صناعة الغاز الطبيعي المسال في أميركا تُحذر من «استحالة» الامتثال للقيود البحرية الجديدة

قالت إن الرسوم المفروضة على السفن الأجنبية ستضر بخطط أميركا للهيمنة على الطاقة

ناقلة الغاز النفطي المسال «غاز جوستيسن» قادمةً من هيوستن في طريقها إلى ميناء أنتويرب بهولندا (إ.ب.أ)
ناقلة الغاز النفطي المسال «غاز جوستيسن» قادمةً من هيوستن في طريقها إلى ميناء أنتويرب بهولندا (إ.ب.أ)
TT

صناعة الغاز الطبيعي المسال في أميركا تُحذر من «استحالة» الامتثال للقيود البحرية الجديدة

ناقلة الغاز النفطي المسال «غاز جوستيسن» قادمةً من هيوستن في طريقها إلى ميناء أنتويرب بهولندا (إ.ب.أ)
ناقلة الغاز النفطي المسال «غاز جوستيسن» قادمةً من هيوستن في طريقها إلى ميناء أنتويرب بهولندا (إ.ب.أ)

حذّر قطاع الغاز الطبيعي المسال إدارة الرئيس دونالد ترمب من أنه لا يستطيع الامتثال للقواعد الجديدة التي تهدف إلى إجباره على استخدام سفن النقل الأميركية من خلال فرض رسوم على السفن صينية الصنع التي ترسو في المواني الأميركية.

وحذر من أن القواعد التي نشرها الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير في 17 أبريل (نيسان) قد تضر بقطاع تصدير بقيمة 34 مليار دولار سنوياً، وهو قطاع محوري في أجندة الرئيس لـ«الهيمنة على الطاقة»، وفقاً لرسائل ضغط أرسلها معهد البترول الأميركي إلى الإدارة هذا الأسبوع.

وتُعدّ القواعد الجديدة جزءاً من الجهود الأميركية لزيادة الضغط على الصين بشأن ما تعده واشنطن ممارسات تجارية غير عادلة، مع تعزيز التصنيع المحلي للسفن، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

ومع ذلك، فقد أثارت هذه القواعد قلق المصدّرين الأميركيين، الذين يخشون أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في تكلفة التعاقد على السفن.

وقد استفاد قطاع الغاز الطبيعي المسال بالفعل من تأخير لمدة ثلاث سنوات في تطبيق القواعد على هذا القطاع، الذي يعتمد بشكل كبير على السفن الصينية والأجنبية الصنع. يسمح مكتب الممثل التجاري الأميركي أيضاً لمنتجي الغاز الطبيعي المسال بالتدرج في استخدام السفن المصنعة والمرفوع عليها العلم الأميركي على مدى 22 عاماً. ولا يزال بإمكان السلطات الأميركية إصدار أمر بتعليق تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال إذا لم يجرِ استيفاء شروط القواعد الجديدة.

لكنَّ معهد البترول الأميركي يُحذر في رسائل إلى وزيري الطاقة والداخلية الأميركيَّيْن من استحالة امتثال منتجي الغاز الطبيعي المسال للقواعد.

ولا توجد حالياً أي سفن أميركية الصنع قادرة على شحن الغاز الطبيعي المسال، ولا توجد طاقة فائضة في أحواض بناء السفن الأميركية لبناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال بحلول الموعد النهائي لعام 2029، وفق أشخاص مطَّلعين على محتويات الرسائل.

ويُحذِّر معهد البترول الأميركي من أن القواعد ستُضعف قدرة المنتجين الأميركيين على الهيمنة على صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية، وستُعزز مكانة أميركا بوصفها قوة عظمى في مجال الطاقة العالمية.

وتجادل المجموعة بأن هذا الإجراء ضد الصناعة قد يدفع الإدارات الأميركية المستقبلية إلى الابتكار واستخدام أدوات تجارية مماثلة وسيلةً لتعليق تراخيص التصدير. كما طلب قطاع الصناعة من الإدارة إعفاء شحنات النفط الخام والمنتجات المكررة، مثل البنزين وغاز البترول المسال، من الرسوم الجمركية البحرية، مشيراً إلى أن هذه الرسوم ستُعطل سلسلة التوريد المتوازنة بدقة، وستؤثر سلباً على القدرة التنافسية للقطاع.

وعندما سُئل معهد البترول الأميركي عن الرسالة، صرّح لصحيفة «فاينانشيال تايمز» بأنه يُدرك ضرورة الحد من الممارسات التجارية التمييزية من الصين، وزيادة بناء السفن الأميركية، لكنه أعرب عن مخاوفه بشأن القواعد. وقال آرون باديلا، نائب رئيس معهد البترول الأميركي للسياسات المؤسسية، في بيان: «سنواصل العمل مع مكتب الممثل التجاري الأميركي ووزارة الطاقة لدعم سياسات مجدية ودائمة تُفيد المستهلكين، وتُعزز هيمنة الطاقة الأميركية».

وصرح تشارلي ريدل، المدير التنفيذي لمركز الغاز الطبيعي المسال، وهي مجموعة صناعية، بأن هذه الإجراءات تُهدد بزعزعة استقرار العقود طويلة الأجل، ورفع التكاليف على المشترين العالميين، وتهديد مكانة أميركا كأكبر مُصدِّر للغاز الطبيعي المسال.

وتابع: «لهذا السبب، حثثنا مكتب الممثل التجاري الأميركي على إعفاء شحنات الغاز الطبيعي المسال وناقلاته من هذا الإجراء تماماً».

تجاوزت الولايات المتحدة أستراليا في عام 2023 لتصبح أكبر مُصدّر في العالم، وفي العام الماضي، شحنت 11.9 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز الطبيعي المسال -وهو ما يكفي لتلبية احتياجات ألمانيا وفرنسا مجتمعتين من الغاز. ولدى هذه الصناعة خطط طموحة لمضاعفة الصادرات بحلول نهاية العقد.

وأثارت القواعد الجديدة المفروضة على السفن التي تبنيها وتملكها وتشغِّلها الصين موجةً من الضغوط من الصناعة الأميركية، بمن في ذلك المزارعون وغيرهم من المصدرين، الذين حذروا من أنها ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن.

بموجب القواعد، ستبدأ الولايات المتحدة في فرض رسوم على مالكي السفن ومشغليها من الصين بقيمة 50 دولاراً للطن الصافي بدءاً من 180 يوماً، وتزيد بمقدار 30 دولاراً للطن الصافي على مدى السنوات الثلاث التالية. وستُفرض رسوم أقل على الشركات من أماكن أخرى في العالم التي تُشغّل سفناً صينية الصنع.

وحققت صناعة النفط والغاز، التي كانت من أكبر المانحين لحملة ترمب الانتخابية، نجاحاً كبيراً حتى الآن في الحصول على تنازلات من الإدارة، بما في ذلك إعفاء واردات النفط والغاز إلى الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية.


مقالات ذات صلة

«فجوة الغاز» تشغل المصريين مع بوادر صيف ملتهب

شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يؤكد التزام الحكومة بتوفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء (الحكومة المصرية)

«فجوة الغاز» تشغل المصريين مع بوادر صيف ملتهب

تساؤلات بين المصريين حول مدى قدرة الحكومة على توفير الكهرباء دون انقطاع خصوصاً للمنازل.

هشام المياني (القاهرة)
الاقتصاد مقر «قطر للطاقة» في العاصمة الدوحة (الموقع الإلكتروني للشركة)

«قطر للطاقة» تفوز برخصة للتنقيب والاستكشاف في الجزائر

فازت شركة «قطر للطاقة» برخصة للتنقيب والاستكشاف في الجزائر، وهو ما يمثل أول دخول للشركة في قطاع التنقيب والاستكشاف في الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد منصات غاز إسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط على بُعد 24 كيلومتراً غرب مدينة أشدود الساحلية (رويترز)

تل أبيب: استئناف صادرات الغاز لمصر والأردن عندما يسمح الجيش الإسرائيلي

قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين إن إسرائيل ستستأنف صادراتها من الغاز الطبيعي عندما يمنحها الجيش الإذن بذلك عندما يتأكد من أن هذه الخطوة آمنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز (رويترز)

«إيني» الإيطالية لا تتوقع إغلاق مضيق هرمز

قال الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» الإيطالية للطاقة، الأربعاء، إن أسواق النفط تشير إلى أن حدوث تصعيد بين إسرائيل وإيران وإغلاق مضيق هرمز، أمر غير مرجح.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الاقتصاد لافتة مؤتمر «آسيا للطاقة» خارج مركز مؤتمرات كوالالمبور بماليزيا 16 يونيو 2025 (رويترز)

شركات الطاقة الكبرى تتجه نحو جنوب شرقي آسيا

تستثمر شركات الطاقة أموالاً طائلة في استكشاف وإنتاج الغاز في ماليزيا وإندونيسيا، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة نتيجةً للنمو السكاني وانتشار مراكز البيانات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ازدياد الخصم على النفط الإيراني للصين مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط

ناقلة النفط «آيس إنرجي» بالعلم الليبيري تحمل النفط الإيراني من ناقلة النفط لانا (بيغاس سابقاً) (أرشيفية - رويترز)
ناقلة النفط «آيس إنرجي» بالعلم الليبيري تحمل النفط الإيراني من ناقلة النفط لانا (بيغاس سابقاً) (أرشيفية - رويترز)
TT

ازدياد الخصم على النفط الإيراني للصين مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط

ناقلة النفط «آيس إنرجي» بالعلم الليبيري تحمل النفط الإيراني من ناقلة النفط لانا (بيغاس سابقاً) (أرشيفية - رويترز)
ناقلة النفط «آيس إنرجي» بالعلم الليبيري تحمل النفط الإيراني من ناقلة النفط لانا (بيغاس سابقاً) (أرشيفية - رويترز)

ذكر متعاملون ومحللون أن بائعي النفط الإيراني إلى الصين يُقدمون هذا الشهر خصماً أكبر، وسط مساعٍ لخفض المخزونات، وفي ظل تقليص شركات التكرير المستقلة الصغيرة عمليات الشراء بسبب قفزة أسعار الخام.

وقال 3 متعاملين، وفقاً لـ«رويترز»، إنه يجري تداول النفط الخام الإيراني الخفيف بخصم يتراوح بين 3.30 و3.50 دولار للبرميل عن سعر خام برنت في بورصة «إنتركونتيننتال» للشحن لشهر يوليو (تموز) المقبل، مقارنة بخصم نحو 2.50 دولار في يونيو (حزيران) الحالي.

والمصافي الصغيرة المستقلة المشتري الرئيسي للخام الإيراني في الصين. وتعاني هذه المصافي من ضغوط في الوقت الراهن بسبب ارتفاع أسعار الخام 10 دولارات للبرميل منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران الأسبوع الماضي.

وأوضح المتعاملون أن مصافي التكرير الصغيرة بمركز التكرير في إقليم شاندونغ تتكبد أكبر خسائرها هذا العام.

وتقدر شركة الاستشارات «سابلايم تشاينا إنفورميشن» متوسط الخسائر، بما يصل إلى 353 يواناً (49.15 دولار) للطن هذا الأسبوع.

وتُشير البيانات إلى أن عمليات التكرير في شاندونغ ظلّت منخفضة عند 51 في المائة من القدرة الإنتاجية حتى 18 يونيو، انخفاضاً من 64 في المائة قبل عام.

وفي الوقت نفسه، تظهر تحليلات شركة «فورتيكسا» أن مخزونات النفط الإيراني، بما في ذلك في مواقع التخزين الصينية وفي الناقلات قرب المواني الصينية وقبالتها بانتظار التفريغ، وفي وحدات التخزين العائمة بالقرب من ماليزيا وسنغافورة، تبلغ 70 مليون برميل.

وتُعادل هذه الكميات شهرين من الطلب على النفط الإيراني من الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني.

وتُشير بيانات شركة «كبلر» لتتبع ناقلات النفط إلى وجود تغيُّر في الكميات يتجاوز 30 مليون برميل هذا العام في المخازن العائمة. وتُقدر كل من «كبلر» و«فورتيكسا» إجمالي النفط الإيراني في المياه، بما في ذلك في وحدات التخزين العائمة، بنحو 120 مليون برميل، وهو أكبر كمية منذ 2023 على أقل تقدير.

وأدَّت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على 3 من المصافي الصينية المستقلة إلى تقليص عمليات شراء النفط الإيراني من جانب عدد من المصافي متوسطة الحجم، التي تخشى إدراجها على قائمة العقوبات، وفقاً لـ«رويترز».

وقدّر أحد المتعاملين الإمدادات الإيرانية إلى الصين التي جرى استبدال نفط غير خاضع للعقوبات بها، بـ100 ألف برميل يومياً في النصف الأول من عام 2025، وهو قدر بسيط بالنظر إلى أن الإمدادات الإيرانية للصين، التي تتراوح بين 1.4 و1.5 مليون برميل يومياً.

إلى ذلك، ذكرت وزارة الخزانة الأميركية في إشعار على موقعها الإلكتروني، الجمعة، أن إدارة دونالد ترمب أصدرت عقوبات جديدة متعلقة بإيران، شملت كيانين مقرهما في هونغ كونغ، وأخرى متعلقة بمكافحة الإرهاب.

وأفاد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة بأن العقوبات تستهدف ما لا يقل عن 20 كياناً و5 أفراد و3 سفن.

وقال جون إيفانز، المحلل في «بي في إم»: «هناك إمدادات أكثر من كافية على مستوى العالم لعام 2025، ولكن ليس في ظل سيناريو احتجاز 20 مليون (برميل يومياً) في بحار شبه الجزيرة العربية، مهما طال أمد ذلك».

وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة ردّاً على الضغوط الغربية، وأي إغلاق للمضيق قد يُقيد التجارة، ويؤثر على أسعار النفط العالمية.

وقالت شركتان لتتبع السفن لـ«رويترز» يوم الخميس، إن إيران تحافظ على إمدادات النفط الخام من خلال تحميل ناقلات النفط واحدة تلو الأخرى ونقل مخازن النفط العائمة إلى أماكن أقرب إلى الصين، وذلك في إطار سعيها للحفاظ على مصدر دخل رئيسي وسط الصراع الإسرائيلي الإيراني.