الأسواق الأميركية تتراجع وسط قلق من خطة ترمب الضريبية

ارتفاع عوائد السندات بعد تحذيرات من تفاقم الدين الفيدرالي

متداول يراقب شاشة تعرض حركة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يراقب شاشة تعرض حركة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

الأسواق الأميركية تتراجع وسط قلق من خطة ترمب الضريبية

متداول يراقب شاشة تعرض حركة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يراقب شاشة تعرض حركة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ب)

انخفضت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الأربعاء، في حين ارتفعت عوائد سندات الخزانة، مع ترقّب المستثمرين نتائج مناقشات حاسمة حول مشروع قانون الضرائب الذي يدعمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسط تزايد القلق من تنامي ديون البلاد.

وعقدت لجنة القواعد في مجلس النواب جلسة استماع استثنائية بدأت عند الواحدة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تمتد حتى ساعات متأخرة من النهار، بينما يسعى الجمهوريون لتجاوز الخلافات الداخلية بشأن تخفيضات برنامج «ميديكيد» والإعفاءات الضريبية في الولايات ذات التكاليف المرتفعة، وفق «رويترز».

ويُقدّر محللون مستقلون أن الخطة المقترحة قد تُضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار إلى الدين الفيدرالي الأميركي، البالغ حالياً 36.2 تريليون دولار.

وقال دانيال بيرجفال، رئيس قسم التوقعات الاقتصادية في بنك «سيب»: «عندما تؤدي الرسوم الجمركية وعدم اليقين إلى إضعاف النمو، تظهر تساؤلات جديدة حول مدى تأثير ذلك على عجز الموازنة الفيدرالية الأميركية».

وبحلول الساعة 6:52 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، تراجع مؤشر «داو جونز» للأسهم الصغيرة بـ409 نقاط (0.96 في المائة)، وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بـ0.71 في المائة إلى 5917.5 نقطة، فيما انخفض مؤشر «ناسداك 100» بـ154 نقطة (0.72 في المائة).

وفي سوق السندات، ارتفعت عوائد سندات الثلاثين عاماً إلى 5 في المائة، وقفز العائد على السندات القياسية لأجل عشر سنوات بمقدار 5.4 نقطة أساس ليصل إلى 4.53 في المائة، وسط ضغوط متزايدة منذ قيام وكالة «موديز» بخفض التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة بداية الأسبوع.

من جانبهم، توقّع مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع في الأسعار، لكنهم دعوا إلى التريّث قبل اتخاذ قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة.

وفي الأسواق، تراجعت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية العالية في تداولات ما قبل الافتتاح، في ظل تأثير سلبي لارتفاع أسعار الفائدة على التقييمات المستقبلية. وانخفض سهم «إنفيديا» بنحو 1 في المائة، متصدراً الخسائر في قطاع التكنولوجيا والنمو.

أما سهم «يونايتد هيلث» فقد تراجع بأكثر من 7 في المائة بعد تقرير لصحيفة «الغارديان» كشف أن الشركة قدّمت مكافآت سرية لدور رعاية مسنين مقابل تقليص تحويل المرضى للمستشفيات. وخفّض بنك «إتش إس بي سي» تصنيفه للسهم من «احتفاظ» إلى «تخفيض».

وتراجع سهم «تارغت» بنسبة 1.6 في المائة بعد خفض الشركة لتوقعاتها السنوية، مشيرة إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي على السلع غير الأساسية. في المقابل، ارتفع سهم «لووز» بنسبة 2.7 في المائة عقب نتائج ربع سنوية فاقت التوقعات.

أما «وولفسبيد»، الموردة لأشباه الموصلات، فانهار سهمها بأكثر من 57 في المائة إلى 1.3 دولار، بعد أنباء عن استعداد الشركة لتقديم طلب إفلاس خلال أسابيع.

وكانت مؤشرات الأسهم الأميركية قد أغلقت على تراجع يوم الثلاثاء، حيث أنهى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» سلسلة مكاسب استمرت 6 جلسات، وسجل مؤشر «داو جونز» أول خسارة له خلال 4 جلسات.

ورغم الخسائر الأخيرة، يبقى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً بأكثر من 17 في المائة عن أدنى مستوياته في أبريل (نيسان)، عندما هزّت الحرب الجمركية التي أطلقها ترمب الأسواق العالمية. وساعدت التهدئة المؤقتة في النزاع التجاري مع الصين وبيانات التضخم المعتدلة في دعم الأسواق، رغم بقاء المؤشر دون ذروته القياسية بـ3 في المائة.

ورفعت «مورغان ستانلي» توصيتها للأسهم الأميركية إلى «زيادة الوزن النسبي»، مشيرة إلى أن الاقتصاد العالمي ما زال في حالة توسع، رغم التحديات السياسية المتصاعدة.


مقالات ذات صلة

أسهم الذكاء الاصطناعي تدعم تدفقات الصناديق العالمية للأسبوع الثاني

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

أسهم الذكاء الاصطناعي تدعم تدفقات الصناديق العالمية للأسبوع الثاني

استقطبت صناديق الأسهم العالمية تدفقات للأسبوع الثاني على التوالي خلال الأيام السبعة المنتهية في 9 يوليو (تموز)، مدعومة بارتفاع أسهم الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
الاقتصاد متداولون ينظرون إلى شاشات التداول (رويترز)

«الأسهم الخليجية» تغلق مستقرة وسط ترقب للسياسة التجارية الأميركية

أنهت أسواق الأسهم الخليجية تعاملات الخميس دون تغيّرات تذكر، في ظل ترقب المستثمرين مزيداً من الوضوح بشأن السياسة التجارية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيُدار صندوق «بلو فايف كابيتال» من العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)

«بلو فايف كابيتال» تجمع مليارَي دولار في صندوق خاص للاستثمار بدول الخليج

أعلنت شركة «بلو فايف كابيتال» لإدارة الأصول نجاحها في جمع مليارَي دولار لصالح صندوقها الأول للاستثمار الخاص «بلو فايف ريف 1».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد شعار هيئة السوق المالية في أحد المباني بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«السوق المالية» السعودية تعتمد تعديلات شاملة لتطوير صناديق الاستثمار وتعزيز إدارة الأصول

أقرَّ مجلس هيئة السوق المالية حزمة شاملة من التعديلات على لائحة صناديق الاستثمار، ولائحة صناديق الاستثمار العقاري، وقائمة المصطلحات المستخدمة في أنظمة الهيئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد من داخل بورصة دبي (رويترز)

بورصات الخليج تتعافى من الخسائر المبكرة رغم تهديدات ترمب التجارية

تعافت معظم أسواق الأسهم في الخليج من الخسائر المبكرة وأغلقت على ارتفاع، يوم الأربعاء، إذ بدا أن المستثمرين غير مبالين بالتهديدات الجمركية الأخيرة لترمب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
TT

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده ستفرض رسوماً جمركية على دول الاتحاد الأوروبي، بنسبة 30 في المائة في الأول من أغسطس (آب) المقبل، في ضربة قوية لأبرز شريك تجاري للولايات المتحدة.

وكتب ترمب، السبت، على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»: «العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي يشكل تهديداً كبيراً لاقتصادنا ولأمننا القومي»، مشدداً على أنه إذا قرر الاتحاد الأوروبي رفع الرسوم الجمركية على البضائع الأميركية والرد بالمثل «سنزيد الجمارك بنفس القدر إلى نسبة 30 في المائة المفروضة حالياً».

وأضاف ترمب أن «الاتحاد الأوروبي لا يجب أن يفرض أي رسوم جمركية على البضائع الأميركية».

كما هدّد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على المكسيك، في إطار حربه التجارية.

وقال ترمب، في رسالتين منفصلتين، إن الرسوم ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من أغسطس، مشيراً إلى دور المكسيك في تدفق مخدرات إلى الولايات المتحدة، واختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي.

وردت على الفور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قائلة إن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه إذا مضت الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على السلع الأوروبية اعتباراً من أول أغسطس.

وأضافت فون دير لاين، التي ترأس الذراع التنفيذية للتكتل، في بيان، أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مستعداً «لمواصلة العمل من أجل إبرام اتفاق بحلول أول أغسطس».

وتابعت: «قليل من الاقتصادات في العالم تضاهي مستوى انفتاح الاتحاد الأوروبي والتزامه بالممارسات التجارية العادلة».

وأردفت قائلة: «سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد تدابير مضادة متناسبة إذا لزم الأمر».

يأتي ذلك فيما تعتزم المفوضية الأوروبية التراجع عن خططها لفرض ضريبة على الشركات الرقمية، فيما يشكل انتصاراً للرئيس الأميركي وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل «أبل» و«ميتا»، وفق وثيقة نشرتها مجلة «بوليتيكو».

وقال كبار المفاوضين التجاريين للاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، إن المحادثات التجارية بين الجانبين تسير في الاتجاه الصحيح.

ودخلت الرسوم الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ، الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي تريد فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الشركاء التجاريين تقديم أفضل العروض؛ لتجنب دخول رسوم استيراد عقابية أخرى حيز التنفيذ.

وسيُمثل قرار التراجع عن فرض ضريبة رقمية تحولاً جذرياً للاتحاد الأوروبي، الذي طرح في مايو (أيار) الماضي فكرة فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة كوسيلة لسداد ديونه، وقد ذُكرت هذه الفكرة في وثيقة حول الميزانية ناقشها مفوضو الاتحاد الأوروبي الـ27.

وقد يكون هذا التراجع خطوة استراتيجية من الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى جاهداً للحصول على شروط تجارية تفضيلية مع الولايات المتحدة.

كان ترمب قد فرض ضريبة استيراد بنسبة 20 في المائة على جميع المنتجات المصنّعة في الاتحاد الأوروبي في أوائل أبريل (نيسان)، وذلك جزءاً من سلسلة من الرسوم الجمركية استهدفت الدول التي تعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً معها. لكن بعد ساعات من دخول الرسوم النوعية حيز التنفيذ، جمَّدها حتى 9 يوليو (تموز)، مكتفياً بمعدل قياسي قدره 10 في المائة؛ لتهدئة الأسواق المالية وإتاحة الوقت للمفاوضات.

ومع ذلك، عبّر ترمب عن استيائه من موقف الاتحاد الأوروبي في المحادثات التجارية، وقال إنه سيرفع معدل الرسوم على الصادرات الأوروبية إلى 50 في المائة؛ ما قد يجعل أسعار كل شيء - من الجبن الفرنسي والسلع الجلدية الإيطالية إلى الإلكترونيات الألمانية والأدوية الإسبانية - أغلى بكثير في الولايات المتحدة.

وقالت المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة في التكتل المؤلَّف من 27 دولة، إن قادتها يأملون في التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترمب. وفي حال تعثّرت المفاوضات، قالت المفوضية إنها مستعدة للرد بفرض رسوم جمركية على مئات المنتجات الأميركية، من لحوم البقر وقطع غيار السيارات إلى الطائرات من طراز «بوينغ».

من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الأحد، إن «الاتحاد الأوروبي كان بطيئاً جداً في الجلوس إلى طاولة المفاوضات»، لكنه أضاف أن المحادثات الآن تشهد «تقدماً جيداً جداً».

التجارة الأميركية الأوروبية

وصفت المفوضية الأوروبية العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها «أهم علاقة تجارية في العالم». وبلغت قيمة التجارة في السلع والخدمات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 1.7 تريليون يورو (تريليونا دولار) في عام 2024، أي ما يعادل في المتوسط 4.6 مليار يورو يومياً، وفقاً لبيانات وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات).

وكانت أكبر صادرات أميركية إلى أوروبا، النفط الخام، ثم الأدوية، والطائرات، والسيارات، والمعدات الطبية والتشخيصية. أمّا أكبر صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة فشملت الأدوية، والسيارات، والطائرات، والمواد الكيميائية، والأدوات الطبية.

ولطالما اشتكى ترمب من فائض الاتحاد الأوروبي في الميزان التجاري السلعي، الذي بلغ 198 مليار يورو؛ ما يعني أن الأميركيين يشترون سلعاً أوروبية أكثر من الأوروبيين الذين يشترون سلعاً أميركية.

غير أن الشركات الأميركية تعوّض بعض هذا العجز من خلال تحقيق فائض في تجارة الخدمات، مثل الحوسبة السحابية، وحجوزات السفر، والخدمات القانونية والمالية.

وأسهم هذا الفائض في الخدمات في تقليص العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي إلى 50 مليار يورو (59 مليار دولار)، أي ما يقل عن 3 في المائة من إجمالي التجارة الثنائية.