استطلاع: «الفيدرالي» سيبقي الفائدة ثابتة لشهرين على الأقل بسبب التضخم

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

استطلاع: «الفيدرالي» سيبقي الفائدة ثابتة لشهرين على الأقل بسبب التضخم

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

أظهر استطلاع أجرته «رويترز» أن معظم الاقتصاديين يتوقعون أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير لمدة شهرين إضافيين على الأقل، في ظل استمرار الضغوط التضخمية الناجمة عن سياسات الرسوم الجمركية التي يتبناها الرئيس دونالد ترمب.

ومع اقتراب الموعد النهائي في 9 يوليو (تموز) لانتهاء التعليق المؤقت للرسوم – الذي تم الإعلان عنه في أبريل (نيسان) – دون التوصل إلى اتفاقات تجارية حاسمة، أبدى عدد كبير من المحللين الاقتصاديين حذرهم في تعديل توقعاتهم، والتي لا تزال هشة بالأساس. ويزيد الصورة تعقيداً تصاعدُ القلق بشأن الدين العام الأميركي، في ظل إصدار واسع للسندات الحكومية، مدفوعاً بمشروع قانون شامل لخفض الضرائب أقرّه مجلس النواب دون موافقة مجلس الشيوخ حتى الآن.

وأظهرت بيانات الوظائف الصادرة الجمعة الماضي غياب مؤشرات واضحة على تصاعد الضغوط في سوق العمل؛ ما يعزز الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة.

وبحسب استطلاع شمل 105 اقتصاديين وأُجري بين 5 و10 يونيو (حزيران)، توقع 103 منهم أن تُبقي لجنة السوق المفتوحة على سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية دون تغيير خلال اجتماعها في 17 و18 يونيو؛ ليستقر ضمن النطاق الحالي البالغ 4.25 في المائة إلى 4.50 في المائة، وهو المستوى الذي لم يتغير منذ بداية العام.

وقال نحو 55 في المائة من المشاركين (59 من أصل 105) إن أول خفض للفائدة سيكون على الأرجح في الربع الثالث من العام، وتحديداً في سبتمبر (أيلول)، بما يتماشى مع تسعير الأسواق المالية. ولم تشهد هذه التوقعات تغيّراً يُذكر مقارنة بالشهر الماضي.

وصرّح جوناثان بينغل، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك «يو بي إس»: «ما دامت سوق العمل متماسكة، نتوقع أن تُبقي اللجنة الفيدرالية على أسعار الفائدة ثابتة، مع الاستمرار في استخدام خطابها لتعزيز مصداقيتها في مواجهة التضخم. طالما أن هناك تكلفة للتيسير، فما الداعي للإشارة إلى خفضٍ وشيك؟».

وفي الوقت الراهن، تبدو الرؤية أكثر غموضاً؛ إذ تواجه لجنة السياسة النقدية قدراً كبيراً من عدم اليقين. ولا تزال توقعات التضخم مرتفعة بفعل التوقعات بزيادة الحواجز التجارية، حيث ضاعفت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب من 25 في المائة إلى 50 في المائة.

وتجري حالياً محادثات تجارية بين مسؤولين أميركيين ونظرائهم الصينيين في لندن على أمل تحقيق اختراق. في المقابل، يتوقع المستهلكون ارتفاعاً ملموساً في الأسعار خلال السنوات المقبلة، في حين تشير توقعات الاقتصاديين إلى بقاء التضخم فوق مستهدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة حتى عام 2027 على الأقل.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 42 في المائة من المشاركين (44 من أصل 105) يتوقعون أن يبدأ «الفيدرالي» خفض الفائدة في الربع الأخير من عام 2025 أو لاحقاً، بينما يرى 20 اقتصادياً أنه من غير المرجح تنفيذ أي خفض هذا العام.

وقال جيمس إيجلهوف، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك «بي إن بي باريبا»: «الرسوم الجمركية المرتفعة ستظل قائمة، وستسهم في استمرار التضخم حتى عام 2026 على الأقل. لذلك؛ لا يرى الاحتياطي الفيدرالي مبرراً لخفض الفائدة في المدى القريب. لقد علمنا التاريخ أن ترسّخ التضخم في الاقتصاد يصعّب السيطرة عليه، وقد تكون تكلفة كبحه باهظة».

ولم يتفق المشاركون على المستوى النهائي لسعر الفائدة بنهاية عام 2025، إلا أن نحو 80 في المائة منهم (85 من أصل 105) توقعوا أن يتراوح بين 3.75 في المائة و4 في المائة أو أعلى. وكان ترمب قد دعا، في تصريحات يوم الجمعة، إلى خفض فوري لسعر الفائدة بنقطة مئوية كاملة إلى نطاق 3.25 في المائة -3.50 في المائة.

ومن المتوقع أن يُضيف مشروع القانون الذي يدفع به الرئيس في الكونغرس نحو 2.4 تريليون دولار إلى الدين العام البالغ أصلاً 36.2 تريليون دولار، مما يُقلل احتمال خفض الفائدة في الأجل القريب.

وقال بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في بنك «كوميريكا»: «مع وجود المزيد من التحفيز المالي الناتج من قانون الضرائب والإنفاق، لا يرى (الفيدرالي) مبرراً لخفض أسعار الفائدة. السياسة المالية تُسهم في تعميق العجز؛ ما يُمارس ضغوطاً تصاعدية مستمرة على العوائد طويلة الأجل، الأمر الذي يضعف أداء القطاعات المعتمدة على الائتمان مثل سوق الإسكان والإنفاق الرأسمالي للشركات».

وتشير التوقعات إلى نمو اقتصادي محدود؛ إذ من المنتظر أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4 في المائة فقط هذا العام، مقارنة بنمو بلغ 2.8 في المائة في عام 2024. كما يُتوقع أن يبلغ النمو 1.5 في المائة في 2026، وهي أرقام لم تتغير عن تقديرات مايو (أيار) الماضي.


مقالات ذات صلة

الصراع الإسرائيلي-الإيراني يضغط على العقود الآجلة الأميركية قبيل قرار «الفيدرالي»

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الصراع الإسرائيلي-الإيراني يضغط على العقود الآجلة الأميركية قبيل قرار «الفيدرالي»

تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الثلاثاء، في ظل تصاعد القتال بين إسرائيل وإيران لليوم الخامس على التوالي، ما أثار حالة من الحذر في الأسواق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 7 مايو 2025 (رويترز)

«الفيدرالي» يترقب... والرسوم تضع باول في مأزق تضخمي

رغم أن الاقتصاد الأميركي لا يزال في وضع جيد عموماً، فإن ذلك لا يُجنّب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، حالة من القلق والترقّب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب خلال حفل النزهة السنوي لأعضاء الكونغرس في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض (إ.ب.أ)

تعديلات جمهورية على مشروع «ترمب الضريبي» تثير جدلاً في الكونغرس

قد تُعقّد الصيغ المختلفة لمشروع القانون في مجلسي الشيوخ والنواب، حيث يسيطر الجمهوريون بفوارق طفيفة، جهود قادة الحزب لإقرار التشريع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باحثون يحضرون مواد دوائية في مختبر بجامعة نانجينغ الصينية (رويترز)

شركات الأدوية الأميركية تتسابق إلى الصين لاقتناص أدوية واعدة

ترخص شركات الأدوية الأميركية منتجات من الصين لإنتاج أدوية جديدة محتملة بوتيرة متسارعة

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد عَلَما الولايات المتحدة وبريطانيا (رويترز)

واشنطن ولندن بصدد إبرام اتفاق تجاري

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إنهما بصدد توقيع اتفاق تجاري من شأنه خفض الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصراع الإسرائيلي-الإيراني يضغط على العقود الآجلة الأميركية قبيل قرار «الفيدرالي»

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

الصراع الإسرائيلي-الإيراني يضغط على العقود الآجلة الأميركية قبيل قرار «الفيدرالي»

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الثلاثاء، في ظل تصاعد القتال بين إسرائيل وإيران لليوم الخامس على التوالي، ما أثار حالة من الحذر في الأسواق العالمية قبيل صدور قرار السياسة النقدية من مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأدى النزاع الجوي بين البلدين، الذي اندلع الجمعة الماضي عقب شن إسرائيل ضربات استهدفت منشآت نووية داخل إيران، إلى تفاقم المخاوف من تعطّل إمدادات النفط من منطقة الشرق الأوسط الغنية بالطاقة.

وتزامن ذلك مع صعود أسهم قطاع الطاقة الأميركية خلال تداولات ما قبل الافتتاح، مدعومة باستمرار ارتفاع أسعار النفط وسط حالة من عدم اليقين. فقد ارتفعت أسهم «شيفرون» و«إكسون موبيل» بنسبة 0.7 في المائة لكل منهما، في حين صعدت أسهم «أوكسيدنتال بتروليوم» بنسبة 1 في المائة، و«ديفون إنرجي» بنسبة 1.4 في المائة.

ويأتي هذا الارتفاع قبيل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المرتقب يوم الأربعاء، والذي يُتوقّع على نطاق واسع أن يُبقي خلاله صانعو السياسة النقدية أسعار الفائدة دون تغيير. وتُظهر بيانات أداة «فيد ووتش» أن الأسواق تسعّر حالياً خفضاً بنحو 49 نقطة أساس في أسعار الفائدة بحلول نهاية 2025، مع احتمالية تبلغ 59 في المائة لخفض مقداره 25 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وفي الساعة 7:04 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي الأميركي، تراجعت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بمقدار 221 نقطة (0.52 في المائة)، فيما انخفضت عقود «ستاندرد آند بورز 500» بـ30.75 نقطة (0.51 في المائة)، وتراجعت عقود «ناسداك 100» بـ120 نقطة (0.55 في المائة).

وفي سياق سياسي-اقتصادي داخلي، كشف الجمهوريون بمجلس الشيوخ في وقت متأخر من الاثنين عن تعديلات مقترحة على مشروع قانون الرئيس دونالد ترمب الشامل لخفض الضرائب، والذي كان قد أُقر في مجلس النواب في مايو (أيار). وقال محللو «غولدمان ساكس» إن نسخة مجلس الشيوخ تُشبه إلى حد كبير نظيرتها في مجلس النواب من حيث التأثير المالي القريب الأجل، لكنها قد تُضيف مئات المليارات من الدولارات إلى تكلفة القانون على مدى العقد المقبل.

في المقابل، تراجعت أسهم شركات الطاقة الشمسية بشكل حاد عقب هذه التعديلات، والتي تضمنت إلغاء تدريجياً للإعفاءات الضريبية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بدءاً من عام 2028. وانخفض سهم «إنفيس إنرجي» بنسبة 16.8 في المائة، و«صن ران» بنسبة 28.3 في المائة، و«سولار إيدج تكنولوجيز» بنسبة 21.2 في المائة، بينما فقد سهم «فيرست سولار» نحو 12 في المائة من قيمته.

في المقابل، شهدت أسهم الطاقة النووية ارتفاعاً ملحوظاً بعد أن مدّد مجلس الشيوخ الاعتمادات الضريبية لهذا القطاع حتى عام 2036، حيث صعد سهم «أوكلو» بنسبة 2.8 في المائة، و«نانو للطاقة النووية» بنسبة 2.6 في المائة.

ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، اندفع المستثمرون نحو أصول الملاذ الآمن، ما دعم الطلب على سندات الخزانة الأميركية، وأدى إلى تراجع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بنحو 4 نقاط أساس ليصل إلى 4.41 في المائة.

ومن بين التحركات الفردية البارزة، انخفض سهم «إيلي ليلي» بنسبة 0.9 في المائة بعد إعلان الشركة استحواذها على «فيرف ثيرابيوتكس» مقابل 1.3 مليار دولار، في حين قفز سهم الأخيرة بنسبة 77.1 في المائة. كما تراجع سهم «تي-موبايل» بنسبة 4.8 في المائة بعد أن باعت شركة «سوفت بنك» اليابانية 21.5 مليون سهم من أسهم شركة الاتصالات مقابل 4.8 مليار دولار، وفق بيان شروط اطّلعت عليه «رويترز».