عقد الرئيس الصيني شي جينبينغ اجتماعاً نادراً، يوم الاثنين، مع بعض أكبر الأسماء في قطاع التكنولوجيا بالصين، مثل مؤسس «علي بابا» جاك ما، وحثّهم على «إظهار مواهبهم»، والثقة بقوة نموذج الصين وسوقها.
وقالت «وكالة أنباء الصين الجديدة» (شينخوا) إن الرئيس الصيني قال إن الشركات الخاصة يجب أن تعزّز الثقة، وتعهّد بحماية الحقوق والمصالح المشروعة لرجال الأعمال. وأبلغ شي قادة الأعمال أن الصعوبات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الخاص حالياً مؤقتة وليست طويلة الأجل، ويمكن التغلّب عليها.
وقال محللون إن التحرك المؤيد للأعمال التجارية المنظمة بإحكام الذي يمثّل تحوّلاً في نهج بكين تجاه شركات التكنولوجيا العملاقة عن حملة تنظيمية صارمة قبل أربع سنوات، يعكس قلق صناع السياسات بشأن تباطؤ النمو والجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للحد من التطور التكنولوجي في الصين.
وأضاف المحللون أن تحرك شي لجمع قادة الأعمال، بمن في ذلك أولئك الذين يقفون وراء النجاحات الكبيرة رغم الضغوط الأميركية في الأشهر الأخيرة، يؤكد أهمية الابتكار في القطاع الخاص للصين لكسب أرضية في التكنولوجيا.
وقال نائب مدير أبحاث الصين في «جافيكال دراغونوميكس» في هونغ كونغ، كريستوفر بيدور: «إنه اعتراف ضمني بأن الحكومة الصينية في حاجة إلى شركات القطاع الخاص في منافستها التكنولوجية مع الولايات المتحدة. ليس لدى الحكومة خيار سوى دعمهم إذا كانت تريد ذلك التنافس».
وتُظهر التقديرات الرسمية أن القطاع الخاص في الصين الذي يتنافس مع الشركات المملوكة للدولة يُسهم بأكثر من نصف عائدات الضرائب، وأكثر من 60 في المائة من الناتج الاقتصادي، و70 في المائة من الابتكار التكنولوجي. وتهدّد الرسوم الجمركية الأميركية بمزيد من الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم الذي يعاني من ضعف الاستهلاك المحلي وأزمة الديون المزعزعة للاستقرار في قطاع العقارات.
وقال مصدران مطلعان على الاجتماع، إن ليانغ وينفينج، مؤسس شركة «ديب سيك» -وهي الشركة الناشئة التي أزعجت مشروعات الذكاء الاصطناعي الأميركية بنموذجها منخفض التكلفة للذكاء الاصطناعي- حضر الاجتماع.
ودعا شي إلى الاجتماع في قاعة الشعب الكبرى الاحتفالية، وهو المكان نفسه الذي استخدمه في عام 2018 لاجتماع مماثل خلال الحرب التجارية في وقت الإدارة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأكدت تصريحات شي التي لخصتها وسائل الإعلام الرسمية بعد ساعات، الاستمرارية في استراتيجية التنمية الاقتصادية في الصين. لكنه قال أيضاً إن أعمالها الخاصة لديها «آفاق واسعة وآفاق كبيرة» لخلق الثروة والفرص، مشيراً إلى أن حوكمة الصين وحجم سوقها يمنحانها ميزة متأصلة في تطوير صناعات جديدة... ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن شي قوله في تصريحات وصفتها بـ«الخطاب المهم»، قوله: «لقد حان الوقت المناسب لغالبية الشركات الخاصة ورجال الأعمال لإظهار مواهبهم».
وأظهرت الصور الأولى لوسائل الإعلام الرسمية شي وهو يتحدث إلى المسؤولين التنفيذيين المجتمعين الذين تمّ تصويرهم من الخلف. ودفعت هذه الصور المستثمرين إلى التدافع للتكهن بمعرفة من هو داخل الاجتماع أو خارجه من كبار قادة الأعمال.
وظهر كل من مؤسس «هواوي» رين تشنغ في، وكذلك وانغ تشوانفو من «بي واي دي»، يجلسان مباشرة أمام شي. كما أظهرت الصور «مقاعد الشرف» لمن تعدهم بكين «أبطالاً وطنيين» في مجال المركبات الكهربائية وتطوير الرقائق.
وانخفضت أسهم «بايدو» بأكثر من 8 في المائة، مما يجعلها الخاسر الأكبر في مؤشر «هانغ سنغ»، بعد عدم رصد أي مسؤول تنفيذي كبير من الشركة في الاجتماع. وقال مصدران مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن مؤسسي «بايدو» و«بايت دانس» كانوا من بين أولئك الذين لم يحضروا الاجتماع دون معرفة الأسباب.
بالإضافة إلى «ديب سيك» التي وُصفت اختراقاتها في مجال الذكاء الاصطناعي بأنها «لحظة فارقة» بالنسبة إلى الصين، استعرض المشاركون الآخرون قصص نجاح الأعمال الأخيرة التي حظيت بمتابعة واسعة النطاق في الصين. وشملت هذه القصص لي جون من شركة «شاومي»، الرئيس التنفيذي الشهير الذي دفع بشركته للهواتف الذكية والأجهزة إلى المزاحمة في مجال السيارات الكهربائية، وآخرون.
وقفزت أسهم التكنولوجيا في هونغ كونغ في الأسابيع الأخيرة بسبب مزيج من التفاؤل بشأن ما حققته «ديب سيك»، وذوبان الجليد فيما يخص نهج السلطات تجاه عمالقة الإنترنت. وبلغ مؤشر «هانغ سنغ» للتكنولوجيا أعلى مستوى له في ثلاث سنوات في التعاملات الصباحية يوم الاثنين.