اليابان ترجئ هدف «توازن الميزانية» في ظل «عدم اليقين»

تباطؤ الصادرات وانخفاض شحناتها إلى أميركا

مشاة بأحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة بأحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
TT

اليابان ترجئ هدف «توازن الميزانية» في ظل «عدم اليقين»

مشاة بأحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة بأحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

أفاد موقع صحيفة «نيكي» الإلكتروني، في تقرير يوم الأربعاء، بأن اليابان ستخفف من الإطار الزمني المستهدَف لتحقيق «توازن الميزانية الأساسي»؛ من السنة المالية 2025، إلى نطاق يغطي السنتين الماليتين 2025 و2026 معاً.

وأضاف التقرير أن توسيع الإطار الزمني يأتي في ظل ازدياد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية؛ بسبب سياسات التعريفات الجمركية المتوقعة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويُعد «توازن الميزانية الأساسي»، الذي يستثني مبيعات السندات الجديدة وتكاليف خدمة الدين، مقياساً رئيسياً لمدى إمكانية تمويل التدابير السياسية دون اللجوء إلى الاستدانة. وأشار التقرير إلى أن الحكومة تعتزم تحديد هذا التعديل في «السياسة الأساسية للإدارة الاقتصادية والمالية والإصلاح» التي ستُعدّ قريباً.

في غضون ذلك، تباطأ نمو صادرات اليابان في أبريل (نيسان) الماضي، متأثراً بانخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة، حيث تستعد الشركات في رابع أكبر اقتصاد بالعالم لتداعيات «رسوم ترمب الجمركية» على الانتعاش الاقتصادي الهش.

وفي حين أن المحللين ليسوا متأكدين بعدُ من مدى تأثير «رسوم ترمب» الجديدة على الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة حتى الآن، فإنهم يتوقعون أن تشتد هذه المعاناة في وقت لاحق من هذا العام ما لم تتمكن طوكيو من إقناع واشنطن بخفض الرسوم.

ومن المتوقع أن يسافر كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين، ريوسي أكازاوا، إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الأسبوع؛ لإجراء جولة ثالثة من المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن المحللين يقولون إن احتمالات تحقيق تقدم في خفض الرسوم الجمركية الباهظة على السيارات ضئيلة.

وقال ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في «معهد سومبو بلس»: «من المرجح أن تمارس (رسوم ترمب الجمركية) ضغوطاً هبوطية مباشرة وغير مباشرة على الصادرات». وأضاف أنه «حتى لو سارت محادثات التجارة الثنائية على ما يرام، وأدت إلى انخفاض طفيف في الرسوم الجمركية المفروضة على اليابان، فمن الصعب على اليابان تجنب التأثير غير المباشر لتدهور الاقتصاد العالمي».

وأظهرت بيانات وزارة المالية أن إجمالي صادرات اليابان ارتفع بنسبة اثنين في المائة خلال أبريل الماضي على أساس سنوي، وهو ما يتوافق مع متوسط ​​توقعات السوق، ولكنه تباطأ من زيادة بنسبة 4 في المائة خلال مارس (آذار) السابق عليه. وانخفضت الشحنات إلى الولايات المتحدة؛ كبرى وجهات صادرات اليابان، بنسبة 1.8 في المائة خلال أبريل مقارنة بالعام السابق، مسجلةً بذلك أول انخفاض لها في 4 أشهر؛ نتيجةً انخفاض الطلب على السيارات والصلب والسفن. وأظهرت البيانات أن قيمة صادرات السيارات إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 4.8 في المائة؛ نتيجةً ارتفاع الين وانخفاض شحنات الطرازات الفاخرة.

وصرح يوتارو سوزوكي، الخبير الاقتصادي في شركة «دايوا» للأوراق المالية، قائلاً: «ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة حتى مارس الماضي، حيث زادت شركات صناعة السيارات شحناتها قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية. ومع تطبيق الرسوم الجمركية الآن، نشهد تراجعاً في هذا الاتجاه».

وفي حين ارتفعت الصادرات إلى آسيا بنسبة 6.0 في المائة، فقد انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 0.6 في المائة؛ بسبب ضعف الطلب على السيارات وقطع الغيار الإلكترونية.

وانخفضت الواردات بنسبة 2.2 في المائة خلال أبريل الماضي مقارنة بالعام السابق، وهو أقل من انخفاض بنسبة 4.5 في المائة توقعه المحللون. ونتيجةً لذلك؛ سجلت اليابان عجزاً تجارياً قدره 115.8 مليار ين (802.77 مليون دولار)، متجاوزةً التوقعات بفائض قدره 227.1 مليار ين.

وشهدت اليابان ارتفاعاً في فائضها التجاري مع الولايات المتحدة بنسبة 14.3 في المائة خلال أبريل الماضي مقارنةً بالعام السابق، ليصل إلى 780.6 مليار ين، مسجلةً بذلك رابع زيادة شهرية على التوالي، وفقاً للبيانات، مع انخفاض الواردات من الولايات المتحدة أيضاً.

وقد يثير ذلك انتقادات من ترمب، الذي ركز على تقليص الفجوة التجارية الضخمة بين أميركا واليابان، واتهم طوكيو سابقاً بالحفاظ على سعر صرف الين منخفضاً عمداً لمنح صادراتها ميزة تنافسية.

ومن المتوقع أن يلتقي وزير المالية الياباني، كاتسونوبو كاتو، نظيره الأميركي، سكوت بيسنت، على هامش اجتماع قادة مالية «مجموعة السبع» في كندا هذا الأسبوع، حيث من المرجح أن يناقشا موضوع سياسة العملة الشائك.

وفي أبريل الماضي، فرض ترمب رسوماً جمركية بنسبة 10 في المائة على معظم الدول، إلى جانب رسوم جمركية أعلى على كثير من شركائه التجاريين الكبار، بمن فيهم اليابان، التي تواجه رسوماً جمركية بنسبة 24 في المائة بدءاً من يوليو (تموز) المقبل ما لم تتمكن من التفاوض على اتفاق مع الولايات المتحدة.

كما فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على السيارات والصلب والألمنيوم؛ مما وجه ضربة قوية للاقتصاد الياباني، الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات السيارات إلى الولايات المتحدة.

وتنتج اليابان 9 ملايين سيارة سنوياً محلياً، وتشحن نحو 1.5 مليون منها إلى الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تُصدّر شركات صناعة السيارات اليابانية أكثر من 1.4 مليون سيارة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا.

وقد يدفع عدم اليقين الناجم عن «رسوم ترمب» الشركات أيضاً إلى تأجيل خطط الاستثمار؛ مما سيزيد من معاناة الاقتصاد الذي عانى من انكماش خلال المدة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس الماضيين.

وقال ستيفان أنغريك، المحلل في «موديز أناليتكس»: «يندمج المصنعون اليابانيون بعمق في سلاسل التوريد العالمية، لذا؛ فإن تقلبات السياسة التجارية تُنذر بتداعيات سلبية قد تمتد إلى الاقتصاد، مما يُلحق الضرر بالنمو». وأضاف: «بشكل عام، يواجه المصنعون اليابانيون وقتاً عصيباً».

كما تُعقّد التوقعات الاقتصادية المُتشائمة قرار «بنك اليابان» بشأن موعد استئناف رفع أسعار الفائدة. وأجبرت المخاطرُ المُتصاعدة من الرسوم الجمركية الأميركية «بنكَ اليابان» على خفض توقعاته للنمو والتضخم بشكل حاد في 1 مايو (أيار) الحالي، وألقت بظلال من الشك على رؤيته بأن الاقتصاد الياباني سيستأنف انتعاشاً معتدلاً؛ مما يسمح له برفع تكاليف الاقتراض مرة أخرى.

ويتوقع أبيجيت سوريا، الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»، أن يظل صافي الصادرات عائقاً أمام النمو الاقتصادي في الربع الثاني. وقال إنه «نظراً إلى أن الاقتصاد الياباني كان يمر بمرحلة ضعف قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية، فمن المرجح أن يرغب (بنك اليابان) في مزيد من اليقين بشأن مشهد الرسوم الجمركية قبل استئناف دورة تشديده».

وفي الأسواق، واصل مؤشر «نيكي» خسائره في جلسة ما بعد الظهر مع ارتفاع الين، ليغلق منخفضاً بنسبة 0.6 في المائة، كما خسر مؤشر «توبكس الأوسع نطاقاً» 0.2 في المائة، فقد عمد المتداولون إلى جني الأرباح الأخيرة، كما أدى ارتفاع قيمة الين إلى تراجع الطلب على المصدرين.

من جهة أخرى، لم تشهد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل تحسناً يُذكر يوم الأربعاء، بعد أن أدت نتيجة ضعيفة لأحد المزادات إلى ارتفاع العائدات لمستويات قياسية، مع توقع مزيد من مبيعات الديون في الأسابيع المقبلة.


مقالات ذات صلة

«المركزي السويدي» يقلّص الفائدة إلى 2 % ويتوقع خفضاً إضافياً

الاقتصاد منظر عام للبنك المركزي السويدي في ستوكهولم (رويترز)

«المركزي السويدي» يقلّص الفائدة إلى 2 % ويتوقع خفضاً إضافياً

خفّض البنك المركزي السويدي، يوم الأربعاء، سعر الفائدة الرئيسي من 2.25 في المائة إلى 2 في المائة، مؤكداً أن ضعف الضغوط التضخمية أتاح له تعزيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
الاقتصاد شعار تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على هاتف ذكي (رويترز)

للمرة الثالثة... ترمب يعتزم تمديد الموعد النهائي لبيع «تيك توك»

قال البيت الأبيض إن ترمب سيُمدد مهلة تنتهي في 19 يونيو لشركة «بايت دانس» الصينية لبيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة 90 يوماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظف بأحد المتاجر الكبرى في لندن يقوم بتعبئة الرفوف بالمواد الغذائية (إ.ب.أ)

تباطؤ التضخم السنوي في بريطانيا إلى 3.4 في المائة خلال مايو

تباطأ معدل التضخم السنوي في بريطانيا إلى 3.4 في المائة خلال مايو، من 3.5 في المائة خلال أبريل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيدة تنظر إلى سلاسل ذهبية بمتجر مجوهرات في مومباي (رويترز)

استقرار أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين قرار «الاحتياطي الفيدرالي»

استقرت أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية، مع إحجام المستثمرين عن وضع رهانات كبيرة قبل قرار «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مضيق هرمز يقع بين عُمان وإيران ويربط بين الخليج شمالاً وخليج عُمان وبحر العرب جنوباً (متداولة)

هيئة بحرية بريطانية: مستوى التهديد البحري في مضيق هرمز يرتفع

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن مستوى التهديد البحري في مضيق هرمز يرتفع مع احتمالية تأثر البنية التحتية والشحن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الأهلي السعودي» يسترد صكوكاً بـ4.2 مليار ريال

مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«الأهلي السعودي» يسترد صكوكاً بـ4.2 مليار ريال

مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

يعتزم البنك الأهلي السعودي استرداد صكوك من الشريحة الأولى مقوَّمة بالريال بقيمة 4.2 مليار ريال، تمثل 100 في المائة من سعر الإصدار، بتاريخ 30 يونيو (حزيران) الحالي، وهو الموعد المكمِّل للسنة الخامسة من تاريخ إصدارها في اليوم نفسه من عام 2020. وأكد البنك، في بيان إلى السوق المالية السعودية، الأربعاء، أن استرداد الصكوك سيجري وفقاً لشروطها وأحكامها، وقد جرى الحصول على موافقة الجهات التنظيمية بهذا الشأن. وأوضح أن مبلغ الاسترداد وأي توزيع دوري مستحَق غير مدفوع سيُدفع لحاملي الصكوك المعنيّين في التاريخ المحدد، عن طريق البنك أو نيابةً عنه، وفقاً للأحكام المقرَّرة. ويبلغ العدد الإجمالي للصكوك 4200 صك، بناءً على الحد الأدنى للقيمة والحجم الإجمالي. وتبلغ القيمة الاسمية للصك عند الاسترداد مليار ريال. ووفق البيان، تتولى شركة الأهلي المالية دور مدير الدفعات ووكيل حمَلة الصكوك، بصفتها الجهة المسؤولة عن الإيداع وطُرق الاتصال. وتُعد صكوك الشريحة الأولى (Tier 1 bonds) من أدوات التمويل التي تستخدمها البنوك لزيادة رأسمالها الإضافي، بينما تُستخدم صكوك الشريحة الثانية (Tier 2 bonds) لتغطية بعض متطلبات رأس المال وفق ما تضعه الجهات الرقابية، بما يعزز القاعدة الرأسمالية الأساسية للمصارف. من جانب آخر، وبالإشارة إلى إفصاح البنك المنشور سابقاً على موقع «تداول السعودية»، بتاريخ 17 يونيو 2025، بشأن بدء طرح أدوات دَين رأس المال الإضافي من الشريحة الثانية، مقوَّمة بالدولار الأميركي على مستثمرين مؤهَّلين داخل المملكة وخارجها، فقد أعلن البنك انتهاء طرح أدوات الدَّين، على أن تجري تسوية الإصدار بتاريخ 24 يونيو الحالي. ووفق بيان البنك، للسوق المالية السعودية، يوم الأربعاء، بلغت قيمة الطرح 1.25 مليار دولار، بعائد سنوي قدره 6 في المائة، لمدة استحقاق تبلغ عشر سنوات، قابلة للاسترداد بعد خمس سنوات، وفقاً لما هو مفصَّل في مذكرة الطرح الخاصة. كما أشار البيان إلى أن أدوات الدَّين ستُدرَج في السوق المالية الدولية لسوق لندن للأوراق المالية، ويمكن بيعها بموجب اللائحة «Regulation S» من قانون الأوراق المالية الأميركي لعام 1933 بصيغته المعدلة. في سياق متصل، انخفص سهم «الأهلي السعودي»، في بداية جلسة يوم الأربعاء، 0.87 في المائة، ليصل إلى 34.2 ريال.