ترمب متراجعاً عن تهديداته: لا أنوي إقالة رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»

ترمب ينظر إلى باول حين كان مرشحه لمنصب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» عام 2017 (رويترز)
ترمب ينظر إلى باول حين كان مرشحه لمنصب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» عام 2017 (رويترز)
TT

ترمب متراجعاً عن تهديداته: لا أنوي إقالة رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»

ترمب ينظر إلى باول حين كان مرشحه لمنصب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» عام 2017 (رويترز)
ترمب ينظر إلى باول حين كان مرشحه لمنصب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» عام 2017 (رويترز)

تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الثلاثاء، عن تهديداته بإقالة رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم بأول، بعد أيام من الانتقادات المتزايدة له لعدم خفضه أسعار الفائدة.

وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء: «لا أنوي إقالته. أود أن أراه أكثر نشاطاً في تطبيق فكرته لخفض أسعار الفائدة».

وقد لاقت هذه التهدئة ترحيباً فورياً من «وول ستريت»؛ حيث قفزت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم بنحو 2 في المائة، مع استئناف التداول مساء الثلاثاء. وكانت الأسهم والسندات والدولار قد تراجعت يوم الاثنين، بعد أن هاجم ترمب باول مراراً خلال عطلة عيد الفصح، لعدم خفضه أسعار الفائدة أكثر منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني).

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وخلال اللقاء الصحافي نفسه يوم الثلاثاء، أعرب ترمب أيضاً عن تفاؤله بأن اتفاقاً تجارياً مع الصين قد يؤدي إلى خفض «كبير» للرسوم الجمركية، مما عزز أيضاً ثقة المستثمرين. وقال إن الاتفاق سيؤدي إلى خفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية «بشكل كبير»؛ مشيراً إلى أن الاتفاق النهائي لن يكون «قريباً» من معدلات الرسوم الجمركية الحالية. ولكنه أضاف أنه «لن يكون صفراً».

وأدى تطبيق ترمب المتعثر لرسومه الجمركية، وانتقاداته المتكررة لباول وبنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً، إلى إثارة قلق المستثمرين، وتكثيف عمليات بيع الأصول الأميركية، بما في ذلك الأسهم وسندات الخزانة الأميركية والدولار.

وغالباً ما كانت انتقادات ترمب مصحوبة بتصريحات تهديدية، مثل منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، والذي ذكر فيه أن إقالة باول من رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي «لا يمكن أن تتم بالسرعة الكافية»، بالإضافة إلى مزيد من السخرية الشخصية، مثل وصفه باول بأنه «خاسر كبير». وأثارت هذه التهديدات قلق الأسواق المالية التي تعدُّ استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي» أمراً بالغ الأهمية، لتعزيز مصداقيته بوصفه البنك المركزي الأكثر نفوذاً في العالم، وركيزة أساسية للاستقرار المالي العالمي.

ولكن بينما يبدو أن ترمب قد وضع هذه التهديدات جانباً في الوقت الحالي، فإن انتقاداته لسياسة أسعار الفائدة الفيدرالية لا تزال بالقدر نفسه من الوضوح. قال ترمب: «نعتقد أن هذا هو الوقت المثالي لخفض سعر الفائدة، ونود أن يبادر رئيس مجلس إدارتنا إلى ذلك مبكراً أو في الموعد المحدد، بدلاً من أن يتأخر».

عداء قديم

يعود تاريخ خلافات ترمب مع باول إلى الفترة الأولى للحزب الجمهوري في البيت الأبيض. وقد رقَّى ترمب باول من عضو في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي إلى رئاسة البنك المركزي، ولكنه سرعان ما انزعج من الزيادات المستمرة في أسعار الفائدة تحت إشراف باول. وفكَّر ترمب علناً في إقالة باول، ولكن مستشاريه أثنوه في النهاية. ليس من الواضح ما إذا كان ترمب يمتلك السلطة اللازمة. يُصرُّ باول، من جانبه، على أن قانون «الاحتياطي الفيدرالي» لعام 1913 الذي أنشأ البنك المركزي، لن يسمح بذلك.

في غضون ذلك، صرَّح ترمب بأنه إذا أراد إقالة باول، فسيرحل «بسرعة». ينص القانون على أنه لا يمكن إقالة محافظي «الاحتياطي الفيدرالي» السبعة الذين يعينهم الرئيس، ويؤكدهم مجلس الشيوخ، لفترات ممتدة على 14 عاماً، إلا «لسبب وجيه»، وهو ما كان يُعتقد لفترة طويلة أنه يعني سوء السلوك، وليس الخلاف على السياسات.

مع ذلك، يُغفل القانون الإشارة إلى حدود الإقالة، من وصفه لفترة ولاية رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» التي تبلغ 4 سنوات، وهو أحد المحافظين السبعة.

تزامن خطاب ترمب اللاذع مع قضايا قضائية منظورة حالياً، بشأن إقالته مسؤولين من مجالس ووكالات فيدرالية مستقلة أخرى. تُراقب دوائر «الاحتياطي الفيدرالي» هذه القضايا من كثب بوصفها مؤشرات محتملة على ما إذا كان ترمب يمتلك سلطة إقالة مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» الذين طالما افترضوا قدرتهم على اتباع السياسة النقدية بمعزل عن النفوذ السياسي.

وخفَّض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بنقطة مئوية أواخر العام الماضي إلى النطاق الحالي بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة، ولكنه أبقى عليها دون تغيير في اجتماعَي السياسة اللذين عُقدا منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض. يُعقد الاجتماع القادم لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» لتحديد أسعار الفائدة بعد أسبوعين. ويشعر صانعو السياسات في «الاحتياطي الفيدرالي» بالقلق من أن الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها ترمب منذ أوائل فبراير (شباط) قد تُعيد تنشيط التضخم الذي وجدوا بالفعل صعوبة أكبر من المتوقع في العودة إلى هدفهم البالغ 2 في المائة.

في الوقت نفسه، يخشى صانعو السياسات من أن تتفاقم مهمتهم إذا أدت الرسوم الجمركية إلى إبطاء النمو وزيادة البطالة، مع الضغط على التضخم.

باول في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي (أرشيفية - رويترز)

النتيجة هي موقف «الانتظار والترقب» بشأن مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة، على الرغم من أن معظم صانعي السياسات لا يزالون يرون أن بعض التخفيضات في أسعار الفائدة محتملة في وقت لاحق من هذا العام.

وقلص متداولو العقود الآجلة لأسعار الفائدة رهاناتهم على تخفيف سياسة «الاحتياطي الفيدرالي» بعد تصريحات ترمب، ويتوقعون الآن 3 تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، بحلول نهاية العام، مقابل 4 كانت تعدُّ سابقاً أكثر احتمالية.

حتى الآن، أظهرت مقاييس «البيانات الملموسة» للاقتصاد الأميركي، مثل تقارير التوظيف ومبيعات التجزئة، مرونة، ولكن استطلاعات رأي الأُسَر والشركات أظهرت تدهوراً سريعاً في الثقة. يُجمع الاقتصاديون الآن على أن المخاطر تميل بشكل عام نحو الانخفاض من الآن فصاعداً، مع بدء تراكم آثار الرسوم الجمركية.

وخفَّض صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء توقعاته للنمو في الولايات المتحدة والعالم هذا العام، وكانت سياسة ترمب في فرض الرسوم الجمركية السبب الرئيسي وراء هذا التخفيض.


مقالات ذات صلة

بسبب منعها من تسجيل الطلاب الأجانب... «هارفارد» تقاضي إدارة ترمب

الولايات المتحدة​ جامعة هارفارد (أ.ب)

بسبب منعها من تسجيل الطلاب الأجانب... «هارفارد» تقاضي إدارة ترمب

أقامت جامعة هارفارد الأميركية دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترمب بسبب حظر تسجيل الطلاب الأجانب بالجامعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون (خلف) الذي يتولى الجوانب الفنية يصل إلى السفارة العُمانية حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات الأميركية - الإيرانية في روما الجمعة (رويترز)

استئناف المفاوضات الإيرانية - الأميركية في روما وسط «الخطوط الحمراء»

وصل الوفدان الإيراني والأميركي إلى العاصمة الإيطالية روما لاستئناف المفاوضات النووية، في جولة حساسة تطغى عليها خلافات جوهرية، أبرزها مستقبل تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
العالم صورة ملتقطة 6 مايو 2025 تظهِر عسكريين روساً يجلسون في حافلة بمكان غير معلوم في بيلاروسيا بعد أن أجرت روسيا وأوكرانيا تبادلاً لأسرى الحرب (أ.ب)

ترمب يعلن إتمام عملية تبادل كبيرة لسجناء بين روسيا وأوكرانيا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إتمام عملية تبادل كبيرة للسجناء بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يغادر البيت الأبيض في طريقه إلى نادي ترمب الوطني للغولف في العاصمة واشنطن لحضور عشاء عملات مشفرة... 22 مايو 2025 (أ.ب)

ترمب يقيم عشاءً لمستثمري العملات المشفرة وسط انتقادات بالفساد

أقام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الخميس، عشاءً مغلقاً في نادي الغولف الذي يملكه قرب واشنطن، جمع كبار المستثمرين في عملته المشفرة، ما أثار انتقادات واسعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

«رئيساً للأبد»... ترمب ينشر فيديو يظهر بقاءه في الحكم لما بعد ولايته الثانية

نشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، مقطع فيديو عبر منصة «تروث سوشيال»، يظهر فيه، بشكل افتراضي على غلاف مجلة «تايم»، فوزه بعدد لا نهائي من الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ألمانيا تدعم أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب الجمركية

وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تدعم أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب الجمركية

وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي جايشانكار (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، يوم الجمعة، إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي لم يؤتِ ثماره، مؤكداً أن برلين ستواصل دعم المفوضية الأوروبية في مفاوضاتها مع واشنطن.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهندي سوبرامانيام جايشانكار في برلين، أعرب فادفول عن أمل بلاده في أن يُبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقية للتجارة الحرة مع الهند، بحلول نهاية العام، وفق «رويترز».

كان ترمب قد أعلن عزمه التوصية بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي، ابتداء من الأول من يونيو (حزيران) المقبل، في خطوةٍ من شأنها أن تستهدف السلع الفاخرة، والأدوية، وغيرها من المنتجات المصنّعة في أوروبا. وقد تسببت هذه التصريحات، إلى جانب تهديد آخر موجَّه لشركة «أبل»، في اضطراب الأسواق العالمية، بعد أسابيع من التهدئة النسبية.

وقال فادفول: «المفوضية الأوروبية تحظى بدعمنا الكامل في الحفاظ على إمكانية وصولنا إلى السوق الأميركية، ونعتقد أن مثل هذه الرسوم لا تفيد أي طرف، بل إنها تُلحق الضرر بالنمو الاقتصادي في كلتا السوقين».

وأضاف: «لهذا السبب، نحن متمسكون بمواصلة المفاوضات، ونقف إلى جانب المفوضية الأوروبية للدفاع عن أوروبا وسوقها الموحدة، وفي الوقت نفسه نسعى لاستخدام أدوات الإقناع مع الجانب الأميركي».