أظهرت دراسة استقصائية نُشرت يوم الثلاثاء أن معنويات الشركات الألمانية تدهورت بشكل أكبر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول)، نتيجة للتقييم المتشائم من قبل الشركات بشأن الأشهر المقبلة، في ظل حالة من عدم اليقين الجيوسياسي والركود الصناعي الذي يواجه أكبر اقتصاد في أوروبا.
وأعلن معهد «إيفو» أن مؤشر مناخ الأعمال تراجع إلى 84.7 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ85.6 نقطة في الشهر السابق، بعد تعديل طفيف بالخفض. وأكد كليمنس فويست، رئيس المعهد، أن «الضعف في الاقتصاد الألماني أصبح حالة مزمنة»، وفق «رويترز».
وفي حين عكس مسح «إيفو» حالة من التشاؤم العميق بين الشركات، أظهر مسح منفصل من معهد «زيو» تفاؤلاً أكبر بين المستثمرين، الذين يعلقون آمالهم إلى حد كبير على التغيير الحكومي المتوقع بعد الانتخابات المقبلة في 23 فبراير (شباط)، وفق «رويترز».
فقد أظهر استطلاع «إيفو» الذي شمل نحو 9 آلاف مدير تحسناً في تقييم الشركات للظروف الحالية، لكن مؤشر التوقعات انخفض إلى 84.4 في ديسمبر، مقارنة بـ87 في نوفمبر (تشرين الثاني). وكان الخبراء الاقتصاديون الذين استطلعت آراؤهم «رويترز» قد توقعوا قراءة تصل إلى 87.5.
وقد أسهمت إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، والحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى حالة من الترقب والاستعداد للانتخابات المبكرة بألمانيا، في زيادة حالة عدم اليقين، في وقت يكافح فيه الاقتصاد الألماني بالفعل لتحقيق أي نوع من القوة الدافعة.
وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الألماني سيواصل التباطؤ في 2024، مع استمرار انكماشه للعام الثاني على التوالي، في ظل توقف الصناعة الألمانية. في هذا السياق، تتطلع شركات كبرى مثل «فولكس فاغن» إلى تقليص الإنتاج، بينما تتراجع معنويات المستهلكين بسبب مخاوف من تقليص الوظائف.
وفي هذا السياق، ألقى يورجغ كرايمر، كبير خبراء الاقتصاد في «كومرتس بنك»، باللوم على مشكلات متجذرة بعمق في الصناعة الألمانية، مشيراً إلى أن «من غير المرجح أن يكون للخفض في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي تأثير إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي»، متوقعاً نمواً طفيفاً فقط في عام 2025 بنسبة 0.2 في المائة.
من جانبه، أشار سايروس دي لا روبيا، من بنك «هامبورغ التجاري»، إلى أن تدهور توقعات الشركات ربما يعني تردداً قصير الأجل في الاستثمار، خاصة في ظل انتظار الشركات لمعرفة البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية في ألمانيا. وقال دي لا روبيا: «لا يُتوقع أي تحسن جوهري في الوضع الاقتصادي في النصف الأول من العام».
وفي المقابل، أظهر مسح معهد «زيو» لشهر ديسمبر تفاؤلاً بين المستثمرين، حيث ارتفع مؤشر المشاعر الاقتصادية بشكل كبير إلى 15.7 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ7.4 نقطة في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض.
ورغم أن الانتخابات الألمانية قد تخلق حالة من عدم اليقين على المدى القريب، فقد وصف معهد «زيو» هذا التحول بأنه تطور إيجابي على المدى البعيد، بناءً على الآمال في أن تتمكن الحكومة الجديدة من إيجاد سبل لإصلاح الاقتصاد.
وقال معهد «زيو»: «مع اقتراب الانتخابات المبكرة في ألمانيا والتوقعات الناتجة عن ذلك بشأن سياسة اقتصادية تشجع القطاع الخاص، من المرجح أن يسهم ذلك في تحفيز النمو الاقتصادي».