تحويل «أوابك» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة نحو تعزيز العمل الجماعي

المقترح السعودي يتطلع للتكامل العربي وتحقيق التنمية المستدامة

صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
TT

تحويل «أوابك» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة نحو تعزيز العمل الجماعي

صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)

يأتي تحويل «منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي، مما يدعم العمل الجماعي، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي. هذا التحول يمثل نقلة نوعية تهدف إلى توسيع نطاق عمل المنظمة ليشمل جميع مجالات الطاقة، وليس فقط البترول؛ ما يجعلها أكثر شمولية وملاءمة لمتطلبات العصر الحديث.

ويُعدّ هذا التحول فرصة لرفع كفاءة العمل الجماعي العربي في قطاع الطاقة، لمواكبة التغيرات الجذرية التي يشهدها القطاع، بما في ذلك تنوع مصادر الطاقة ودخول الطاقة المتجددة. كما يسهم في مواجهة التحديات العالمية من خلال جهد متكامل يضاعف تأثير السياسات والاستراتيجيات الموحدة، مما يدعم موقع الدول العربية في الأسواق الدولية، ويعزِّز أمن الطاقة في المنطقة.

تأسيس «أوابك»

«منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» تأسست عام 1968، بهدف فصل مناقشات السياسات البترولية عن الخلافات السياسية التي كانت تسود داخل جامعة الدول العربية في ذلك الوقت. واقتصرت عضوية المنظمة على الدول العربية المصدرة للبترول، مما أسهم في إنشاء شركات عربية مشتركة، مثل «الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب)»، التي تتخذ من الدمام مقراً لها.

وعلى مدار العقود الماضية، لعبت «أوابك» دوراً محورياً في دعم السياسات البترولية العربية، واتخذت قرارات ذات أبعاد سياسية بارزة، كان أبرزها قرار المقاطعة البترولية عام 1973. ومع ذلك، ظهرت على مر السنين مطالب بتحويل المنظمة إلى كيان أوسع يغطي مختلف قطاعات الطاقة، بهدف تعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي.

مبادرة جديدة لتعزيز التكامل العربي في الطاقة

في هذا السياق، قدَّم وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، مقترحاً لتحويل «أوابك» إلى منظمة عربية للطاقة، وهو مطلب قديم طالما واجه عقبات، بسبب تعقيدات السياسات العربية. يهدف هذا التحول إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات الطاقة المتجددة والنووية، بجانب الطاقة التقليدية.

ويتضمن المقترح عدة أهداف استراتيجية، منها تعزيز التعاون والتكامل العربي في قطاعات الطاقة والاقتصاد، وتوثيق السياسات المشتركة بين الدول العربية لدعم العمل الجماعي، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي.

آفاق جديدة للتعاون العربي

وإذا تحقق هذا التحول، فإنه سيمثل نقلة نوعية في العمل العربي المشترك؛ حيث ستصبح المنظمة منصة لتنسيق السياسات وتبادل الخبرات بين الدول العربية. كما سيعزز ذلك من دور الدول العربية في مواجهة التحديات العالمية في قطاع الطاقة، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة.

في الوقت الذي تبقى فيه مسألة تحويل «أوابك» إلى منظمة عربية للطاقة مرهونة بتوافق سياسي وإرادة جماعية لتجاوز العقبات، فإنها تحمل في طياتها فرصة تاريخية لتعزيز التكامل العربي في واحد من أهم القطاعات الاستراتيجية على مستوى العالم.

تنسيق الأعمال

وفي حين أعلنت «منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» عن إعادة هيكلتها وتغيير اسمها إلى «المنظمة العربية للطاقة (إيه إي أو)»، يرى مختص في الطاقة أن هذه الخطوة تتيح الفرصة للمنظمات من أجل تنسيق الأعمال المشتركة في مجال الطاقة بجميع أنواعها في إطار العالم العربي؛ ما يدعم ويعزز تصدير النفط والغاز ويتماشى مع الاتجاه الدولي لتوسيع مصادر الطاقة.

وقال المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي الدكتور محمد الصبان لـ«الشرق الأوسط» إن اسم «أوابك» كان يعني «منظمة الأقطار المصدرة للبترول»، ولكن مع الاتجاه الحالي نحو تصدير مختلف مصادر الطاقة والتعاون بين الدول العربية في هذا المجال، ارتأت المملكة أن تغير الاسم إلى «المنظمة العربية للطاقة».

تطوير الهيدروجين

وأكد الدكتور الصبان أن الاسم الجديد أشمل، وفيه مزايا تمنح الفرصة للمنظمات لتنسيق الأعمال المشتركة في مجال الطاقة بكل أنواعها، مبيناً أن هذا يدعم ويمكِّن الدول العربية من أن تصبح رائدة في تصدير الطاقة، وليس فقط النفط والغاز.

وواصل المستشار الاقتصادي والنفطي الحديث بالقول: «دول الغرب يدَّعون أنهم يستطيعون إيقاف إنتاج البترول والغاز، بينما هم لا يزالون يدعمون الفحم بشكل كبير، وهي معايير مزدوجة».

وبحسب الصبان، فإن المملكة تكثِّف جهودها لتحسين مختلف مصادر الطاقة وتصدير العديد من مصادر الطاقة، وهي ماضية في هذا الإطار، واتجهت إلى تطوير الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة، وكذلك الطاقة النووية... إلى آخره.

الطاقة المتجددة

وأضاف الدكتور الصبان أن كل هذه الأمور تساهم في تحقيق ريادة المملكة والدول العربية في إطار التعاون ومن خلال «منظمة الأقطار العربية المصدِّرة للطاقة». وتتماشى هذه الخطوة مع التحولات الكبرى التي تعيشها المملكة نحو تنويع مصادر الطاقة، وزيادة التركيز على الاستدامة والطاقة المتجددة والتوجه الدولي نحو الاستدامة البيئية.

وتسعى منظمة «أوابك»، لمواكبة التغيرات المتسارعة في قطاع الطاقة العالمي، وإعادة النظر في اسمها الذي يعكس شكل هويتها، بعد تزايد الاهتمام بتنويع مصادرها وعدم الاعتماد على النفط والغاز فقط.

ومن المعلوم أن التغيير في التسمية ليس مجرد إجراء شكلي، بل يعكس تحولاً استراتيجياً في دور المنظمة؛ من التركيز على النفط بوصفه مصدراً أساسياً للطاقة، إلى رؤية شاملة تتضمن الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة التي تعزز التنمية المستدامة في المنطقة العربية.

السياسات النفطية

يُذكر أن الاجتماع الوزاري رقم 113 للمنظمة المنعقد في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، جاء بالموافقة على مقترح السعودية بتغيير الاسم إلى «المنظمة العربية للطاقة (إيه إي أو)».

وتأسست «منظمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول»، عام 1968. وتتكون من 10 دول عربية هي: السعودية، الكويت، ليبيا، الجزائر، قطر، الإمارات، البحرين، العراق، مصر، سوريا، وبالتالي يوجد 6 أعضاء مشتركين مع «منظمة أوبك».

وعلى مدار العقود الماضية، لعبت «أوابك» دوراً محورياً في دعم السياسات النفطية العربية، واتخذت قرارات ذات أبعاد بارزة. وظهرت على مر السنين مطالب بتحويل المنظمة إلى كيان أوسع يغطي مختلف قطاعات الطاقة، بهدف تعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي.


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترودو أثناء إعلانه استقالته من زعامة الحزب «الليبرالي» ورئاسة الحكومة الكندية (د.ب.أ)

استقالة رئيس وزراء كندا «خبر رائع» لمستثمري الطاقة

كان الاثنين يوماً رائعاً بالنسبة إلى مستثمري الطاقة في كندا بعد إعلان رئيس وزرائها جاستن ترودو نيته الاستقالة من منصبه الذي تولاه منذ عشر سنوات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مجموعة مواني شاندونغ الصينية (منصة إكس)

«شاندونغ» الصينية تُدرج سفن النفط الخاضعة للعقوبات الأميركية على القائمة السوداء

أصدرت مجموعة مواني شاندونغ الصينية إشعاراً، يوم الاثنين، يحظر سفن النفط الخاضعة للعقوبات الأميركية من شبكة موانيها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)
وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)
TT

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)
وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

بعد موافقة مجلس الوزراء السعودي على «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية»، أعلن وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن هذا النظام يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، كما يُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين.

ورفع عبد العزيز بن سلمان الشكر والامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على النظام.

وثمّن، في بيان، الدعم والتمكين اللذين تحظى بهما منظومة الطاقة من لدن القيادة، ويعززان قدرة المنظومة على الوصول إلى الاستثمار الأمثل للإمكانات التي تتمتع بها المملكة، ويحققان مستهدفات «رؤية 2030»، مبيناً أن النظام يُسهم في بناء المنظومة التشريعية في قطاع الطاقة، بالاستفادة من أفضل الممارسات العالمية، ويسهم في رفع مستوى الأداء، وتحقيق المستهدفات الوطنية، ويكفل الاستخدامات المثلى للمواد النفطية والبتروكيماوية.

وإذ شرح أن النظام يأتي ليحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/18)، في 28 - 1 - 1439هـ، قال إنه يسهم كذلك في ضمان أمن إمدادات المواد النفطية والبتروكيماوية وموثوقيتها، وتحقيق الاستغلال الأمثل للمواد الخام، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وتمكين الاستراتيجيات والخطط الوطنية، ويُعزز الرقابة والإشراف على العمليات النفطية والبتروكيماوية لرفع مستوى الالتزام بالأنظمة والمتطلبات، ومنع الممارسات المخالفة، من خلال تنظيم أنشطة الاستخدام، والبيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والتصدير، والاستيراد، والتعبئة، والمعالجة لهذه المواد، بالإضافة إلى تنظيم إنشاء وتشغيل محطات التوزيع، وتشغيل المنشآت البتروكيماوية.​