الجنيه الإسترليني بأدنى مستوى منذ 2023 بعد فشل تدخل «الخزانة» في تهدئة الأسواق

موجة بيع عميقة للسندات البريطانية ترفع عائداتها لأعلى مستوياتها منذ 16 عاماً

أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
TT

الجنيه الإسترليني بأدنى مستوى منذ 2023 بعد فشل تدخل «الخزانة» في تهدئة الأسواق

أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)

انخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له منذ عام 2023 بعد فشل تدخل وزيرة الخزانة راشيل ريفز في تهدئة الأسواق.

وانخفضت العملة البريطانية بنسبة 0.9 في المائة إلى 1.226 دولار - وهو انخفاض حاد من أكثر من 1.27 دولار قبل أقل من شهر - في أكبر انخفاض له في ثلاثة أيام منذ ما يقرب من عامين.

وفي هذا الوقت، استمرت تكاليف الاقتراض الحكومي في الارتفاع، حيث وصل عائد السندات الحكومية لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى له منذ عام 1998. وارتفع عائد السندات الحكومية القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار ربع نقطة هذا الأسبوع وحده إلى أعلى مستوى له منذ عام 2008.

واستمر الانحدار يوم الخميس حتى بعد تدخل وزارة الخزانة لمحاولة استقرار الأسواق المالية يوم الأربعاء وسط مخاوف زائدة بشأن تأثير ميزانية السيدة ريفز، والقفزة في تكاليف الاقتراض.

وقد حاولت وزارة الخزانة رفض الاقتراحات بأن ارتفاع تكاليف الديون قد قضى على كل الحيز المتاح لريفز، وجعلها تنتهك قواعدها المالية، بوصفها «تكهنات محضة».

وطرح رئيس مجلس النواب سؤالاً عاجلاً في البرلمان بشأن الاضطرابات في الأسواق المالية البريطانية، وفق ما ذكرت صحيفة «تلغراف» البريطانية.

يأتي انخفاض الجنيه الإسترليني على الرغم من ارتفاع عائدات السندات، وهو مقياس لتكلفة الاقتراض الحكومي. وعادة ما تقدم عائدات السندات المرتفعة الدعم للعملة؛ لأنها تجذب المستثمرين لوضع أموالهم في هذا الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن المستثمرين فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على إبقاء الدين الوطني تحت السيطرة، والقدرة على لجم التضخم وسط خطط راشيل ريفز للضرائب والإنفاق.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في «آر بي سي مانجمنت» مارك دودينغ: «الاقتصاد يدخل مرحلة الركود التضخمي»، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

كما تضرر الجنيه الإسترليني أيضاً من عودة الدولار للارتفاع، حيث عززت سلسلة من البيانات الأميركية الأخيرة ثقة المستثمرين في أكبر اقتصاد في العالم. وقال محللون في «براون براذرز هاريمان»: «تعكس عمليات البيع في الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية تدهوراً في الآفاق المالية للمملكة المتحدة». وقد ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة مقابل سلة من ستة مؤشرات أخرى، بنسبة 0.1 في المائة الخميس. وتركت المستشارة راشيل ريفز لنفسها مساحة ضئيلة قدرها 9.9 مليار جنيه إسترليني مقابل قواعدها المالية المعدلة في الموازنة حتى بعد إعلانها عن حزمة زيادة الضرائب بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني، التي تهدف إلى «مسح السجل النظيف» للمالية العامة. ومنذ ذلك الحين، أدت الزيادات في عوائد الديون الحكومية إلى تعريض هذا الحيز المتاح للمناورة في الموازنة للخطر. ويُشكّل مستوى عائدات السندات عاملاً مهماً في تحديد مساحة الموازنة نظراً لتداعياتها على فاتورة الفائدة الحكومية، التي تتجاوز 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً. وقال محللون إن سوق السندات الحكومية قد تعاني من نوبة بيع أخرى يوم الجمعة، إذا كانت بيانات الوظائف التي تتم مراقبتها عن كثب في الولايات المتحدة ستدفع العوائد على سندات الخزانة الأميركية إلى الأعلى، مما سيجر معها السندات الحكومية. وقالت خبيرة استراتيجيات أسعار الفائدة في المملكة المتحدة لدى «تي دي سيكيوريتيز»، بوجا كومرا: «قد يتحول الأمر إلى حالة قاتمة للغاية بالنسبة للسندات الحكومية إذا رأينا جدول رواتب قوياً».

وقال المحللون إن عمليات البيع المتزامنة للسندات الحكومية والجنيه الإسترليني تحمل أصداء رد الفعل الذي أثارته الموازنة «المصغرة» لليز تروس في عام 2022، لكن يعتقد كثير من المستثمرين أن الوضع أقل إلى حد ما من أزمة السندات الحكومية قبل ثلاث سنوات.

وقال جيفري يو، استراتيجي أول في «بي إن واي»: «أتوقع أن تبدأ الأمور في الوصول إلى القاع... لقد حدث الانهيار بالفعل في السندات الحكومية العام الماضي. أنا لا أنكر وجود مشاكل في المملكة المتحدة، ولكن إجراء مقارنات مفاجئة مع عام 2022، أعتقد أن هذا أمر مبالغ فيه».


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الجنيه الإسترليني في مقر شركة «خدمة المال النمساوية» في فيينا (رويترز)

الجنيه الإسترليني يواصل الهبوط لليوم الرابع

واصل الجنيه الإسترليني هبوطه يوم الجمعة، لليوم الرابع على التوالي، حيث استمر تأثير العوائد المرتفعة للسندات العالمية على العملة، مما أبقاها تحت الضغط.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد عملات يورو تغوص في الماء في هذه الصورة (رويترز)

عائدات سندات منطقة اليورو تصل لأعلى مستوياتها في أشهر

سجلت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو أعلى مستوياتها في عدة أشهر يوم الجمعة، في ظل ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف الأميركية المنتظرة في وقت لاحق من الجلسة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)

انسحب المستثمرون الأميركيون من صناديق الأسهم وانتقلوا إلى صناديق أسواق المال الآمنة خلال الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني)، مدفوعين بعدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة في «الاحتياطي الفيدرالي» والسياسات التجارية المرتقبة من إدارة ترمب القادمة.

وتخلص المستثمرون من صافي 5.05 مليار دولار من صناديق الأسهم الأميركية، بينما ضخوا 56.19 مليار دولار في صناديق أسواق المال، وهو أكبر تدفق صافي أسبوعي منذ 4 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وكشف محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي عُقد في 17 و18 ديسمبر، عن تزايد القلق بين المسؤولين بشأن الضغوط المستمرة على الأسعار وتأثير السياسات المحتملة من إدارة ترمب القادمة، وفق «رويترز».

وسحب المستثمرون صافي 4.88 مليار دولار من صناديق الشركات الأميركية ذات القيمة السوقية الكبيرة، مقارنةً بصافي مشتريات بلغ 5.43 مليار دولار في الأسبوع السابق. كما شهدت صناديق الشركات المتوسطة والكبيرة تدفقات خارجة بقيمة 1.2 مليار دولار و751 مليون دولار على التوالي، بينما سجلت صناديق الشركات الصغيرة تدفقات صافية إيجابية بلغت 272 مليون دولار.

أما بالنسبة للصناديق القطاعية، فقد شهدت الصناعات تدفقات خارجة كبيرة بقيمة 467 مليون دولار، في حين حققت كل من خدمات الاتصالات والتكنولوجيا صافي تدفقات واردة بلغ 348 مليون دولار و338 مليون دولار على التوالي.

في الوقت نفسه، سجلت صناديق السندات تدفقات واردة صافية بلغت 9.14 مليار دولار بعد ثلاثة أسابيع متتالية من المبيعات الصافية. وكانت صناديق الدخل الثابت المحلية الخاضعة للضريبة العامة هي الأكثر جذباً، حيث ضخت استثمارات بقيمة 3.52 مليار دولار، وهو أعلى مستوى لها في ما يقارب العام.

كما شهدت صناديق الاستثمار القصيرة والمتوسطة، وصناديق المشاركة في القروض، وصناديق الحكومة والخزانة القصيرة إلى المتوسطة، تدفقات صافية كبيرة بقيمة 2.62 مليار دولار و2.17 مليار دولار و2.02 مليار دولار على التوالي.