بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

وسط مخاوف من ارتفاع عائدات السندات وسياسات ترمب

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة وعدم اليقين المحيط بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وبعد سنوات من الأداء المتفوق، شهدت أسواق الأسهم تراجعاً في بداية عام 2025، فحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب ضئيلة حتى الآن هذا العام. ويُعتبر انتعاش التضخم أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد الأسهم، خاصةً في ظل قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتراجع عن تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة نظراً لارتفاع التضخم بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً في السابق، وفق «رويترز».

وبحسب تصريحات المستثمرين، يُعد مؤشر أسعار المستهلك الشهري، المقرر صدوره في 15 يناير (كانون الثاني)، من أكثر مقاييس التضخم التي يتم مراقبتها من كثب، وقد يتسبب في المزيد من التقلبات في السوق، إذا جاء أعلى من التوقعات. وفي هذا السياق، قالت مارتا نورتون، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في شركة «إمباور لخدمات التقاعد والثروة»: «إذا شهدنا تسارع التضخم مرة أخرى، فسيشكل ذلك مصدر قلق كبير للأسواق. سيكون هناك تأثير كبير مع كل قراءة جديدة للتضخم».

وتشير توقعات السوق إلى زيادة بنسبة 0.3 في المائة في مؤشر أسعار المستهلك لشهر ديسمبر (كانون الأول) على أساس شهري، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز». ورغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان متفائلاً بما يكفي ليبدأ في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول)، فإن وتيرة التضخم السنوي لا تزال أعلى من هدفه البالغ 2 في المائة. ويتوقع البنك الآن زيادة بنسبة 2.5 في المائة في التضخم خلال عام 2025.

وكشف محضر أحدث اجتماع لبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي صدر يوم الأربعاء، عن قلق المسؤولين من أن سياسات ترمب المتعلقة بالتجارة والهجرة قد تؤدي إلى إبطاء الجهود الرامية إلى تقليص التضخم.

ومن المتوقع أن يوقف «الفيدرالي» دورة خفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم نهاية الشهر، ولكن بيانات مؤشر أسعار المستهلك القوية قد تؤدي إلى تعديل توقُّعات السوق بشأن الخفض المقبل لتكون في وقت لاحق من العام.

وفي ظل «الأسئلة الوشيكة» بشأن السياسات المالية والتعريفات الجمركية المحتملة، قال مات أورتون، كبير استراتيجيي السوق في «ريموند جيمس لإدارة الاستثمار»: «إذا كانت الصورة التضخمية التي نشهدها تتحرك في الاتجاه غير الصحيح، فإن ذلك قد يتحدى توقعات السوق».

كما قد يتسبب رقم مرتفع في مؤشر أسعار المستهلك في رفع عائدات سندات الخزانة، ما سيكون له تداعيات واسعة النطاق على الأسواق المالية. فقد شهدت سندات الخزانة الحكومية هذا الأسبوع بيعاً مكثفاً، ما دفع عوائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008. وعادةً ما ترتفع العائدات عندما تنخفض أسعار السندات، ما يضغط على الأسهم عبر عدة قنوات، بما في ذلك زيادة تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات.

وتتصدّر بيانات مؤشر أسعار المستهلك جدول الأحداث الاقتصادية في الأسابيع القادمة، حيث تشهد الأسواق أسبوعاً مزدحماً من التطورات الهامة. وبداية من الأسبوع المقبل، ستبدأ نتائج أرباح البنوك الكبرى مثل «جيه بي مورغان» و«غولدمان ساكس»، ضمن تقارير الربع الرابع لشركات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، التي من المتوقع أن تشهد نمواً في أرباحها بنسبة تصل إلى 10 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وفي هذا الوقت أيضاً، سيتولى الرئيس المنتخب ترمب منصبه في 20 يناير. ويستعد المستثمرون لتحركات سريعة من إدارته في مجالات مثل فرض التعريفات الجمركية على الواردات من الصين وشركاء تجاريين آخرين، بالإضافة إلى ضوابط أكثر صرامة على الهجرة.

وقد أثارت التكهنات بشأن سياسات ترمب بالفعل تقلبات في الأسواق. على سبيل المثال، انخفض الدولار وارتفعت الأسهم الأوروبية بعد تقرير نشرته «واشنطن بوست» يفيد بأن مساعدي ترمب يدرسون فرض رسوم جمركية على الواردات الأساسية فقط. وقد نفى ترمب التقرير. وقال براينت فان كرونكايت، مدير المحافظ الأول في «أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس»: «ما زلنا ننتظر لنفهم بشكل كامل تأثير تصريحات ترمب».


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

انسحب المستثمرون الأميركيون من صناديق الأسهم وانتقلوا إلى صناديق أسواق المال الآمنة خلال الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
TT

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات. وقد أسهم بيع السندات العالمية في زيادة القلق بشأن الوضع المالي لبريطانيا، مما دفع عوائد السندات إلى أعلى مستوياتها في 16 عاماً.

وتشير بيانات سوق الخيارات إلى أن المتداولين أصبحوا أكثر تشاؤماً تجاه الجنيه الإسترليني مقارنة بأي وقت مضى منذ أوائل 2023، عندما كانت الأسواق لا تزال تتعافى من التقلبات الشديدة التي شهدتها في أعقاب الموازنة المصغرة التي أعلنتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس في سبتمبر (أيلول) 2022.

وهذا الأسبوع، شهدت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى 4.925 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، ما يعكس موجة بيع في سندات الخزانة الأميركية التي أثرت على الأسواق العالمية، مما ألحق ضرراً أكبر بالديون البريطانية مقارنة ببقية الأسواق.

ومن المتوقع أن يسجل الجنيه الإسترليني انخفاضاً أسبوعياً بنحو 1 في المائة، بعد أن بلغ أدنى مستوى له في 14 شهراً عند 1.2239 دولار. وقد أضافت العوائد المرتفعة مزيداً من الضغوط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، التي تجد نفسها تحت ضغط كبير للامتثال للقواعد المالية للحكومة، مما قد يزيد من تعقيد مهمة بنك إنجلترا في إدارة السياسة النقدية.

وبينما أضاف تأكيد وزارة الخزانة على «قبضتها الحديدية» على المالية العامة بعض الاستقرار إلى أصول المملكة المتحدة، فإن سوق الخيارات تشير إلى حذر شديد بين المتداولين. فقد انخفضت عمليات عكس المخاطر لمدة ثلاثة أشهر إلى -1.935، وهو أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2023، مما يعكس تراجع الثقة في الجنيه الإسترليني مقابل الدولار.

وقالت جين فولي، كبيرة الاستراتيجيين في «رابوبانك»: «نحن نشهد عملية إعادة تسعير للجنيه الإسترليني وأصول المملكة المتحدة، مع توقعات أقل نمواً، وموازنة أسوأ، وتوقعات سياسية أكثر عدم استقرار مما كنا نأمله في منتصف العام الماضي». وأضافت: «لقد تزايد الضغط مع الأخبار عن أعلى مستويات العوائد في 30 عاماً منذ عام 1998، مما أضاف مزيداً من الزخم لهذا التعديل».

وفيما يخص الاتجاه الهبوطي للجنيه الإسترليني، انخفضت عمليات عكس المخاطر بأكبر قدر منذ سبتمبر 2022، مما يعكس حالة من عدم اليقين الكبير بشأن الإجراءات المحتملة لبنك إنجلترا. وأوصى «دويتشه بنك» يوم الجمعة ببيع الجنيه الإسترليني على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، دفع المتداولون المزيد من الأموال للتحوط ضد التقلبات الكبيرة في الجنيه الإسترليني، وهو ما لم يحدث منذ أزمة البنوك في مارس (آذار) 2023. وقد بلغت تقلبات الخيارات لمدة شهر واحد، التي تعد مقياساً للطلب على الحماية، أعلى مستوى لها عند 10.9 في المائة يوم الخميس، قبل أن تتراجع إلى 9.7 في المائة يوم الجمعة، مما يلمح إلى شعور بالهدوء قد يمنح بعض الراحة للجنيه الإسترليني في الوقت الراهن.

من جانبه، قال فرانشيسكو بيسول، استراتيجي بنك «آي إن جي»، إن الجنيه الإسترليني قد يشهد إقبالاً من المشترين عند مستويات تتراوح بين 1.225و1.230 دولار، شريطة أن تظل السندات الحكومية البريطانية مستقرة.