نما القطاع الخاص السعودي غير النفطي بأعلى مستوى منذ 10 سنوات، مدفوعاً بالزيادة في إجمالي الطلبات الجديدة بأسرع وتيرة منذ يونيو (حزيران) 2011، وهو ما شجَّع على توسع الشركات في النشاط التجاري والمخزون.
وتقدم مؤشر «مديري المشتريات الرئيسي» في السعودية الصادر عن بنك الرياض، من 58.4 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) إلى 60.5 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ليُسجل أعلى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
ويرى مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن مستوى أداء القطاع الخاص السعودي غير النفطي يعكس مستوى الأنشطة الصناعية في المملكة، متوقعين استمرار عملية التوسع في الإنفاق الحكومي للأنشطة غير النفطية، ومؤكدين في الوقت ذاته أن البيئة التجارية في المملكة باتت محفزة للشركات والمؤسسات وتشهد حركة متسارعة وجاذبة لقطاع الأعمال.
المؤشرات الدولية
وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد مكني، لـ«الشرق الأوسط»، أن مؤشر «مديري المشتريات» يعكس مستوى الأنشطة الصناعية في المملكة، الذي شهد نمواً من 54 نقطة في ديسمبر إلى 60.5 نقطة في يناير، منوهاً بالوتيرة المتسارعة في نمو الأنشطة غير النفطية خلال السنوات الأربع الماضية.
وذكر أن مؤشر المشتريات الصادر مؤخراً، سجّل رقماً تاريخياً وغير مسبوق، متوقعاً استمرار عملية توسع الإنفاق الحكومي للأنشطة غير النفطية للسنوات الثلاث المقبلة، ودعم المشروعات بمختلف أحجامها، وذلك بعد إعلان موازنة 2025 الصادر عن وزارة المالية، مشيراً إلى أهمية الخطة الوطنية الاستراتيجية التي تستهدف 13 قطاعاً حيوياً وفق أهداف «رؤية 2030».
وأضاف أن جميع مؤسسات التصنيف الائتماني -«فيتش»، و«ستاندرد آند بورز»، و«موديز»- والتوقعات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، تُشير إلى ازدهار القطاع غير النفطي في الاقتصاد السعودي بما لا يقل عن 4 في المائة في السنوات الثلاث المقبلة، والتوقعات المحلية الصادرة عن وزارتي الاقتصاد والتخطيط، والمالية، تشير إلى الوصول لمتوسط نمو في القطاع غير النفطي بنحو 6 في المائة.
وأكد أهمية الدعم من صندوق الاستثمارات العامة للأنشطة غير النفطية، في خطته الاستراتيجية بإنفاق 150 مليار ريال بشكل تراكمي على القطاع الخاص، من 2021 حتى 2025.
البيئة الجاذبة
من جانبه، أفاد المختص في الاقتصاد أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط»، بأن النفط سيصبح رافداً للاقتصاد وليس ركناً أساسياً، بفضل الدعم الحكومي غير المسبوق للقطاع الخاص غير النفطي، الذي يعيش حالياً مرحلة من النمو المستمر ليُحقق مستهدفات البلاد في الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن البيئة التجارية في السعودية باتت محفزة للشركات والمؤسسات، وتشهد حركة متسارعة جاذبة للقطاع الخاص، متوقعاً أن يشهد القطاع الخاص المحلي نموّاً في المراحل المقبلة.
وأكمل أن البلاد لديها مشروعات عملاقة، ومن ثم هناك فرص كبيرة للقطاع الخاص من أجل اكتشافها والتوسع في الأعمال مقابل حجم الطلب العالي الذي تشهده السعودية، ما جعلها بيئة تجارية جاذبة للأعمال محلياً ودولياً.
زيادة الطلبات
ووفق مؤشر «مديري المشتريات»، تحسّنت توقعات الشركات للنشاط على مدى الاثني عشر شهراً المقبلة، مسجّلة أفضل قراءة في 10 أشهر.
وشهدت الشركات أسرع زيادة في إجمالي الطلبات الجديدة منذ يونيو 2011، ما أسهم في التوسع السريع في النشاط التجاري وزيادة في مستويات المخزون.
وعلى الرغم من التحسن في ظروف الأعمال، واجهت الشركات ارتفاعاً في أسعار مستلزمات الإنتاج.
ويعزى ذلك، حسب المؤشر، بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار المواد بسبب التوترات الجيوسياسية.
كما شهدت سوق العمل تحسناً ملحوظاً؛ حيث ارتفعت مستويات التوظيف، إشارة إلى أن مؤشر «مديري المشتريات» هو متوسط المؤشرات الخمسة التالية: الطلبات الجديدة، والإنتاج، والتوظيف، ومواعيد تسليم الموردين، ومخزون المشتريات، ويعدّ مؤشراً مهماً لقياس أداء القطاع الخاص غير النفطي.
مشروعات البنية التحتية
وطبقاً للخبير الاقتصادي الأول لدى بنك الرياض، نايف الغيث، فإن الأداء القوي للمؤشر يؤكد مرونة القطاع الخاص غير المنتج للنفط بدعم من زيادة الطلبات الجديدة والارتفاع الكبير في ناتج الأعمال.
ولفت إلى أن مؤشر الإنتاج، الذي بلغ أعلى مستوياته في 18 شهراً، يكشف عن قوة الطلب؛ حيث أفادت نحو 30 في المائة من الشركات بارتفاع النشاط، ما يُسلّط الضوء على الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة لتنويع الاقتصاد.
وأوضح أن الطلبات الجديدة كانت المحرك الأساسي للتوسع؛ حيث شهدت نحو 45 في المائة من الشركات ارتفاعاً في المبيعات بفضل الظروف الاقتصادية الإيجابية، وتسارع مشروعات البنية التحتية.
كما أسهم ارتفاع طلبات التصدير في تعزيز الطلب المحلي، خصوصاً من دول الخليج.