نمو ضعيف لنشاط الأعمال في منطقة اليورو وسط تراجع الطلب وتسارع الركود

ألمانيا تسجل تحسناً طفيفاً وقطاع الخدمات يقود التراجع الحاد في فرنسا

رجل أعمال يسير على رصيف «لا ديفانس» في الحي المالي والتجاري غرب باريس (رويترز)
رجل أعمال يسير على رصيف «لا ديفانس» في الحي المالي والتجاري غرب باريس (رويترز)
TT

نمو ضعيف لنشاط الأعمال في منطقة اليورو وسط تراجع الطلب وتسارع الركود

رجل أعمال يسير على رصيف «لا ديفانس» في الحي المالي والتجاري غرب باريس (رويترز)
رجل أعمال يسير على رصيف «لا ديفانس» في الحي المالي والتجاري غرب باريس (رويترز)

ظل نمو نشاط الأعمال في منطقة اليورو ضعيفاً للغاية في فبراير (شباط)، مع تراجع الطلب بوتيرة أسرع، بينما لم يكن توسع قطاع الخدمات كافياً لتعويض الركود المستمر في التصنيع.

استقر مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو، الذي جمعته شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، عند 50.2 نقطة، وهو أعلى بقليل من مستوى 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش. وجاءت النتيجة أقل من التوقعات بارتفاع طفيف إلى 50.5، وفق «رويترز».

وعلق سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في «بنك هامبورغ» التجاري، قائلاً: «الناتج الاقتصادي في منطقة اليورو بالكاد يتحرك. فالركود في التصنيع، رغم أنه أخف حدة، يقابله نمو ضعيف في قطاع الخدمات، وبالتالي، لا تُظهر هذه البيانات أي مؤشرات على تعافٍ وشيك».

واستمر الطلب الإجمالي في التراجع للشهر التاسع على التوالي، بل بوتيرة أسرع، حيث انخفض مؤشر الأعمال الجديدة المركب إلى 48.6 نقطة مقارنة بـ49.3 نقطة في يناير (كانون الثاني).

وفي قطاع الخدمات، الذي يُعد المحرك الأساسي لاقتصاد منطقة اليورو، انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى 50.7 نقطة من 51.3 نقطة، في مفاجأة غير متوقعة، حيث كانت التقديرات تشير إلى ارتفاعه إلى 51.5 نقطة.

وتراجع الطلب على الخدمات، في حين اعتمد النشاط على تنفيذ الطلبات المتراكمة، وهو ما انعكس في انخفاض مؤشر متأخرات العمل إلى 46.7 نقطة، مقارنة بـ48.0 نقطة، وهي أدنى قراءة له منذ أواخر عام 2020، عندما كان الاقتصاد تحت تأثير جائحة كوفيد-19.

ورغم بقاء قطاع التصنيع في منطقة الانكماش لمدة تقارب ثلاث سنوات، فإنه شهد تحسناً طفيفاً، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 47.3 نقطة من 46.6 نقطة، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى 47.0 نقطة.

وقفز مؤشر إنتاج المصانع، الذي يُغذي المؤشر المركب، إلى 48.7 نقطة من 47.1 نقطة، مما يشير إلى تخفيف نسبي للضغوط في القطاع.

ورغم المخاوف بشأن رسوم جمركية محتملة قد يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ظل التفاؤل بين الشركات المصنعة قوياً. وانخفض مؤشر الإنتاج المستقبلي بشكل طفيف إلى 59.6 نقطة من 60.5 نقطة، لكنه بقي أعلى من متوسطه طويل الأمد، مما يعكس بعض الثقة في مستقبل القطاع.

وفي ألمانيا، سجّل النشاط التجاري في القطاع الخاص ارتفاعاً طفيفاً في فبراير، مدفوعاً باستقرار قطاع الخدمات وتراجع الضغوط في التصنيع، وفقاً لمسح نُشر يوم الجمعة.

ارتفع مؤشر مديري المشتريات العالمي المركب لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى 51 نقطة في فبراير من 50.5 نقطة في يناير، وهو أعلى مستوى له في 9 أشهر وفوق عتبة 50 التي تفصل النمو عن الانكماش. وجاءت القراءة أعلى من توقعات المحللين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، التي بلغت 50.8 نقطة.

وقال دي لا روبيا: «يبدو أن الاقتصاد عاد إلى مسار النمو، إذ بدأ الركود في التراجع منذ شهرين».

يُذكر أن الاقتصاد الألماني انكمش للعام الثاني على التوالي في 2024، مما يبرز عمق التباطؤ الذي يعانيه أكبر اقتصاد في أوروبا.

وظل قطاع الخدمات صامداً، حيث بلغ مؤشر نشاط الأعمال في هذا القطاع 52.2، متراجعاً قليلاً عن 52.5 في يناير، وأقل من توقعات المحللين عند 52.5، لكنه لا يزال في منطقة النمو فوق 50.

وأضاف دي لا روبيا: «المخاوف من أن يتراجع قطاع الخدمات تحت تأثير الركود في التصنيع لم تتحقق حتى الآن، حيث يسجّل نمواً للشهر الثالث على التوالي».

وفي المقابل، ورغم بقاء قطاع التصنيع في منطقة الانكماش، فقد شهد تحسناً ملحوظاً، حيث ارتفع مؤشر التصنيع إلى 46.1 من 45.0، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى 45.5.

وأشار المسح إلى تراجع عام في تفاؤل قطاع الأعمال، في ظل تنامي المخاوف بشأن التعريفات الجمركية والتوترات الجيوسياسية، مما أثر على ثقة السوق.

وفي فرنسا سجّل نشاط الأعمال تراجعاً أكبر من المتوقع في فبراير، متأثراً بانخفاض حاد في الطلبات الجديدة والمتأخرات بقطاع الخدمات، الذي يُعد العمود الفقري لثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات العالمي لقطاع الخدمات من «ستاندرد آند بورز» إلى 44.5 نقطة، وهو أدنى مستوى له في 17 شهراً وأقل من المستوى الحرج 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش، للشهر السادس على التوالي.

وعلى العكس، شهد مؤشر مديري المشتريات الفوري لقطاع التصنيع ارتفاعاً طفيفاً، حيث بلغ 45.5 نقطة، وهو أعلى مستوى في 9 أشهر، مقارنة بـ45.0 نقطة في يناير، متوافقاً مع توقعات المحللين.

وبشكل عام، انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يدمج أداء قطاعي الخدمات والتصنيع، إلى 44.5 نقطة من 47.6 نقطة في يناير، متراجعاً بأكثر من ثلاث نقاط، وهو أكبر انخفاض منذ سبتمبر (أيلول) 2023، وأقل بكثير من التوقعات التي أشارت إلى 48.0 نقطة.

وعلق الدكتور طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في «بنك هامبورغ» التجاري، قائلاً: «الركود بلا نهاية في الأفق. فشل مؤشر مديري المشتريات الفرنسي الأولي لشهر فبراير في تقديم أي بوادر تحسن. والمثير للدهشة أن التراجع الحاد جاء من قطاع الخدمات، وليس التصنيع».

وفي الشهر الماضي، خفضت الحكومة الفرنسية توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025 إلى 0.9 في المائة من 1.1 في المائة، كما أعلنت عن استهدافها عجزاً مالياً بنسبة 5.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعام ذاته، مما يعكس استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.


مقالات ذات صلة

«البنك الإسلامي للتنمية» يطلق مبادرات لتعميق الشراكات وتوسيع الاستثمار البيني

الاقتصاد خلال الاجتماعات السنوية لمجموعة «البنك الإسلامي» (الشرق الأوسط)

«البنك الإسلامي للتنمية» يطلق مبادرات لتعميق الشراكات وتوسيع الاستثمار البيني

أفصح الدكتور محمد الجاسر، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، عن خطة عمل للمجموعة تمكنها من ترجمة توصية فعالياتها التي انطلقت الثلاثاء، بالعاصمة الجزائرية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد متسوق يستعد للدفع في متجر «هيرمانوس كاديناس» للبقالة في سوق محلية بمدريد (رويترز)

تحسن ثقة المستهلك في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي خلال مايو

أظهرت بيانات صادرة عن المفوضية الأوروبية، يوم الثلاثاء، أن ثقة المستهلك في منطقة اليورو شهدت تحسناً ملحوظاً خلال شهر مايو (أيار)، حيث ارتفعت بمقدار 1.4 نقطة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد متسوقون داخل متجر بقالة في تورونتو بكندا (رويترز)

تراجع التضخم السنوي في كندا إلى 1.7 %

أعلنت «هيئة الإحصاء الكندية»، الثلاثاء، أن معدل التضخم السنوي في كندا تراجع إلى 1.7 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، متأثراً بانخفاض حاد في أسعار الطاقة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا )
الاقتصاد كير ستارمر يشير بيده عقب قمة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في لندن 19 مايو 2025 (رويترز)

في مهب التحولات الجيوسياسية... بريطانيا تختبر مرونتها التجارية

شكّل سعي بريطانيا لإبرام اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالتزامن مع محاولاتها التقارب مع الصين، اختباراً حقيقياً لقدرتها على التكيّف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بائع يتحدث مع متسوق أثناء بيع التوابل في إحدى الأسواق في كراتشي (رويترز)

باكستان تُسجل نمواً بنسبة 2.4 % في الربع الثالث

أعلنت لجنة الحسابات الوطنية، الثلاثاء، أن الاقتصاد الباكستاني سجّل نمواً بنسبة 2.4 في المائة خلال الربع الثالث من السنة المالية التي تنتهي في يونيو.

«الشرق الأوسط» (كراتشي)

«الشورى» السعودي يطالب بإنشاء مشاريع «مترو» في المدن الكبرى

الجلسة العادية الحادية والثلاثون من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة لمجلس الشورى (الشرق الأوسط)
الجلسة العادية الحادية والثلاثون من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة لمجلس الشورى (الشرق الأوسط)
TT

«الشورى» السعودي يطالب بإنشاء مشاريع «مترو» في المدن الكبرى

الجلسة العادية الحادية والثلاثون من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة لمجلس الشورى (الشرق الأوسط)
الجلسة العادية الحادية والثلاثون من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة لمجلس الشورى (الشرق الأوسط)

طالب مجلس الشورى السعودي الهيئة العامة للنقل العام، بالتنسيق مع الجهات المعنية لدراسة إنشاء مشاريع «مترو» في المدن الكبرى والتجمعات الحضرية بالمملكة، وذلك خلال جلسته العادية الحادية والثلاثين من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة، الثلاثاء، برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي.

وأصدر مجلس الشورى قراراً طالب فيه الهيئة العامة للنقل بالعمل على زيادة عدد البرامج التدريبية اللوجيستية المقدمة من الأكاديمية السعودية اللوجيستية، وتنويعها بما يلبي احتياجات القطاع.

ودعا المجلس في قراره الهيئة - بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة - إلى مراجعة معايير تقييم جودة خدمات النقل الترددي للحجاج، وتطويرها بما يضمن كفاءتها.

وأكد المجلس في قراره أن على الهيئة، العمل على رفع الطاقة الاستيعابية لقطارات الركاب لكافة السكك الحديدية في المملكة، وزيادة سرعتها إلى السرعة الحالية لقطار الحرمين الشريفين.

إلى ذلك، ناقش مجلس الشورى خلال الجلسة التقرير السنوي للمؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية للعام المالي الماضي، حيث أشارت عضو المجلس الدكتورة ريمه اليحيى إلى أهمية قيام المؤسسة بتسهيل طلبات واحتياجات المسافرين وتحسين تجربة المسافر من خلال تقديم خدماتها بسرعة وسهولة.

وفي مداخلة لها بشأن التقرير طالبت عضو مجلس الشورى سارة قاسم، المؤسسة بإعادة تقييم استثماراتها والشركات التابعة لها، بهدف وضع خطة تنفيذية واضحة تحدد مصير هذه الشركات، سواء من خلال الخصخصة أو التحول إلى مساهمة أو مغلقة؛ بما يحقق الاستدامة المالية المطلوبة.

وفي شأن آخر، ناقش المجلس التقرير السنوي لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات للعام المالي الماضي، حيث طالبت عضو «الشورى» الدكتورة تقوى عمر بتوسيع قاعدة الشركات الكبرى للاتصالات عبر سياسات تحفيزية وتشريعية، تُمكّن من جذب استثمارات جديدة، ودعم نمو الشركات الناشئة لتصبح شركات اتصالات وطنية كبرى.

من جانبها، دعت عضو مجلس الشورى الدكتورة عائشة عريشي الوزارة للعمل على تنفيذ مشاريع وحزم تحفيزية بهدف تحسين ورفع جودة النطاق العريض في المناطق الحدودية، بما يضمن سرعة التقاط شبكة الاتصال وتوفير سرعات إنترنت عالية في تلك المناطق.

من جهة أخرى، تطرقت الجلسة إلى التقرير السنوي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية للعام المالي المنصرم. وطالب عضو مجلس الشورى الدكتور حسن آل مصلوم بتطوير آليات وزن المحتوى المحلي في الصناعات الدوائية، داعياً إلى دراسة اشتراط تطبيق الحد الأدنى في عنصر التقنية والتدريب، وعنصر المواد الأولية من عناصر المحتوى المحلي.

وأشار عضو مجلس الشورى المهندس مهدي الدوسري إلى أهمية دراسة تقنين القائمة الإلزامية لتشجيع الالتزام بتوريد مواد ومعدات من المصانع المحلية بحيث يتم إلزام الجهات بخمسين في المائة من الطلبات خلال السنة.

كما ناقش المجلس خلال هذه الجلسة التقرير السنوي لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك للعام المالي الفائت، حيث طالبت عضو «الشورى» الدكتورة منى الفضلي بتقييم برنامج المشغل الاقتصادي والمزايا الكبيرة الممنوحة وتوافق أدائها مع المعايير اللازمة ووضع مستهدفات أداء تتماشى مع ممكناتها، داعية الهيئة إلى دراسة التحديات التشغيلية والاستراتيجية الداخلية والعوامل الخارجية التي تؤثر على عمل الهيئة.