»، مما قد يؤدي إلى إعادة إشعال خلاف مع ترمب الذي احتدم في وقت سابق من هذا الشهر، قبل أن يتراجع ماسك عن خطابه.

وكتب ماسك في منشور على منصته «إكس»: «مشروع قانون مجلس الشيوخ الأخير سيدمر ملايين الوظائف في أميركا، ويسبب ضرراً استراتيجياً هائلاً لبلدنا!».

تعديلات في «ميديكيد»

وقد عارض الجمهوريون من الولايات ذات الكثافة السكانية الريفية الكبيرة، خفض إيرادات الضرائب الحكومية لمقدمي خدمة «ميديكيد»، بما في ذلك المستشفيات الريفية. وسيؤجل التشريع الذي صدر حديثاً هذا الخفض وسيشمل 25 مليار دولار لدعم مقدمي «ميديكيد» الريفيين من عام 2028 إلى عام 2032.

وسيرفع التشريع سقف الخصومات الفيدرالية للضرائب الحكومية والمحلية، إلى 40 ألف دولار مع تعديل سنوي للتضخم بنسبة 1 في المائة حتى عام 2029، وبعد ذلك سيعود إلى 10 آلاف دولار حالياً. وسيقوم مشروع القانون أيضاً بخفض السقف تدريجياً لمن يكسبون أكثر من 500 ألف دولار سنوياً.

هذا مصدر قلق كبير لجمهوريي مجلس النواب من الولايات الساحلية، بما في ذلك نيويورك ونيو جيرسي وكاليفورنيا، الذين يلعبون دوراً مهماً في الحفاظ على الأغلبية الضئيلة للحزب في مجلس النواب.

ويستخدم الجمهوريون مناورة تشريعية لتجاوز عتبة الـ60 صوتاً في مجلس الشيوخ، للمضي قدماً بمعظم التشريعات في الغرفة المكونة من 100 عضو.

وسيركز الديمقراطيون قوتهم النارية على التعديلات التي تهدف إلى عكس تخفيضات الإنفاق الجمهوري على البرامج التي توفر الرعاية الصحية المدعومة من الحكومة للمسنين والفقراء والمعوقين، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية للأسر ذات الدخل المنخفض.

وسيرفع مشروع القانون أيضاً سقف الدين لوزارة الخزانة بتريليونات الدولارات، لتجنب التخلف عن سداد ديون البلاد الذي قد يكون كارثياً في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

الولايات المتحدة​ مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

منحت المحكمة العليا الأميركية الرئيس دونالد ترمب نصراً جديداً مهماً، فوافقت على استخدام خرائط انتخابية أعيد ترسيمها حديثاً لتصب في مصلحة الجمهوريين.

علي بردى (واشنطن)
رياضة عالمية واشنطن تترقب قرعة كأس العالم 2026 (بي بي سي)

قرعة المونديال… كل ما يجب معرفته عن الحدث المنتظر

في أجواء استثنائية من العاصمة الأميركية، تستضيف واشنطن مساء الجمعة مراسم قرعة نهائيات كأس العالم 2026.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بإنفانتينو «محطم الأرقام القياسية»

سلط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضوء على رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو قبل قرعة كأس العالم 2026 التي تقام الجمعة في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.


ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان يوم الجمعة، رغم التمرد الذي شهدته كتلته المحافظة، والذي ألقى الضوء على هشاشة سلطته داخل الائتلاف الحاكم.

وأُقر مشروع القانون بأغلبية 318 صوتاً في «البوندستاغ» المؤلف من 630 مقعداً، دون الحاجة إلى دعم طارئ من المعارضة اليسارية. إلا أن حالة الغموض التي رافقت التصويت حتى لحظاته الأخيرة عكست عمق الانقسامات داخل ائتلاف ميرتس المكوّن من المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وذلك بعد 7 أشهر فقط من تسلّمه منصبه.

ويعد مشروع القانون، الذي يرفع الإنفاق على المعاشات التقاعدية بنحو 185 مليار يورو (216 مليار دولار) خلال السنوات الـ15 المقبلة، اختباراً مهماً لقدرة الحكومة على تمرير إصلاحات ضرورية لإنعاش أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز قدرات القوات المسلحة الألمانية التي تعاني منذ سنوات، وفق «رويترز».

كما أسهمت هذه الخلافات في تعزيز صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، الذي يتصدر الآن استطلاعات الرأي على مستوى البلاد، ويتجه لتحقيق مكاسب واسعة في انتخابات 5 ولايات العام المقبل.

وقال الخبير السياسي يوهانس هيلغي: «المستشار خرج منتصراً، لكنه منتصر ضعيف. النقاش كشف حدود سلطته، وجعل الحكم المستقر والمتوقع أمراً صعباً في هذه الظروف». وأضاف أن 7 من نواب المعسكر المحافظ صوّتوا ضد مشروع القانون، فيما امتنع اثنان، وهو رقم مرتفع يعكس حدة الانقسامات.

المعاشات التقاعدية... محور اشتعال سياسي في أوروبا

يثبّت مشروع القانون نسبة المعاشات التقاعدية عند 48 في المائة من متوسط الأجور حتى عام 2031، بدلاً من السماح بانخفاضها، وهو بند أساسي في اتفاق الائتلاف ويحظى بأهمية خاصة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.

لكن الجناح الشبابي في حزب المحافظين، الذي يملك 18 صوتاً، عارض المشروع مؤكّداً أنه يرسخ نظاماً مالياً غير مستدام ويحمّل الأجيال الشابة عبئاً كبيراً. ومع أغلبية برلمانية ضئيلة لا تتجاوز 12 صوتاً، لم يكن واضحاً حتى اللحظة الأخيرة إن كان الائتلاف سيتمكن من تمرير المشروع.

وتدخل حزب اليسار في اللحظة الأخيرة عارضاً الامتناع عن التصويت لخفض عدد الأصوات المطلوبة، باعتبار أن حماية المتقاعدين أولوية.

ويحذر اقتصاديون من أن قانون المعاشات الجديد يتجاهل التحديات الديموغرافية وتصاعد الدين العام. وقال كارستن برزيسكي، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»: «الحكومة تتصرف وكأن الحاضر أبدي، متجاهلة التغيرات الديموغرافية وارتفاع الدين وقضايا الاستدامة المالية».

أخطاء سياسية تكشف هشاشة القيادة

خلال حملته الانتخابية، انتقد ميرتس الصراعات الداخلية في حكومة سلفه أولاف شولتز، ودخل المنصب بتوقعات عالية بعد إبرام صفقة تاريخية لتمويل قياسي في البنية التحتية والدفاع.

لكن ائتلافه أثبت هشاشته منذ اليوم الأول، إذ احتاج إلى جولة تصويت ثانية غير مسبوقة لضمان تنصيبه رسمياً. وفي الصيف، فشل في توحيد صفوف المحافظين خلف مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمحكمة الدستورية، ما أدى إلى سقوط التصويت.

وقال يان تيشو من «أوراسيا غروب»: «الصورة العامة للحكومة باعتبارها منقسمة وغير فعّالة وسوء إدارتها تتكرّس بشكل متزايد».

ورغم إشادة الخارج بموقف ميرتس القوي تجاه أوكرانيا، فإن شعبيته المحلية تراجعت إلى نحو 25 في المائة، ليصبح من أقل المستشارين شعبية في التاريخ الحديث.

وبحسب أحدث استطلاع لمؤسسة «فورسا»، تراجع الدعم المشترك للمحافظين والحزب الاشتراكي إلى 39 في المائة مقابل 44.9 في المائة في انتخابات فبراير (شباط)، بينما يواصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» صدارته بنسبة 26 في المائة.


قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
TT

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

أعربت دول مجلس التعاون الخليجي، الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية.

وأكّدت دول المجلس في بيان، أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

وأوضح البيان أنه وعلى الرغم من أن التعديلات المقدمة للإسهام في تخفيف وطأة وتأثير بعض مواد التشريع، وإلغاء البعض الآخر، فإن دول الخليج ما زالت ترى أن هذه التعديلات لا تلبي ما تتطلع إليه، ولا تزال تمثل مصدراً للضرر ومصدراً محتملاً لمخاطر واسعة على مصالح شركاتها العاملة في السوق الأوروبية، خاصةً في ظل البيئة التنظيمية الجديدة التي يفرضها التشريع والتي قد تنعكس سلباً على تنافسية تلك الشركات واستمرارية أعمالها.

وأكّدت دول الخليج أنها لا تزال تواصل جهودها بصفتهم أعضاء فاعلين في جميع المنظمات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة والتغير المناخي، وواءمت جميع تشريعاتها مع مبادئ هذه المنظمات، واضعة في الحسبان حقوقها الوطنية السيادية، مبيِّنة أنها تقدم تقاريرها بكل شفافية، وبشكل دوري ومنتظم، في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، وقد تجسّد ذلك بانضمام دول المجلس إلى اتفاقيتي «باريس» و«الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، واعتمادها تشريعات وطنية لحماية البيئة وتنظيم الانبعاثات، فضلاً عن مشاركتها في آليات المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان.

ونوَّه البيان بأنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها للوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص؛ لضمان وصول إمدادات الطاقة لأوروبا بشكل يوثق به ويُعتمد عليه، إلا أن دول الخليج تتوقع أن يؤدي استمرار البحث والتفاوض، بين المؤسسات الأوروبية، حول هذا التشريع، إلى آثار سلبية على استمرار تلك الإمدادات.

وخلُصت دول المجلس إلى أن شركاتها، التي قد ينطبق عليها التشريع، وهي تعمل وفق أفضل الممارسات العالمية، ستقوم بدراسة المخاطر والآثار التي قد تتعرض لها جراء اعتماده، وهو إجراء لا يستبعد أن يؤدي إلى التخارج من السوق الأوروبية والبحث عن بديل.

وعبّر البيان عن أمل دول الخليج في أن تنظر الدول الأوروبية الصديقة في إلغاء التوجيه، أو تعديل نطاق تطبيقه ضمن نطاق الاتحاد، بحيث لا يكون تأثيره عابراً للحدود، في حال رأى الأخير ضرورة الاستمرار فيه.