تعرّضت خطط فريدريش ميرتس، المستشار المنتظر لألمانيا، لإطلاق برنامج اقتراض حكومي ضخم، لطعون قانونية في اللحظات الأخيرة من قبل أحزاب المعارضة، تم الإعلان عنها يوم الاثنين قبيل التصويت البرلماني. فقد طعن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف في التصويت أمام المحكمة الدستورية، مدعياً أن البوندستاغ لم يمنح الخبراء الخارجيين الوقت الكافي للتدقيق في الخطط التي رفعت قيمة اليورو والأسهم في الأسبوع الماضي. وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أن النائبة المستقلة جوانا كوتار قد تقدمت بشكوى لإفشال التصويت، بينما يخطط ثلاثة نواب من الحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال لتقديم التماسات قانونية.
وقال فلوريان تونكار، الخبير المالي في الحزب الديمقراطي الحر، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لم تتمكن الحكومة الفيدرالية حتى الآن من الإجابة عن أسئلة بسيطة وجوهرية في هذا الشأن».
ويسعى ميرتس إلى تمرير صندوق للبنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو (544 مليار دولار) وتغييرات شاملة على قواعد الديون عبر البرلمان المنتهية ولايته، كوسيلة لتحفيز النمو المتعثر وتعزيز الإنفاق الدفاعي في أكبر اقتصاد في أوروبا. وكان قد حصل على دعم حاسم من حزب الخضر الأسبوع الماضي لتمرير الإجراءات في البرلمان المنتهية ولايته، خوفاً من أن تتم عرقلتها من قبل مجموعة موسعة من المشرعين من أقصى اليمين واليسار في البوندستاغ القادم الذي يبدأ في 25 مارس (آذار).
ووافقت لجنة الموازنة البرلمانية على الخطط يوم الأحد. وقد نجت الإجراءات بالفعل من طعون قانونية سابقة الأسبوع الماضي من حزب البديل لألمانيا وحزب اليسار.
ويدفع المحافظون بزعامة ميرتس والحزب الاشتراكي الديمقراطي اللذين يجريان محادثات لتشكيل حكومة ائتلافية بعد انتخابات الشهر الماضي، هذه الإجراءات بشكل مشترك.
وعلى نحو منفصل، صرحت الرئيسة المشاركة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ساسكيا إسكين، لقناة «زد دي إف» يوم الاثنين أن قيادة حزبها ستتحدث مع المشرعين من صفوفهم بشكل فردي، والذين قد يكونون مترددين، قبل التصويت المقرر يوم الثلاثاء.
ولا يستطيع ميرتس تحمل الكثير من المنشقين يوم الثلاثاء، حيث من المقرر أن يحصل المحافظون والحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر على أغلبية الثلثين اللازمة لتمرير التعديلات الدستورية بفارق 30 صوتاً فقط. وبرر ميرتس الحاجة الملحة لتمرير الحزمة من خلال البرلمان المنتهية ولايته بالتحولات الأخيرة في السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب، محذراً من أن روسيا المعادية والولايات المتحدة غير الموثوقة قد تتركان القارة الأوروبية معرضة للخطر.
من جانبها، ذكرت وزارة الاقتصاد في تقريرها الشهري الصادر يوم الاثنين أن الضعف الاقتصادي الذي عانت منه ألمانيا استمر حتى بداية عام 2025، إلا أن الخطط المالية التي ستضعها الحكومة المستقبلية قد تساهم في استقرار التوقعات وتعزيز الأمن التخطيطي.
وأشارت الوزارة في تقريرها إلى أنه، رغم أن حالة عدم اليقين الخارجي والجيوسياسي ستظل قائمة على الأرجح في المستقبل المنظور، فإن خطط السياسة المالية التي يناقشها الائتلاف الحاكم المستقبلي قد تُسهم في استقرار التوقعات وتعزز من اليقين التخطيطي للأسر والاقتصاد.
في المقابل، خفض معهد «إيفو» الألماني توقعاته للنمو الاقتصادي في أكبر اقتصاد في أوروبا إلى 0.2 في المائة يوم الاثنين، مشيراً إلى ضعف ثقة المستهلكين وتردد الشركات في الاستثمار. وأوضح المعهد أنه من المتوقع حدوث تحسن تدريجي في العام المقبل، حيث يتوقع أن يرتفع النمو إلى 0.8 في المائة.
وكان المعهد قد توقع في ديسمبر (كانون الأول) أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة هذا العام في حال فشل في التغلب على التحديات الهيكلية.
وأشار إلى أن هناك بعض المخاطر المتوقعة نتيجة للقرارات الاقتصادية القادمة في ألمانيا والولايات المتحدة. ووفقاً للمعهد، تم الانتهاء من أحدث التوقعات يوم الخميس الماضي.
وكان ذلك قبل يوم من تصريح ميرتس، بأنه حصل على الدعم الحاسم لزيادة ضخمة في الاقتراض الحكومي، مما يمهد الطريق أمام البرلمان المنتهية ولايته للموافقة على الاتفاق التاريخي هذا الأسبوع. وقال تيمو فولمرشاوزر، رئيس قسم التوقعات في معهد إيفو: «الاقتصاد الألماني في حالة جمود. على الرغم من تعافي القوة الشرائية، فإن ثقة المستهلكين لا تزال ضعيفة، والشركات مترددة في الاستثمار».
وقد أصبحت ألمانيا الدولة الوحيدة في مجموعة السبع الكبرى التي سجلت انكماشاً لعامين متتاليين العام الماضي. وأشار معهد «إيفو» إلى أن القطاع الصناعي يعاني من ضعف الطلب وتزايد المنافسة الدولية، بالإضافة إلى المخاطر الكبيرة التي تشكلها حالة عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة. وأضاف أن القطاع التصديري الألماني قد يتأثر بشكل كبير من زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على المنتجات الأوروبية.