الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

تركيز السوق يتحول إلى سياسة ترمب التجارية مع اقتراب تنصيبه

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في أكثر من عامين يوم الثلاثاء، مع تقليص المتعاملين رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأميركية في 2025 بعد بيانات اقتصادية قوية، في حين أبقت مخاوف المستثمرين بشأن الصحة المالية لبريطانيا الجنيه الإسترليني في دائرة الضوء.

ومع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل، تركزت الأنظار على سياساته التي يتوقع المحللون أن تعزز النمو، لكنها قد تضيف إلى ضغوط الأسعار. وقد أسهم تهديد فرض الرسوم الجمركية إلى جانب النهج المدروس الذي أعلنه بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة هذا العام في رفع عائدات الخزانة والدولار، مما وضع اليورو والجنيه الإسترليني والين واليوان تحت الضغط، وفق «رويترز».

ومع ذلك، عاد تركيز السوق يوم الثلاثاء إلى إمكانية رفع الرسوم الجمركية الأميركية تدريجياً، بعد تقرير إعلامي يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تتبع نهجاً مدروساً.

وقال بول ماكيل، رئيس أبحاث النقد الأجنبي العالمية في بنك «إتش إس بي سي»: «ستكون جلسة ترشيح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة الأميركي يوم الخميس مثيرة للاهتمام، خاصة إذا أدلى بأي تعليقات حول الدولار والعملات الأخرى، والتعريفات الجمركية المحتملة، و(بنك الاحتياطي الفيدرالي الظلي)، والتوقعات المالية الأميركية وما إلى ذلك».

ومن المتوقع أن يبقي بيسنت على العجز الأميركي مفتوحاً وأن يستخدم الرسوم الجمركية أداة تفاوضية لتخفيف التأثير التضخمي المتوقع للسياسة الاقتصادية الأميركية.

وارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 1.0263 دولار، بعد أن لامس 1.0177 دولار يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وانخفضت العملة الموحدة بأكثر من 6 في المائة في عام 2024 مع قلق المستثمرين بشأن تهديدات التعريفات الجمركية والتباعد في السياسة النقدية بين «بنك الاحتياطي الفيدرالي» و«المركزي الأوروبي».

وقال جورج سارافيلوس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي العالمية في «دويتشه بنك»: «نتوقع أن يتراوح سعر اليورو/ الدولار هذا العام بين 0.95 و1.05، ونحن ما زلنا متشائمين». وأضاف: «تحدد السوق فجوة نهائية بين (بنك الاحتياطي الفيدرالي) و(البنك المركزي الأوروبي) تبلغ 200 نقطة أساس مقارنة بتوقعاتنا البالغة 300 نقطة أساس، بالنظر إلى النمو المتباين والنتائج المالية».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل ست عملات أخرى، أعلى بنسبة 0.05 في المائة ليصل إلى 109.44، بالقرب من أعلى مستوى له في 26 شهراً عند 110.17 الذي بلغه يوم الاثنين.

وبعد صدور تقرير الوظائف الضخم يوم الجمعة، الذي عزز الدعم لموقف «البنك المركزي الأميركي» الحذر بشأن المزيد من تخفيف السياسة النقدية هذا العام، وسيراقب المستثمرون من كثب قراءات التضخم في الولايات المتحدة، مع صدور أسعار المنتجين في وقت لاحق من يوم الثلاثاء وأسعار المستهلك يوم الأربعاء.

ويتوقع المتداولون 30 نقطة أساس من التيسير هذا العام، وهو أقل من 50 نقطة أساس توقعها بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، عندما هز السوق بنهجه المدروس لخفض أسعار الفائدة بسبب مخاوف التضخم.

وبلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أعلى مستوى لها في 14 شهراً عند 4.805 في المائة يوم الاثنين في تداولات متقلبة قبل أن تتراجع. واستقرت عند 4.755 في المائة يوم الثلاثاء.

وقال استراتيجيو «آي إن جي» إن الجمع بين قوة الدولار وارتفاع عوائد سندات الخزانة يضغط على التدفقات المالية إلى بقية العالم ويبدأ في التسبب في مشكلات. وأشاروا في مذكرة إلى أنه «باستخدام حقبة التعريفات الجمركية في 2018 - 2019 كنموذج، نتوقع أن يظل الدولار قوياً طوال العام»، مضيفين أن ساحة المعركة الأكثر أهمية في سوق الصرف الأجنبي الآن هي الدولار/ اليوان، حيث لا يزال «بنك الشعب» الصيني قادراً على الصمود حتى مع تكثيف ضغوط الانخفاض.

وكشف «بنك الشعب» الصيني عن سلسلة من التدابير في الأيام الأخيرة لدعم عملته الضعيفة. وتم تداول اليوان عند 7.3469 مقابل الدولار، دون تغيير تقريباً مقارنة بإغلاق يوم الاثنين.

وكان الجنيه الإسترليني في مرمى نيران تجار العملات، مدفوعاً بمخاوف المستثمرين بشأن الاستدامة المالية لبريطانيا. وسجل آخر سعر له 1.2211 دولار في التعاملات المبكرة، بعد أن سجل 1.21 دولار يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2023. واستقر الين عند 157.49 مقابل الدولار، ليبتعد قليلاً عن أدنى مستوى له في ستة أشهر تقريباً الذي لامسه الأسبوع الماضي، مع استعداد المتداولين لاجتماع السياسة النقدية لـ«بنك اليابان» الأسبوع المقبل حيث تقدر الأسواق احتمالات رفع أسعار الفائدة بنسبة 57 في المائة.

وقال نائب محافظ بنك اليابان ريوزو هيمينو إن «البنك المركزي» سيناقش ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل مع تزايد احتمالات تحقيق مكاسب مستدامة في الأجور ووضوح آفاق السياسة الأميركية في خطاب تنصيب ترمب.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وعوائد السندات

الاقتصاد سبائك وعملات ذهبية (رويترز)

الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وعوائد السندات

ارتفعت أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة، ووسط ترقب لتقرير التضخم في الولايات المتحدة الذي قد يوفّر مزيداً من الوضوح بشأن الفائدة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في صالة فان أندل في غراند رابيدز - ميشيغان 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تصريحات ترمب… أداة فورية وحيوية في تحريك الأسواق المالية العالمية

تلعب التصريحات في عالم الاقتصاد دوراً بالغ الأهمية في تحريك الأسواق وتوجيه اتجاهاتها؛ نظراً لتأثيرها العميق والمباشر وغير المباشر على المستثمرين والمتداولين.

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

الأسواق العالمية تتأرجح بانتظار بيانات التضخم الأميركية

أشارت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأميركية إلى انتعاش متواضع يوم الثلاثاء، رغم أن ارتفاع عوائد السندات والدولار القوي جعلا المستثمرين يتوخون الحذر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد أحد فروع «مصرف الراجحي» في السعودية (موقع المصرف الإلكتروني)

«الراجحي» يعتزم إصدار صكوك رأسمال إضافي مقيّمة بالدولار

يعتزم «مصرف الراجحي» إصدار صكوك رأسمال إضافي من الشريحة الأولى مستدامة مقيّمة بالدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني (رويترز)

الصين تضخ دولارات في هونغ كونغ لدعم اليوان

أعلنت الصين تدابير إضافية لدعم عملتها الضعيفة، حيث كشفت عن خطط لإيداع مزيد من الدولارات في هونغ كونغ؛ لتعزيز استقرار اليوان وتحسين تدفقات رأس المال.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي-هونغ كونغ)

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
TT

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)

تراجعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو يوم الأربعاء، منهية سلسلة من الارتفاعات استمرت عشرة أيام، عقب صدور بيانات تضخم أميركية أظهرت أن التضخم الأساسي لأسعار المستهلك في الولايات المتحدة جاء أقل من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول)، مما عزّز التوقعات بإمكانية خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي مرتين في عام 2025.

وعلى الرغم من أن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة سجلت زيادة بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، كما كان متوقعاً، فإن التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، ارتفع بنسبة 3.2 في المائة، وهو أقل من توقعات السوق التي كانت تشير إلى 3.3 في المائة، وفق «رويترز».

وفي أعقاب تلك البيانات، انخفض العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات؛ حيث تراجع بمقدار 8 نقاط أساس، ليصل إلى 2.543 في المائة بعد أن سجل أعلى مستوى له في سبعة أشهر عند 2.63 في المائة في وقت سابق من يوم الأربعاء.

وفي السياق ذاته، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس، لتسجل 4.6694 في المائة، بعد أن كانت قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عند 4.8090 في المائة في وقت سابق من الأسبوع. كما انخفض عائد السندات الألمانية لأجل عامين، الأكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي، بمقدار 7 نقاط أساس إلى 2.248 في المائة، بعد أن بلغ أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 2.323 في المائة.

وقد جاءت هذه الانخفاضات عقب ارتفاعات سابقة في العوائد على السندات الأوروبية والأميركية منذ أوائل ديسمبر، مدفوعةً بالبيانات الاقتصادية القوية والمخاوف من أن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد تعزز التضخم. إلا أن المتداولين في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة بدأوا يضعون احتمالات متساوية تقريباً لخيار خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية هذا العام.

وعلى الرغم من أن الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو سجل نمواً متوقعاً في نوفمبر، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى أن القطاع الصناعي في المنطقة لا يزال يعاني من الركود في عامه الثاني، ما قد يحد من توقعات التحسن الكبير في النمو الاقتصادي.

من جهة أخرى، تراجعت عوائد السندات الحكومية الإيطالية لأجل 10 سنوات بمقدار 12 نقطة أساس إلى 3.708 في المائة؛ مما أدى إلى تقلص الفارق بين العوائد الإيطالية والألمانية إلى 115.9 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى له منذ فترة.