«بنك اليابان» يهدف لاستقرار التضخم رغم الصعوبات

خطوات حكومية لتخفيف ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة

رجل يشاهد منتجات شركة «نينتندو» للألعاب في أحد المتاجر وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
رجل يشاهد منتجات شركة «نينتندو» للألعاب في أحد المتاجر وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

«بنك اليابان» يهدف لاستقرار التضخم رغم الصعوبات

رجل يشاهد منتجات شركة «نينتندو» للألعاب في أحد المتاجر وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
رجل يشاهد منتجات شركة «نينتندو» للألعاب في أحد المتاجر وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، الثلاثاء، إن البنك يهدف إلى تحقيق معدل تضخم مستدام بنسبة 2 في المائة كما يقاس بمؤشر أسعار المستهلك الإجمالي، مما يبقي على توقعات السوق برفع أسعار الفائدة في الأمد القريب حية.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي بنسبة 3.6 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) مقارنة بالعام السابق، وهو ما يزيد كثيراً على ارتفاع بنسبة 3.0 في المائة في المؤشر الأساسي الذي يستبعد تأثير أسعار الأغذية الطازجة المتقلبة.

وقال أويدا للبرلمان: «هدفنا هو أن يتحرك مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي بشكل مستقر حول 2 في المائة بطريقة مستدامة». وأضاف: «عندما نتحدث عن التضخم الأساسي، فإننا نستبعد العوامل غير المتكررة من تحركات مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي. لكن هذه العملية قد تكون صعبة في بعض الأحيان».

وجاءت تصريحات أويدا في أعقاب قرار بنك اليابان الشهر الماضي برفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.5 في المائة، وهو مستوى لم تشهده اليابان منذ 17 عاماً، وهو ما يؤكد اقتناع صناع السياسات بأن الاقتصاد يسير على الطريق لتحقيق ارتفاعات أسعار مستدامة مدفوعة بالأجور.

وساعدت توقعات السوق المستمرة لمزيد من رفع أسعار الفائدة في دفع العائد القياسي لسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 2.5 نقطة أساس إلى أعلى مستوى في 14 عاماً عند 1.27 في المائة يوم الثلاثاء. ومنذ تقديم هدف التضخم البالغ 2 في المائة في عام 2012، قال بنك اليابان إن هدفه طويل الأجل أن يتحرك مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي بشكل مستقر حول هذا المستوى.

ولكن في قياس ما إذا كان التضخم سيصل إلى هدفه بشكل مستدام، يركز بنك اليابان على التضخم الأساسي، أو الاتجاه العام لتحركات الأسعار التي تستبعد عوامل لمرة واحدة، مثل الوقود، وتكاليف الأغذية الطازجة المتقلبة.

إلى هذا الحد، يصدر بنك اليابان توقعاته للتضخم على أساس مؤشر أسعار المستهلك الأساسي، الذي يستبعد أسعار الأغذية الطازجة، وأيضاً تكاليف الوقود... وأصبح الفارق بين مؤشر أسعار المستهلك الإجمالي والأساسي حساساً سياسياً مع ارتفاع أسعار الأرز والخضراوات والوقود، مما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة للأسر.

وكان ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في ديسمبر مدفوعاً بارتفاع بنسبة 27 في المائة في الخضراوات الطازجة، بما في ذلك مضاعفة سعر الكرنب، وارتفاع بنسبة 66 في المائة في تكلفة الأرز، وارتفاع بنسبة 10 في المائة في تكاليف الوقود، وهي العوامل التي يلقي المحللون باللوم عليها في إبقاء الاستهلاك راكداً... ومثل هذا الضغط التضخمي، الذي تحركه جزئياً تكاليف الاستيراد المرتفعة بسبب ضعف الين، يلفت انتباه صناع السياسات.

وأظهر ملخص الآراء في الاجتماع يوم الاثنين، أن أعضاء مجلس إدارة بنك اليابان ناقشوا في اتخاذ قرار بشأن رفع أسعار الفائدة في يناير (كانون الثاني) احتمال زيادة تكاليف الاقتراض بشكل أكبر مع بعض التحذيرات من مخاطر التضخم الصاعدة.

وقال أياكو فوجيتا، الخبير الاقتصادي في «جي بي مورغان سيكيوريتيز»، الذي يتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول يونيو (حزيران): «مع تزايد وعي بنك اليابان بمخاطر ارتفاع الأسعار، هناك فرصة قوية لأن يقرر بنك اليابان رفع أسعار الفائدة مرة أخرى قبل أن تتوقع الأسواق».

وأصدر رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا تعليمات لحكومته بتنفيذ خطوات سريعة لتخفيف أعباء ارتفاع أسعار المواد الغذائية عن المستهلكين، بما في ذلك الإفراج غير المسبوق عن مخزونات الأرز لخفض التكاليف.

وقال وزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا للبرلمان يوم الاثنين إن «ما تواجهه الأسر الآن هو ارتفاع التضخم الذي يحركه بشكل أكبر عوامل ارتفاع التكاليف».

وفي ظل انتخابات مجلس الشيوخ المقررة في وقت لاحق من هذا العام، تتعرض إدارة إيشيبا لضغوط لمكافحة ارتفاع التضخم مع الحفاظ على الاقتصاد الهش.

وفي تأكيدهم على عزمهم على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، قال مسؤولون في بنك اليابان أيضاً إن وتيرة الزيادات ستكون تدريجية لأن التضخم الأساسي - الذي يتم قياسه من خلال مؤشرات مختلفة لالتقاط تحركات الأسعار المدفوعة بالطلب - يظل أقل من هدفه البالغ 2 في المائة.


مقالات ذات صلة

رفع مفاجئ لتوقعات التضخم التركي في تقرير «المركزي»

الاقتصاد أتراك يتجولون في أسواق منطقة بايزيد في إسطنبول (رويترز)

رفع مفاجئ لتوقعات التضخم التركي في تقرير «المركزي»

رفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم في نهاية العام الحالي إلى 24 في المائة مخالفاً التوقعات والهدف المعلن سابقاً من جانب الحكومة عند 21 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد حاويات مكدسة في ميناء كيلونغ بشمال تايوان (رويترز)

صادرات تايوان تتجاوز التوقعات في يناير بفضل الذكاء الاصطناعي و«تأثير ترمب»

سجلت صادرات تايوان في يناير (كانون الثاني) ارتفاعاً فاق التوقعات، مدفوعة بالطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي وتلقي الشركات طلبات قبل تولي دونالد ترمب منصبه.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )
الاقتصاد شاحنات تنقل حاويات خارج ميناء يانغشان في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

شبح «حرب التجارة» يحفز «المركزي الصيني» على اكتناز الذهب

أظهرت بيانات رسمية أن بنك الشعب الصيني حافظ على زخم إضافة الذهب إلى احتياطياته في يناير للشهر الثالث على التوالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مشهد جوي لمصفاة نفطية على أطراف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس (أ.ف.ب)

أجواء حرب التجارة تؤرق أسواق النفط

ارتفعت أسعار النفط يوم الجمعة بعد فرض عقوبات جديدة على صادرات الخام الإيرانية، لكنها اتجهت لتسجيل ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

المستوى المحايد للفائدة... لغز جديد أمام صناع القرار في أوروبا

أشار البنك المركزي الأوروبي في ورقة بحثية نُشرت يوم الجمعة إلى أن خفض أسعار الفائدة قد يظل بعيداً عن الوصول إلى المستوى الذي يتوقف عنده عن كبح النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

«ستاندرد آند بورز» تثبّت تصنيف العراق عند «بي-/بي» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»

الناس يتجولون في الموصل القديمة... وعلى خلفيتها منارة الحدباء التاريخية لمسجد النوري (د.ب.أ)
الناس يتجولون في الموصل القديمة... وعلى خلفيتها منارة الحدباء التاريخية لمسجد النوري (د.ب.أ)
TT

«ستاندرد آند بورز» تثبّت تصنيف العراق عند «بي-/بي» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»

الناس يتجولون في الموصل القديمة... وعلى خلفيتها منارة الحدباء التاريخية لمسجد النوري (د.ب.أ)
الناس يتجولون في الموصل القديمة... وعلى خلفيتها منارة الحدباء التاريخية لمسجد النوري (د.ب.أ)

أعادت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني تأكيد التصنيفات الائتمانية طويلة الأجل وقصيرة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية للعراق عند «بي-» و«بي» على التوالي، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية «مستقرة».

وتستند النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توقع استمرار احتياطات العراق من النقد الأجنبي في تجاوز التزامات خدمة الديون خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، وذلك على الرغم من المخاطر الكبيرة الناجمة عن حالة عدم اليقين السياسي وضعف الإطار المؤسسي والافتقار إلى التنويع الاقتصادي.

وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن الوضع السياسي والأمني في العراق لا يزال غير قابل للتنبؤ. ويمكن النظر في تخفيض التصنيف إذا كان هناك نقاط ضعف ملحوظة في الإطار المؤسسي للبلاد تقلل من قدرة الحكومة أو رغبتها في خدمة الديون. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الضغط على أوضاع العراق المالية أو الخارجية، مثل الانخفاض الحاد والطويل الأمد في أسعار النفط أو الإنتاج، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى خفض التصنيف.

من ناحية أخرى، يمكن رفع التصنيفات إذا أدى نمو الناتج المحلي الإجمالي أعلى من المتوقع، ربما بسبب جهود إعادة الإعمار المتجددة، إلى تعزيز النمو الحقيقي للبلاد ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ودعم المقاييس المالية والخارجية. كما يمكن أن تؤدي الإصلاحات المؤسسية والبيئة الأمنية التي هي أكثر استقراراً إلى تحسين رأي وكالة التصنيف في قدرة الحكومة على خدمة الديون.

ويأتي تثبيت التصنيفات على الرغم من خطة التوسع المالي الجارية في العراق للفترة 2023-2025، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع الدين الحكومي العام. ومن المتوقع أن يتسع عجز الموازنة إلى 6.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، وأن يبلغ متوسطه 7.2 في المائة خلال الفترة 2026-2028. وعلى الرغم من هذه التحديات، من المتوقع أن تظل المقاييس الخارجية قوية؛ إذ من المتوقع أن تحافظ البلاد على مركز صافي الأصول الخارجية طوال الفترة 2025-2028، وأن تبلغ احتياطات النقد الأجنبي القابلة للاستخدام أكثر من 12 شهراً من مدفوعات الحساب الجاري.

وتصاعدت التوترات السياسية بسبب الصراعات الإقليمية في غزة ولبنان وسوريا. وقد تزداد التوترات الداخلية أيضاً قبل الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2025. وعلى الرغم من هذه العوامل، تؤكد وكالة «ستاندرد آند بورز» أن أحجام صادرات النفط العراقية الكبيرة ستدعم الفوائض الخارجية واحتياطات النقد الأجنبي، والتي من المتوقع أن تظل تتجاوز 100 مليار دولار خلال الفترة 2025-2028.

وعلى الرغم من كون العراق رابع أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام في العالم، وثالث أكبر مصدر للنفط في منظمة «أوبك» بعد السعودية وروسيا، فإن الاقتصاد العراقي لا يزال يعاني من مستويات عالية من الفساد والاقتتال السياسي الداخلي. ولا يزال الوضع المالي للبلاد متقلباً بسبب الاعتماد على عائدات النفط وارتفاع ضغط الإنفاق. ومع ذلك، فإن التصنيفات مدعومة بمستويات الدين العام والخارجي في العراق التي لا تزال معتدلة، وتدفقات كبيرة من عائدات العملة الصعبة من صادرات النفط، ومخزون كبير من احتياطات النقد الأجنبي، وفق الوكالة.

ومن المتوقع أن يظل إنتاج النفط في البلاد ثابتاً إلى حد كبير عند 4.14 مليون برميل يومياً في عام 2025، بما يتماشى مع حصة العراق في «أوبك بلس». ومع ذلك، من المتوقع أن يتعافى الإنتاج إلى 4.40 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027، بعد توقيع مشاريع استثمارية نفطية كبيرة مع شركات النفط العالمية مثل «توتال إنرجيز» و«بي بي» البريطانية.

وعلى الرغم من ثرواته الهيدروكربونية الكبيرة وعدد سكانه، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العراق منخفض نسبياً، ويقدر بنحو 5600 دولار في عام 2025. وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يظل النمو الحقيقي ضعيفاً عند 1.3 في المائة في عام 2025. ولا تزال البلاد تعتمد بشكل كبير على إيران لتلبية احتياجاتها من الكهرباء والغاز، على الرغم من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران التي تؤدي إلى تأخيرات متكررة في السداد، وما يترتب على ذلك من انقطاع واردات الغاز من إيران.