«ديب سيك» يواصل إثارة التقلبات الحادة في الأسواق العالمية

وسط تصاعد الضغوط على شركات الذكاء الاصطناعي

متداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
TT

«ديب سيك» يواصل إثارة التقلبات الحادة في الأسواق العالمية

متداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)

واصلت الأسواق العالمية التقلب بعد صدمة هزت «وول ستريت» في بداية الأسبوع، عقب ظهور المنافس الصيني الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي «ديب سيك». وقد أدى هذا الابتكار منخفض التكلفة إلى خسارة شركة «إنفيديا»، أكثر من نصف تريليون دولار من قيمتها السوقية. ويوم الثلاثاء، تذبذبت أسهم «إنفيديا» والشركات الكبرى الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بين المكاسب والخسائر، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في هذا المجال تستحق العناء.

وسلطت عمليات البيع المكثفة الضوء على التشبع الكبير بين المستثمرين والمليارات التي تنفقها شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي، كما أظهرت مدى ارتفاع بعض التقييمات مقارنة مع السوق الأوسع. وقبل عمليات البيع، يوم الاثنين، كانت أسهم «إنفيديا» تتداول بمضاعف 60 مرة لأرباحها، مقارنة بـ22 مرة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ككل، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وفي بداية جلسة الثلاثاء، ارتفع متوسط «داو جونز» الصناعي بمقدار 64 نقطة، أو 0.2 في المائة، بينما انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة بعد أن شهد هبوطاً حاداً بلغ 3.1 في المائة في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس». وعلى الرغم من التعافي الجزئي، استمرت أسهم التكنولوجيا العالمية في مواجهة الضغوط، حيث أثار نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني مخاوف المستثمرين بشأن التقييمات المرتفعة وهيمنة الشركات الكبرى في هذا القطاع.

واستمر الضغط على أسهم «إنفيديا»، التي تشكل رقائقها العمود الفقري لتحركات الذكاء الاصطناعي، حيث تراجعت بنسبة 0.8 في المائة يوم الثلاثاء بعد أن فقدت مكاسبها الأولية، وذلك عقب تراجع بنسبة 17 في المائة في اليوم السابق، وهو الأسوأ منذ أزمة كوفيد-19 في عام 2020.

كما تحولت أسهم شركات أخرى مرتبطة بالذكاء الاصطناعي من المكاسب الأولية إلى الخسائر، بما في ذلك انخفاض بنسبة 0.8 في المائة لشركة «بروادكوم» لصناعة الرقائق، و3.7 في المائة لشركة «كونستليشن إنرجي»، التي كانت تأمل في الاستفادة من الطلب على الكهرباء لمراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

وكانت أسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من أبرز الفائزين في «وول ستريت» خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت زيادة كبيرة في قيمتها بناءً على التوقعات المتعلقة بإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي. إلا أن هذه المكاسب أثارت أيضاً انتقادات؛ إذ يراها البعض مبالغاً فيها، خاصة مع ارتفاع الأسعار بشكل سريع وغير مبرر.

وعلى الصعيد الأوروبي، اتجهت المؤشرات نحو الارتفاع الطفيف، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.7 في المائة، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً. وقادت أسهم قطاعي التجزئة والمرافق المكاسب، فيما ارتفعت أسهم التكنولوجيا بنسبة 0.6 في المائة، متجاوزة جزئياً الضغوط التي تعرضت لها. كما شهدت شركات مثل «ألتين» للاستشارات الهندسية زيادة بنسبة 10 في المائة بعد إعلانها عن نتائج قوية. في المقابل، بدا مؤشر «فوتسي 100» في المملكة المتحدة أكثر مرونة صباح الثلاثاء، حيث ارتفع بنسبة 0.21 في المائة في التداولات المبكرة.

وفي آسيا، كانت التداعيات أكثر وضوحاً؛ إذ انخفضت أسهم شركة «أدفانتست» اليابانية، المزود الرئيسي لـ«إنفيديا»، بنسبة 11 في المائة خلال يوم واحد، مع خسائر إجمالية بلغت 19 في المائة في يومين. كما تراجعت أسهم «سوفت بنك» الداعمة للذكاء الاصطناعي بنسبة 5.2 في المائة، في حين سجلت شركة «فوروكاوا إلكتريك»، المصنعة لكابلات مراكز البيانات، انخفاضاً بأكثر من 8 في المائة. وأغلق مؤشر «نيكي» الياباني على تراجع بنسبة 1.3 في المائة.

وأشار كي أوكامورا، مدير المحفظة في «نيوبرغر بيرمان»، إلى أن «السوق تعكس بوضوح نهج البيع أولاً وطرح الأسئلة لاحقاً، وهو ما شهدناه سابقاً في اليابان»، في إشارة إلى تراجع السوق العالمي في أغسطس (آب)، الذي قاده تراجع الأسهم اليابانية. وتزامنت هذه الاضطرابات مع إغلاق أسواق الصين وتايوان وكوريا الجنوبية احتفالاً برأس السنة القمرية الجديدة، فيما شهدت هونغ كونغ ساعات تداول قصيرة.

وكان يوم الاثنين كارثياً بالنسبة لقطاع التكنولوجيا؛ إذ ألقت الشعبية المفاجئة لتطبيق «ديب سيك» بظلالها على الأسواق وأشعلت نقاشاً واسعاً في الأوساط السياسية والتكنولوجية حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على ريادتها في الذكاء الاصطناعي. وقد أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تصريحات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، عن ضرورة اعتبار إطلاق «ديب سيك» جرس إنذار لتحفيز الصناعة المحلية وتعزيز القدرة التنافسية. وقال للصحافيين: «لدي فكرة عما يجب أن نفعله، لكنني لن أفصح عنها بعد. سيكون لدينا ما يكفي من الإجراءات لحماية بلدنا».


مقالات ذات صلة

«أوبن إيه آي» تعترف بأن «تشات جي بي تي» قد يزيد الشعور بالوحدة

تكنولوجيا شعار «تشات جي بي تي» (رويترز)

«أوبن إيه آي» تعترف بأن «تشات جي بي تي» قد يزيد الشعور بالوحدة

قال باحثون من شركة «أوبن إيه آي» الأميركية العملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي إن روبوت الدردشة الشهير الخاص بها «تشات جي بي تي» قد يزيد الشعور بالوحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة الصحافة؟ (رويترز)

صحيفة إيطالية تُصدر طبعة «يكتبها» الذكاء الاصطناعي

بدأت إحدى الصحف الإيطالية، منذ الثلاثاء، إصدار طبعة مولّدة كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي، وستواصل لمدة شهر هذه التجربة الأولى من نوعها في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
تكنولوجيا شعار «تشات جي بي تي» (رويترز)

رجل يطلب تغريم شركة «تشات جي بي تي» بعد تعريفه بأنه مجرم وقتل طفليه

تقدَّم رجل نرويجي بشكوى بعد أن أخبره برنامج «تشات جي بي تي»، بالخطأ، أنه قتل اثنين من أبنائه وسُجن لمدة 21 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

الإنسان والحاسوب من التنافس إلى الشراكة

يتغير العالم حولنا اليوم بتسارع لم يسبق له مثيل في التاريخ. وتتطور مستجدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بحيث يصعب على المرء مجرد متابعتها.

د. حسن الشريف
علوم «نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية

وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات

استخدم بيتر كايل، وزير التكنولوجيا البريطاني، برنامج «تشات جي بي تي» (ChatGPT) لتقديم المشورة بشأن السياسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرياض تستضيف المؤتمر الدولي السابع للسلامة والصحة المهنية مايو المقبل

المهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية لدى افتتاحه أعمال المؤتمر في نسخته الماضية (واس)
المهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية لدى افتتاحه أعمال المؤتمر في نسخته الماضية (واس)
TT

الرياض تستضيف المؤتمر الدولي السابع للسلامة والصحة المهنية مايو المقبل

المهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية لدى افتتاحه أعمال المؤتمر في نسخته الماضية (واس)
المهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية لدى افتتاحه أعمال المؤتمر في نسخته الماضية (واس)

تستضيف العاصمة السعودية (الرياض) المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية (GOSH7)، خلال الفترة من 4 وحتى 6 مايو (أيار) المقبل، بحضور نخبة من القادة في المجال من الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية من داخل المملكة وخارجها.

ويُعد المؤتمر منصة علمية لاستعراض أبرز المحاور المتعلقة بمستقبل المجال، والتحديات والفرص التي تواجه أسواق العمل العالمية، ويهدف إلى تعزيز ثقافة السلامة والصحة المهنية عبر تمكين الحوار البنّاء حول أحدث الاتجاهات والابتكارات، واستكشاف أفضل الممارسات، وتبادل المعرفة الحيوية.

وسيركز الحدث على تطوير السياسات والإجراءات الوقائية لدعم التميز في المجال، كما سيسلط الضوء على دور التكنولوجيا في تحسين بيئة العمل وتعزيز الوعي بالسلامة والصحة المهنية.

من جانبه، قال المهندس أحمد الراجحي، وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية رئيس المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية، إن المؤتمر «يناقش قضايا جوهرية تؤثر في بيئات العمل، ونعمل على تطوير أطر عمل نموذجية»، مضيفاً أنه «أصبح حدثاً سنوياً مهماً لقادة المجال، ونتطلع لأن تكون هذه النسخة الأكثر شمولاً على الصعيد الدولي حتى الآن».

وأكد الراجحي أن المؤتمر يمثل محطة مهمة في تعزيز الحوار العالمي حول السلامة والصحة المهنية، ومواصلة العمل الجاد لتحسين مستوى الامتثال للمعايير المعتمدة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والعالمي.

بدوره، أوضح الدكتور عبد الله أبو ثنين، نائب الوزير للعمل نائب رئيس المجلس، أن أسواق العمل القوية والمتماسكة تشكل العمود الفقري للاقتصادات حول العالم، مضيفاً: «ومع تطور بيئات العمل، من الضروري أن نتعاون عن كثب لمواجهة التحديات، واغتنام الفرص، وتعزيز سلامة وصحة بيئات العمل».

وأعرب أبو ثنين عن تطلعه إلى استقبال الشركاء من مختلف أنحاء العالم في الرياض خلال المؤتمر المرتقب، لمناقشة القضايا الرئيسية التي تواجه أسواق العمل العالمية، ودفع عجلة الازدهار الاقتصادي، وبناء بيئات عمل آمنة، ومستدامة، ومهيأة للمستقبل.

وتشهد النسخة السابعة من المؤتمر إطلاق هاكاثون عالمي يجمع المختصين من أنحاء العالم لتطوير حلول مبتكرة تعزز ممارسات السلامة والصحة المهنية على المستوى العالمي. ويسعى المؤتمر إلى صياغة إطار عالمي للسلامة والصحة المهنية يتماشى مع أهداف «رؤية السعودية 2030»، ويُحدد ملامح مستقبل هذا القطاع الحيوي.