اليابان تخطّط لموازنة قياسية وأقل إصدارات سندات في 17 عاماً

«المركزي» يتوقّع مزيداً من التقدم في تحقيق هدف التضخم بـ«شكل دائم»

يابانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع شجرة عيد الميلاد في العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
يابانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع شجرة عيد الميلاد في العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
TT

اليابان تخطّط لموازنة قياسية وأقل إصدارات سندات في 17 عاماً

يابانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع شجرة عيد الميلاد في العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)
يابانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع شجرة عيد الميلاد في العاصمة طوكيو (أ.ف.ب)

أظهرت مسودة خطة، اطلعت عليها «رويترز»، أن الحكومة اليابانية تستعد لتجهيز ميزانية قياسية بقيمة 734 مليار دولار للعام المالي الذي يبدأ في أبريل (نيسان)، بسبب ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي وخدمة الدين، وهو ما يزيد من حجم أثقل ديون العالم الصناعي.

وتأتي الميزانية القياسية، البالغة 115.5 تريليون ين (732 مليار دولار)، في الوقت الذي يبتعد فيه «بنك اليابان» عن برنامج التحفيز الذي استمرّ لعقد من الزمان، وهو ما يعني أن الحكومة لم تعد قادرة على الاعتماد على تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية وعلى البنك المركزي لتمويل الديون بشكل فعّال.

وفي إظهار للإرادة لتحسين المالية العامة، تخطّط الحكومة لتقليص إصدارات السندات الجديدة في السنة المالية المقبلة إلى 28.6 تريليون ين، من 35.4 تريليون ين كانت مقررة في البداية لهذا العام، وذلك بفضل نمو الإيرادات الضريبية، حسبما أظهر مشروع القانون. وهي المرة الأولى التي ينخفض ​​فيها إصدار السندات الجديدة إلى أقل من 30 مليار ين في 17 عاماً.

وتقدّر الإيرادات الضريبية بنحو 78.4 تريليون ين، وهو رقم قياسي بفضل التعافي في أرباح الشركات، وفقاً لمشروع القانون.

وسيرتفع سعر الفائدة المفترض إلى 2 في المائة للعام الذي يبدأ في أبريل، من 1.9 في المائة في العام الحالي، مما يعزّز تكاليف خدمة الدين لسداد الفائدة وسداد الديون إلى 28.2 تريليون ين من 27 تريليون ين للعام الحالي.

وفي سياق منفصل، قال محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، يوم الأربعاء، إن البنك يتوقع أن يقترب الاقتصاد من تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة الذي حدّده البنك المركزي «بشكل مستدام» العام المقبل؛ مما يشير إلى أن توقيت الزيادة التالية في أسعار الفائدة يقترب.

لكن أويدا حذّر من ضرورة التدقيق في تداعيات «حالة عدم اليقين المرتفعة» المحيطة بالاقتصادات الخارجية، خصوصاً السياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وقال أويدا، في شرح العوامل التي سيدقق فيها البنك المركزي في تحديد السياسة، إن التوقعات لمفاوضات الأجور في العام المقبل بين الشركات اليابانية والنقابات هي أيضاً أساسية. وأضاف، في كلمة أمام اتحاد رجال الأعمال، أن «توقيت ووتيرة تعديل درجة التيسير النقدي سيعتمدان على التطورات في النشاط الاقتصادي والأسعار وكذلك الظروف المالية في المستقبل».

وتؤكد هذه التصريحات عزم «بنك اليابان» على الاستمرار في دفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى الارتفاع من 0.25 في المائة الحالية العام المقبل. ويتوقع معظم المحللين أن يرفع البنك أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة في يناير (كانون الثاني) أو مارس (آذار).

وأنهى «بنك اليابان» أسعار الفائدة السلبية في مارس الماضي، ورفع هدف سياسته قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز). وأشار إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى إذا تحرّكت الأجور والأسعار كما هو متوقع.

وقال أويدا إن الاستهلاك أظهر علامات تحسّن؛ حيث أدى تفاقم نقص العمالة إلى ارتفاع الأجور، مشدداً على التقدم الذي أحرزته اليابان في تحقيق هدف الأسعار الذي حدّده «بنك اليابان» بشكل دائم بعد سنوات من التحفيز النقدي المكثّف.

وقال أويدا إنه في المرحلة الحالية من التحول نحو تحقيق معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بطريقة مستدامة، سيدعم «بنك اليابان» الاقتصاد من خلال إبقاء سعر الفائدة على سياسته عند مستويات محايدة للاقتصاد. ولكن إذا استمر الاقتصاد في التحسن فإن «بنك اليابان» سيرفع أسعار الفائدة؛ حيث إن الحفاظ على الدعم النقدي المفرط لفترة طويلة جداً قد يؤدي إلى زيادة مخاطر التضخم، كما قال.

وقال أويدا عن آفاق عام 2025: «توقعاتنا هي أن الدورة الحميدة ستشتدّ أكثر، وأن اقتصاد اليابان سيقترب من معدل تضخم مستدام ومستقر بنسبة 2 في المائة، مصحوباً بزيادات في الأجور. وبدأت أسعار مجموعة واسعة من السلع والخدمات الارتفاع بشكل معتدل مؤخراً، مما يعكس زيادة الأجور. وعلى هذه الخلفية، فإننا نحكم على أن تحقيق هدف التضخم المستدام والمستقر بنسبة 2 في المائة أصبح الآن في الأفق».

وجاء الخطاب بعد تصريحات أدلى بها أويدا الأسبوع الماضي دعا فيها إلى ضرورة انتظار مزيد من المعلومات حول موقف ترمب السياسي وتطورات الأجور المحلية قبل رفع تكاليف الاقتراض مرة أخرى.

وفسّر المستثمرون هذه التصريحات، في مؤتمر صحافي بعد أن أبقى «بنك اليابان» أسعار الفائدة ثابتة، على أنها متسامحة، مما ساعد في دفع الين إلى أضعف مستوياته منذ يوليو، وأثار تحذيرات من جانب السلطات اليابانية.

وقال أويدا، يوم الأربعاء، إن اليابان يجب أن تشهد ارتفاع الأجور بمستويات تتفق مع التضخم بنسبة 2 في المائة، مضيفاً أن الأرباح المرتفعة التي تحققها الشركات الكبرى يجب توزيعها على الشركات والأسر الأصغر حجماً، حتى يتمكّن الاقتصاد من تلبية هدف التضخم لـ «بنك اليابان» بشكل دائم. وأضاف أويدا: «سندرس كيف ستتطوّر زيادات الأجور من قِبل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، باستخدام شبكتنا من الفروع».

وسيصدر «بنك اليابان» تقريره ربع السنوي عن الظروف الاقتصادية الإقليمية في التاسع من يناير الذي من المرجح أن يتضمّن وجهة نظره حول ما إذا كانت زيادات الأجور تنتشر على مستوى البلاد. ومن المرجح أن يكون التقرير من بين العوامل التي سيفحصها مجلس إدارة «بنك اليابان» قبل اتخاذ قراره المقبل في 24 يناير.


مقالات ذات صلة

بيانات البطالة الألمانية تدعم ارتفاع عوائد السندات الأوروبية

الاقتصاد أعلام الاتحاد ترفرف أمام البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

بيانات البطالة الألمانية تدعم ارتفاع عوائد السندات الأوروبية

ارتفعت عائدات سندات منطقة اليورو مقتربة مرة أخرى من أعلى مستوياتها خلال شهر أو أكثر، بعد صدور بيانات أظهرت ارتفاع معدل البطالة في ألمانيا بأقل من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مضخات نفطية في حقل بولاية ألبرتا الكندية (أ.ب)

النفط قرب أعلى مستوى في شهرين وسط تفاؤل بجهود لدعم النمو العالمي

بلغت أسعار النفط أعلى مستوياتها في أكثر من شهرين هذا الأسبوع وسط آمال بأن تزيد الحكومات في أنحاء العالم سياسات تعزيز النمو الاقتصادي

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)

قوة الدولار تضغط على الأسواق العالمية

ارتفع الدولار الأميركي بالقرب من أعلى مستوى له في عامين مقابل مجموعة من العملات، يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد زحام في شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول خلال استقبال العام الجديد (رويترز)

التضخم في تركيا يتراجع للشهر السابع... ويستقر عند 44.38 %

سجَّل معدل التضخم السنوي في تركيا تراجعاً للشهر السابع على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مسجلاً 44.38 في المائة وهو أدنى مستوى في 19 شهراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

التضخم في تركيا يتراجع للشهر السابع... ويستقر عند 44.38 %

زحام في شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول خلال استقبال العام الجديد (رويترز)
زحام في شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول خلال استقبال العام الجديد (رويترز)
TT

التضخم في تركيا يتراجع للشهر السابع... ويستقر عند 44.38 %

زحام في شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول خلال استقبال العام الجديد (رويترز)
زحام في شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول خلال استقبال العام الجديد (رويترز)

سجَّل معدل التضخم السنوي في تركيا تراجعاً للشهر السابع على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مسجلاً 44.38 في المائة.

وتراجع التضخم بأعلى من التوقعات السابقة عند متوسط 45.2 في المائة. ويعد هذا المعدل هو الأدنى الذي يُسجِّله التضخم السنوي في 19 شهراً.

وكان معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين قد سجَّل 47.09 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وعلى المستوى الشهري، سجَّل التضخم ارتفاعاً بنسبة 1.03 في المائة في ديسمبر، تراجعاً من 2.24 في المائة خلال شهر نوفمبر السابق عليه، بحسب بيانات أعلنها «معهد الإحصاء» التركي، الجمعة.

متسوقة تعاين الأسعار في إحدى أسواق إسطنبول (إعلام تركي)

في المقابل، أعلنت مجموعة أبحاث التضخم (إي إن إيه جي)، التي تتكون من أكاديميين وخبراء اقتصاديين أتراك مستقلين، أن التضخم الشهري ارتفع بنسبة 2.34 في المائة في ديسمبر، في حين بلغ التضخم السنوي 83.40 في المائة.

وأشارت بيانات «معهد الإحصاء» التركي إلى أن مؤشر أسعار المنتجين المحليين ارتفع بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري في ديسمبر، في حين سجَّل ارتفاعاً سنوياً بلغ 28.52 في المائة، بينما سجَّل في نوفمبر 29.47 في المائة.

وعلق وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشيك، على أرقام التضخم في ديسمبر التي أعلنها «معهد الإحصاء»، قائلاً: «إن حل المشكلات المعيشية لمواطنينا تأتي على رأس أولوياتنا».

وأضاف شيمشيك، عبر حسابه في «إكس»: «وفي هذا الصدد، أنشأنا إطار السياسة اللازم، ونواصل تنفيذ برنامج مكافحة التضخم بكل تصميم، وفي ديسمبر بلغ التضخم 1 في المائة، وهو أدنى مستوى له في الشهور الـ19 الماضية، وانخفض التضخم السنوي إلى 44.4 في المائة، أي بنسبة 2.4 نقطة أعلى من نطاق توقعات البنك المركزي المعلن عنها في نوفمبر 2023».

وتابع أنه بذلك «انخفض معدل التضخم في عام 2024 بمقدار 20 نقطة مقارنة بنهايتَي عامَي 2022 و2023، وسوف يستمر تراجع التضخم، ونتوقَّع أن يتماشى معدله مع هدفنا في عام 2025، مع زيادة دعم السياسة المالية وانخفاض جمود تضخم الخدمات وتحسن التوقعات».

وفي إسطنبول، التي تعدّ أكبر مدن تركيا، التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 16 مليون نسمة، وتشكِّل المركز الاقتصادي للبلاد، ارتفع مؤشر أسعار التجزئة بنسبة 1.74 في المائة، وأسعار الجملة بنسبة 0.82 في المائة في ديسمبر مقارنة بالشهر السابق.

وبلغ التضخم السنوي في أسعار المستهلكين 55.27 في المائة، وفي أسعار المنتجين 40.64 في المائة، بحسب بيانات «غرفة تجارة إسطنبول»، و«معهد الإحصاء» التركي.

وخفَّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي إلى 47.50 في المائة في ديسمبر للمرة الأولى في عامين، وذلك بعدما تم تثبيته عند 50 في المائة لـ8 أشهر على التوالي، اعتماداً على تراجع التضخم.

إردوغان تعهد بخفض الفائدة والتضخم (الرئاسة التركية)

وتعهَّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يقف في صف تخفيض الفائدة ويعدّ التضخم المرتفع نتيجةً للفائدة المرتفعة خلافاً للنظريات الاقتصادية التقليدية الراسخة، بمزيد من خفض الفائدة والتضخم في الأشهر المقبلة.

ودعا إردوغان الأتراك، في خطاب متلفز بمناسبة العام الجديد، إلى مزيد من الصبر حتى يتم تحقيق خفض كبير في التضخم والأسعار، مشدداً على أن حكومته ستواصل في العام الجديد معركتها، بكل عزيمة، ضد «الانتهازيين» الذين يطمعون في خبز الوطن، ويرفعون الأسعار بطريقة باهظة، خصوصاً إيجارات السكن والغذاء.

وأجبرت معدلات التضخم المرتفعة، التي بلغت ذروتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 عند 84.3 في المائة، على القبول بتوجيهات الاقتصاديين، وتشديد السياسة النقدية عبر رفع معدلات الفائدة؛ للسيطرة على التضخم عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أُجريت في مايو (أيار) 2023، بعدما أقال الرئيس 5 رؤساء للبنك المركزي في آخر 5 سنوات، لإصراره على خفض الفائدة.

وكان معدل الفائدة في مايو 2023 يقف عند 8.5 في المائة، منذ فبراير (شباط) من العام ذاته، قبل أن يتم رفعه تدريجياً منذ يونيو (حزيران) 2023 ليقف عند 50 في المائة منذ مارس (آذار) 2024 حتى ديسمبر الماضي، حيث تم خفضه إلى 47.5 في المائة.