الدولار يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية مدعوماً بتفاؤل تجاري

وسط تراجع رهانات خفض الفائدة

أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية مدعوماً بتفاؤل تجاري

أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

يتجه الدولار الأميركي نحو تسجيل مكاسب أسبوعية مقابل معظم العملات الرئيسية يوم الجمعة، مدعوماً بتنامي تفاؤل المستثمرين حيال المحادثات التجارية المرتقبة بين الولايات المتحدة والصين، عقب إعلان اتفاق تجاري محدود مع المملكة المتحدة، إضافة إلى انحسار التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، بعدما أشار البنك إلى أنه ليس في عجلة من أمره.

وتتجه الأنظار حالياً إلى المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، والمقرر انطلاقها يوم السبت في سويسرا، وسط آمال بأن تسفر عن تقليص في الرسوم الجمركية التي أثقلت كاهل الاقتصاد العالمي، وفق «رويترز».

وسجّل اليورو أدنى مستوياته في شهر عند 1.1197 دولار ليلاً، منخفضاً بنحو 0.6 في المائة خلال الأسبوع، فيما ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.2 في المائة خلال تعاملات اليوم ليبلغ 1.2253 دولار. وتراجع الين الياباني، الذي يُعد مؤشراً على معنويات السوق، بنحو 0.4 في المائة خلال الأسبوع مسجّلاً أدنى مستوى له في شهر عند 146.18 مقابل الدولار، قبل أن يرتد إلى 145.195، ما أدى إلى انخفاض الدولار بنسبة 0.5 في المائة خلال اليوم.

وكان الجنيه الإسترليني قد ارتفع في وقت سابق مدفوعاً بتقارير عن قرب التوصل لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، لكنه فقد جزءاً من مكاسبه بعد اتضاح أن الاتفاق محدود النطاق، مسجّلاً أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 1.3220 دولار خلال التعاملات المبكرة.

ويُوسّع الاتفاق فرص الوصول الزراعي المتبادل بشكل طفيف، ويُقلّص الرسوم الأميركية المرتفعة على صادرات السيارات البريطانية، دون أن يُلغي الحد الأدنى البالغ 10 في المائة.

ورأى فولكمار باور، الخبير الاستراتيجي في «كومرتس بنك»، أن رد الفعل الإيجابي على الدولار لا يعكس جوهر الاتفاق، قائلاً: «الاتفاق - أو بالأحرى غيابه - لا يحمل بعداً جوهرياً ولا يمنح بالضرورة أملاً في اتفاقات أكثر أهمية مع شركاء تجاريين آخرين».

من جانبه، أشار ستيف إنغلاندر، رئيس أبحاث عملات مجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد»، إلى أن الإقبال على الدولار ربما يعكس تفاؤلاً بتقليص الرسوم الجمركية بشكل عام، أكثر من كونه احتفاءً بالاتفاق مع بريطانيا. وأضاف في مذكرة للعملاء: «الأسواق ستكون مرتاحة حتى لإلغاء جزئي للرسوم بين الولايات المتحدة والصين، حتى لو بقيت مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل 19 يناير (كانون الثاني)».

وفي مؤشر على تحسن شهية المخاطرة في الأسواق المضاربية، قفز سعر «البتكوين» مجدداً فوق مستوى 100 ألف دولار.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عند إعلانه الاتفاق مع بريطانيا، إنه يتوقع أن تكون المفاوضات التجارية مع الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع «جوهرية»، مرجّحاً خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية والتي تبلغ حالياً 145 في المائة. وأفادت صحيفة «نيويورك بوست» بأن الإدارة الأميركية تدرس خطة لخفض هذه الرسوم إلى أقل من النصف، رغم نفي البيت الأبيض صحة تلك التسريبات.

وفي سياق السياسات النقدية، جاءت تحركات البنوك المركزية هذا الأسبوع متماشية مع التوقعات؛ حيث خفّض بنك إنجلترا أسعار الفائدة، فيما أبقت السويد والنرويج والولايات المتحدة على معدلات الفائدة دون تغيير. لكن تصريحات رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، التي ركزت على استمرار حالة عدم اليقين، دفعت المستثمرين إلى تقليص احتمالات خفض الفائدة في يونيو (حزيران) إلى نحو 17 في المائة، مقارنة بـ55 في المائة قبل أسبوع فقط.

أما على صعيد العملات الآسيوية، فقد تراجع الدولار هذا الأسبوع مقابل عدد منها، مدفوعاً بارتفاع مفاجئ في قيمة الدولار التايواني. واستقرت الروبية الهندية بعد تقلبات حادة، متداولةً عند نحو 30 روبية للدولار، بارتفاع تجاوز 6 في المائة مقارنة بنهاية أبريل (نيسان). في حين ظل الدولار السنغافوري قريباً من أعلى مستوياته في عقد كامل، وتراجع دولار هونغ كونغ عن نطاقه المرتفع بعد تدخل مكثف من سلطة النقد المحلية.

وفي الهند، افتتحت الروبية تعاملات الجمعة تحت ضغوط متجددة إثر تصاعد التوترات مع باكستان، بعدما هبطت بشكل حاد يوم الخميس مسجّلةً 85.55 روبية للدولار، ومتجهة لتسجيل أكبر خسارة أسبوعية لها منذ عام 2022.


مقالات ذات صلة

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

الاقتصاد أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

سجَّل الجنيه الإسترليني، يوم الجمعة، أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات، متجهاً نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية له مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو يتحدث للصحافيين يوم الأربعاء على هامش اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع في بانف بولاية ألبرتا الكندية (أ ف ب)

تضارب حول نقاشات سعر العملة بين أميركا واليابان

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن وزير الخزانة ووزير المالية الياباني اتفقا على أن سعر صرف الدولار مقابل الين يعكس حالياً العوامل الأساسية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار (رويترز)

مخاوف مالية أميركية وضعف مزاد سندات الخزانة تدفع الدولار للتراجع

تراجعت قيمة الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياتها في أسبوعين مقابل الين، يوم الخميس، متأثرة بمخاوف مالية متصاعدة في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه بعد تعثّر قانون ترمب الضريبي

انخفض الدولار الأميركي يوم الأربعاء، مستمراً في تراجعه الذي دام يومَيْن مقابل مجموعة من العملات.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات بريطانية (رويترز)

الجنيه الإسترليني يرتفع بعد اتفاق تجاري دفاعي مع الاتحاد الأوروبي

ارتفع الجنيه الإسترليني أمام الدولار المتراجع وانخفض مقابل اليورو، عقب موافقة بريطانيا على إعادة ضبط كبرى لعلاقاتها التجارية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)
أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)
TT

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)
أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)

سجَّل الجنيه الإسترليني، يوم الجمعة، أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات، متجهاً نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية له مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان)، مدعوماً ببيانات مبيعات التجزئة البريطانية القوية بشكل مفاجئ، واستمرار قلق المستثمرين بشأن الأصول الأميركية.

وقد أسهم الطقس المشمس في تعزيز إنفاق المستهلكين البريطانيين خلال أبريل، إذ أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن حجم مبيعات التجزئة ارتفع بنسبة 1.2 في المائة على أساس شهري، بعد تعديل طفيف للبيانات السابقة لتسجل زيادة قدرها 0.1 في المائة في مارس (آذار)، في حين كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع بنسبة 0.2 في المائة فقط. وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 1.5 في المائة هذا الأسبوع، مسجِّلاً أعلى مستوى له عند 1.3468 دولار، وهو الأعلى منذ 24 فبراير (شباط) 2022، تاريخ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أدى حينها إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الملاذات الآمنة مثل الدولار، وفق «رويترز».

رغم ذلك، فإن قلق المستثمرين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، الذي من المفترض أن يعزز الطلب على الدولار، تسبَّب في سحب رؤوس الأموال من الأسواق الأميركية، التي باتت الآن محوراً لحالة من عدم اليقين.

وقد أدى النهج غير المنتظم الذي يتبعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تطبيق الرسوم الجمركية المرتفعة على الشركاء التجاريين - وسط حالة من التردد في الاتفاقات وتفاصيلها - إلى خلق أكبر قدر من الغموض لدى المستثمرين منذ سنوات.

كما أن مشروع قانون الضرائب والإنفاق الواسع الذي يقوده ترمب، والذي من المرجح أن يزيد أعباء المالية العامة الأميركية من خلال إضافة تريليونات الدولارات من الديون، جعل المستثمرين أكثر حذراً تجاه السندات الحكومية طويلة الأجل، حتى خارج الولايات المتحدة؛ مثل السندات البريطانية.

وقد أدّى ارتفاع عوائد السندات الحكومية البريطانية إلى تعزيز جاذبية الجنيه الإسترليني لدى المستثمرين الأجانب، غير أن المخاوف المتعلقة بالمالية العامة تشير إلى أن المملكة المتحدة تسجِّل أعلى معدلات اقتراض حكومي بين الدول المتقدمة، حيث تجاوزت عوائد السندات لأجل 30 عاماً مستوى 5.5 في المائة يوم الجمعة، رغم تراجع فواتير الطاقة.

وفي هذا السياق، قالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في «إكس تي بي»: «تشير هذه الأرقام إلى أن السوق لا تزال مترددةً في إقراض المملكة المتحدة، ما دامت الحكومة غير قادرة على ضبط الإنفاق العام، حتى وإن أدى تراجع سقف أسعار الطاقة إلى خفض العوائد قصيرة الأجل صباح الجمعة».

وأضافت: «لطالما لعبت سوق السندات دوراً في توجيه السياسة المالية البريطانية، وربما تعيد هذا الدور الآن مع استمرار تقلبات أسواق السندات».

وعزَّز من أداء الجنيه الإسترليني هذا الأسبوع إعلان بريطانيا، يوم الاثنين، أهم إعادة ضبط لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي منذ خروجها من التكتل، حيث أُزيلت بعض الحواجز التجارية وتم تعزيز التعاون الدفاعي، كما طُرحت قضايا حساسة، مثل حقوق الصيد، للنقاش.

في الوقت ذاته، أظهرت بيانات، نُشرت يوم الأربعاء، أن معدل تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا ارتفع بوتيرة أسرع من المتوقع خلال أبريل، ما يحدّ من قدرة «بنك إنجلترا» على خفض أسعار الفائدة بسرعة لحماية وتيرة النمو.

وتُظهر توقعات سوق العقود الآجلة أن المتداولين يترقبون خفضاً لأسعار الفائدة البريطانية بنحو 38 نقطة أساس بنهاية العام الحالي - أي ما يعادل خفضاً واحداً بربع نقطة، مع احتمال بنسبة 50 في المائة تقريباً لخفض إضافي. ويقارن ذلك بتوقعات الأسواق لخفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو خلال الفترة نفسها.