شهد نمو نشاط الأعمال في المملكة المتحدة تباطؤاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، حيث خفض أصحاب العمل أعداد الموظفين بأسرع وتيرة منذ ما يقارب أربع سنوات، وذلك في ظل تدهور معنويات الشركات بعد إعلان موازنة الحكومة.
وانخفضت القراءة النهائية لمؤشر مديري المشتريات المركب من «ستاندرد آند بورز» في المملكة المتحدة إلى 50.4 في ديسمبر، مقارنة بـ50.5 في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ومع ذلك، ظل المؤشر أعلى بقليل من مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش، نزولاً من القراءة الأولية البالغة 50.5، وفق «رويترز».
ويُضاف هذا المسح إلى سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الضعيفة التي شهدتها المملكة المتحدة منذ إعلان وزيرة المالية، ريتشل ريفز، لموازنتها في 30 أكتوبر 2024، والتي فرضت زيادات ضريبية كبيرة على الشركات لتمويل الإنفاق العام والاستثمار. وكان الاقتصاد البريطاني قد شهد ركوداً في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر (أيلول) 2024، وفي الوقت نفسه قدّر بنك إنجلترا أن النمو سيظل ثابتاً في الربع الرابع من 2024، وهو التوقع الذي يعززه مؤشر مديري المشتريات الأخير، مع التوقعات بنمو قدره 1.5 في المائة في عام 2025.
وفي هذا السياق، قال تيم مور، مدير الاقتصاد في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتلجنس»: «استمر تأثير الركود على تفاؤل الأعمال في ديسمبر، مع بقاء توقعات نمو الناتج للعام المقبل عند أدنى مستوى لها في 23 شهراً».
كما أظهرت البيانات أن الشركات خفضت وظائفها بأسرع وتيرة منذ يناير (كانون الثاني) 2021، عندما كانت إجراءات الإغلاق بسبب جائحة «كوفيد - 19» سارية. وذكرت «ستاندرد آند بورز غلوبال» أن الشركات التي خفضت عدد موظفيها في ديسمبر عزت ذلك إلى ارتفاع التكاليف، لا سيما الزيادة المرتقبة في مساهمات التأمين الاجتماعي لأصحاب العمل، التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) 2025 بموجب الموازنة.
وعلى الرغم من الانتقادات الحادة من مجموعات الأعمال بشأن الموازنة، يعتقد كثير من الخبراء الاقتصاديين أن زيادة الإنفاق الحكومي ستعزز الاقتصاد بشكل مؤقت خلال عام 2025. وأضاف مور: «أفاد ما يقرب من واحد من كل أربعة من المشاركين في الاستطلاع بتراجع إجمالي في أرقام الرواتب، وهذه هي أسرع وتيرة لفقدان الوظائف منذ أكثر من 15 عاماً باستثناء الوباء».
كما خفضت «ستاندرد آند بورز» مؤشر مديري المشتريات للخدمات في ديسمبر إلى 51.1 من 51.4، في حين تم تعديل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، حيث سجل 47.0 في ديسمبر مقابل 47.3 في القراءة الأولية.
وفي سياق متصل، أظهر مسح تجاري أن ثقة الشركات البريطانية تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ «الموازنة المصغرة» التي قدمتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس في سبتمبر 2022، وذلك بعد الزيادات الضريبية الكبيرة غير المتوقعة في موازنة حكومة حزب «العمال» الجديدة.
وأفادت غرف التجارة البريطانية، التي تجري أكبر مسح للقطاع الخاص في المملكة المتحدة، بأن الثقة في المبيعات على مدار الاثني عشر شهراً المقبلة هي الأدنى منذ أواخر 2022. وقالت شيفون هافيلاند، المديرة العامة لغرف التجارة البريطانية: «الانعكاسات المقلقة للموازنة واضحة في بيانات المسح لدينا، حيث تراجعت ثقة الشركات بسبب الضغوط الناجمة عن ارتفاع التكاليف والضرائب».
وفي 30 أكتوبر 2024، أعلنت وزيرة المالية ريتشل ريفز عن زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار)، وهو أكبر مبلغ في أي موازنة منذ عام 1993، والجزء الأكبر من هذا المبلغ يأتي من خلال زيادة رسوم الضمان الاجتماعي التي يدفعها أصحاب العمل.
وأشارت غرف التجارة البريطانية إلى أن 55 في المائة من الشركات تخطط لرفع الأسعار مقارنة بـ39 في المائة في الربع السابق، بينما تعتزم 24 في المائة من الشركات تقليص الاستثمارات مقارنة بـ18 في المائة في السابق. ومن المتوقع أن تصدر الغرفة بيانات استطلاع حول توقعات التوظيف في 14 يناير 2025.
وشمل المسح الذي أجرته غرف التجارة البريطانية 4800 شركة، أغلبها يعمل بها أقل من 250 موظفاً، في الفترة من 11 نوفمبر إلى 9 ديسمبر 2024.