اليابان تبحث مع أميركا أزمة «رسوم السيارات»

مخاوف من ضربة اقتصادية قوية للصادرات

سيارات في طريقها إلى الشحن بالمنطقة الصناعية في كوازاكي باليابان (رويترز)
سيارات في طريقها إلى الشحن بالمنطقة الصناعية في كوازاكي باليابان (رويترز)
TT
20

اليابان تبحث مع أميركا أزمة «رسوم السيارات»

سيارات في طريقها إلى الشحن بالمنطقة الصناعية في كوازاكي باليابان (رويترز)
سيارات في طريقها إلى الشحن بالمنطقة الصناعية في كوازاكي باليابان (رويترز)

أثارت اليابان موضوع الرسوم على واردات الولايات المتحدة من السيارات، بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على هذه الواردات، وهي الخطوة التي يمكن أن توجّه ضربة قوية إلى الاقتصاد الياباني.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، يوم الأربعاء، أن طوكيو تراقب من كثب أي تأثير محتمل ناجم عن زيادة الرسوم الأميركية، التي قال الرئيس إنه قد يتمّ الكشف عنها رسمياً في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل. ويرى خبراء الاقتصاد أن تأثير هذه الرسوم في اليابان سيكون كبيراً، نظراً إلى أن السيارات تشكّل أكبر مكون في صادرات اليابان، حيث تُعدّ الولايات المتحدة السوق رقم واحد لصادرات السيارات اليابانية.

وقال الأمين العام للحكومة اليابانية، يوشيماسا هاياشي، في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء: «أثرنا الموضوع مع الحكومة الأميركية في ضوء أهمية صناعة السيارات لليابان... اليابان ستفحص باهتمام التفاصيل الدقيقة للإجراءات التي سيتم إعلانها، وتأثيرها في اليابان، ثم سنرد بشكل مناسب».

وتأتي تصريحات هاياشي بعد أن أثار وزير الخارجية الياباني، تاكيشي إيوايا، القضية مع نظيره الأميركي ماركو روبيو الأسبوع الماضي، عندما طلبت طوكيو أيضاً استبعادها من قرار الرئيس الأميركي الخاص بتفعيل مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة إلى الرسوم الجمركية مع دول العالم. وتسعى الدولة الآسيوية أيضاً إلى الإعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على الصلب والألمنيوم.

وقال كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، هارومي تاغوتشي: «بالنظر إلى أن نحو ثلث الصادرات اليابانية إلى الولايات المتحدة عبارة عن سيارات، فإن التأثير في الاقتصاد الياباني سيكون كبيراً... إذا تمّ فرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع البلدان، فسترتفع أسعار السيارات في الولايات المتحدة، وإذا لم يرتفع الطلب على السيارات، فهذا يعني أيضاً أن الطلب على الصادرات اليابانية سينخفض».

جدير بالذكر أن صادرات اليابان ارتفعت للشهر الرابع على التوالي في يناير (كانون الثاني) بقيادة شحنات السيارات إلى الولايات المتحدة، ولكن إذا مضى الرئيس الأميركي قدماً في خطة لفرض رسوم جمركية باهظة على السيارات فمن المرجح أن تشهد انخفاضاً حاداً.

وجاء تقرير التجارة القوي بعد أن أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي لليابان التي صدرت، يوم الاثنين، أن الاقتصاد نما بشكل أسرع من المتوقع في الربع المالي ما بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول)، مما عزّز الحجة لصالح استمرار البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة.

واليابان اقتصاد يعتمد على التصدير، والولايات المتحدة هي أكبر وجهة لصادراتها، حيث تمثّل سلعاً بقيمة 21 تريليون ين (138 مليار دولار)، وتمثّل السيارات نحو 28 في المائة من ذلك. يقول المحللون إن الرسوم الجمركية الكبيرة من المرجح أن تجبر شركات صناعة السيارات، مثل: «تويوتا موتور» و«هوندا موتور» على إعادة ترتيب إنتاجها العالمي.

وفي الوقت الحالي، يبلغ معدل التعريفة الجمركية على سيارات الركاب في الولايات المتحدة 2.5 في المائة، في حين يتم فرض تعريفة بنسبة 25 في المائة على شاحنات «البيك أب» المستوردة عالية الربحية.

وقُدّر الخبير الاقتصادي التنفيذي في معهد «نومورا» للأبحاث، تاكاهايدي كيوتشي، في تقرير حديث، أن التعريفات الجمركية بنسبة 25 في المائة على السيارات وقطع غيار السيارات قد تدفع الناتج المحلي الإجمالي لليابان إلى الانخفاض بنسبة تصل إلى 0.2 في المائة على مدى عامَيْن.

وقد تؤثر التعريفات الجمركية المتبادلة المخطط لها في مجموعة أوسع من المنتجات أيضاً على اليابان. وفي حين أن متوسط ​​معدل التعريفة الجمركية المطبق في اليابان من بين أدنى المعدلات في العالم، فإن الحواجز غير الجمركية، مثل لوائح السلامة، قد تخضع لتدقيق متزايد.

وضغط ترمب على رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، في قمتهما الأولى في البيت الأبيض هذا الشهر لمعالجة فائض التجارة السنوي لليابان البالغ 68.5 مليار دولار.

وأظهرت أرقام التجارة في يناير أن إجمالي الصادرات ارتفع بنسبة 7.2 في المائة على أساس سنوي، وهو أقل من متوسط ​​توقعات السوق بزيادة بنسبة 7.9 في المائة، وبعد ارتفاع بنسبة 2.8 في المائة في ديسمبر.

وارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 8.1 في المائة بفضل مبيعات السيارات المتفائلة، فضلاً عن ضعف الين الذي عزّز قيمة الصادرات. وانخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 6.2 في المائة مقارنة بالعام السابق، بسبب انخفاض شحنات معدات تصنيع الرقائق.

وزادت الواردات بنسبة 16.7 في المائة خلال يناير مقارنة بالعام السابق، وكذلك مقارنة بتوقعات السوق بزيادة بنسبة 9.7 في المائة. ونتيجة لهذا، سجّلت اليابان عجزاً تجارياً بلغ 2.759 تريليون ين (18.2 مليار دولار) مقارنة بتوقعات بعجز قدره 2.1 تريليون ين.


مقالات ذات صلة

إيطاليا وأميركا تنتقدان الضرائب «التمييزية» على التكنولوجيا

الاقتصاد رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، 17 أبريل (نيسان) 2025 (أ.ف.ب)

إيطاليا وأميركا تنتقدان الضرائب «التمييزية» على التكنولوجيا

أصدرت إيطاليا والولايات المتحدة بياناً مشتركاً ينتقد الضرائب «التمييزية» على الخدمات الرقمية في إشارة محتملة إلى أن روما تبتعد عن ضرائب تثير انزعاج واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)

الصين توقف واردات الغاز المسال من أميركا

أعلنت شركات طاقة صينية وقف استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، في ظل تصاعد التوترات التجارية والسياسية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سيدة تحمل أكياس مشتريات خارج أحد المتاجر في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

الصين تُصدر خطةً لتوسيع انفتاح قطاع الخدمات

أصدرت الصين، يوم الجمعة، خطةً لزيادة انفتاح قطاع الخدمات في البلاد، مقترحةً رفع القيود المفروضة على نسبة الأسهم الأجنبية لخدمات متجر التطبيقات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد السيارات تمر بجانب البنك المركزي التايواني في تايبيه (أرشيفية - رويترز)

المركزي التايواني: الثقة في السندات الأميركية «قوية للغاية»

أكد البنك المركزي التايواني، يوم الجمعة، أن الثقة في السندات الأميركية «قوية للغاية»، مستبعداً أي احتمال لتخلفها عن السداد.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
TT
20

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية، في ظل الانسحاب الأميركي من الاتفاق بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية، واتخاذ إجراءات انتقامية من الدول التي تفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة.

وفي خضمّ النزاع التجاري، أعادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في العاشر من أبريل (نيسان) التلويح بفرض ضرائب على «إيرادات إعلانات الخدمات الرقمية»، إذا لم تنجح المفاوضات الرامية إلى خفض الرسوم الجمركية.

ضرائب على الخدمات الرقمية

تُتهم شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة، «غوغل» و«أبل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت»، باستغلال الطبيعة الافتراضية غير الملموسة لأعمالها لتجنّب دفع الضرائب، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وانخرطت فرنسا، وتلتها سبع دول أخرى، في مواجهة مع هذه المجموعات التي طالبتها بالمساهمة عبر دفع ضرائب في عام 2019. وبذلك، حققت هذه الضريبة نحو 780 مليون يورو للدولة الفرنسية في عام 2024، وفقاً لوزارة المالية.

وفي مقابل ذلك، هددت إدارة ترمب منذ عام 2019 بفرض رسوم إضافية على الشمبانيا والأجبان الفرنسية.

وفي مذكرة نُشرت في 21 فبراير (شباط) 2025، استنكر الرئيس الأميركي الضرائب التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية التي صار مالكوها ورؤساؤها من حلفائه المقرّبين. وتعهد ترمب في المقابل بـ«فرض رسوم جمركية وأي تدابير أخرى ضرورية للتخفيف من الضرر الذي يلحق بالولايات المتحدة».

على إثر ذلك، ألغت الهند الضريبة الرقمية ابتداء من الأول من أبريل.

كذلك، تدرس لندن إلغاء الضريبة التي تفرضها في هذا المجال، وتُدر على خزينتها 800 مليون جنيه إسترليني سنوياً. وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز إن «هذه الضريبة ليست شيئاً ثابتاً أو أمراً غير خاضع للنقاش».

وتقول الحكومات التي طبّقت هذه الضرائب أحادية الجانب إنّها مؤقتة بانتظار مآلات المفاوضات الدولية بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

ضريبة الحد الأدنى

في نهاية عام 2021، شهد اتفاق تاريخي التزام نحو 140 دولة بفرض المزيد من الضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

وتمّ اعتماد رُكنَين في هذا المجال. يهدف الركن الأول إلى جعل الشركات متعددة الجنسية، وخصوصاً في القطاع الرقمي، تدفع ضرائب للدول التي يوجد فيها عملاؤها. ويحدّد الركن الثاني حداً أدنى للضريبة من 15 في المائة من الأرباح.

بمجرّد عودته إلى السلطة، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق وهدّد بإجراءات انتقامية من الدول التي تطبّق الركن الأول على شركات أميركية.

وقال دانيال بون وهو مدير مؤسسة الضرائب (Taxation Foudation)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ «المفاوضات متوقّفة منذ بعض الوقت، كانت كذلك حتى في ظل إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن».

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي الأميركي غابرييل زوكمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «ردّ الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة سيكون حاسماً»، مضيفاً: «إذا استسلم الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، وسمحت للشركات متعددة الجنسية الأميركية بالتنصل من الضريبة، فإنّ ذلك سيعني للأسف نهاية هذه الاتفاقية المهمّة للغاية».

تطبّق نحو ستين دولة الركن الثاني من الاتفاقية، من بينها اليابان وكندا والبرازيل والمملكة المتحدة وسويسرا والاتحاد الأوروبي.

ضرائب على أصحاب المليارات

في عام 2024، أطلقت مجموعة العشرين برئاسة البرازيل مشروعاً يهدف إلى فرض ضريبة دنيا بنسبة 2 في المائة على الأصول التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، كان يُرجح أن تنتج 200 إلى 250 مليار دولار سنوياً. غير أنّ هذا المشروع لم يرَ النور خصوصاً بسبب رفض الولايات المتحدة خلال عهد جو بايدن.

وبينما تعهّدت واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) بالتعاون في فرض المزيد من الضرائب على أصحاب المليارات، تضعضع المشروع أمام الأولوية التي تمنحها إدارة ترمب لخفض الضرائب، وقربها من أصحاب المليارات.

وفضلاً عن ذلك، أشار دانيال بون إلى أنّ الولايات المتحدة شديدة الحرص على «سيادتها الضريبية»، حتى وإن كان بعض الجمهوريين يؤيّدون فرض ضرائب أكبر على كبار الأثرياء الأميركيين.

وقال: «إذا سألتم بعض أعضاء الكونغرس عن رأيهم باتفاق مجموعة العشرين، فإنّهم سيجيبون: لماذا تتدخّل مجموعة العشرين في فرض ضرائب على أصحاب المليارات؟ هذه مهمّتنا إذا أردنا القيام بذلك».

ويوجد في الولايات المتحدة 30 في المائة من أصحاب المليارات في العالم، وفقاً لمجلّة «فوربس»، تليها الصين والهند وألمانيا مجتمعة.

وخلال مؤتمر عُقد أخيراً في باريس، قال خبير الاقتصاد توماس بيكيتي: «لا يمكننا أن ننتظر حتى تتوصل مجموعة العشرين إلى اتفاق، يجب أن تتحرّك الدول بشكل منفرد في أقرب وقت ممكن».

وأضاف: «يُظهر التاريخ أنّه بمجرّد أن تتبنّى حفنة من الدول القوية إصلاحاً من هذا النوع، فإنّه يصبح القاعدة».