البنك الدولي: أزمة البحر الأحمر ترفع تكاليف الشحن العالمية 141 %

خسائر قناة السويس وصلت إلى 7 مليارات... وحركة السفن عبر «رأس الرجاء الصالح» ارتفعت 50 %

تصاعُد الدخان من السفينة التجارية «مارلين لواندا» بعد إصابتها بصاروخ حوثي مضاد للسفن (أ.ف.ب)
تصاعُد الدخان من السفينة التجارية «مارلين لواندا» بعد إصابتها بصاروخ حوثي مضاد للسفن (أ.ف.ب)
TT

البنك الدولي: أزمة البحر الأحمر ترفع تكاليف الشحن العالمية 141 %

تصاعُد الدخان من السفينة التجارية «مارلين لواندا» بعد إصابتها بصاروخ حوثي مضاد للسفن (أ.ف.ب)
تصاعُد الدخان من السفينة التجارية «مارلين لواندا» بعد إصابتها بصاروخ حوثي مضاد للسفن (أ.ف.ب)

أصبحت أزمة البحر الأحمر نقطة اشتعال حاسمة في صراع منطقة الشرق الأوسط، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في حركة التجارة العالمية والنقل البحري. ووفقاً لتقرير البنك الدولي «أزمة الشحن المتفاقمة في البحر الأحمر: التأثيرات والتوقعات»، أدى تحويل التجارة إلى إعادة تشكيل أنشطة المواني على طول الممر الآسيوي الأوروبي، مما أثر إيجاباً على مواني غرب البحر الأبيض المتوسط، في حين عانت مواني شرق البحر الأبيض المتوسط. كما استفادت مواني جنوب آسيا مثل كولومبو من زيادة حصتها في البضائع الإقليمية. وتسببت هذه الاضطرابات في صدمات عبر سلاسل التوريد العالمية، مما أدى إلى تأخير في تسليم الموردين وزيادة تكاليف الشحن. ومع ذلك، كان تأثير هذه الزيادات على التضخم محدوداً بسبب ضعف الطلب العالمي وانخفاض أسعار السلع الأساسية.

شحنات الحاويات تمر عبر قناة السويس في مصر (رويترز)

وأدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية، حيث ارتفعت بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 مقارنةً بما قبل الأزمة، وزادت الأسعار على الطرق التي تمر عبر البحر الأحمر بنحو 230 في المائة من شنغهاي إلى روتردام وجنوة. ورغم هذه الزيادة، ظل تأثيرها على التضخم محدوداً بسبب ضعف الطلب العالمي والمخزونات الكافية، إضافةً إلى عدم تأثر قطاع النفط أو أسعار السلع الأساسية بشكل كبير.

وفي تفاصيل التقرير، فقد تسببت الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، الذي يمر عبره نحو ثلث حركة الحاويات العالمية، في تعطيل العمليات البحرية بشكل كبير. وأدت التهديدات الأمنية إلى إعادة توجيه السفن عبر «رأس الرجاء الصالح»، مما أثر بشكل كبير على حركة التجارة بين آسيا وأوروبا وآسيا وشمال الأطلسي. ونتيجة لهذه الاضطرابات، شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024.

وشهد ممر رأس الرجاء الصالح زيادة في النشاط بنسبة تزيد على 50 في المائة، رغم تدهوره مقارنةً بالذروة في مارس (آذار) 2024. كما أصبح مرور السفن عبره أكثر تقلباً في الأشهر الأخيرة، مما يعكس الاضطرابات في سلاسل التوريد بين آسيا وأوروبا والأميركيتين. في الوقت نفسه، تأثر مضيق هرمز، الممر النفطي الأهم، بتراجع حركة المرور البحرية بنسبة 15 في المائة بسبب قربه من منطقة الصراع.

وقد أدى تحويل التجارة حول «رأس الرجاء الصالح» إلى زيادة كبيرة في مسافات وأوقات السفر للسفن التي كانت تمر عبر البحر الأحمر. وبحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ارتفعت مسافات السفر لسفن الشحن وناقلات النفط التي كانت تتنقل عبر البحر الأحمر بنسبة 48 في المائة و38 في المائة على التوالي، مقارنةً بالفترة السابقة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) 2023. كما شهدت أوقات السفر زيادة ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 45 في المائة لشحنات النفط، و28 في المائة لناقلات النفط، مما يعكس تغييراً جذرياً في الخدمات اللوجيستية البحرية العالمية.

تظهر الحاويات مكدَّسة على متن سفينة الحاويات «إم إس سي ماريا إلينا» بميناء أنتويرب في بلجيكا (رويترز)

كما تسببت أزمة الشحن في اضطراب سلاسل التوريد العالمية، حيث ارتفع مؤشر إجهاد سلسلة التوريد للبنك الدولي إلى 2.3 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدماً في ديسمبر 2024، وهو أكثر من ضعف المستويات المسجلة في ديسمبر 2023. وارتفعت حصة مواني شرق البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي في شحنات الحاويات المتأخرة إلى 26 في المائة، بينما انخفضت حصة الصين إلى 9 في المائة من 38 في المائة.

كذلك تسببت في إطالة أوقات تسليم الموردين بشكل ملحوظ، لا سيما في أوروبا. وارتفعت مؤشرات مديري المشتريات لأوقات تسليم الموردين في 25 دولة من أصل 35 دولة شملها المسح عالمياً بين نوفمبر 2023 وأكتوبر 2024، مقارنةً بالفترة السابقة للأزمة من نوفمبر 2022 إلى أكتوبر 2023. وكان التدهور في أوقات التسليم أكثر وضوحاً في أوروبا وبعض الدول الآسيوية.

التحول في نشاط التجارة بالمواني والطرق البرية الجديدة

ساهم الصراع في الشرق الأوسط وأزمة الشحن في البحر الأحمر في تراجع كبير في نشاط المواني والتجارة عبر البحر الأحمر ودول الخليج منذ نوفمبر 2023. وسجلت الأردن وعمان أكبر انخفاضات في صادرات الشحن بنسبة 38 في المائة و28 في المائة على التوالي، بينما تراجعت واردات الشحن في الأردن وقطر بنسبة 50 في المائة و27 في المائة. وبين نوفمبر 2023 وأكتوبر 2024، انخفضت التجارة في معظم المواني الكبرى بنسبة 8 في المائة مقارنةً بفترة ما قبل الأزمة. أعلنت مصر عن خسارة 7 مليارات دولار في عائدات قناة السويس، بينما تمكنت بعض المواني في الإمارات ومصر والسعودية من الصمود.

ورغم الانخفاض في التجارة البحرية لعام 2024، شهدت أحجام التجارة العالمية تسارعاً عاماً، مما يشير إلى تحول نحو إعادة توجيه التجارة بدلاً من تقليصها. وبين نوفمبر 2023 وأكتوبر 2024، انخفضت زيارات المواني العالمية وأحجام التجارة البحرية بنسبة 5 في المائة للواردات و4 في المائة للصادرات مقارنةً بالفترة من نوفمبر 2022 إلى أكتوبر 2023.

التوقعات والسيناريوهات

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» حيّز التنفيذ في 19 يناير 2025، وتأكيد الحوثيين أنهم سيقتصرون على الهجمات على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل، زادت الفرص لتقليص الاضطرابات في التجارة البحرية العالمية. ويمثل وقف إطلاق النار خطوة مهمة نحو تخفيف التوترات في المنطقة، حيث كُشف عن ثلاث مراحل لتسوية الوضع في الأسابيع القادمة.

سفينة شحن تُرى وهي تعبر قناة السويس الجديدة (رويترز)

وطرح البنك الدولي ثلاثة سيناريوهات أساسية لتقييم التأثير المحتمل على تجارة الشحن في المنطقة والعالم:

- السيناريو الأساسي: يفترض أن الأزمة ستستمر حتى أكتوبر 2025، مع بقاء النمو في تجارة الشحن خلال هذه الفترة مماثلاً لما تمت ملاحظته بين ديسمبر 2023 وأكتوبر 2024.

- سيناريو التعافي التدريجي: يتوقع هذا السيناريو أن الأزمة ستستمر حتى مايو 2025، وبعدها يعود نمو تجارة الشحن إلى مستوياته الطبيعية قبل الأزمة.

- سيناريو التعافي السريع: يفترض هذا السيناريو أن الأزمة ستنتهي بسرعة في فبراير (شباط) 2025، مما يؤدي إلى عودة أسرع لحركة التجارة.

النتائج المحتملة:

• في حالة التعافي التدريجي: من المتوقع أن تنمو واردات الشحن بنسبة 1.6 في المائة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المطلة على البحر الأحمر، و4.9 في المائة في الاتحاد الأوروبي مقارنةً بالسيناريو الأساسي الذي يستمر حتى أكتوبر 2025. كما ستشهد صادرات الشحن زيادة بنسبة 10.3 في المائة في دول منطقة البحر الأحمر وشمال أفريقيا و5.1 في المائة في الاتحاد الأوروبي، مما يشير إلى أن التعافي التدريجي سيكون له تأثير إيجابي على التجارة عبر البحر الأحمر.

• في حالة التعافي السريع: ستشهد واردات الشحن زيادة أكبر، حيث يُتوقع أن تنمو بنسبة 2.1 في المائة في بلدان البحر الأحمر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و8.2 في المائة في الاتحاد الأوروبي. أما صادرات الشحن، فمن المتوقع أن ترتفع بنسبة 17.4 في المائة في دول البحر الأحمر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و10.2 في المائة في الاتحاد الأوروبي، مما يعكس تأثيراً إيجابياً أسرع وأكثر شمولاً للتعافي.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أيقونة الهيب هوب كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي (تصوير: إيمان الخطاف)

كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي وتستعيد رحلتها الفنّية في «البحر الأحمر»

منذ اللحظة الأولى، تعاملت كوين لطيفة مع المسرح والجمهور بحميمية أثارت إعجاب الحاضرين...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جلسة مليئة بالصدق والعمق (الشرق الأوسط)

زيارة أولى للشرق الأوسط... كريستن دانست تفتح قلبها لجمهور «البحر الأحمر»

رغم أنّ المهرجان اعتاد استقطاب أسماء عالمية سنوياً، فإنّ ظهور دانست حمل خصوصية لافتة...

إيمان الخطاف (جدة)
العالم العربي عناصر من خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر (إعلام عسكري)

تشكيل لجنة دولية لتسيير الشراكة الأمنية البحرية مع اليمن

أعلن كل من السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان عن تشكيل لجنة التسيير لشراكة اليمن للأمن البحري وتعزيز خفر السواحل.

«الشرق الأوسط» (عدن)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.