«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
TT

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة في تحقيق الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي. وعلى الرغم من تحقيقه انتعاشاً بعد جائحة «كوفيد-19»، فإنه يبقى عرضة للتأثر بالصدمات العالمية وتقلبات أسعار النفط نتيجة بطء وتيرة التنويع، وانخفاض إسهام الإيرادات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وكثرة الاعتماد على عائدات النفط.

وأشارت في تقرير «الإنفاق الاجتماعي وكفاءة الإنفاق والاستدامة المالية: استراتيجيات لإعادة التوازن إلى موازنة الكويت»، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للكويت يعتمد اعتماداً كبيراً على عائدات النفط، التي شكَّلت نسبة 91 في المائة من الإيرادات الحكومية في عام 2023. وأثَّرت التقلبات في أسعار النفط إلى حد بعيد على الأرصدة المالية العامة، لتسفر عن عجز في معظم السنوات منذ عام 2015.

أما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، فارتفع بنسبة 47 في المائة في العقد الماضي، إلا أن إسهامات الإيرادات غير النفطية لا تزال محدودة، إذ سجّلت 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عام 2023، وقد ترك هذا الاعتماد على عائدات النفط الاقتصاد عرضة للتأثر بالصدمات الخارجية، وهو ما يؤكد الحاجة المُلحة إلى إصلاحات هيكلية لتنويع مصادر الإيرادات، وتحقيق الاستقرار في الأرصدة المالية العامة.

وأوضح التقرير أن الإنفاق العام للكويت يُشكل 50 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو معدل يفوق بكثير المتوسط العالمي، البالغ 37 في المائة. ورغم هذا، تفتقر إدارة هذا الإنفاق إلى الكفاءة؛ حيث سجّلت الكويت 0.54 على مؤشر الكفاءة، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 0.74.

ويُشير التقرير إلى أن تحسين الكفاءة لتصل إلى هذا المتوسط قد يُسهم في توفير مالي قدره 6.8 مليار دينار كويتي، أي نحو 27 في المائة من الإنفاق العام للدولة للعام المالي 2023-2024. ويمكن إعادة توجيه هذه الوفورات إلى قطاعات حيوية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، لدفع عجلة التنمية المستدامة.

التعليم والصحة تحت المجهر

وفيما يتعلّق بالإنفاق الاجتماعي، الذي يستحوذ على 44 في المائة من إجمالي الموازنة العامة، أظهر التقرير تراجعاً في نصيب الفرد من هذا الإنفاق بنسبة 12 في المائة منذ عام 2018-2019. كما أشار إلى أن قطاع التعليم، الذي يُخصص له 12 في المائة من الموازنة، لا يزال متأخراً عن المعايير الدولية، رغم الإنفاق الكبير الذي تم تخصيصه على مدار السنوات. أما في القطاع الصحي، فقد فشل مستوى الإنفاق العام المرتفع في معالجة التحديات الصحية؛ حيث يعاني نحو ربع السكان في الكويت من مرض السكري، ما يستدعي تحسين فاعلية هذه النفقات.

اختلال توزيع التحويلات الحكومية

يُسلط التقرير الضوء على مشكلة في عدالة توزيع التحويلات الحكومية للأفراد؛ حيث تستفيد الأسر الأكثر ثراءً بنسبة 22 في المائة من إجمالي التحويلات بسبب غياب آليات استهداف فعّالة. ويوصي التقرير بإعادة ترشيد هذه التحويلات بحيث تستفيد منها الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وهو ما سيُسهم في توفير موارد مالية كبيرة يمكن إعادة توجيهها نحو القطاعات التنموية الأكثر حاجة.

أوجه قصور خطيرة

كما يُظهر مرصد الإنفاق الاجتماعي أن حصة التعليم من الموازنة هي الأكبر بين القطاعات الاجتماعية السبعة، تليها الحماية الاجتماعية والإعانات والنفقات الصحية بفارق طفيف. معًا، تُشكل هذه القطاعات 36.4 في المائة من الموازنة، أي نحو 83 في المائة من النفقات الاجتماعية الإجمالية. وفي المقابل، تواجه القطاعات الاجتماعية الأساسية الأخرى، مثل الإسكان والمرافق المجتمعية، والفنون والثقافة والرياضة، ودعم سوق العمل وإنشاء فرص العمل، إضافة إلى حماية البيئة، قصوراً كبيراً؛ حيث تمثل هذه القطاعات 7.6 في المائة فقط من الميزانية.

خريطة طريق للإصلاحات

دعا التقرير إلى تنفيذ إصلاحات مالية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الكويتي، من خلال:

- تعزيز التنويع الاقتصادي، ونمو الإيرادات غير النفطية.

- تشجيع الإنفاق «الذكي» لزيادة كفاءة الإنفاق والحد من هدر الأموال العامة.

- إصلاح برامج الدعم والتحويلات الشاملة.

- تحقيق نمو اقتصادي شامل وقادر على الصمود.

- إجراء إصلاحات في قطاع التعليم لتحسين جودة التعليم وزيادة رأس المال البشري.

- تحسين نظام الرعاية الصحية لتصبح حياة السكان صحية أكثر.

- اعتماد الموازنة على أساس الأداء تدريجياً لزيادة فاعلية الإنفاق العام.

- زيادة الانضباط والشفافية الماليين.

- الاستفادة من الأطر القائمة على البيانات لتحسين إدارة المالية العامة.

- مواءمة الإنفاق مع أهداف التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، قال معدّ التقرير، نيرنغان سارانغي: «الكويت بحاجة إلى التحرك الفوري، وتنفيذ إصلاحات مالية مستهدفة ليس خياراً، بل ضرورة لحماية الاقتصاد وضمان رفاهية المواطنين».


مقالات ذات صلة

اليابان تبحث مع أميركا أزمة «رسوم السيارات»

الاقتصاد سيارات في طريقها إلى الشحن بالمنطقة الصناعية في كوازاكي باليابان (رويترز)

اليابان تبحث مع أميركا أزمة «رسوم السيارات»

أثارت اليابان موضوع الرسوم على واردات الولايات المتحدة من السيارات، بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على هذه الواردات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد تعبر الحافلات جسر واتفورد أمام الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

ضغوط مالية عالمية على بريطانيا لتحفيز الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية

ضغط رؤساء الشركات المالية العالمية على وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز الأربعاء لتحسين الحوافز الضريبية للمستهلكين البريطانيين بهدف تحفيز الاستثمار

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد أحد المشروعات العقارية الكبرى في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

المحكمة العليا في هونغ كونغ تأمر بتصفية وحدة تابعة لـ«تشاينا إيفرغراند»

قالت شركة «تشاينا إيفرغراند» للتطوير العقاري الأربعاء إن المحكمة العليا في هونغ كونغ أمرت بتصفية وحدتها التابعة «تيانغي القابضة»

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عامل ينظّم أسياخاً من الصلب في سوق للصلب بمدينة شينيانغ شمال شرق الصين (أ.ف.ب)

الصين تتعهد توفير «ائتمان مستقر» للشركات الخاصة

أظهر بيان رسمي، الأربعاء، أن أكبر هيئة تنظيمية مالية في الصين تعهدت الحفاظ على إمدادات ائتمان مستقرة وفعالة للشركات الخاصة وستكثف الدعم لقروضها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا سفينة شحن تعبر عبر قناة السويس في مصر 25 يوليو 2015 (رويترز)

رئيس هيئة قناة السويس: أزمة البحر الأحمر لم تخلق طريقاً بديلاً للقناة

قال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، اليوم (الأربعاء)، إن أزمة البحر الأحمر لم تخلق طريقاً مستداماً بديلاً لقناة السويس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مباحثات تركية مكثفة مع بغداد وأربيل لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان

جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

مباحثات تركية مكثفة مع بغداد وأربيل لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان

جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)

تجري تركيا مباحثات مكثفة مع بغداد وأربيل حول استئناف تصدير النفط العراقي من خط كركوك - جيهان.

فقد عقدت نائبة وزير الخارجية التركي، عائشة بيريس أكينجي، على مدى يومين لقاءات مع المسؤولين في الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، حيث التقت، الأربعاء، وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في بغداد، ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في أربيل.

وجاء ذلك بعد لقاء أكينجي، في أربيل الثلاثاء، رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني.

وزير النفط العراقي حيان عبد الغني خلال لقائه نائبة وزير الخارجية التركي في بغداد الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحسب وزارة الخارجية التركية، جرى خلال اللقاءات بحث فرص تطوير التعاون بين تركيا والعراق وإقليم كردستان في مجال النفط.

كما عقدت أكينجي، في بغداد الأربعاء، لقاء مع ممثلي الشركات التركية والعالمية العاملة في قطاع الطاقة في العراق.

كان وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، أعلن الاثنين، أن شحنات النفط من خط الأنابيب الممتد من كركوك إلى ميناء جيهان في أضنة جنوب تركيا، والتي توقفت قبل عامين ستستأنف خلال أسبوع، وأن حكومة بغداد ستتلقى 300 ألف برميل يوميا من حكومة إقليم كردستان العراق.

وقال وزير الموارد الطبيعية في كردستان العراق، كمال محمد، إن صادرات النفط قد تستأنف قبل مارس (آذار) لأن كل الإجراءات القانونية اكتملت، وذلك بعدما وافق البرلمان العراقي على تعديل للموازنة لدعم شركات النفط العالمية العاملة في كردستان على تحمل تكاليف الإنتاج بهدف فتح تصدير النفط الإقليم.

لكن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، قال، خلال تصريحات على هامش مشاركته في اجتماع اللجنة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم الأربعاء، إن تركيا لم تتلق أي إخطار بشأن هذه القضية، عقب إعلان وزير النفط العراقي أن صادرات النفط ستبدأ في غضون أسبوع.

جانب من لقاء رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني ونائبة وزير الخارجية التركي عائشة بيريس أكينجي في أربيل الثلاثاء (الخارجية التركية)

وتوقفت تدفقات النفط العراقي إلى ميناء جيهان، وهو منفذ النقل الذي يصل من خلاله نفط العراق إلى الأسواق العالمية، في أعقاب قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس، في دعوى يعود تاريخها إلى عام 2014، تتعلق بانتهاك تركيا للاتفاقية الموقعة مع العراق بشأن تصدير النفط عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي.

وأوقفت تركيا تدفقات النفط في مارس (آذار) 2023 بعد أن أمرتها غرفة التجارة الدولية بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير مصرح به عبر خط الأنابيب في الفترة من عام 2014 إلى عام 2018، لكن تركيا أكدت عدم مخالفة الاتفاقية وأن لها تعويضات مستحقة على العراق بمبلغ 1.4 مليار دولار.

وقالت تركيا إن خط الأنابيب أصبح جاهزا منذ أواخر عام 2023 لاستئناف التدفقات، بعد إصلاح بعض الأعطال.

وكان خط الأنابيب، الذي توقف تدفقه في عام 2023، يوفر إمدادات يومية تبلغ 450 ألف برميل من النفط، وتشير التقديرات إلى أن توقف صادرات النفط إلى تركيا تسبب في خسائر اقتصادية للعراق تزيد على 23 مليار دولار.

نائبة وزير الخارجية التركي خلال لقاء مع ممثلي شركات النفط التركية والأجنبية في العراق (الخارجية التركية)

وسيخفف استئناف تدفق النفط من الضغوط الاقتصادية في إقليم كردستان بعد أن أدى التوقف إلى تأخير صرف رواتب العاملين في القطاع العام وتقليص الخدمات الأساسية.

وتظهر بيانات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في المنظمة بعد السعودية، يضخ حاليا نحو 4 ملايين برميل يوميا بما يتوافق مع هدف الإنتاج المتفق عليه مع تحالف «أوبك+» الأوسع.

ومن غير الواضح، حتى الآن، كيف سيزيد العراق صادراته من الشمال ويظل ملتزما بتخفيضات «أوبك+» وما إذا كان سيقلص الصادرات من البصرة، في المقابل.