تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998

يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)
يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)
TT

تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998

يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)
يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)

سجلت تكاليف الاقتراض الحكومي طويل الأجل في بريطانيا أعلى مستوياتها منذ عام 1998 يوم الثلاثاء، مما يزيد التحديات التي تواجه وزيرة المالية راشيل ريفز، التي تخطط للاقتراض بمئات المليارات من الجنيهات الإسترلينية لتمويل زيادة الاستثمار العام والإنفاق.

وارتفعت تكاليف الاقتراض طويل الأجل على مستوى العالم في أعقاب جائحة «كوفيد – 19» والغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع التضخم. ومع ذلك، شهدت العوائد البريطانية زيادة ملحوظة في الأسابيع الأخيرة؛ حيث يتوقع معظم المستثمرين أن يقوم بنك إنجلترا بتقليص أسعار الفائدة بنحو نصف نقطة مئوية فقط هذا العام، وسط احتمالات بأن يظل التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، وفق «رويترز».

باع مكتب إدارة الديون في المملكة المتحدة 2.25 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 2.8 مليار دولار) من سندات الخزانة القياسية لأجل 30 عاماً للمستثمرين بمتوسط ​​عائد 5.198 في المائة في مزاد يوم الثلاثاء، وهو أعلى عائد لسندات الخزانة البريطانية لأجل 30 عاماً منذ أن باع مكتب إدارة الديون سنداً بنسبة 5.790 في المائة في أول مزاد له في مايو (أيار) 1998.

وفي التداول بين المستثمرين بعد المزاد، ارتفع العائد على السندات البريطانية لأجل 30 عاماً إلى 5.221 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس (آب) 1998 وأعلى بمقدار 4 نقاط أساس عن اليوم السابق. كما أدت توقعات التخفيضات الضريبية الأميركية والإنفاق المرتفع في حال فوز دونالد ترمب بالرئاسة، بالإضافة إلى التضخم المحتمل الناتج عن التعريفات التجارية الجديدة، إلى ارتفاع العائدات الأميركية، مما كان له تأثير غير مباشر على بريطانيا وألمانيا.

وتواجه ريفز مهمة صعبة في الالتزام بقواعد الموازنة بعدما أظهرت العائدات على السندات الحكومية البريطانية لأجل 30 عاماً ارتفاعاً بمقدار 2.5 نقطة مئوية عن العائدات الألمانية، وهو المستوى الذي لم يُسجل إلا في سبتمبر (أيلول) 2022 أثناء اضطرابات السوق التي تلت «الموازنة المصغرة» لرئيسة الوزراء السابقة ليز تروس.

ومن المرجح أن تجعل تكاليف الاقتراض المرتفعة من الصعب على ريفز الوفاء بقواعد الموازنة، مما قد يضطرها إلى زيادة الضرائب مجدداً بعد أن فرضت بالفعل متطلبات أعلى للمساهمات في الضمان الاجتماعي على أصحاب العمل.

وتستمر عوائد السندات الحكومية لأجل 30 عاماً في كونها أعلى بنحو 0.3 نقطة مئوية من عوائد سندات الخزانة الأميركية، وهو ما يتماشى مع متوسطها خلال العامين الماضيين وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وأعرب بعض المحللين قبل المزاد عن اعتقادهم بأن العوائد على السندات الحكومية تبدو مرتفعة جداً. وقالت شركة «أفيفا إنفسترز» إن فريقها «يفضل السندات الحكومية بناءً على الاعتقاد بأن بنك إنجلترا سيخفض أسعار الفائدة أكثر مما تتوقعه السوق في عام 2025، في ظل توقعات تضخم أضعف ونمو أضعف من المتوقع».

بدوره، أشار بنك «آر بي سي» إلى أنه لا يرى مجالاً كبيراً لارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً في المستقبل القريب؛ حيث سيعتمد ذلك على قيام الأسواق بتعديل توقعاتها لخفض أسعار الفائدة من بنك إنجلترا هذا العام.

وأضاف: «بينما قد يحدث هذا في وقت لاحق من العام، فإننا لا نرى حالياً أدلة كافية في السوق لدعم هذه الفرضية، خاصة في ضوء حالة عدم اليقين الكبيرة الناجمة عن تنصيب ترمب المقبل».


مقالات ذات صلة

ارتفاع عوائد السندات الأميركية والدولار يخفّض أسعار الذهب

الاقتصاد نماذج ذهبية لآلهة الهندوس في جناح المجوهرات خلال النسخة السابعة عشرة من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

ارتفاع عوائد السندات الأميركية والدولار يخفّض أسعار الذهب

انخفضت أسعار الذهب تحت ضغط ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية وصعود الدولار، بعد أن أشارت بيانات إلى أن «الاحتياطي الفيدرالي» قد يبطئ وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)

الدولار القوي يضغط على العملات الرئيسية وسط ارتفاع العوائد الأميركية

ظل الدولار قوياً، يوم الأربعاء، مع هبوط الين إلى مستويات لم يشهدها منذ نحو ستة أشهر؛ مدفوعاً ببيانات أميركية قوية دفعت العوائد إلى الارتفاع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد منظر عام لمدينة أبوظبي (رويترز)

الإمارات توافق على تمديد سداد ملياري دولار لباكستان

قال رئيس وزراء باكستان، شهباز شريف، يوم الثلاثاء، إن الإمارات العربية المتحدة وافقت على تمديد سداد قرض بقيمة ملياري دولار كان من المقرر دفعه هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
الاقتصاد علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)

استقرار عوائد السندات في منطقة اليورو قبيل بيانات التضخم

استقرت عوائد السندات في منطقة اليورو بشكل عام يوم الثلاثاء مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم المرتقبة في وقت لاحق من اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.