صراع المعادن النادرة... إليك «سر» توتر العلاقة بين الصين وأميركا

نجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
نجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
TT

صراع المعادن النادرة... إليك «سر» توتر العلاقة بين الصين وأميركا

نجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
نجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)

منذ 4 أبريل (نيسان)، أوقفت الصين صادرات ما يقرب من سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة إلى المغناطيسات القوية المصنوعة من ثلاثة منها. هذا التوقف تسبّب في نقص حاد ومتزايد يهدد بإغلاق العديد من المصانع في الولايات المتحدة وأوروبا وتأثر سلسلة الإمدادات العسكرية لديها. ومن بين أهم المعادن التي تدخل في هذه الصناعات، معدن السماريوم الذي يدخل في صناعة الصواريخ والمقاتلات الحربية، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

ما المعادن الأرضية النادرة؟

هناك 17 نوعاً من المعادن تُعرف باسم المعادن الأرضية النادرة. معظمها ليس نادراً جداً في الواقع، فهي منتشرة في جميع أنحاء العالم، وإن كانت نادراً ما توجد في رواسب خام كبيرة بما يكفي لاستخراجها بكفاءة.

يُطلق عليها «نادرة»؛ لأنه من الصعب جداً فصلها عن بعضها البعض. فكسر الروابط الكيميائية التي تربطها في الطبيعة يمكن أن يتطلب أكثر من 100 مرحلة من المعالجة وكميات كبيرة من الأحماض القوية.

لماذا تسيطر الصين على هذا القدر الكبير من إمدادات المعادن الأرضية النادرة؟

تُعدّ الصين مصدراً لنحو 70 في المائة من المعادن الأرضية النادرة في العالم. أما ميانمار وأستراليا والولايات المتحدة فتُعدّ مصادر لمعظم الباقي. ولكن الصين تقوم بالمعالجة الكيميائية لـ90 في المائة من المعادن الأرضية النادرة في العالم؛ فهي تقوم بتكرير جميع خامها الخاص، وكذلك جميع خام ميانمار تقريباً، ونحو نصف إنتاج الولايات المتحدة.

تتجلى هيمنة الصين بشكل أكبر في سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة التي أوقفت تصديرها إلى حد كبير منذ أوائل أبريل، وهي: الديسبروسيوم، والغادولينيوم، واللوتيتيوم، والسماريوم، والسكانديوم، والتيربيوم، والإيتريوم. تُستخرج هذه المعادن بشكل شبه حصري في الصين وميانمار، وهي من الأصعب فصلاً كيميائياً. وبالنسبة لمعادن مثل الديسبروسيوم والتيربيوم، وهي ما تُعرف بالمعادن الأرضية النادرة الثقيلة المستخدمة في المغناطيسات المقاومة للحرارة، تنتج مصافي الصين ما يصل إلى 99.9 في المائة من الإمداد العالمي.

تمتلك الصين بعضاً من أفضل رواسب المعادن الأرضية النادرة الثقيلة في العالم. توجد هذه الرواسب في حزام من الخام غني بشكل خاص في وادٍ بالقرب من لونغنان في جنوب وسط الصين، ويمتد غرباً إلى أقصى شمال ميانمار.

نجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)

كيف تبدو عملية تعدين المعادن الأرضية النادرة الثقيلة؟

بالقرب من لونغنان، يستخدم عمال المناجم دراجات ترابية لنقل أكياس كبريتات الأمونيوم إلى قمم التلال المنخفضة المحاذية للوادي. كبريتات الأمونيوم، وهي مسحوق بلون كريمي، تُستخدم كسماد عند تخفيفها بكمية كبيرة من الماء، ولكنها قد تكون سامة بتركيزات عالية. يخلط عمال المناجم كميات مركزة بكمية قليلة فقط من الماء ويصبونها في حفر بسيطة تُحفر بالقرب من قمم التلال.

تذيب كبريتات الأمونيوم المعادن الأرضية النادرة داخل التلال الطينية وتتسرب على شكل سائل لزج بالقرب من قاعدتها. خلال زيارة حديثة إلى الوادي دون علم السلطات المحلية، سُمع صوت مولد ديزل وهو يضخ السائل عبر أنابيب بلاستيكية إلى حفر بسيطة.

يُضاف حمض الأوكساليك إلى السائل هناك، مما يتسبب في تشكل بلورات وردية خافتة من المعادن الأرضية النادرة وتغوص إلى قاع البرك.

يُضخ السائل من الحفر إلى جدول مياه برتقالي فاتح ذي فقاعات غامضة. ثم تُجفف البلورات وتُغرف في أكياس صناعية بحجم الغسالات وتُشحن على شاحنات بضائع إلى مصانع معالجة المعادن الأرضية النادرة الممتدة على طول كتل في لونغنان.

كانت عصابات الجريمة المنظمة الصينية ذات السمعة العنيفة تدير الوادي حتى نهاية عام 2010، عندما أمر رئيس الوزراء آنذاك ون جيا باو القوات الحكومية باقتحام الوادي والاستيلاء على المناجم.

ما أهمية المعادن الأرضية النادرة السبع التي تسيطر عليها الصين؟

المستهلك الرئيسي لهذه المعادن السبع هو صناعة السيارات، التي تستخدم الكثير من المغناطيسات المقاومة للحرارة المصنوعة من المعادن الأرضية النادرة. ولكن هذه العناصر ضرورية أيضاً لمصنعي أشباه الموصلات، والمواد الكيميائية للتصوير الطبي، والروبوتات، وتوربينات الرياح البحرية، ومجموعة واسعة من الأجهزة العسكرية.

تُعدّ مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة أقوى بما يصل إلى 15 مرة من مغناطيسات الحديد من نفس الوزن. وهي ضرورية للعشرات من المحركات الكهربائية الصغيرة الموجودة في سيارات اليوم. فمحركات الفرامل والتوجيه والعديد من الأنظمة الأخرى تعتمد جميعها على مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة. قد يحتوي مقعد السيارة الفاخرة الواحد على 12 مغناطيساً من المعادن الأرضية النادرة للمحركات التي تقوم بتعديله. وتحتوي السيارات الكهربائية على مغناطيسات إضافية من المعادن الأرضية النادرة للمحركات التي تدير عجلاتها.

تُنتج الصين نحو 90 في المائة من الإمداد العالمي من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة.

إذا نفد المورد الرئيسي لقطع أحد هذه الأنظمة من المغناطيسات، فقد يضطر مصنع تجميع السيارات بأكمله إلى الإغلاق، وقد يتم تسريح الآلاف من الأشخاص مؤقتاً. في الأسبوع الماضي، أغلقت شركة «فورد» مؤقتاً مصنعها لسيارات «فورد إكسبلورر» الرياضية متعددة الاستخدامات في شيكاغو لمدة أسبوع بسبب نقص المغناطيسات.

معظم مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة مصنوعة من عنصرين خفيفين من المعادن الأرضية النادرة، وهما النيوديميوم والبراسيوديميوم، اللذان تواصل الصين تصديرهما، وهما متاحان أيضاً بكميات أقل بكثير من أستراليا والولايات المتحدة.

لكن تلك المغناطيسات المصنوعة من المعادن الأرضية النادرة يمكن أن تفقد جزءاً كبيراً من مغناطيسيتها إذا تعرضت للحرارة أو مجال كهربائي قوي. لمنع ذلك، يمكن إضافة كميات صغيرة من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، مثل الديسبروسيوم أو التيربيوم، في أثناء الإنتاج.

تُنتج محركات البنزين والعديد من المحركات الكهربائية حرارة كبيرة، لذا تشتري صناعة السيارات في الغالب مغناطيسات مقاومة للحرارة مصنوعة من المعادن الأرضية النادرة التي تحتوي على الديسبروسيوم أو التيربيوم. وحالياً، تبيع الصين تقريباً لا شيء من هذه المغناطيسات المقاومة للحرارة.

تُنتج صناعة المغناطيس في العالم ما يقرب من 200 ألف طن سنوياً من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة التي تحتوي على الديسبروسيوم أو التيربيوم. وتُنتج 80 ألف طن إضافية سنوياً دون هذه المعادن لتطبيقات أقل تطلباً، مثل مشابك الحقائب.

خط إنتاج شركة «مرسيدس بنز» الألمانية لتصنيع السيارات في مصنع بمدينة راشتات الألمانية (رويترز)

هل أوقفت الصين صادرات المعادن الأرضية النادرة من قبل؟

نعم، أوقفت الصين صادرات جميع المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان لمدة شهرين في عام 2010 خلال نزاع إقليمي، مما أثار قلق المصنعين اليابانيين الذين كادوا ينفدون من الإمدادات. ساعدت مجموعة «سوميتومو» التجارية اليابانية والحكومة اليابانية لاحقاً شركة «ليناس»، وهي شركة أسترالية، على بناء المزيد من القدرة التعدينية في أستراليا وقدرة المعالجة في ماليزيا، حتى يكون لليابان بديل للصين.

احتفظ العديد من الشركات اليابانية بمخزونات كبيرة جداً منذ ذلك الحين، حيث احتفظت بما يصل إلى 18 شهراً من إمدادات الديسبروسيوم في صناعة أشباه الموصلات، على سبيل المثال. بدأت بعض شركات صناعة السيارات اليابانية، مثل «هوندا» و«نيسان»، مؤخراً في دفع مبالغ إضافية لشراء مغناطيسات مقاومة للحرارة مصنوعة من المعادن الأرضية النادرة باهظة الثمن لا تتطلب الديسبروسيوم، حتى مع تردد شركات صناعة السيارات الأخرى في الدفع مقابل التكنولوجيا البديلة.

لا يبدو أن شركات الإلكترونيات الكبيرة في كوريا الجنوبية قد قامت بتجميع مخزونات. ولكن بعد أن أشارت الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أنها قد تقيد صادرات المعادن الأرضية النادرة، استوردت كوريا الجنوبية كميات كبيرة من الديسبروسيوم من الصين في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، وفقاً لسجلات الجمارك الصينية.

حاولت الولايات المتحدة وأوروبا إنشاء صناعاتهما الخاصة بالمعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات بعد الحظر عام 2010. لكنهما تواجهان تكاليف عالية للامتثال البيئي، ويجب عليهما دفع رواتب كبيرة لجذب المهندسين الكيميائيين. تمتلك الصين 39 جامعة بها برامج تدريب على المعادن الأرضية النادرة بينما لا تملك الولايات المتحدة أياً منها.

لماذا أوقفت الصين الصادرات هذه المرة؟

صرحت الحكومة الصينية مراراً بأنها أوقفت صادرات المعادن الأرضية النادرة السبعة، والمغناطيسات المصنوعة منها؛ لأنها «مواد ذات استخدام مزدوج» لها تطبيقات عسكرية ومدنية.

تستخدم أقوى المغناطيسات المقاومة للحرارة، للتطبيقات التي قد تتعرض لدرجات حرارة بالمئات من درجات مئوية، عنصر السماريوم، وليس الديسبروسيوم أو التيربيوم. السماريوم، الذي أوقفت الصين تصديره هذا الربيع، ضروري لأنظمة التوجيه للصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وتحتوي طائرة «إف - 35» المقاتلة على نحو 25 رطلاً من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة، معظمها مغناطيسات سماريوم - كوبالت.

يُستخدم الإيتريوم في الليزر، بما في ذلك أجهزة تحديد المدى للمدفعية. ويمكن دمج السكانديوم مع الألمنيوم لصنع أجزاء طائرات خفيفة الوزن.

أما المعادن الأرضية النادرة الأربعة الأخرى الخاضعة لمتطلبات ترخيص التصدير الجديدة في الصين فتُستخدم في الغالب لأغراض مدنية. وتمثل التطبيقات العسكرية نحو 5 في المائة فقط من سوق مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة.

ادعت الولايات المتحدة أن الدافع الحقيقي للصين في فرض ضوابط التصدير لا علاقة له بالتطبيقات العسكرية، ولكنه كان جزءاً من رد الصين على قرار إدارة ترمب قبل أيام فرض تعريفات جمركية أعلى بكثير على الواردات من الصين وعشرات الدول الأخرى.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

اتفقت الصين والولايات المتحدة في 12 مايو (أيار) في جنيف على تخفيض التعريفات الجمركية المتبادلة. كما وافقت الصين على تعليق تطبيق الإجراءات غير الجمركية المفروضة على الولايات المتحدة منذ أوائل أبريل. لكن الصين ادعت أن ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة تنطبق على جميع الدول، وليس فقط الولايات المتحدة. وهذا يعني ضمناً، وإن لم يُصرح به بوضوح من قبل المسؤولين الصينيين، أن وقف التصدير قد لا يعدّ إجراءً غير جمركي مفروضاً على الولايات المتحدة.

توصل الممثل التجاري للولايات المتحدة جيمسون غرير ووزير الخزانة سكوت بيسنت إلى الاتفاق مع الصين في جنيف. ولكن وكالة أخرى، هي وزارة التجارة، شددت ضوابطها في اليوم التالي على رقائق «هواوي» للكمبيوتر، مانعة الأميركيين من شرائها أو تمويلها. وهذا أغضب المسؤولين الصينيين.

تكافح وزارة التجارة الصينية أيضاً من أجل وضع عملية لإصدار تراخيص تصدير المعادن الأرضية النادرة، مما قد يفسر بعض التأخير. وقد حصلت بعض الشركات الأوروبية على إمدادات، مثل «فولكس فاغن»، لكن البعض الآخر لم يحصل. توقفت الشحنات إلى أوروبا وقد تضطر بعض المصانع هناك إلى الإغلاق مؤقتاً على الرغم من محاولة الصين تحسين العلاقات مع أوروبا.

وافقت شركات صناعة السيارات في ديترويت قبل أسبوع على بضع شحنات، ولكنها تواجه أيضاً نقصاً في الإمدادات.

وتشترط الصين حالياً ترخيصاً منفصلاً وأوراقاً معقدة لكل شحنة. وتحث الشركات الغربية الصين على الموافقة على تراخيص لمدة ثلاثة أشهر أو سنة لكل عميل في الخارج لتسريع العملية.


مقالات ذات صلة

الصين تُصدر الدفعة الأولى من التراخيص المبسطة لتصدير المعادن النادرة

الاقتصاد عمال ينقلون رمالاً تحتوي معادن أرضية نادرة في ميناء ليانينغنغ شرق الصين (رويترز)

الصين تُصدر الدفعة الأولى من التراخيص المبسطة لتصدير المعادن النادرة

قال مصدر يوم الثلاثاء إن الصين أصدرت الدفعة الأولى من تراخيص تصدير المعادن النادرة الجديدة، التي من شأنها تسريع الشحنات إلى عملاء مُحددين

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد العاصمة السعودية (واس)

السعودية: فتح المنافسة على 3 أحزمة تعدينية غنية بالذهب والنحاس والفضة

أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية عن بدء المنافسة على رخص الكشف في ثلاثة أحزمة متمعدنة ضخمة، تغطي مساحة إجمالية تبلغ 13 ألف كيلومتر مربع.

الاقتصاد بائعة تُظهر عملةً فضيةً لزبون في «يوم دانتيراس» وهو يوم ميمون لشراء الذهب والفضة في غواهاتي (أ.ب)

سجّلت مستويات قياسية... هل تواصل الفضة ارتفاعها رغم أزمة الإمدادات؟

تشهد أسواق الفضة، التي يُطلق عليها غالباً لقب «معدن الشيطان»؛ بسبب تقلبها الشديد، مرحلة صعود استثنائية هذا العام، مسجلةً مستويات قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «أماك» للتعدين السعودية تعلن عن موارد معدنية اقتصادية محتملة تقدّر بـ11 مليون طن في نجران

«أماك» للتعدين السعودية تعلن عن موارد معدنية اقتصادية محتملة تقدّر بـ11 مليون طن في نجران

أعلنت شركة المصانع الكبرى للتعدين (أماك) السعودية، يوم الثلاثاء، عن اكتشاف موارد معدنية اقتصادية محتملة في منطقة نجران.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح متحدثاً في قمة «اليونيدو» (الشرق الأوسط)

الفالح: المنطقة تستقطب 3 % فقط من الاستثمار الأجنبي رغم غناها بالموارد

أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في ضعف جذبها للاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بحجم الفرص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك، لخرقها قواعد المحتوى الرقمي، في أول تطبيق لعقوبة بموجب تشريع رقمي تاريخي قد يثير غضب الحكومة الأميركية.

وتجنبت شركة «تيك توك» العقوبة نفسها من خلال تقديم تنازلات لتعزيز الشفافية، وفق «رويترز».

واعتبرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن حملة أوروبا الصارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى تميّز الشركات الأميركية وتستهدف الأميركيين، بينما أكدت المفوضية الأوروبية أن قوانينها لا تميّز على أساس الجنسية، وتهدف فقط لحماية المعايير الرقمية والديمقراطية التي غالباً ما تُصبح معياراً عالمياً.

وأشار رئيس قسم التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي إلى أن الغرامة متناسبة مع المخالفات، ولا تمثل شكلاً من أشكال الرقابة، لافتاً إلى أن العقوبة جاءت بعد تحقيق استمر عامين بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي يُلزم المنصات بتحمل مسؤولية أكبر في معالجة المحتوى غير القانوني والضار.

وأوضح تحقيق الاتحاد الأوروبي في منصة «تيك توك»، التابعة لشركة «بايت دانس»، أن الشركة انتهكت شروط القانون من خلال مستودع الإعلانات الذي يسمح للباحثين والمستخدمين باكتشاف الإعلانات الاحتيالية. وقالت هينا فيركونين، رئيسة قسم التكنولوجيا في المفوضية الأوروبية، إن الغرامة المفروضة على «إكس» محسوبة بعناية وفق طبيعة المخالفات وعدد المستخدمين المتأثرين ومدتها، مؤكدةً أن الهدف هو إنفاذ التشريعات الرقمية وليس فرض أعلى الغرامات.

وأضافت فيركونين أن القرارات المستقبلية بشأن الشركات المتهمة بانتهاكات قانون الخدمات الرقمية ستصدر في وقت أقصر مقارنة بالعامين اللذين استغرقتهما قضية «إكس». من جهته، أكد نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يهاجم الشركات الأميركية، محذراً من أن الغرامة لا ينبغي أن تُستخدم أداةً للرقابة على المحتوى.

وحثّت «تيك توك»، التي تعهدت بإصلاح مكتبة إعلاناتها لزيادة الشفافية، الجهات التنظيمية على تطبيق القانون بشكل متساوٍ على جميع المنصات. وأوضحت الهيئات الأوروبية أن انتهاكات «إكس» شملت التصميم المُضلّل للعلامة الزرقاء للحسابات الموثقة، وانعدام الشفافية في مستودع الإعلانات، وعدم تمكين الباحثين من الوصول إلى البيانات العامة.

وأكدت المفوضية استمرار التحقيق في محتوى غير قانوني على «إكس»، والإجراءات المتخذة لمكافحة التلاعب بالمعلومات، بالإضافة إلى تحقيق منفصل في نظام «تيك توك» الخوارزمي والتزامه بحماية الأطفال. وتصل الغرامات المقررة بموجب قانون الخدمات الرقمية إلى 6 في المائة من الإيرادات العالمية السنوية للشركة.


دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.