رغم مطالبة ترمب بخفضها... توقعات بأن يُبقي «الفيدرالي» الفائدة دون تغيير اليوم

سحب العاصفة تتجمع فوق مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية-رويترز)
سحب العاصفة تتجمع فوق مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية-رويترز)
TT
20

رغم مطالبة ترمب بخفضها... توقعات بأن يُبقي «الفيدرالي» الفائدة دون تغيير اليوم

سحب العاصفة تتجمع فوق مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية-رويترز)
سحب العاصفة تتجمع فوق مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية-رويترز)

قد يرغب الرئيس دونالد ترمب في خفض أسعار الفائدة، لكن مِن شبه المؤكد أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي على سعر الفائدة القياسي دون تغيير، في اجتماعه الذي استمر يومين، وينتهي اليوم الأربعاء.

ومن المرجَّح أن تكون بداية هادئة لعام حافل بالأحداث، بالنسبة للبنك المركزي. وقال ترمب، الأسبوع الماضي، في دافوس بسويسرا، إنه سيخفّض أسعار الطاقة، ثم يطالب «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض تكاليف الاقتراض.

وفي وقت لاحق، عندما سأله الصحافيون عما إذا كان يتوقع أن يستمع إليه «الاحتياطي الفيدرالي»، قال: «نعم».

وتجنَّب الرؤساء، في العقود الأخيرة، الضغط علناً على بنك الاحتياطي الفيدرالي؛ احتراماً لاستقلاليته السياسية.

وبعيداً عن تجاوز الرئيس الأميركي المعايير، يواجه «الاحتياطي الفيدرالي» أيضاً تحديات في تحقيق أهدافه الاقتصادية، فالتضخم لا يزال أعلى من المستوى المستهدف البالغ 2 في المائة، مقياسه المفضل هو 2.4 في المائة، على الرغم من أن الأسعار الأساسية - التي تُعد مقياساً أفضل لمدى اتجاه التضخم - ارتفعت بنسبة 2.8 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة بعام 2023.

ويريد مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، بقيادة جيروم باول، أن يحافظوا على إبرة متحركة؛ فمن خلال الإبقاء على تكاليف الاقتراض أعلى، يأمل «الاحتياطي الفيدرالي» في إبطاء الاقتراض والإنفاق بما يكفي للحد من التضخم، لكن دون التسبب في ركود مؤلم، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال باول، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن البنك المركزي دخل «مرحلة جديدة»، حيث يُتوقع أن يتحرك فيها بشكل أكثر تروياً بعد خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.3 في المائة، من 5.3 في المائة، خلال الاجتماعات الثلاثة الأخيرة لعام 2024. وفي ديسمبر، أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أنهم قد يخفّضون سعر الفائدة مرتين فقط، هذا العام.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بعد انتهاء اجتماع سابق للجنة السياسة النقدية (رويترز)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بعد انتهاء اجتماع سابق للجنة السياسة النقدية (رويترز)

ويعتقد الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» أن هذه التخفيضات لن تحدث حتى يونيو (حزيران) وديسمبر المقبلين.

ولا يزال التخفيض في مارس (آذار) المقبل ممكناً، على الرغم من أن تسعير العقود الآجلة للأسواق المالية يضع احتمالات حدوث ذلك عند الثلث فقط.

ونتيجة لذلك، من غير المرجح أن ترى الأُسر والشركات الأميركية كثيراً من الراحة من تكاليف الاقتراض المرتفعة في أي وقت قريب، فقد تراجع متوسط معدل الفائدة على الرهن العقاري لمدة 30 عاماً إلى أقل بقليل من 7 في المائة، الأسبوع الماضي، بعد ارتفاعه لمدة خمسة أسابيع متتالية. وظلت تكاليف اقتراض الأموال مرتفعة على مستوى الاقتصاد، حتى بعد أن خفَّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي.

ويرجع ذلك إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يؤدي النمو الاقتصادي الصحي والتضخم العنيد إلى إحباط تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل، فقد قاموا مؤخراً بالمزايدة على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق 4.80 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2023.

وهناك سبب آخر للحذر بين صانعي السياسة النقدية لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، هذا العام؛ وهو أنهم سيرغبون في تقييم أي تغييرات بالسياسة الاقتصادية من قِبل إدارة ترمب. وكان ترمب قد قال إنه قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك، اعتباراً من 1 فبراير (شباط). وكان قد هدّد، خلال حملته الرئاسية، بفرض ضرائب على جميع الواردات.

كما قالت إدارة ترمب أيضاً إنها ستنفذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم، من خلال الحد من قدرة الاقتصاد على إنتاج السلع والخدمات. وفي الوقت نفسه، يقول بعض الاقتصاديين إن وعود ترمب بإلغاء القيود التنظيمية للاقتصاد قد تؤدي إلى خفض الأسعار بمرور الوقت.

عندما فرض ترمب التعريفات الجمركية على عدد محدود من الواردات في عاميْ 2018 و2019، توقَّع الاقتصاديون في بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يكون التأثير الأكبر على النمو الاقتصادي، مع تأثير تضخمي طفيف نسبياً. ونتيجة لذلك، عندما تباطأ النمو بالفعل، انتهى الأمر بـ«الاحتياطي الفيدرالي» إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي في عام 2019، بدلاً من رفعه لمحاربة أي تأثير تضخمي.

وفي يوم الأربعاء، يمكن لمسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» أيضاً تغيير البيان الذي يصدرونه بعد كل اجتماع لتحديث تقييمهم لسوق العمل، في إشارة إلى أن خفض أسعار الفائدة قد يتأخر.

وفي ديسمبر الماضي، تضمَّن البيان وجهة نظر متشائمة بشكل معتدل: «لقد خفت ظروف سوق العمل بشكل عام، وارتفع معدل البطالة لكنه لا يزال منخفضاً». وفي الصيف والخريف، أبطأ أرباب العمل في التوظيف. وكان ارتفاع معدل البطالة قد أثار قلق مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي»، وكان سبباً رئيسياً في قيامهم بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية كبيرة، على غير المعتاد في سبتمبر (أيلول).

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أشار محافظ «الاحتياطي الفيدرالي» كريس والر إلى ضعف التوظيف كدليل على أن سعر الفائدة الرئيسي لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، «مقيّد»، مما يعني أنه يعمل بمثابة مكبح للاقتصاد، ويجب أن يخفض التضخم بمرور الوقت. وإذا كانت أسعار الفائدة مقيدة، فهذا يعني أن «الاحتياطي الفيدرالي» سيكون لديه مجال أكبر لخفضها إذا انخفض التضخم أكثر.

لكن، هذا الشهر، وبعد أيام قليلة فقط من تصريحات والر، أظهر تقرير الوظائف لشهر ديسمبر تسارع التوظيف، وتراجع معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، من 4.2 في المائة.

وتشير أرقام التوظيف الأكثر صحة إلى أن التوظيف استقر على الأقل. وإذا بقيت قوية، مثل الشهر الماضي، فإن تحسن مكاسب الوظائف سيشير إلى أن معدل الفائدة الفيدرالي ليس مقيداً على الإطلاق، وأن هناك حاجة لتخفيضات قليلة، إنْ وُجدت، في أسعار الفائدة.


مقالات ذات صلة

الذهب يتراجع عن مستوياته القياسية مع إحباط «الفيدرالي» آمال خفض الفائدة

الاقتصاد سبائك الذهب معروضة لدى تجار المعادن الثمينة في شركة «هاتون غاردن ميتالز» في لندن (رويترز)

الذهب يتراجع عن مستوياته القياسية مع إحباط «الفيدرالي» آمال خفض الفائدة

تراجعت أسعار الذهب، يوم الأربعاء، من أعلى مستوى على الإطلاق سجلته في الجلسة السابقة؛ حيث عززت تعليقات رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» توقعات تباطؤ خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد باول خلال إدلائه بشهادته أمام الكونغرس العام الماضي (أرشيفية - غيتي)

رسالة باول للكونغرس: «الفيدرالي» ليس متعجلاً لتعديل سياسته النقدية

يبدأ رئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، جيروم باول، جلسات استماع بـ«كابيتول هيل»، الثلاثاء، مع اقتراب الاقتصاد من التوظيف الكامل وتوقعات بتراجع التضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر جوي لحركة المرور والمباني في القاهرة (رويترز)

تراجع‭ ‬طفيف للتضخم السنوي في المدن المصرية في يناير

تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 24 في المائة في يناير (كانون الثاني) على أساس سنوي من 24.1 في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد يلتقط أحد العملاء علبة بيض لشرائها في متجر بقالة عملاق في ماكلين بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي وتعليقات الاحتياطي الفيدرالي في دائرة الضوء

قد تكون بيانات التضخم الأميركية التي ستصدر يوم الأربعاء إشارة رئيسة إلى موعد خفض أسعار الفائدة الأميركية في المرة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد علامة تظهر اتجاهاً بالقرب من مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

بنك إنجلترا يستعد لخفض الفائدة اليوم وسط استمرار مخاوف التضخم

يبدو أن بنك إنجلترا على استعداد لخفض أسعار الفائدة يوم الخميس للمرة الثالثة فقط منذ بداية جائحة «كوفيد-19» في عام 2020.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شركات التكنولوجيا الكبرى في أميركا قد تفقد بريقها

شعارات «غوغل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«أبل» و«نتفليكس» تظهر على شاشة في صورة توضيحية (رويترز)
شعارات «غوغل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«أبل» و«نتفليكس» تظهر على شاشة في صورة توضيحية (رويترز)
TT
20

شركات التكنولوجيا الكبرى في أميركا قد تفقد بريقها

شعارات «غوغل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«أبل» و«نتفليكس» تظهر على شاشة في صورة توضيحية (رويترز)
شعارات «غوغل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«أبل» و«نتفليكس» تظهر على شاشة في صورة توضيحية (رويترز)

لا تزال مخاوف المستثمرين بشأن الرسوم الجمركية وإنفاق شركات التكنولوجيا، تهيمن على اهتمامات الأسواق. وعلى هذه الخلفية، تم تداول مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» الأميركي، في نطاق ضيق نسبياً، وعاد حالياً إلى ما كان عليه في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما تستمر التقلبات في الضغط على سوق السندات.

ويرى محللو بنك «مورغان ستانلي»، أنه قد يستنتج العديد من المستثمرين، الذين ربما تشتت انتباههم بسبب سيل الأخبار القادمة من واشنطن، أن هذا مجرد ركود موسمي آخر في الربع الأول من العام الحالي. ولكن تحت السطح، ترى لجنة الاستثمار الدولية في «مورغان ستانلي» تحولاً مستمراً، حيث من المرجح أن تستمر أسهم التكنولوجيا الضخمة «Magnificent 7» المهيمنة منذ فترة طويلة في فقدان شعبيتها مع قيام المستثمرين بنقل الأموال نحو الأسهم «الدورية» الحساسة للنمو الاقتصادي.

ويأتي هذا التحول مع اكتساب مجموعة متنوعة من الأسهم داخل مؤشر «ستاندرد أند بورز 500»، حتى مع كفاح أسهم التكنولوجيا الضخمة، التي دعمت الكثير من التقدم الأخير للمؤشر وتمثل حصة كبيرة من قيمته الإجمالية، مؤخراً.

ووفقاً للجنة الاستثمار الدولية في «مورغان ستانلي»، فإن هناك ثلاثة تطورات تدعم استمرار «التناوب» في قيادة سوق الأسهم الأميركية، أولها أن بعض القطاعات بدأت تظهر آثاراً متأخرة لتيسير السياسة النقدية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان قد خفض سعر الفائدة القياسي بنحو 1 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2024. وذلك قبل التوقف عن المزيد من التخفيضات المحتملة خلال العام الحالي. والآن، وقد بدأت هذه الخطوة في تحفيز الاقتصاد الأميركي، الذي يسير في «هبوط ناعم» من النمو الأبطأ ولكنه ثابت، وتجميد التضخم.

على سبيل المثال، عادت مؤشرات التصنيع التابعة لمعهد إدارة التوريد إلى التوسع في يناير (كانون الثاني)، مدفوعة بزيادة في الطلبات الجديدة، بعد فترة طويلة في منطقة الانكماش. كما بدا أن التوظيف في التصنيع قد انتعش، في حين أشار استطلاع لآراء مسؤولي القروض إلى زيادة قوية في توفر الإقراض المصرفي. حسبما ذكرت لجنة الاستثمار في «مورغان ستانلي».

التطور الثاني هنا هو تباطؤ نمو أرباح الشركات الكبرى، يقول البنك الأميركي في مذكرة: «بشكل عام، من المتوقع أن تسجل شركات مؤشر ستاندرد أند بورز 500 زيادة في الأرباح بنسبة 8.5 في المائة على أساس سنوي لعام 2024. ومع ذلك، تحت السطح، تتفوق أكبر 100 شركة في المؤشر على توقعات وول ستريت بمعدلات أقل بكثير من 400 شركة أخرى».

علاوة على ذلك، «تتداول هذه الشركات الأكبر بانخفاض 50 نقطة أساس، في المتوسط ... قلق المستثمرين ملموس بشكل خاص حول الشركات السبع الكبيرة، التي من المتوقع أن يتباطأ نمو أرباحها هذا العام مع اكتساب الربحية زخماً لبقية شركات المؤشر. تشير التوقعات لعام 2025 الآن إلى أرباح لمؤشر ستاندرد أند بورز 500 تبلغ 274 دولاراً للسهم، بانخفاض عن التقديرات السابقة البالغة 282 دولاراً».

أما التطور الثالث، فكان من نصيب أسهم التكنولوجيا الكبرى التي تكافح بينما تتقدم القطاعات وفئات الأصول الأخرى.

جاء في المذكرة: «لنتأمل هنا قطاع التكنولوجيا الذي يتميز عادة بأداء عالٍ في مؤشر ستاندرد أند بورز 500 والذي تأخر عن المؤشر الأوسع نطاقاً في يناير بأوسع هامش منذ عام 2016. وقد تم تداول أربعة من الشركات السبعة الكبرى مؤخراً بأقل من متوسطاتها المتحركة على مدار 50 يوماً، وهي إشارة هبوطية أخرى للمتداولين».

أضافت: «علاوة على ذلك، تعمل صناديق التحوط بشكل متزايد على تقليص المخاطر الإجمالية لهذه الأنواع من الأسهم لأول مرة منذ عام، في حين يبيع بعض المستثمرين المطلعين على نتائج الشركات، الأسهم بأعلى معدل منذ عام 2021، مما يثير تساؤلات حول قدرة الشركات على تحقيق أهداف الأرباح وتبرير تقييماتها المرتفعة».

ودعا البنك الأميركي المستثمرين، إلى تفحص الاستثمارات التي تقود الأسواق حالياً، مثل «الشركات المالية والرعاية الصحية، فضلاً عن الأسهم الموجهة نحو النمو ذات القيمة السوقية المتوسطة، والأسهم الأوروبية والذهب».

اعتبارات المحفظة

تعتقد لجنة الاستثمار الدولية بـ«مورغان ستانلي» أنه في ظل هذه التطورات، يجب أن يفكر المستثمرون في إضافة الأسهم الدورية مثل الشركات المالية والطاقة والشركات المصنعة المحلية وخدمات المستهلك.

وذكرت أيضاً التنويع عبر منتجات الائتمان والفوارق، وخاصة الأوراق المالية المدعومة بالأصول، والأصول الحقيقية، واستراتيجيات صناديق التحوط المختارة، والأوراق المالية المفضلة وديون الأسواق الناشئة.